أكوام من تحت الركام تناديك أيها الإنسان
تستغيث من برك الدم أنائم أنت أم يقظان
أكباد تئن تحت الأنقاض وقد دكتها الجدران
أشلاء تحت الأحجار تستنجد بك أيها الإنسان
ألا تراني أم أنك خلتني حجرا طواه النسيان
أم تراني لوحة من طيف خيال استوحاها فنان
أليست هذه دماء الأبرياء قد سالت بها وديان
ألا تراني أم أن في عينيك رماد أيها الإنسان
أطفال قبل الموت تحت بيوتهم أقبرتهم النيران
يصرخون بأمهاتهم والتراب بينهم وبينهن حيران
تلك مكسورة والأخرى قلبها في الحزن هيمان
ألا تراها أم أن في عينيك رماد أيها الإنسان
تلك دموع حارقة من غير جرم تسكبها الأجفان
وتلك وجوه تشوى بحر الضيم والظالم إليها لهفان
وتلك يتيمة ترثي أباها بساكبات الهم يواسيها الجيران
وتلك تندب أمها وقد مزقتها الأحجار والعيدان
وتلك رضيعة تتحسس صدر أمها وهي جثمان
وتلك ثكلى يغلي كبدها كما تحت الأرض بركان
وتلك وجوه شاحبة شعثاء تستنجدك أيها الإنسان
وتلك أعين حائرة وأكبادها لعواصف الموت كثبان
ألا ترى أم أن في عينيك رماد أيها الإنسان
تلك أسد تزأر في وجه العدو فاسمعها أيها الإنسان
إنها تردد لا تحسبن جدارك صامدا أيها الوحش الجبان
أنظر إليه سرابا يذبال وقد دكته أسد وأشبال شجعان
وانظر طيف النصر يعلو غزة كما يعلوها غبار ودخان
واسمع زئير ضواري الأسد وصداه الأجداث والأكفان
أستسلم وارحل بعيدا عن أرضها أيها الغاصب الجبان
تلك قصص من واقع غزة الصامدة يرويها لك الصبيان
عد إلى رشدك وعرها سمعك وعقلك أيها الإنسان
أخرج عن صمتك المخزي وإلا عار عليك أيها الإنسان
سواء استيقظت أم لم تستيقظ فشكرا لك أيها الإنسان
بقلم: الطاهر معراض