زادت حالتي سوءا البارحة فاضطررت إلى زيارة المستشفى
بعد معاينتي من طرف عدة أطباء وبعد إجراء التصوير الإشعاعي المغناطيسي IRM
توصلوا أني أعاني من داء *القصور العاطفي* أي Insuffisance sentimentale
تجمع حولي العديد من الأطباء والممرضين يتقصون حالتي
فهم يعرفون مسبقا القصور الكلوي أو الكبدي لكن ...العاطفي..شيء لا تراه كل يوم
مع مرور الوقت كانت حالتي تزداد سوءا..وكان لابد من إجراء جراحة مستعجلة لاستئصال...
لاستئصال ماذا؟؟
لم يكن لديهم الوقت للتفكير فقد دخلت في غيبوبة وفقدت الوعي تماما
كان عليهم أخذ إذن من ولي أمري لإجراء العملية
ولأن عقلي كان في غيبوبة صار قلبي هو المتحكم بزمام الأمور
كان الجميع هناك متخوفا من أن يتخذ هذا المخلوق الضعيف الحساس قرارا قد يودي بحياتي للتهلكة
لكنه أدهش الجميع بقراره بقبول إجراء العملية واستئصال الشيء المسئول عن هذا الداء
لعلكم تستغربون أصدقائي من دهشة الأطباء
المدهش في الأمر أنه ليس وأخيرا استطاع قلبي الصغير أن يتخذ قرارا
أو أن هذا القرار قد أنقذ حياتي
فأنا لم أذكر لكم بعد شيئا مهما
وهو أن العضو الذي سيتم استئصاله هو –القلب-
فقد أصيب بنزلة حادة من حمى الخيانة
وتعرض لفيروس اللامبالاة والإهمال
وتتالت عليه آلام وأوجاع الفراق
فلم يعد بمقدوره النبض وضخ المزيد من مشاعر الحب والحنان وأحاسيس الشوق والاحترام لأي كان
فكان لابد من استبداله بقلب آخر اصطناعي لا ينبض إلا لغير البقاء على قيد الحياة فأُصبحُ بعدها عديمة الإحساس تماما
آآآآه يا قلبي الصغير لم تبلغ بعد ربيعك ال23
مازلت صغيرا على تحمل مثل هذه المسئوليات
لكنك أثبت اليوم أنك عظيم عظيم
فتحتُ عيني فوجدتُني في غرفة العمليات
بجانبي ممرضة تحمل بيدها صندوقا بلاستيكيا حجمه ليس بالصغير ولا الكبير
قالت : لم أكن أعلم أن هناك من هو بهذه القوة
رددت بهدوء : شكرا على تشجيعك لكن لا أفهم ما تقصدين
قالت: لم أكن أعنيك بل أقصد هذا القلب العظيم
نظرت داخل الصندوق وقد جحظت عيناي
أخيرا رأيتك يا سبب أوجاعي
يا مرفأ أحزاني
يا من أثقلت عليك بغبائي وسذاجتي
وحَكَت لي تلك الممرضة ما حدث الليلة الماضية
وفجأة أحسست بشيء يلتهب في أحشائي
فرحت أصرخ من شدة الألم والحرقة
تجمع الأطباء من حولي مندهشين: فليس من المفروض أن أحس بشيء بعد الآن
لم يكن أحد من الحاضرين يحس بما أشعر به في تلك اللحظة
إنه الجوع الشديد...فأنا لم آكل منذ أيام
-- فيفري 2014 --