استفادة أكسل هونيث من مدرسة فرانكفورت (منهجيا)
[rtl] يكاد يتفق أغلب المفكرين والباحثين على موقف واحد حول الفلسفة المعاصرة ، حيث أنه هذه الأخيرة الطابع الأساسي الذي ميّزها هو ظهور نظريات ومناهج متنوعة في التفكير الفلسفي ، من البنيوية إلى ما بعد الحداثة ، وهذا التنوع ليس بالضرورة يعبر عن الاختلاف و التعارض في الأفكار ومن ثمّ العدمية الفكرية ؛ وإنما هو الاختلاف جاء " ليؤكد على مسألة الوجود من حيث بعدها العلائقي – ( أو بأكثر تحديدا يعبر عن النزعة الإنسانية ) – أكثر من تشديده على البعد الجوهري ."1 وكان ظهور هذه النظريات والمناهج نتيجة ما خلّفته الحرب العالمية الثانية من تدهور و إحباط معنوي للفرد الغربي داخل هذه المجتمعات التي باتت لا تفرق بين ما هو أخلاقي وغير أخلاقي ، أو بين ما هو شرعي أو غير شرعي ، وأكثر من ذلك ما بين إنساني ولا إنساني .[/rtl]
[rtl] ومن بين هذه النظريات ، المتداخلة أحيانا والمتجاذبة أحيانا أخرى ، ظهرت داخل الثقافة الألمانية ، مابين عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين ، توجه فكري بنى مشروعه على أنقاض التراث الفلسفي الألماني ( كانط ، هيجل ، ماركس ) ألا وهي " النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت " . فمن خلال الاسم نجد أن مسألة ( النقد) الجوهر الأساسي لهذه النظرية ، فمنظّروها ( هوركهايمر ، أدورنو ، ماكيوز ) يرون بأن " الفكر الفلسفي ليس فكرا منفصلا عن الواقع ، وعن المعاناة التي يعرفها الإنسان في حياته اليومية ، وعن ما يدور في واقعه الاجتماعي والسياسي و التاريخي ، فعلاقة الفكر الفلسفي بهذا الواقع علاقة قائمة ، لأن الفلسفة – كما يقول هيجل – هي وعي عصرها معبرا عنه في الفكر . "2 وهذا الارتباط لا يتوقف فقط قصد فهم وتفسير الواقع وإنما – إضافة إلى ذلك – هو محاولة لنقده وتجاوزه ، أي نقد الأفكار العلمية والفلسفية ، أشكال الحياة الاجتماعية السائدة ، ومن ثمّ تحليلها ، وهنا يكمن جوهر النقد* على حد تعبيرهم .[/rtl]
[rtl] وقد تجسدّت أفكار هذه المدرسة من خلال " معهد الأبحاث الاجتماعية " بجامعة فرانكفورت ، وكانت بمثابة مرحلة البناء ، في الوقت نفسه الإعلان عن الخطوط العريضة لهذه النظرية ، وفي مقدمتها، تجاوز النظرية التقليدية – أي الوضعانية – في تفسيرها للوجود الإنساني انطلاقا من التفسير العلمي والوضعي له ، فيصبح الإنسان كموضوع . وهذا ما عبر عنه ( هوركهايمر ) في درسه الافتتاحي للمعهد عام 1931 – إضافة إلى ما تطرق إليه في كتابه" النظرية التقليدية و النظرية النقدية " – بقوله " يجب أن تكون الفلسفة الاجتماعية منفتحة بالقدر الكافي على العالم ومتأثرة بتطور الدراسات الميدانية (...) فقد حان الوقت لإجراء بحوث يشترك فيها فلاسفة وعلماء اجتماع وعلماء اقتصاد ومؤرخون وعلماء نفس ، انطلاقا من التساؤل الفلسفي ."3 ثم تأتي مرحلة إعادة البناء ، وهي " لحظة تشكل انعطافا في المسار ، خصوصا مع الجيل الثاني "4 وكان أشهرهم " يورغن هابرماس " صاحب ( نظرية الفعل التواصلي ) ، محاولا بذلك تجاوز الرؤية التشاؤمية التي خيمت على أغلب رواد النظرية النقدية الأوائل ، ثمّ جاءت مرحلة إعادة بناء البناء – وهي محور مداخلتنا – مع إحدى تلاميذ " يورغن هابرماس " ، ونقصد الفيلسوف الألماني ( آكسل هونيث ) ، وهذا الأخير قد مثّل الجيل الثالث للمدرسة من خلال مشروعه النقدي المعروف بـ ( نظرية الاعتراف ). [/rtl]
[rtl] وهذا الجيل ، ( إضافة إلى سيلا بن حبيب ، بيتر بورغر ، أوسكار نيغيت ، أوليفير فوارول ... ) ، قد اتّسم بميزات خاصة عن كل منظّرو النظرية النقدية نذكر منها " أنّهم لا يتوحدون في إطار روابط وطنية وجغرافية أو حتى لسانية . ولا يتقاسمون بالضرورة الالتزام السياسي الجذري الذي اتسمت به النظرية النقدية الأولى (...) وقد انشغل هذا الجيل بمسائل كبرى يتماشى والواقع الراهن تمسّ العولمة ، التعدد الثقافي ، التنمية ، الديمقراطية ، ... الخ "5 [/rtl]
[rtl] وما يهمنا من كل هذا ، كما قلنا سابقا ، هو المشروع النقدي الذي آتى به ( آكسل هونيث ) كإبن شرعي لمدرسة فرانكفورت النقدية . وقد حاول أن يؤسس نظرية فلسفية- اجتماعية جديدة انطلاقا من الاستعانة ببعض أفكار التراث الفلسفي الغربي ، ومن التقليد الفرانكفوني ( للجيل الأول والثاني ) على وجه الخصوص ، مرتكزا على فلسفة " هيجل " كقاعدة أساسية لبناء نظرية حول ( الاعتراف )، مضيفا إليها في الوقت نفسه بعض الدراسات الاجتماعية والنفسية – على غرار أعمال "جورج هاربرت ميد " ، و " دونالد وينيكوث " – قصد " الوصول إلى فهم أعمق لشبكة العلاقات الاجتماعية والسلوكيات الإنسانية وكيفية تنظيمها."6 [/rtl]
[rtl] وانطلاقا من كل ما سبق ، يمكن أن نطرح الأسئلة التالية : كيف يمكن تفسير استفادة وتجاوز – في الوقت نفسه – آكسل هونيث من التقليد الفرانكفوني للنظرية النقدية ، والتي ساهمت في بلورة نظريته النقدية ؟ ، وهل هذه الاستفادة المنهجية تمكنه من إنقاذ الفرد من الضياع ، ومن الاغتراب الذي يعانيه في المجتمعات القائمة ، ومن ثمّ تحقيق التغيير الاجتماعي المنشود للإنسانية كلها ؟. [/rtl]
[rtl] لقد وضّح " آكسل هونيث " مشروعه بكل تفاصيله من خلال كتابه الأساسي ( الصراع من أجل الاعتراف 1992 ) ، وهذا الأخير " قد أعطى له شهرة كبيرة في الأوساط الفلسفية الغربية القارية و الانغلوساكسونية ، دفعت الكثير من الفلاسفة وعلماء الاجتماع إلى الدخول في نقاشات و سجلات معه بخصوص براديغماه الجديد . "7 فقد بدأ أولا بعرض أهم الأفكار التي جاء بها رواد الجيل الأول مع ( هوركهايمر وأدورنو وماركيوز ) وقد تمثل مشروعهم ،بالرغم من اختلاف في تحليلاتهم، بنقد "العقلانية الأداتية" وتبعاتها نتيجة ما أفرزته المجتمعات المتقدمة الرأسمالية من صور السيطرة والقهر والتشيؤ والاغتراب . وإذا كان " هونيث " قد عبر عن وفائه للتقليد الفرانكفوني لتشييد نظريتهم على مبدأ نقدي ، إلاّ أنه انتقدهم في عدّة أمور من بينها : أنّهم " لم يتحرروا من رواسب الوظيفانية التي ظهرت نتيجة تأثير النزعة الاقتصادية الماركسية آنذاك ، والتي مثلت عائقا حقيقيا لفهم وإدراك طبيعة الحياة الاجتماعية (...) لذلك يرى بأن هوركهايمر وأدورنو قد تسرّعا في تفسير الأبعاد النفسية الفردية والظواهر الاجتماعية والثقافية بالاستناد إلى جملة الأسس الوظيفية للبنية الاقتصادية."8 كما توجّه " هونيث " بنقده إلى صاحب فكرة ( التشيؤ ) من ممثلي الجيل الأول وهو"لوكاتش" وقد كانت هذه الفكرة ، في نظره ، موقف جوهري معارض لمفهوم الاعتراف . ما دفعه القول بأن (التشيؤ كنسيان للاعتراف)، وقد قال في هذا السياق " ... بأن التشيؤ هو شكل من أشكال ( نسيان الاعتراف ) ، إنّه العملية التي – من خلالها وانطلاقا من معرفتنا بالناس وبالمعرفة التي توصلنا إليها أيضا – يتلف الوعي كل ما ينتج عن المشاركة الملتزمة ومن الاعتراف أيضا."9 [/rtl]
[rtl] وبالتالي يصرح " هونيث " – كنظرة عامة حول فكر الجيل الأول – بأنّه من الصعب إيجاد وحدة منهجية بخصوص تعدد أشكال النظرية النقدية ، غير أنّ النزعة ( النفيوية ) لهذه النظرية يمكن أن تكون منطلق الحديث عن إمكانية وجود تقارب بينهما ،فـ " كلهم اتفقوا على الطابع النفيوي للوضع الاجتماعي الذي عملوا على تغييره (...) ويرى أيضا أن كل المصطلحات التي وظّفها رواد النظرية النقدية الأوائل كانت عبارة عن مصطلحات نظرية حيث ميّزت بين العلاقات المرضية و العلاقات السليمة."10 [/rtl]
[rtl] ومن هذا المنطلق يحاول " هونيث " ، من خلال مشروعه النقدي ، أن يسترجع حيوية التقليد الفكري للنظرية النقدية وتحيينه وفق مقتضيات الزمن الحاضر والظروف الراهنة على الساحة العالمية اجتماعيا وسياسيا وأخلاقيا، أي حاول أن يجعل من (كونية) العقلية الهيجلية متجذرة داخل الفضاء العمومي الذي يحيا فيه الأفراد نوع من التواصل والتفاهم والمناقشة والتحاور ، وهذا ما تطرّق إليه ( يورغن هابرماس) كممثل للجيل الثاني للنظرية النقدية من خلال مشروعه "نظرية الفعل التواصلي" .فهذه الأخيرة كانت بمثابة المنعطف الحاسم في تطور النظرية النقدية للمدرسة ، وفي الوقت نفسه هو المشروع المثالي الذي يمكن ( لنظرية الاعتراف ) - مع هونيث – أن تحقق غاياتها ومقاصدها الاجتماعية والأخلاقية على حد سواء ، فهابرماس – في نظر آلن هاو – هو " ذلك العقلاني الذي يرى أنه من الممكن جعل العالم مكانا أفضل عن طريق إبراز ما فيه من العقل."11 [/rtl]
[rtl] ولقد استفاد هونيث من أستاذه ( هابرماس ) عدّة جوانب ونقده في جوانب أخرى. فمن ناحية الاتفاق، فقد اعتبر أن عملية التواصل بين الذوات أمر مشروط وأساسي داخل النطاق الاجتماعي والثقافي، ومن ثمّ تتحول إلى طابع كوني ، وعلى هذا الأساس – وانطلاقا من العامل اللغوي – أعطى هابرماس مكانة أساسية للجانب الاجتماعي في النظرية النقدية . لأن التواصل في حد ذاته ، حسب هابرماس ، يدّل على " ذلك التفاعل المصاغ بواسطة الرموز ، أن يخضع ضرورة لمعايير المعمول بها، والتي تحدد تطلعات السلوكات المتبادلة بحيث يتعين أن تكون مفهومة ومعترف بها من طرف شخصين فاعلين على الأقل."12 ولكن الإشادة والاتفاق معه في إمكانية تفسير الحياة الأخلاقية بعملية التذاوت الاجتماعي ، لم تمنع التلميذ من توجيه انتقادات لأستاذه ، وهذه الأخيرة قد لخّصها في نقطتين مهمين : أولهما يرى " هونيث " بأن النموذج التواصلي عاجز عن تفسير التجربة المعاشة للأفراد بصورة شاملة أو كلية ، فاللغة لا تعبر الكل عن الكل ، وإنما هي فقط جانب من جوانب التفاعل الاجتماعي ، أما الثانية فيرى أن هابرماس قد تجاهل الطابع الصراعي ودوره الفعّال داخل التشكيلات الاجتماعية ، فهو الذي يحدد نمط الحياة الأخلاقية والاجتماعية معا.[/rtl]
[rtl] وعليه ، أراد هونيث أن يؤسس نظرية جديدة للفلسفة الاجتماعية ، وهذه الأخيرة لا تتوقف عند حد التواصل المنبني على أساس لغوي في نطاق ضيّق؛ وأنما تتجاوز ذلك غلى أفق معياري جديد للاعتراف المتبادل ، من خلال إعادة إدماج بنيوي لأشكال الصراعات الاجتماعية وأنماط التجارب الأخلاقية يكسب فيها الفرد وعيه بذاته ووعيه لذوات الآخرين ، لأنه على حد قوله " يفترض دائما تجربة الآخر ومن ثمّ يمكننا القول بأنه لا يمكن تحقيق ذواتنا إلاّ من خلال الاعتراف بالآخر من علاقتنا به."13 [/rtl]
[rtl] وهكذا حاول " هونيث" إضافة رؤية جديدة للنظرية النقدية ،من خلال تحيين مفهوم "الاعتراف" الهيجلي ليوسع بها المشروع التواصلي الهابرماسي و بالتالي نقل مفهوم الصراع من معناه التقليدي (من أجل الوجود) إلى معنى جديد أكثر أصالة وهو (الصراع من أجل الاعتراف) . وهذا الأخير لا يتحقق – في نظره – إلى من خلال " الجمع بين مهمتين يشكلان نظرية نقدية للمجتمع: أحدهما وصفية تقوم على تشخيص وفهم العمليات الاجتماعية ( المرضية منها ) على مستوى التجارب الفردية والجماعية ،والأخرى معيارية تقوم على تحديد ومعرفة ما هي معايير أشكال الحياة الاجتماعية الناجحة."14 [/rtl]
[rtl] إذا ، أنّ هذين المهمتين النقديتين يساهمان بشكل كبير في تحليل وفهم بنية التشكيلات الاجتماعية ، من خلال تجربة الذات وعلاقتها بالآخر، واكتشاف أهم المعايير الاجتماعية والأخلاقية التي تحكم كل مجتمع. ولهذا توصل " هونيث " بأن ( نظرية الاعتراف) لا يمكنها أن تقوم بإعادة بناء التجربة الاجتماعية، قصد وضع حد للصراعات الاجتماعية القائمة على السيطرة والهيمنة والظلم الاجتماعي ، إلاّ بوجود ثلاث نماذج والإقرار بها داخل المجتمع وهي : الحب ، الحق ،والتضامن. فالأولى – يرى هونيث – بأنها تعتبر" الدرجة الأولى ، كما قال هيجل ، في الاعتراف المتبادل ، لأن الذوات بحاجة إلى هذا الانسجام النابع من الداخل حتى يكون هناك ثقة متبادلة."15 أما الثانية فهي تأتي نتيجة الاعتراف الأولي فيضفى عليها الطابع القانوني ، وهذا من أجل تحقيق احترام بين الذوات ، أما الثالثة فهو اعتراف العام ترتقي فيه الذوات من ثقة واحترام للذات إلى درجة التضامن الاجتماعي سواء ضمن المجتمع الواحد ، أو بين عدّة مجتمعات. فهذه الأشكال الثلاثة من الاعتراف – في نظره – يوجد بينها وترابط وتكامل ( بنيوي ) بين هذه الأشكال نفسها ، فإنّ " ...الثقة في الذات تشترط على نحو ما احترام الذات ،و هو احترام أساسي لإمكانية تحقيق التقدير الاجتماعي ... فبدون اعتراف في مجال الحب لا يمكن أن يتحقق الاعتراف في مجال الحقوق . وهذان النمطان من الاعتراف يشترطان بدورهما إمكانية الاعتراف باستحقاق في مجال التضامن وعلاقات العمل."16 [/rtl]
[rtl] وهكذا فإنّ (نظرية الاعتراف) عند آكسل هونيث تلعب دورا مركزيا في إعادة بناء شبكة العلاقات الاجتماعية – انطلاقا من التواصل بين الذوات في أفق الفضاء العمومي – قصد التخفيف من المعاناة والظلم الاجتماعي والسياسي و اللامساواة بين الناس ، وكل أشكال الاحتقار والازدراء ، وبالتالي تحقيق قيم العدالة وحقوق الإنسان – من خلال الحفاظ عليه نفسيا وجسديا* - والحرية في إطار الاعتراف المتبادل .[/rtl]
[rtl] وبعد استعراضنا لأهم الأفكار التي ساهمت في بلورة النظرية النقدية الجديدة عند آكسل هونيث من خلا مشروعه (الصراع من أجل الاعتراف) نستنتج أن : تعدد واختلاف البراديغمات داخل النظرية الواحدة ، جعل من مدرسة فرانكفورت – وبالرغم من الشكوك التي دارت حول وجودها كمدرسة أو حتى نظرية – أكثر المدارس الفلسفية المعاصرة شهرة في أوروبا وخارجها ، ويعدّ انتقال (النقد) من " العقلانية الأداتية " إلى " العقل التواصلي " وصولا إلى " فلسفة الاعتراف " هو إلاّ مسايرة وتتبع دقيق لتمظهرات الإنسان المجهول – بتعبير آليكس كاريل – وتأملات وعيه عبر التاريخ الإنساني قصد تحقيق وجوده وكيانه بأحسن صورة . وإن كانت النظرية النقدية – في نظر سيلا بن حبيب – مع رواد المدرسة الأوائل ذو طابع تقليدي؛ " إلاّ أنها سعت إلى تقعيد نقدها وتأسيسها على أشد جوهرية يرتبط بالشرط الإنساني ( النزعة الإنسانية ) أشد ارتباطا، أي يمكن للنقد عندهم أن يطلق دعاوى ذات مدى كوني ، دعاوى تطالب بأن ينظر إليها على أنها التبشير بمستقبل أكثر عقلانية."17 هذا من جانب الطابع العام الذي يميّز النظرية النقدية مع بزوغها في معهد الأبحاث الاجتماعية. أما في داخل هذا الأخير يمكننا القول لولا هذه القاعدة الأساسية لما وجد ما يسمى بـ " نظرية الفعل التواصلي " ، ونظرية نقدية تقوم على أساس " مفهوم الاعتراف " ، فتاريخ الفلسفة قام على هذا النحو ، فلا يوجد شيء من عدم ، وأن هذا الشيء يقبل من القديم أمور وينقد ويتجاوز الأمور الأخرى . فـمشروع ( هونيث ) و ( هابرماس ) لا يخرج عن هذا القاعدة ، بل القاعدة نفسها ميّزت بينهما، التي ربطتهما بالتقليد الفرانكفوني ، وهذا الأخير بدوره رسم معالم هذين المشروعين قبل ظهورهما – بطريقة غير واعية – من خلال ربط الفلسفة النقدية بالنظرية الاجتماعية قصد فهم أهم الظواهر الاجتماعية الراهنة وتحليلها على أساس منهجي دقيق ، وذلك بالعودة إلى هذه النظريات الثلاث ، لأن العودة إليهم – كما يرى آلن هاو – يمكن أن تكون " كذاكرة باهرة ، وإن كانت حادة بالمكان الذي أتينا منه قياسا بالمكان الذي نحن فيه الآن ، كما يمكن أن توفّر لنا أيضا ذلك الفهم المتبصر لما يمكن للمستقبل أن يكون عليه ."18 [/rtl]
الهوامــش :
[rtl]1- جون ليشته، خمسون مفكرا أساسيا معاصرا،تر : فاتن البستاني ، المنظمة العربية للترجمة- بيروت ، الطبعة الأولى 2008 ، ص 13 .[/rtl]
[rtl]2- كمال بومنير ، النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت ، منشورات الاختلاف – الجزائر ، الطبعة الأولى 2010 ، ص 37 .[/rtl]
[rtl]*- تستحضرني مقولة ( ادوارد سعيد ) حينما قال : " أن المجتمع الذي ليس فيه نقد هو مجتمع مشلول ".[/rtl]
[rtl]3- نقلا عن : د/ كمال بومنير ، قراءات في الفكر النقدي لمدرسة فرانكفورت ، مؤسسة كنوز الحكمة – الجزائر ، الطبعة الأولى ، سنة 2012 ، ص 92 .[/rtl]
[rtl]4- عزيز الهلالي ، مدرسة فرانكفورت والنظرية النقدية النسائية ( سيلا بن حبيب نموذجا ) ، مجلة الفكر العربي المعاصر ، العدد 158 – 159 ، مركز الإنماء القومي ، ص 146 .[/rtl]
[rtl]5- عزيز الهلالي ، المرجع نفسه ، ص 150 .[/rtl]
[rtl]6- كمال بومنير ، قراءات في الفكر النقدي لمدرسة فرانكفورت ، المرجع نفسه ، ص 92 .[/rtl]
[rtl]7- كمال بومنير ، النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت ، المرجع نفسه ، ص 115 .[/rtl]
[rtl]8- كمال بومنير ، قراءات في الفكر النقدي لمدرسة فرانكفورت ، المرجع نفسه ، ص 84 .[/rtl]
[rtl]9- نقلا عن : المرجع نفسه ، ص 158 .[/rtl]
[rtl]10- كمال بومنير ، النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت ، المرجع نفسه ، ص 140 .[/rtl]
[rtl]11- آلن هاو ، النظرية النقدية ...مدرسة فرانكفورت ،تر: ثائب ديب ، المركز القومي للترجمة- القاهرة ، الطبعة الأولى 2010 ، ص 76 .[/rtl]
[rtl]12- نقلا عن : كمال بومنير ، النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت ، المرجع نفسه ، ص 118.[/rtl]
[rtl]13- نقلا عن : المرجع نفسه ، ص108 .[/rtl]
[rtl]14- كمال بومنير ، قراءات في الفكر النقدي لمدرسة فرانكفورت ، المرجع نفسه ، ص104 .[/rtl]
[rtl]15- Axel Honnth , la lutte pour reconnaissance , p 117 . [/rtl]
[rtl]16- كمال بومنير ، قراءات في الفكر النقدي لمدرسة فرانكفورت ، المرجع نفسه ، ص107.[/rtl]
[rtl]*- يمكن الإشارة إلى أن فكرة الجسد قد أخذها (هونيث) من ( ميرلوبونتي ) ليعبر عن نوع من أنواع الاحتقار الذي يمارس على الفرد وهو " الازدراء الجسدي " ،فـ " هونيث " يعتبر الجسد بأنه " وظيفة أساسية ورئيسية في عملية التفاهم وفي التفاعل الاجتماعي ."[/rtl]
[rtl]- أنظر : كمال بومنير ، قراءات في الفكر النقدي لمدرسة فرانكفورت ، المرجع نفسه ، ص134 .[/rtl]
[rtl]17- آلن هاو ، المرجع نفسه ، ص 23 .[/rtl]
[rtl]18- المرجع نفسه ، ص261.[/rtl]