منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارالإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد الحمّار
*
*


القيمة الأصلية

البلد :
تونس

عدد المساهمات :
2

نقاط :
6

تاريخ التسجيل :
28/07/2010


الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم Empty
مُساهمةموضوع: الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم   الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2010-08-05, 12:32

المسلمون لا يُجيدون "تكلم" الإسلام، مثلما لا
يجيدون تكلم اللغة العربية. فلكي نتكلم أية لغة، سيما لغة الدين، ينبغي أوّلا
وبالذات أن يكون لكلّ "متكلم" مخاطب إنساني.



وأشك في أن يكون للمسلمين، سواء كانوا مؤمنين ممارسين
للعبادات أو منتمين إلى ثقافتنا بفضل الشهادتين، مخاطبين بأتمّ معنى الكلمة، غير
المخاطب الماورائي الأوحد، الله الواحد الأحد. وأعتبر غياب المخاطب الإنساني، تام
الشروط، ارتباكا في وظيفة التخاطب، وهي مشكلة تواصلية تبرز في عدة ظواهر من الحياة
العامة، ناهيك لمّا يكون المضمون الفكري للخطاب غائبا هو الآخر.



في المسجد لا يتوجه إليك جليسك بالكلام إلاّ ليوجّه لك
أمرا: "استوِ في الصفّ". وفي المقهى ترى الناس جالسين، لا حول المنضدة
في شكل حلقة كما هو معمول به في الدنيا كلها، وإنما إلى جانبٍ واحد من المنضدة
تقريبا، كأنهم مترصدين لأن يحدث سبب التواصل وتنقدح شرارته الأولى من خارج
المجموعة لا من داخلها، بينما لا يكون التواصل تواصلا إلاّ إذا انبثق من داخل
الفرد ومن داخل المجموعة.



وفي مجال قيادة
العربات بكل حالاتها تقريبا ترى القائد، بعنوان الحرية الفردية وعدم الفضول والعزوف
عن التدخل في شؤون الآخرين خشية إزعاجهم، مُنغمسا في خلوته، غاضا البصر عن
الآخرين، بشكلٍ يسمح له باقتراف أخطاء قيادية كان يتفاداها لو كان متابعا لصيقا
لحركات الآخرين من السائقين. زد على ذلك استعماله للهاتف المحمول أثناء القيادة.
فلم تندرج هذه العادة العصرية في بيئتنا الثقافية على أنها منمّية للاتصال والتواصل،
بل دخلت علينا لتُغرق المستعمل في
اللاتواصل، حيث أنها تكرّس تقطيع كلَّ أواصر التواصل وإرباك سُننه في فنّ القيادة،
من بين سنن أخرى. إذ ليست العربة لا خلوة للانزواء ولا هي غرفة القيادة على متن
الباخرة أو الطائرة، ولا هي صالون مثلما يحلو للكثير منا أن يتصوروها.



أمّا السبب الرئيس لمشكلة الرداءة في التخاطب عند
المسلمين في كل تجلياتها فهو في اعتقادي التعلق الصوري بعقيدة التوحيد وعدم امتلاك
القدرة على وصلها بالأخلاق و بالمعاملات، وتصريفها في الشأن الحياتي العام.



ما من شك في
أننا حريصون على التوحيد. ويتجلى ذلك على الأقل أثناء إقامة الصلاة. فلو أنت
راقبتَ المأمومين في الصلاة، داخل المسجد أين يتسنى لك رؤية المشهد في أقصى
قياساته، للاحظتَ أنّ الإقامة الجسدية، وربما الروحية أيضا، في منتهى الكمال؛ كلّ
مُصلّ متجه نحو القبلة في خشوع، لا هو ملتفت يمنة ولا يسرة، ولا هو برافعٍ رأسه
إلى السماء. وهذا جميل.



لكن الذي
ستلاحظه في عُمق المشهد التعبدي العام (أخلاق ومعاملات) سوف يكون متباينا مع ما
لاحظتَه في المشهد التعبدي الطقسي المتمثل في الصلاة. ستُلاحظ، على إثر الانتهاء من
الصلاة ثم خارج أوقات الصلاة وبعيدا عن المسجد، أنّ المسلمين عموما والمصلّين
خصوصا لن يتحركوا قيد أنملة عن وضعٍ أحادي البُعد، لا يحتمل هو أيضا لا الالتفات
ولا رفع الرأس إلى السماء، ما يؤكد أنه مقتبس من الوضع التوحيدي و الخشوعي السامي،
لكنّ اقتباسه أضحى فاسدا، حيث سترى أناسا لا يخاطبون بعضهم البعض. وحتى إذا تراءى
لك أنهم يفعلون فإنهم يتحدثون ولا يتواصلون. وكأني بهم حريصون على الانكماش في
البعد التعبدي الشعائري، وهو الصلاة، إمّا لأنهم يشعرون أنهم مفصولون عن واقعٍ لا
يفهموه وإمّا لأنهم يئسوا من إمكانية تسيير الحياة بحسب شروط ما فهموه من الدين
الحنيف.



لكنّ حيرة المسلمين الممارسين (وغير الممارسين)، التي
وقعوا فيها بسبب الخلط بين وضع في ممارسة عبادة شعائرية (الصلاة) ووضعيات في
ممارسة النشاط الحياتي، لم تمنعهم مع ذلك من التمسك بالصلاة كآخر مفصل من
"العروة الوثقى" والتي لولاه لانقرضوا دينيا قبل انقراضهم ثقافيا وذهابهم
في خبر "كان" لا قدّر الله. سبحان الله.



وفي كلتا
الحالتين من الانكماش، سواء تلك الناجمة عن انفصال الأواصر مع الواقع أو تلك
الناجمة عن سوء فهم الدين، فهؤلاء الحائرون مصابون بالاحتباس التواصلي(1)، لا
يمتلكون القدرة على أن يقيموا وجوههم لله عز وعلا حسب الآية الكريمة "

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ
" (الروم: 30).


عندئذ تكون الملاذ بشتى أصنافها مترصدة بالهالكين ليزدادوا
هلاكا عندما ينقادون إلى تعويضٍ ذاتي للرغبة في التوحيد المجبولين عليه، ومنه
لتحويل وجهة الميل التوحيدي لديهم شطر اللذائذ الدنيوية، عافى الله الجميع. فلم
يعد الحديث عن عبادة الشخصية في الوطن العربي والإسلامي ذا قيمة تذكر أمام
"الأرباب" الدنيويين الجدد الذين هم الآن، للأسف الشديد، في ذروة نشاطهم.
فعبادة الكرة وعبادة الجنس وعبادة قارورة الخمر وعبادة الشيشة (النرجيلة) وعبادة
تقليعات الشعر و الملبس والمأكل والمشرب والمِقود وغيرها إنما صارت لها مناسكها
وطقوسها وأنظمتها وأنساقها، عابثة بـ"لغة" العبادة بالمعنى الكلّي (معنى
'اللغة' مقابل معنى 'الكلام' في الألسنيات) مثلما تعبث باللغة العربية اللغات
الأجنبية والعامّيات لمّا لا تكون موظفة لخدمة اللغة الأم.



لقد أصبح للمسلمين، هكذا، عدة أصناف فاسدة من "الكلام".
وهي،مجتمعة، تشكل "لغة" تتبارى، بصفة لاواعية، مع "لغة" في
ظاهرها بريئة و"متكلموها" مظلومون، لكن في باطنها مورّطة في تعطيل
"تكلّم" الإسلام: التحجر والتزمت والتطرف، الديني والعلماني على حدّ
سواء. كما أنّ من بين أصناف "الكلام" الفاسدة نجد الكلام البذيء، وهو
ربما إفراز هجين لمحاولة فاشلة في "التكلم الديني". وقد يدلّ اللجوء إلى
الكلام البذيء ظاهريا عن فساد الفكر والعقل لكنه قد يدل باطنيا عن طموحٍ إلى
الطهورية والنقاوة. وهذا الطموح قد تحوّل بعدُ لدى "متكلميه" إلى تعبير
متطرّف عن رغبة استعصى تحقيقها؛ بالضبط مثلما يتحول الحب إلى كره والإيمان إلى
كفر.



وهنا يبرز الدور الخطير للمضمون الفكري للمتكلم، سواء
كان متكلما للغة أو "متكلما" للإسلام. فيبدو أنّ لـ"متكلم"
الإسلام قابلية لأن يتم العبث بعقيدته وبلغته الأم، ولو إلى حين. وهذا ينمّ عن
غياب الرسالة التي لا بدّ أن يشملها المحتوى الفكري لكل ناطقي اللغة، اللغة
العربية و"لغة" الإسلام. ولمّا يكون الحديث عن "متكلم
الإسلام" بالتحديد، فإني لا أملك إلاّ أن أذكر بما أكد عليه مهندس الحضارة العربية
الإسلامية الأول، مالك بن نبي رحمه الله، من "أنّ الشكوك التي تسربت إلى عقول
الآخرين عن المجتمع الإسلامي إنما تتناول رسالة المسلم لا عقيدته." (2)



وليس هذا الكلام متناقضا مع معاينة الفساد الحاصل اليوم
في مجال استبدال العبادة الإسلامية بعبادات دنيوية والذي وضحته أنفا، بقدر ما هو
مؤكد له. إنّ الاستبدال لا يدل على فساد العقيدة لدى المسلمين، "فكل مسلم
مقتنع بدينه من يوم أن نزلت الآية الأولى في غار حراء" (3)، بل على
فساد وسائل تلبية حاجياتها. وبالتالي فإنّنا شاهدون اليوم على تعويض المسلمين
لرسالة، وهي رسالة ضرورية لكنها مفقودة (رسالة "متكلم الإسلام")، برسالة
وقتية لكنها تفتك بالأخضر واليابس في ثقافتنا، في انتظار بناء رسالة أصيلة.



و كل "اللغات" و أصناف "الكلام" السيئة
والناجمة عن تحويل وجهة العقيدة من رسالة (مفقودة) إلى رسالة هجينة وفتاكة تبدو
متحدة. وإن اتحدت حول مفهومِ معيّن فلن يكون غير الاحتباس في تصويب وتقويم النطق
بـ "لغة" الإسلام الذي من المفروض أن يحدث من أجل إطلاق العنان لهذه
"اللغة" لكي تعبّر عن طموحات المسلمين وتطلعاتهم بكلام راقٍ.



أمّا المَخرج من هذه الورطة فهو لا شيء غير اكتساب العلم
الذي ستعبّر به أمة المسلمين عن إسلامها، حيث أنّ الجيّد لدى المسلمين، كما يقول
عبد الكريم سروش، هو أنهم يبحثون عن
هويتهم، إلاّ أنّ السيئ لديهم هو أنّ حالتهم رديئة ويمكن مقارنتها بـ "شخص
يريد أن يُعبر عن شخصيته لكنه لا يستعمل العلم من أجل ذلك لأنه لا يعرف أي علم؛ لا
يُبرز أي ثراء لأنّ لا ثراء له، لذا فهو فقط
يُبرز ويستعمل عضلاته المفتولة أو قوّته." (4)



إذن فالعودة إلى
الدين لحلِّ مثل هذه المشكلة يبقى مطلبا ضروريا لكنه غير كافٍ لمقاومة الشرور
الموصوفة إذا لم يكن مدعوما بالآلية العلمية والعملية اللازمة. و فك الاحتباس
التواصلي هي واحدة من الآليات التي قد تكون جزءا من الحل. لا لأنها منسلخة عن
الإسلام أو مبدلة له، معاذ الله، بل لأنها تنبثق من قناعة مفادها أنّ الإسلام حياة،
مَثلُه مَثل اللغة، ومنه فإنّ الإسلام لغة عالمية وكلية قابلة بأن تستبطن الوسائل
المتاحة لدى علم اللغويات من أجل استعمالها في توظيب العلاقات الفاسدة بين الدين
الحنيف والمتدينين من جهة، وبين المتدينين أنفسهم من جهة ثانية، وبين المسلمين في
ما بينهم عموما من جهة ثالثة، وبين المسلمين وسائر الناس من جهة رابعة.



لكن مهما يكن من أمر فإن الوسائل العلمية التي أقترحُها
ليست وسائل يراد منها إقناع المسلم بدينه، إذ "من يحاول أن يأتي للمسلمين
بوسائل لاقتناعهم بدينهم فإنما يضيع وقته وربما يضيع وقت المسلمين أنفسهم." (5)
وقد ضاع الكثير من وقت المسلمين لمّا ترى الدعاة و نشطاء الإسلام إلى حد هذا اليوم
يركزون محاولاتهم، من أجل استنهاض هِممِ المسلمين وحثهم على الاستفاقة الحضارية،
على الجانب العقدي، من دون أن يرتابوا، ولو كان ذلك بمقدار ذرة، في إمكانية الفقر
في الوسائل التي ستقوم بالربط بين عقيدة صحيحة ومسلمٍ حائر من جهة، وبين عقيدة
صحيحة وواقع أفسدته الحيرة من جهة أخرى.



وقد تسبب هذا الخطأ المنهجي في ما هو أخطر: إعادة إنتاجٍ
خاطئة لسبب تأخر المسلمين على أنه اضمحلال للعقيدة. وقد انجرّ عنه موقف في غاية من
التعقيد والتحنّط: أصبحت أمة الإسلام اليوم متشبثة بموقفها المناهض لكل من سولت له
نفسه بأن يُعلّمها دينها من جديد، وهي على حق، وبالتالي فهي متشبثة بموقفٍ رافض
لكل فكرة أو اقتراح أو سياسة تدّعي التغيير تأتيهم من هؤلاء ومن غير هؤلاء على حدّ
سواء. والنتيجة أن لم يعد لهذه الأمة الحائرة، بالرغم من علمها بدينها، من خيار
ذاتي سوى إتباع من يتكلم اللغة الحرفية والأصولية للدين، مع الحرص على دحض كل
تفكير مغاير لهذا التفكير. طبعا لم تعد قادرة على الفرز بين وسائل (غير ضرورية)
المراد منها إقناعها بدينها، ووسائل (ضرورية؛ آلية فك الاحتباس التواصلي) المراد
منها مساعدتها على إزالة الحيرة التي تحرمها من رؤية الدين كما هي فاهمة له.



لنعد إلى آلية فك الاحتباس التواصلي لنؤكد، في ضوء ما تقدم شرحه من سوء فهم
ومن سوء تفاهم لدى الأمة قاطبة، أنّه لا بدّ للآلية أن تكون هادفة بالأساس إلى إرساء التخاطب
الفطري المفقود لدى المسلمين عموما؛ إلى محو سوء التواصل الذي أدّى إلى انفصال
المسلم عن الواقع وعن فهمه الذاتي لعقيدة التوحيد معا؛ محو سوء التواصل الذي حكم
على المخاطب المسلم أن يبقى من دون مخاطب ومن دون مضمون الخطاب على حدّ سواء.



وفي هذا السياق ينبغي أن يُنجَز الانطلاق
في عملية استرداد مؤهلات التخاطب وأسباب إنشاء المضمون الفكري والرسالة، بواسطة
عمل مجسِّدٍ للتعارف، وذلك حسب معنى الآية الكريمة "
يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (الحجرات:13). و ينبغي أيضا
أن يرتقي "متكلم" الإسلام بنفسه وبمخاطبه من منزلة الشخص
"النكرة" والذي لا هوية له إلى منزلة الأخ، وذلك مثلما جاء في الحديث
"لا
يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه."


ومن أجل كل ذلك ينبغي على المسلم البدء بالتفريق، لا بين الصلاة والحياة،
بل بين الوضع التواصلي الماورائي أثناء الصلاة، والوضع التواصلي الدنيوي أثناء
الحياة. ففي الصلاة أنت لا تنظر إلا أمامك. والسبب في ذلك أنك متصل بالخالق البارئ
فحسب. بينما البعد الأرضي للعبادة يتطلب أن تنظر أمامك و حولك وفوقك وتحتك وفي كل
الأماكن أين يوجد الإنسان ونشاط الإنسان، حرصا على الإيجابية في الحياة، ومنه تحسبا
من الخطر حسب ما جاء في الدعاء المأثور: "اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي
وأقلّ عثراتي واحفظني من بين يديّ ومن خلفي وعن
يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي"، آمين. هكذا سيتسم
"تكلم" لغة الإسلام بالشمولية المعروفِ بها الدين الحنيف.



فيحبذا لو اتصل المسلمون ببعضهم بعضا وتواصلوا بفضل الصلاة،
خارج أوقات الصلاة، وهي العبادة من دون صلاة. وهي العبادة بمفهومها الشامل
وبمعناها العام، أخلاقا وسلوكا ومعاملات. ومثلما كان السكوت عن الكلام ينقلُ
للمخاطب موقفا يضاهي في ندرته أو قوّته أو وضوحه ما يتمّ إيصاله بواسطة الكلام، فإن
العبادة من دون صلاة من شأنها أن تكمل الصلاة بفضل ترجمة إرادة المسلم، سواء كان
ممارسا للصلاة أو لا، في الواقع، وذلك بما يليق بتديّنه وبإيمانه أو بانتمائه إلى
ملّة المسلمين. وفي كل الحالات تكون العبادة من دون صلاة القاسم المشترك بين كل
المنتمين إلى هذه الثقافة الخالدة لكي يصوغوا بواسطتها الرسالة المشتركة التي
ستعزز الخلود لهم ولثقافتهم.



ومهما يكن من أمر،
فبمجرد أن يعي المسلمون أنّ عملية التواصل بواسطة العبادة، سواء كانت هذه متضمنة
للصلاة، أو من دون صلاة، جدّ مشابه لعملية التكلم، سيتيسّر لهم توَخيها والانتفاع
بفوائدها، ناهيك أنّ التكلم المقصود ليس ذاك الذي يقتصر على الكلمة دون سواها من
وسائل التعبير. كما أنه التكلم بالمعنى الواسع الذي يتضمن توخي، زيادة عن الكلمة،
لا فقط أساليب مثل الإشارة والحركة، وإنما أيضا الامتناع عن الكلام والتكلم.
وبالتالي فإن تعذرَ على المسلم أن يؤدي الصلاة لسبب يعلمه هو دون سواه من الناس فلا
يمكن أن يكون ترك الصلاة عذرا للامتناع عن أداء سائر واجبات العبادة التي تندرج في
إطار العبادة من دون صلاة.



ولئن يمكن أن تكون هذه الطريقة، طريقة "أتكلم
إسلام"، مؤهلة لأن تكون ناجعة لكافة المسلمين من دون تمييز، أي حتى لو كان
المسلم المعني بتطبيقها غير مؤدٍّ لفريضة الصلاة، كما بينتُ أنفا، فذلك مردّه أنّ المسلم
اليوم يصبو إلى أن يعالج نفسه، لا من داءٍ يتعلق بالدين نفسه كما يدعي الكثيرون (حتى
يصل الأمر ببعضهم إلى أن ينهَوهُ عن
الصلاة، فيستاء البعض الآخر قبل أن ينفعلوا ويردّوا الفعل بتكفيره إذا لم يؤدّها)،
لكن من داء كامنٍ في منظومة التواصل. وهي منظومة متعلقة بالدين لكنها ليست الدين؛
منظومة متسمة بمرضِ فقدان المناعة ضد الفيروسات المانعة لسلامة التعبير بواسطة
الدين، إنما ليست هي الدين.



وما من شك في أنّ
العبادة، التي استوجبت في الظروف الراهنة أن تُطرح ثم تعالَج من المنظور التواصلي،
وبالتالي استوجبت التشبيه بالتكلم والمقارنة به، تتطلب تعليم المسلمين دينهم أثناء
إنجازهم لأعمال (6). فسوف يساعدهم ذلك لا فقط على تحقيق الاكتفاء الذاتي
المادي ولكن أيضا على تجسيم الاستخلاف طبقا للأمانة التي قبل الإنسان أن يضطلع بها،
وذلك بحسب الرسالة التي ستكون بمثابة الواجب المشترك بين الجميع.



و ليس للمسلم الراغب في التحرّر الذاتي وفي الممارسة
اليومية للحرية من خيارٍ يستهلّ به تحرّره سوى واجبِ تصميمِ مشاريعَ لأعمال؛ علما وأنّ
برنامجَ تَحرُّره يهدف إلى استرداد حقه كاملا في التعبير الصحي عن الإسلام.
ومشاريع الأعمال هي مكونات الرسالة الواجب صياغتها.



و مهما صغرت هذه
الأعمال أو كبرت، ومهما زهدت تكلفتها ومهما غلت، لا بدّ لها أن تكون متصلة بما يَثبت
من مبادئ و بما يتأكد من ضروريات من خلال الواقع المعاش، مثل توطيد أواصر الصداقة
والجيرة والأخوة بين الأفراد والمجموعات، وإقامة التكتلات الإقليمية بين شعوبنا من
أجل وحدة تدريجية في مسارها، لكنها ثابتة الجذور في تربتها الثقافية، وصارمة في
تحقيقها، ومستديمة في عمرها، وذلك بناءا على التكامل بحسب حاجيات كل مجتمع وبحسب
ما يُميزه من خصوصيات.



محمد الحمّار


*باعث فكرة "الاجتهاد الثالث" و"أتكلم
إسلام"



المراجع:





(1) محمد الحمّار، مقال "نحن نعيش خارج التاريخ بسبب
الاحتباس التواصلي والحل هو الاجتهاد الدائري"، منشور في العديد من المواقع،
الجائزة الثالثة للمقال لـ"ملتقى الأدباء والمبدعين العرب" لسنة 2010.



(2) مالك بن نبي، كتيّب "دور المسلم ورسالته"، دار
الفكر، دمشق، 1989، ص51.



(3) المرجع السابق.


(4) في حديث له (بالانكليزية) نشر في موقع 'شفاف الشرق
الأوسط' بتاريخ 18-5-2009.



(5) المرجع رقم 2.


(6) لي مقال منشور في هذا الصدد: "علّم المسلمين دينهم
وهم يعملون" أو "علّم المسلمين دينهم أثناء إنجازهم لعمل."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محب العلماء
عضو شرف
عضو شرف
محب العلماء

وسام النشاط :
وسام النشاط

القيمة الأصلية

الفائز الأول في مسابقة رمضان

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
152

نقاط :
168

تاريخ التسجيل :
18/07/2010


الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم Empty
مُساهمةموضوع: أعتقدج بأن الحوار ثقافة    الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم I_icon_minitime2010-08-23, 18:14

أعتقد بأن الحوار ثقافة فمن لم تكن لديه قابلية الحوار فلا صلاة تغرسه فيه ولا تطبع يصقل به رأسه حتى النخاع ، عندما نتحدث عن خلل معين في جسم الأمة يجب أن لا نربطه بأي شعيرة من شعائرها لكي لا نفسح المجال أما دعاة منطق التبرير لينعتوا بعض شعائرنا بالتحجر والجمود ، طبعا عدم وعي العبادة وعيا يجعل الحياة تدب فيها وتدب في الفضاء الذي تؤدى فيه بل وفي أرجاء الكون المتعطر بنسائم الواعين بأركانها المتنورين بفيوضاتها على أخلاقهم ومعاملاتهم .
إن الانسان الذي يمقت أخاه لا ننتظر منه حوارا مع أي كان مهما ادعى الرغبة في التواصل إذ الأولى أن تجد لأخيك عذرا قبل البعيد عنك ، كما لايمكن أن ننتظر من الواقف راسيا في صلاته والصائم ورعا يومه والقائم خشوعا ليله أن تتسرب روح الحوار إى ذاته مالم يشعر نفسه بالحاجة إلى التحاول مع الآخر فتلك واجبات ليس من شأنها أن تغرس فيك قيما لست مؤمنا بها البتة .
الحديث عن التحاور والتواصل يقودنا إلى شيء مهم الشعور بالتعالي لدى الإنسان عن غيره هذا لن يمكنه من الجلوس إلى غيره في جلسة حوار وإن صلى وصام .
كما أن المثقف الذي يرى في نفسه أنه أوتي جوامع الكلم وكلامه لا يحتاج إى تصويب أو تعقيب أو مناقشة هذا لن يوسم بالمحاور أو الراغب في الحوار حتى وإن قام الدهر كله .
لكن في كل الأحيان الزهد في التواصل مع الآخر يبقى مرتبطا بأنانية الإنسان وحرصه على نفسه وهي ثقافة التفرد التي تكرسها اليوم السنما الغربية في أفلامها ومسلسلاتها والشعوب العربية المستهلك الكبير لهذه السينما بل والمتأثر الأكبر بها .

الكل قد يٍشرح العزوف عن التواصل بين الأفراد العربية المسلمة لكن الكل يبرر ولا يسعى للوقوف على التقويم للخروج من بوتقة الأنكفاء على الذات ...
إن لم يؤمن الإنسان بأنه بأخيه ، ولم يؤمن بأنه في حاجة أخيه، وإن لم يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ، وإن لم يقبل الآخر فلا مجال للتصنع والتوشح بوشاح الحوار حتى وإن بلغ من العلم مبلغه ، كما أن الإنسان إن لم يبادر إلى نفسه ويرغمها على آليات التحاور ولم يربها على الحب الخالص لأخيه الإنسان بغض النظر عمن يكون منصبه، مرتبته، جنسه ...، وإن لم يمرسها على قبول الآخر فلا يمكن أن نصنع مجتمعا اجتماعيا متآلفا متواصلا متآزرا مهما تشدقنا بمفاهيم التواصل ، فلا يعقل أن الكل يلوم الغير على عدم التواصل لكن لا وجود لمن يلوم نفسه على عدم التواصل مع الآخرين ..فاغرس فن التواصل في نفسك فلا شك أنك ستتمتع بسائم أزهاره من حولك ..بل وبحدائق معطرة بعبيره تحيط بك ...

محب العلماء




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» العلم فى الإسلام
» الثأر فى الإسلام
» السحر فى الإسلام
» الجن فى الإسلام
» صلة الرحم في الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  :: المنتدى العام-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


الإسلام لغة لن نستطيع تبليغها مُجدّدا إلاّ بالعلم 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
محمد مجلة اسماعيل مبادئ اللغة العربية المعاصر النص ظاهرة التداولية الخطاب مدخل العربي على ننجز الحذف النقد الأشياء النحو اللسانيات الخيام بلال كتاب البخاري موقاي قواعد


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | انشاء منتدى مع أحلى منتدى | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع