قصة قصيرة جدا
شد الحـــبال

لما وصل دورها لتعلو الدائرة المطاطية ، ساعدتها أمها على فك أشرطة صندالها الجلدي اللاصقة ، أصعدها العامل برفق ؛ كنت آمل أن أرى ابنتي تقفز عاليا تتحدى الجاذبية وعوامل الشد نحو الأسفل ، لكن كم كانت خيبتي وأنا أراها لا تقوى على الارتفاع . وجد العامل نفسه مضطرا إلى شد الحبال المطاطية وجذب الطفلة الصغيرة لتسقط على المنصة المشدودة من الجوانب ، فتقذفها عاليا ـ نزول قوي ينتج عنه ارتفاع عال ـ هذه هي قاعدة اللعبة ، لكن ابنتي لم تتقن هذا الفن ، ظلت قدماها متصلبتان بحيث لا تضرب بهما لترتفع ، والعامل مرابط بجانبها يشد الحبل ويرخيه ، ثم يشده ويرخيه ، صابرا ومحتسبا ، وأنا واقف قرب السياج الفاصل أرشدها إلى طريقة القفز ، لكنها لم تفقه قولي ولم تدر كيف تضرب برجليها لتعلو ، والعامل لا يفتر عن مساعدتها على ذلك ، إلى أن انتهى وقت اللعبة ، أنزلها وهو لا يبدي أي شعور بالامتعاض كونه بذل جهدا إضافيا مع هذه البنت الصغيرة ( المتبلدة ) .
انصرفتُ وأفراد أسرتي الصغيرة وصوت بداخلي يتردد: " ماذا لو كثر بوطننا أمثال هذا العامل من الذين يدفعون أبناءنا نحو الأعلى ويشدون حبالهم بحيث لا يسقطون. ولا يبدون ضجرا ولا امتعاضا أو ينتظرون على ما قدموا من معروف عوضا ...


حسن ستيتو