ظاهره المراهقة السياسية:قراءه منهجيه لدورها المعطل للاراده الشعبية واليات الحد منها
د. صبري محمد خليل/أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم
Sabri.m.khalil@gmail.com
تعريف المراهقة السياسية: هى ظاهره تتصل بالنشاط السياسي "العام"، لبعض الشخصيات السياسية، سواء كانت شخصيه طبيعيه (كالسياسيين والناشطين في المجال السياسي العام)، أو شخصيه اعتباريه (كالمؤسسات السياسية "الأحزاب والتنظيمات السياسية"....)، حيث يأخذ هذا النشاط فيها شكل بعض الخصائص السلبية ، التي تصاحب المراهقة كمرحلة تنقل شخصيه الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد والبلوغ،وبالتالي فهي ذات تأثير سلبي على هذه الشخصيات السياسية أولا، والبيئة السياسية التي تنشط فيها " الحياة السياسية للمجتمع" ثانيا .
المراهقة و المراهقة السياسية: من العرض السابق نخلص إلى ضرورة تقديم تعريف موجز عن المراهقة وخصائصها قبل تحديد خصائص المراهقة السياسية
تعريف المراهقة وأنواعها وخصائصها : تعددت تعريفات المراهقة عند علماء النفس،والتعريف الذي نأخذ به هو تعريفها بأنها " المرحلة التي تنقل شخصيه الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد والبلوغ،و تصاحبها مجموعه من التغيرات العضوية " الفسيولوجية " والنفسية " السيكولوجية "، وللمراهقة عند علماء النفس مجموعه من الخصائص بعضها ايجابي و بعضها سلبي يطلق عليه اسم"مشاكل المراهقة"- وتظهر في مجموع المراهقين إن لم تظهر في جميعهم- ومنها: الصراع الداخلي والتمرد والانفراد بالراى،ومحاوله إظهار الاستقلالية باى طريقه...أما ما يطلق عليه اسم " المراهقة المتاخره" أو ازمه منصف العمر" ، فهو تغير في نمط سلوك بعض الأشخاص، في مرحله عمريه متاْخره (غالبا بعد الأربعين أو الخمسين )، ليصبح سلوك هؤلاء الأشخاص مقارب لسلوك المراهقين، وقد تكون هذه المراهقة المتاخره مؤقتة أو مستمرة، ويرجعها علماء النفس إلى أسباب متعددة منها : محاوله الشخص الحصول على الاهتمام والحنان الذين فقدهما خلال مرحله الطفولة والمراهقة، أو محاولته اقامه تجارب وجدانيه لم يمر بها خلال فتره مراهقته،أو محاولته التشبث بالحياة ، للقضاء خوفه – اللاشعوري- من فكره الموت...
خصائص المراهقة السياسية :استنادا إلى ما سبق فان خصائص المراهقة السياسية تقارب إلى حد بعيد الخصائص السلبية التي تصاحب المراهقة كمرحلة تنقل شخصيه الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد والبلوغ ومنها: سيادة التفكير الانفعالي"العاطفي" والجنوح للخيال والذاتية ، وضمور التفكير العقلاني والواقعية والموضوعية ، وما يصاحب كل ذلك من تهور و تسرع في إصدار الأحكام ، وعدم التفكير في عواقب الأفعال...
مصطلحات مقاربه لمصطلح المراهقة السياسية (المصطلح الماركسى "اليسار الطفولى"): وهذه الظاهرة تصيب النشاط السياسي لشخصيات سياسية تتبنى مذاهب سياسيه "إيديولوجيه" متباينة،وغير مقصورة على شخصيات سياسيه تتبنى مذهب سياسي معين ، كما أن هناك العديد من المصطلحات التي تقارب فى المعنى مصطلح "المراهقة السياسية " ومنها المصطلح الماركسي" اليسار الطفولى" الذي استخدمه لينين لوصف وقوع بعض اليساريين"الماركسيين" في الاستهتار بالحسابات الدقيقة لموازين القوى ،والعوامل المؤثرة في البيئة العامة، باعتمادهم على الحماسة الذاتية المفرطة كموجهة للعمل الثوري والنضال من أجل التغيير.
أسباب المراهقة السياسية: وترجع هذه الظاهرة إلى أسباب عديدة،أهمها انعدام أو ضعف الخبرة السياسية، وضعف الوعي السياسي والثقافة السياسية،وشيوع أنماط التفكير الخرافي والاسطورى(وكلاهما نمط تفكير ذاتي ) - حتى في أوساط المتعلمين - في المجتمع، وتضخم الذات عند بعض الأشخاص كمحصله لعوامل متعددة...
دور المراهقة السياسية المعطل الاراده الشعبية: وهذه الظاهرة يلزم منها – موضوعيا وبصرف النظر عن النوايا الذاتية - تعطيل الاراده الشعبية ، وإجهاض مظاهرها من ثورات شعبيه ونظم ديمقراطيه ناشئه،ولا تخدم – ويصرف النظر عن الشعارات المرفوعة- إلا القوى"الداخلية أو الخارجية" التي تسعى إلى تعطيل آو حتى إلغاء هذه الاراده الشعبية حيث تقوم هذه القوى بتوظيفها بالتحكم بها - بصوره مباشره أو غير مباشره - من خلال إدراكها أن هذه الظاهرة تحيل النشاط السياسي إلى سلسله متعاقبة من ردود الأفعال الذاتية - العاطفية، بدلا من أن يكون مجموعه من الأفعال الموضوعية - العقلانية. ومن الامثله على توظيف ظاهره المراهقة السياسية ، بالتحكم بها وتوجيهها نحو إحداث فوضى أو عنف، بهدف تفكيك الدولة أو لتبرير فرض نظام استبدادي أو استخدام القوه.
آليات الحد من ظاهره المراهقة السياسية: أما آليات الحد من ظاهره المراهقة السياسية فتشمل: تنبيه المثقفين إلى خطورة هذه الظاهرة كجزء من دورهم النقدي -- وليس تبريرها لخدمه أهداف شخصيه- وتعبير الاراده الشعبية عن رفضها لها ، والتزام الشخصيات السياسية " الطبيعية والاعتبارية" بالنضج السياسي ، من خلال عدم التسرع في إصدار الأحكام والقرارات، والالتزام بالعمل الجماعي، واستشاره ذوى الخبرة ، والاعتراف بالأخطاء والمسارعة إلى تصحيحها...ووضع ضوابط للنشاط السياسي ، تكون محل توافق بين جميع أو اغلب مكونات المجتمع.ومحاربه أنماط التفكير الخرافي والاسطورى والبدعى، والالتزام بأنماط التفكير العلمي والعقلاني والاجتهادي،والعمل على ترقيه الوعي العام"السياسي والثقافي والديني ..."
للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة الموقع التالي:
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com