:: في مدارسة علم الصرف ::
(7)
بسم الله الرحمن الرحيم
** الفعل المزيد **
من الواضح لديك الآن أن الفعل المزيد نوعان:
1- مزيد الثلاثي.
2- مزيد الرباعي.
على أنه ينبغي أن تكون على إدراك قوي بأن اللغة لا يجري فيها شيء «عشوائيًا» ولا «بالمصادفة» بل كل شيء فيها يجري وفق «نظام» محكم، فإذا زيدت الكلمة شيئًا جرت الزيادة وفق نظام، وكان لها هدف لغوي نسميه «وظيفة»، كذلك فإن أي «حذف» من كلمة لابد أن يجري وفق «نظام» وكان له هدف أي يؤدي «وظيفة» من هنا لابد لك أن تنظر إلى الأفعال المزيدة على هذا الأساس؛ فالفعل لا يُزَادُ أيَّ حرف من حروف اللغة بل يُزَادُ حروفًا معينة لأداء «وظائف» معينة.
1- مزيد الثلاثي:
يُزَادُ الفعل الثلاثي حرفًا واحدًا، وحرفين، وثلاثة أحرف.
الثلاثي المزيد بحرف واحد:
وهذا الحرف واحد من ثلاثة: الهمزة، والألف، وتضعيف العين.
أ- المزيد بالهمزة: أفعل:
كرم أكرم – قبل أقبل – سلم أسلم.
وهذه الهمزة تفيد الوظائف الآتية:
1- التعدية: أي جعل الفعل اللازم متعديًا:
خرج – أخرج.
قام – أقام.
جرى – أجرى.
جاء – أجاء.
فإذا كان الفعل متعديًا لمفعول واحد صار متعديًا لاثنين:
لَبِس الطفل ثوبًا جديدًا.
ألبستِ الأمُّ طفلَها ثوبًا جديدًا.
2- الدخول في الزمان أو المكان:
أبحر: دخل في البحر.
أصحر: دخل في الصحراء.
أصبح: دخل في الصباح.
3- الدلالة على السلب؛ أي تزيل عن المفعول معنى الفعل:
شكا زيدٌ فاشكيتُه، أي أزلت شكواه.
ومنه: أعجمْتُ الكتاب. أي أزلت عُجْمَتَه. ولذلك سمي الكتاب الذي يزيل غموض الكلمات أي عجمتها، سُمِي «مُعْجَمًا». والحروف التي تتشابه صورتها مثل: ب- ت – ث – يـ- ن، يسمى النَّقْطُ الذي يصاحبها «نَقْطَ الإعجام»؛ لأنه هو الذي يميز بينها.
4- الدلالة على الكثرة، مثل:
أشجر المكان: كَثُرَ شجره.
أظبأ المكان: كَثُرَتْ ظباؤه.
ب- المزيد بتضعيف العين: فَعَّل:
وهذه الزيادة تفيد الوظائف الآتية:
1- تكثيف الحدث، وتقويته، والمبالغة فيه:
فالفعل «قَتَّل» يفيد معنى «قَتَل»، لكن يزيد عليه قوة وتكثيفًا في عملية القتل.
وهكذا في: ذَبَح وذَبَّح.
وطاف وطوَّف.
ولك أن تتصور دلالة هذا الفعل على إحكام الإغلاق التي سعت إليه امرأة العزيز.
2- التعدية، مثل الهمزة:
فَرح زيد وفَرَّحْتُه.
نام الطفلُ ونَوَّمْتُه.
وصَعَدَ الأمرُ وصَعَّدْتُه.
3- يستخدم مثل «فَعْلَل» للدلالة على عبارة كاملة، مثل:
كبَّر: قال الله أكبر.
هَلَّلَ: قال لا إله إلا الله.
لبَّى: قال لبيك.
سبَّح: قال سبحان الله.
ويستخدم هذا الفعل الآن كثيرًا للدلالة على الصيرورة، مثل:
مَصَّر: صيّره مِصريًّا.
كَوَّت: صيره كويتيًّا.
عَرَّب: صيره عربيًّا.
كما يستخدم كثيرًا في التعريب، وبخاصة في الخطاب التقني، مثل: سيَّف أي خَزَّنَ المعلومات، وشَيَّك: أي راجع.
ج- المزيد بالألف: فاعَل:
وهذه الألف تفيد الوظائف الآتية:
1- المشاركة: وهي وظيفة تكاد تنفرد بها العربية إذ يدل هذا الفعل على أن الفاعل والمفعول يشتركان في الحدث. فأنت حين تقول: «ضَرَبَ زيدٌ عمرًا».. فإنك تُفْهِمُ أن حدث الضرب صادر عن زيد وحده، وأن عمرًا يتلقى الضرب، بل قد يكون مكتوف اليدين. أما إذا قلت: «ضَارَبَ زيدٌ عمرًا».. فإنك تفهم أن زيدًا يضرب عمرًا وأن عمرًا يضرب زيدًا، فهما مشتركان في حدث الضرب وهكذا في:
ناقش – جادل – خاصم...
على أن هناك أفعالًا قليلة على هذا الوزن لا تدل على معنى المشاركة، مثل:
سافر، وهاجر، وجاوز، وعافاه الله.
2- المتابعة: وهي الدلالة على عدم انقطاع الحدث، مثل: واليت الصوم، وتابعت العمل.
الثلاثي المزيد بحرفين:
وهذه الزيادة على خمسة أوزان:
1- زيادة ألف ونون: انفعل:
ووظيفتها قلب الفعل المتعدي لازمًا؛ لذلك تسمى هذه النون نون «المطاوعة»؛ كأن المفعول به قد تطاوع للفعل فصدر عنه هو:
كسرتُ الشيءَ فانْكَسَرَ.
وفتحته فانْفَتَحَ.
وقدته فانْقَادَ.
2- زيادة ألف وتاء: افتعل:
وتؤدي عدة وظائف؛ أهمها:
أ- الاشتراك في الحدث، وهذا الاشتراك يختلف عن «المشاركة» التي رأيتها مع «فَاعَلَ» حيث تكون بين اثنين فقط، أما «افْتَعَل» فتفيد الاشتراك بين اثنين أو أكثر:
اقتتل زيد وعمرو.
اقتتل زيد وعمرو وفلان وفلان.
ب- تكثيف الحدث وتقويته والمبالغة فيه: فالفعل «بَلَع» تزيده تكثيفًا وقوة حين تقول: ابتلع، وكذلك قلع واقتلع.
وقد ورد ذلك في القرآن الكريم كثيرًا وبخاصة في الفعل «حَمَل» الذي يزاد فيصير «احْتَمَل»، وكذلك الفعل «كَسَب» الذي يصير «اكْتَسَبَ».
ج- المطاوعة؛ أي جعل المتعدي لازمًا:
جمعته، فاجْتَمَعَ.
لَفَتُّه، فالْتَفَتَ.
أسمعته، فاسْتَمَعَ.
قرَّبته، فاقْتَرَبَ.
د- الاتخاذ، مثل:
امْتَطَى: اتَّخذ مطية.
اكتال: اتخذ كيلًا.
تنبيه:
هذه التاء تسمى تاء «الافتعال» وهي لا تكون تاءً دائمًا، بل قد تتغير تبعًا للحروف التي تجاورها في الفعل، مثل:
* صبر اصْتَبَر اصطبر
حيث قُلِبَت التاء صوتًا مجهورًا هو الدال لتلائم الزاي المجهورة.
* زَهَر ازْتَهر ازْدَهر
حيث قُلِبَت التاء صوتًا مطبقًا هو الطاء لتلائم الصاد المطبقة.
* ذَكَرَ اذْتَكر اذْدَكر.
حيث قُلِبَت التاء صوتًا مجهورًا هو الدال ليناسب الذال المجهورة، وقد يقلب ذالًا فتدغم الذال الأولى فيها: اِذَّكر وقد تقلب ذال الفعل دالًا فتدغم فيها: اِدَّكر،
3- زيادة تاء وألف: تفاعَل، وتفيد الوظائف الآتية:
أ- الاشتراك بين اثنين وأكثر:
تَجَادَل زيد وعمرو وفلان وفلان.
ب- التظاهر، أي الادعاء بالاتصاف بالفعل مع انتفائه عنه:
تَنَاوَم – تَمَارَض – تَغَابَى – تَعَامَى.
ج- المطاوعة؛ أي جعل المتعدي لازمًا:
بَاعَدْتُه فتباعد، وَالَيْتُه فتوالى.
4- زيادة تاء وتضعيف العين: تَفَعَّل، وتفيد الوظائف الآتية:
أ- التَّكَلُّف؛ أي الاجتهاد في الاتصاف بالفعل، وإظهار الرغبة في ذلك، ولا يكون إلا في الصفات الحميدة:
تَجَلَّد – تَكَرَّم – تَشَجَّع
ب- الاتخاذ:
تَسَنَّمَ فلان المجدَ، أي اتخذه سنامًا
وتَوَسَّدَ الرملَ، اتخذه وسادة.
ج- المطاوعة؛ جعل المتعدي لازمًا:
عَلَّمْتُه فتعلَّم.
أَدَّبْتُه فتأدَّب.
د- التجنب؛ أي الاجتهاد في الابتعاد عن معنى الفعل:
تَهَجَّدَ: ترك الهجود.
تَأَثَّمَ: ترك الإثم.
تَحَرَّجَ: ترك الحرج.
5- زيادة ألف وتضعيف اللام: اِفْعَلّ:
وهذا الوزن لا يكون إلا لازمًا ويأتي من الأفعال الدالة على الألوان والعيوب من أجل المبالغة:
اِخْضَرَّ، وابْيَضَّ.
ويستخدمه كثيرًأ المعلقون على مباريات كرة القدم حين يقولون: احمرَّ الملعب أو ابيضّ.
ومنه: اِعْرَجّ، واحْوَلّ، واعْوَرّ
الثلاثي المزيد بثلاثة أحرف:
ويأتي على أوزان أربعة، لكن أشهرها وأكثرها استعمالاً وزن «استفعل» أي بزيادة ألف وسين وتاء وتفيد الوظائف الآتية:
أ- الطلب: وهو أيضًا أهمها وأشيعها:
اِسْتَغْفَرَ: طَلَب الغفران.
اِسْتَفْهَمَ: طلب الفهم.
اِسْتَأْمَرَ: طلب الأمر.
ب- التحول والتشبه:
اِسْتَحْجَرَ الطين: صار حجرًا.
اِسْتَأْسَدَ فلان: تشبه بالأسد.
ج- اعتقاد الصفة:
اِسْتَكْبَرْتُهُ: اعتقدته كبيرًا.
اِسْتَعْظَمْتُهُ: اعتقدته عظيمًا.
د- المطاوعة؛ جعل المتعدي لازمًا:
أحكمته فَاسْتَحْكَمَ.
أقمته فَاسْتَقَامَ.
هـ- اختصار الحكاية:
اِسْتَرْجَعَ: قال إنا لله وإنا إليه راجعون.
* مزيد الرباعي قليل جدًّا في الاستعمال، ومن ثم لا نرى ضرورة لعرضه.