القصة في القرآن الكريم (منقول)
ا) القصة لغة:
(القصة: الخبر،وهو القَصَص، وقصَّ علي خبره يقصه قصا وقَصَصا:أورده )
. ومنه: (القص وهو تتبع الأثر), (والقـَـصص: الأثر)(والقصص: الأخبار المتتبعة)
ب) القصة اصطلاحا:
أما مفهوم القصة في القرآن الكريم, فهو وإن كان واضحا في مفرداته وما صدقاته, وذلك من خلال وضوحه في اللغة, غير أن ضبطه بحدٍّ في القرآن الكريم قد تتفاوت فيه وجهات النظر, وذلك نظرًا لما في القصة القرآنية من خصائص تميزها عن غيرها؛ من صدقٍ في الواقعية التاريخية, وجاذبيةٍ في العرض والبيان, و( شموليةٍ في الموضوع, وعلوٍ في الهدف, وتنوعٍ في المقصد والغرض, ووضوحٍ في الإعجاز)
أثر القصة وأهميتها في القرآن الكريم
أ) أثر القصة في النفوس: لقد جاء القرآن الكريم داعيًا إلى الهداية والرشاد, بأساليبَ شتى؛ فتارةً بالوعد والوعيد, وتارة بالإقناع العقلي, وتارة ثالثة بوخز الضمير والوجدان, ورابعةً بتوجيه الفطرة إلى حقيقتها, وخامسة بالإعجاز بشتى ألوانه, وأحيانا كثيرة: بأسلوب القصص), الذي هو أقرب الوسائل التربوية إلى فطرة الإنسان, وأكثر العوامل النفسية تأثيرًا
ب)أهمية القصة في القرآن: ومما زاد من أهمية القصة في القرآن الكريم ما يلي:.
أ- ورودها منسوبة إلى رب العزة والجلال في قوله تعالى: { نحن نقص عليك أحسن القصص } سورة يوسف: 12\3 .
ب- أمر الله رسوله r أن يقص على الناس ما أوحي إليه: { فاقصص القَصَص لعلهم يتفكرون } سورة الأعراف: 7\176 .
ج- القصة مَعلم بارز من معالم القرآن لتوضيح الحقائق وإزالة الشبه: { إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون } سورة النمل 27\76.
ء- والَقصُّ ـ بالمفهوم العام ـ كان من مهمات الرسل عليهم الصلاة والسلام: { يا معشر الجن والإنس ألم يأتِـكم رسل منكم يقصون عليكم آيات } سورة الأنعام \6\130 .
فمن تلك الخصائص: هـ- وحياة الأنبياء هي محور القصص , وهم موضوع القدوة والإسوة {أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده } سورة الأنعام 6/90 .
خصائص القصص القرآني
يتميز القَصَص القرآنيّ عن غيره من سائر القصص بخصائص يعلو بها جلالةً وقداسةً, ويزداد بها بلاغة وإعجازًا, ويعظم بها أهمية وتأثيرًا, وبهذه الخصائص استحق أن يُوسَم بأحسن القصص في قوله تعالى: { نحن نقص عليك أحسن القصص } سورة يوسف: 12\ 3 .
فمن تلك الخصائص:
1-التكرار الهادف المعجز: ولما لهذه الخِصِّـيصة من تميز وظهور.. فإنما
2 -الواقعية التاريخية : ونعني بها أن كل ما في قـَـصص القرآن من أخبار الأولين فإنها هي حقائق تاريخية صادقة لا يصادمها عقل, ولا يخالفها نقل, وسواءٌ في تلك المصداقية ما كان من أخبار الأنبياء مع أقوامهم
3-الشمولية المطلقة: فـقـصص القرآن شاملة من عدة جهات:
أ- ( في حصر النفوس المخاطبة وطباعها وخلالها ووجهاتها ومكامن شعورها..
ب- في تـنـويع الأساليب والوسائل الملائمة لكل جنس وطبقة ولون..
ج- ومن حيث الزمن؛ فالقصة تـتحـدث عن الماضي والحاضر والمستقبل..)
د- ومن حيث شمولية موضوعاتها؛ فكما أنك تجد في موضوعات القرآن شمولا.. فكذلك تجد في قصص القرآن شمولا لكل تلك الموضوعات, من عقائد وعبادات وأخلاق وآداب اجتماعية واقتصادية وسلطانية وغير ذلك..
4- كونا هادفة: فالغاية الأولى من قصص القرآن هي تأملها وأخذ العبرة منها وتصحيح العقائد والأخلاق, حتى ينصلح الفرد والمجتمع
الإعـجـاز الـقـصـصـي : إن القصة تمثل جزءًا كبيرًا من القرآن, وبالتالي فهي كسائر القرآن في كل خصائصه وسِمَاته العامة, ومن
أهداف القصص القرآني
العبرة في القَصَص القرآني :
إن الهدف الأول من القصص القرآني لا يتجاوز المحور الأعظم لأهداف القرآن الكريم, ألا وهو كونه هداية للناس أجمعين فالقصة القرآنية تمثل جزءا كبيرا من القرآن الكريم, وهي تتحد مع ما سواها مصدرًا وموضوعًا وغايةً, ولـكـن إذا ما أردنا شيئا من التـفـصيـل فإننا نستطيع أن نجمل أهداف القصص القرآني في النقاط التالية- وذلك من خلال ما أشارت إليه آيات القرآن متفرقة في معرض حديثها عن قـَصص متعددة - :
1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم , قال تعالى: "]{ وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك } سورة هود: 11\120 ، ففي أخبار المرسلين وتكذيب أقوامهم تسلية وتصبيـر لقلب النبي صلى الله عليه وسلم –
وللمؤمنين والدعاة من بعده - على ما يلقاه من أذى المشركين وتكذيبهم , كما قال تعالى: ["]{ قد نعلم إنه ليَحْـزُنُـك الذي يقولون ...} الآية { ولقد كُذِبتْ رسلٌ مِن قبْـلِك فصبروا على ما كُذبوا وأُوذوا حتى أتاهم نصرُنا ولا مبدِّلَ لكلماتِ اللهِ ولقد جاءَكَ من نبأِ المرسلين } الأنعام: 6\ 33ـ 34 .
2- إثبات صدق النبي صلى الله عليه وسلم في رسالته .. فمن وجه؛ أن دعوة الأنبياء واحدة ومنهجهم واحد, وبالتالي فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال جل شأنه: { قل ما كنتُ بِـدْعًا من الرسل } سورة الأحقاف: 46\9 ،
وقال أيضا: { وما أرسلنا مِن قبلِك إلا رجالا نوحي إليهم فاسْـألـوا أهلَ الذكرِ إن كنتم لا تعلمون } سورة النمل: 16 \ 43 .
ومن وجه آخر؛ حيث ينبئ النبي صلى الله عليه وسلم بأخبار الأمم السابقة والقرون الساحقة مما لا يعلمه أحد من كتاب العرب فضلا عن أميٍّ مثلِهِ » صلى الله عليه وسلم « وهذا ما أشار إليه الحق سبحانه حين قال: - وهو يعرض قصص الأنبياء في سورة هود عليه السلام: 11\49 - :{ تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنتَ تعلمُها أنت ولا قومُـك من قبلِ هذا } ,
وحين قال - مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم في سورة القصص: 28\44-46 ، بعد عرض شيق وطويل لنبأ موسى وفرعون - : { وما كنتَ بجانب الغربيِّ إذ قضينا إلى موسى الأمرَ وما كنتَ من الشاهدين ولكنا أنشأنا قرونا فتطاولَ عليهِمُ العُمُرُ وما كنتَ ثاويًا في أهل مَدْيَـنَ تتلواْ عليهم آياتِـنِا ولكنا كنا مرسلين * وما كنتَ بجانبِ الطورِ إذ نادَينا ولكنْ رحمةً من ربِّك لتنذرَ قومًا ما أتاهم من نذيرٍ مِنْ قبلِكِ لعلهم يتذكرون } .
3- الاعتبار والاتعاظ من خلال النظر في سنة الله النافذة في هذا الكون, فالعاقبة دائما للمتقين, والبوار والخزي دائما على الظالمين, وما أكثر الآيات التي تأمرنا بالسير في الأرض للنظر والاعتبار من عواقب وآثار الماضين, وفي هذا يقول سبحانه:{ لقد كان في قـَصَصِهم عبرةٌ لأولي الألبابِ } سورة يوسف: 12\111 ،
4- تصحيح العقائد الفاسدة وتثبيت العقائد الصحيحة » ومحورها أمران : الإيمان بالله وحده, والإيمان بالبعث بعد الموت « , وهذا ظاهر من خلال دعوات الرسل والأنبياء جميعا لأقوامهم .
5- تقويم الخلق والسلوك الفردي والجماعي, وتحقيق خلافة الإنسان في الأرض