بسم الله الرحمن الرحيم
قاعدة حزف حرف التاء
لقد استنبطت قاعدتين من عدد من آيات القرآن الكريم يجوز فيهما حزف حرف التاء وعند البحث في قواعد حذف الحروف لم أجد هاتين القاعدتين:
القاعدة الأولى
(( إذا وقع حرف التاء بين حرف العين الساكن وحرف
الدال المضموم أو المكسو يجوز حذف التاء ))
ففي الآية:{ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً} 154 النساء جاء تفسير الجلالين لمعنى تعدوا هو تعتدوا كالآتي: { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ } وفي قراءة بفتح العين وتشديد الدال[تعدّوا] وفيه إدغام التاء في الأصل في الدال أي لا تعتدوا {فِى ٱلسَّبْتِ} باصطياد الحيتان فيه { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مّيثَٰقاً غَلِيظاً } على ذلك فنقضوه. وأحسب أن معنى تعتدوا الذي يستقيم به المعنى في هذه الآية لا يتأتى إلا إذا كان الفعل (تعدوا) بسكون العين وضم الدال. وذلك لاأن الفعل تعدًّوا هو تعدون ولكن تم جزمه بلا الناهية. وتعدون قد وردت في كثير من الآيات كقوله تعالى: {يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} 5 السجدة
{ وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} 163 الأعراف
وفي هذه الآية جاء معنى تعدون في تفسير الجلالين بمعنى تعتدون كالآتي:{ إِذْ يَعْدُونَ } يعتدون{ فِى ٱلسَّبْتِ} بصيد السمك المأمورين بتركه فيه وكذا قول الشعراوي إن في صيدهم السمك المأمورين بتركه اعتداء.
{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} 1 الأنعام فالله الذي خلق الخلق وجعل الظلمات والنور يستحق أن يعتدل بتوحيده وحمده كل الخلائق ولكن هنالك من يعدلون بربهم الله ( أي يعتدلون بربهم الله) والذين كفروا يعتدلون بربهم الشيطان الذي أشركوه به.
وفي الآية:{ قُلْ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ هَـٰذَا فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} 150 الأنعام
ومعنى هذه الآية يشبه معنى الآية 1 الأنعام أي أن الذين يكفرون بالآخرة يعتدلون بشيطانهم.
{ وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} 159 الأعراف
وكذلك معنى يعدلون في الآية 159 الأعراف يشبه معنى الذين يعتدلون بالحق أي يعتدلون بهدي ربهم ولا يميلون منه للشيطان. حيث جاء معنى الآية لأبي بكر الجزائري كالآتي: أمة يهدون بالحق: أي جماعة يهدون أنفسهم وغيرهم بالدين الحق وبه يعدلون في قضائهم وحكمهم على أنفسهم وعلى غيرهم انصافاً وعدلا لا جوراً ولا ظلماً. أي أن معنى يعدلون بالحق هو يعتدلون ويقسطون ويستقيمون. ولهذا أعتقد أن التاء قد جاز حذفها لوقوعها بين العين الساكنه والدال المكسوره.
اما الآية { وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} 181 الأعراف فقد جاء معناها في تفسير الجلالين كالآتي: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ } من الناس { أُمَّةٌ } كبيرة { يَهْدُونَ } أنفسهم وغيرهم { بِٱلْحَقِّ } الذي هو هدى الله ورسوله وبالحق يعدلون في قضائهم وأحكامهم فينصفون ويعدلون ولا يجورون، كما جاء في أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي ما يلي: { وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } ذكر ذلك بعد ما بين أنه خلق للنار طائفة ضالين ملحدين عن الحق للدلالة على أنه خلق أيضاً للجنة هادين بالحق عادلين في الأمر، واستدل به على صحة الإِجماع لأن المراد منه أن في كل قرن طائفة بهذه الصفة لقوله عليه الصلاة والسلام " لا تزال من أمتي طائفة على الحق إلى أن يأتي أمر الله. مما يدل على أن معنى يعدلون بالحق إلى أن يأتي أمر الله هو يعتدلون بالحق ويستقيمون به ولا يميلون عنه إلى يوم القيامة: فوقوع التاء بين عين ساكنة ودال مكسوره أجاز حذفها.
القاعدة الثانية
(( إذا وقع حرف التاء بين حرف السين الساكن
وحرف الطاء المفتوح أو المكسور جاز حذفها ))
لقد حزف حرف التاء في كلمة استطاعوا في الآية: { فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً } 97 الكهف
فقال الرازي في مفاتيح الغيب في قوله تعالى: { فَمَا ٱسْطَـٰعُواْ } فحذف التاء للخفة لأن التاء قريبة المخرج من الطاء . فأحسب أن وقوعها بين حرفي السين الساكنه والطاء المفتوحه لما جاز حذفها للخفة. وكذلك الحال في قوله تعالى: { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً} 82 الكهف
حيث جاز حذف حرف التاء الذي في منتصف الكلمة "تستطع" لوقوعها بين سين ساكنة وطاء مكسورة.
أرجو من كل الأعضاء المتخصصين في قواعد اللغة العربية إفادتي برأيهم ولهم شكري وتقديري