منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك تحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة تحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة تحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارتحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 تحوّلات المصائر وتحوّلات الشعر محمود زعرور

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد صغير نبيل
عضو شرف
عضو شرف
محمد صغير نبيل

وسام النشاط :
وسام النشاط

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
204

نقاط :
476

تاريخ التسجيل :
16/05/2010

الموقع :
الجزائر


تحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور Empty
مُساهمةموضوع: تحوّلات المصائر وتحوّلات الشعر محمود زعرور   تحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور I_icon_minitime2011-02-22, 01:38

تحوّلات المصائر
وتحوّلات الشعر

محمود زعرور

ارتبط اسم الشاعر "نظيم أبو حسان" منذ أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات بأوضاع ومواقف فلسطينية محددة.
وكانت تلك الأوضاع والمواقف تعبيراً عن حالة نضالية اتسمت بسمة راديكالية طليعية تساندها وحدة وطنية فلسطينية تتشكل وتتنامى، وقد جاءت في سياق تاريخي- سياسي عربي يدعم القضية الفلسطينية باعتبارها في مقدمة حركة التحرر الوطني العربية.
كما أن الوضع الدولي السائد آنذاك لعب دوراً كبيراً عن طريق الاعتراف بالشرعية النضالية، وكان إسهام الاتحاد السوفييتي السابق، والدول الاشتراكية الأخرى كالصين وفييتنام... الخ، مهماً في هذا المجال.
كان المصير الفلسطيني يصنعه المناضلون الفلسطينيون، ويشكل الثقافة الفلسطينية أدباء كبار من أمثال "غسان كنفاني" و "جبرا إبراهيم جبرا" و "محمود درويش" و "سميح القاسم" و "أحمد دحبور".. الخ، ولم تكن مكانتهم في وجدان القارئ العربي بأقل من مكانة "السياب" و "البياتي" و "أحمد عبد المعطي حجازي" و "صلاح عبد الصبور" و "أمل دنقل" و "شوقي بغدادي" و "علي الجندي" و "فايز خضور" و "محمد علي شمس الدين" وغيرهم.
في تلك الحقبة، كان الشعر العربي المعاصر يمضي نحو تحقيق مشروع الحداثة بآفاقها وتجلياتها المختلفة.
يقول محمد بنيس:
"اقتحم الشعر العربي مشروع حداثته في هذا العصر منذ مايقارب القرن وصاحب الاقتحام متاع معرفي منشبك برؤيات وممارسات تنظيرية ونصية لها أمكنتها المتعددة، كما لها استراتيجياتها وبرامجها، متفاعلة مع الخارج النصي ومنفعلة به في آن" (1).
لقد خرج الشعر في تلك الفترة من طوق التقليدية والرومانسية، وتخلى على نحو ظاهر عن الإهاب الشكلاني واللفظي من جهة، وعن الفردانية والنخبوية من جهة أخرى، وشرع في صياغة علاقة متبدلة لمعادلة الفن والواقع.
في أواخر الستينيات بدأ الشاعر "نظيم أبو حسان" بنشر قصائده في الصحف والمجلات الأدبية كصوت شعري فلسطيني جديد يشارك مع شعراء آخرين صياغة موقف شعري تجاه مسائل وطنية وقومية وإنسانية، وفي الوقت ذاته يقدم إسهامه في بلورة المعادل الجمالي والفني للواقع.
وهذا التجسيد للمعادل الجمالي استند إلى مفاهيم أساسية للحداثة مثل مفهوم التقدم ومفهوم الحقيقة ومفهوم النبوة ومفهوم الخيال. وهي مفاهيم تقاطعت مع إبدالات النص الشعري كما يقول "محمد بنيس":
"تعرض النص وتنظيراته المتعاقبة في الشعر العربي الحديث لإبدالات منذ التقليدية إلى الشعر المعاصر. وتنكتب هذه الإبدالات في تقاطع مع تأويلات مفاهيم الحداثة في شعرنا العربي وهي التقدم والحقيقة والنبوة والخيال"(2).
أصدر الشاعر "نظيم أبو حسان" أربع مجموعات شعرية(3)، كانت تجسيداً لمفاهيم الحداثة الشعرية في طريقها الطويل والمعقد، بدأها بمجموعته الأولى "الطريق إلى حيفا"(4) وصولاً إلى مجموعته الرابعة "داخلاً حالة الغيم"(5).
أستطيع تقسيم شعر الشاعر إلى مرحلتين:
-المرحلة الأولى: وتتمثل في المجموعتين الأولى والثانية، وهما:
"الطريق إلى حيفا" و "انتصار الياسمين"(6).
-المرحلة الثانية: وتتمثل في المجموعة الرابعة "داخلاً حالة الغيم".
في المرحلة الأولى التي تتمثل في المجموعة الأولى والثانية نجد جملة من المنظومات الأيديولوجية التي تحدد طبيعة الشعر، ودوره، والقضايا والمواقف والنماذج الجمالية التي يشتمل عليها النص الشعري، وكذلك الكيفيات والأشكال والأساليب المتبعة وفقاً لذاك المنطلق الأيديولوجي.
كان الشاعر "نظيم أبو حسان" ومع أغلبية شعراء مرحلته وجيله يصدرون عن عدة قراءات أو تفسيرات لتلك المنظومات الأيديولوجية، لكن ومهما تباينت هذه القراءات أو التفسيرات بشكل أو بآخر إلا أنها تشترك بقواسم رئيسية أو تقاطعات محددة.
لقد جرى الاعتقاد لفترة طويلة بمفهوم التقدم الخطي للتاريخ، وهو مفهوم أساسي من مفاهيم الحداثة، وعلى أساس هذا المفهوم تم النظر للواقع وللشعر بدون أي موقف نقدي أو مراجعة تحليلية لهما.
كذلك، ومن عدة استخلاصات ووصايا أيديولوجية جرى تقديم الحقيقة للقراء والجماهير، وهي إيحاءات زينها تأويل الواقع.
وبالطبع، لم يكن الأمر على هذا النحو التبسيطي كما أنه لم يكن معمماً على كل الشعراء، فقد اختلفت انطباعات النصوص الشعرية على تلك الترسيمات الأيديولوجية والسياسية بهذا الشكل أو ذاك، كما تباينت، كذلك، طرائق تمثل وتمثيل مفاهيم الحداثة الشعرية من شاعر لآخر، ومن فترة لأخرى عند الشاعر الواحد.
بالنسبة لقصائد المجموعة الأولى والثانية للشاعر "نظيم أبو حسان" نجد ملامح تلك الفترة برمتها، إن في الجانب الفكري والسياسي، وصدور أشعاره كنتاج له، ومن جهة أخرى في الجانب الجمالي والفني لصياغة مفاهيم الحداثة الشعرية.
يقول "نظيم أبو حسان" في قصيدة له بعنوان "كلمة في عرس غسان":
"غسان يا مشوارنا البعيد
يا راية يقظى
على مداخل المدن
لن ينتهي -بموتك المغامر-
غناؤنا لكوكب الرماد
والحنين
واللهب
والثورة التي كتبتها
بالحبر والأعصاب والأسى
لن تنتهي
فأنت زارع الشموس في حواسنا
وأنت صوتنا الكبير للوطن"(7).
أستطيع القول، هنا، إن قصيدة "كلمة في عرس غسان" تقدم لنا تجسيداً جمالياً وفيناً لمفاهيم الحداثة الشعرية الأربعة، مجتمعة، وهي مفاهيم التقدم والحقيقة والنبوة والخيال.
بالنسبة لمفهوم التقدم نراه يتحدد في الأسلوب المتبدل لشعر الرثاء، ولطريقة النظر إلى الشخص المرثي، موضوع القصيدة، وهو هنا الشهيد الأديب "غسان كنفاني".
في شعرنا القديم، كان الرثاء أشبه ببكائيات دامية، وكان الشاعر يرى في غياب الشخص المرثي توقفاً لدورة الحياة، فقانون الطبيعة يختل، ومنطلق الأشياء يتداعى، ويسهم بهذا التأثير الطابع الخاص لمفردات القصيدة، ونوع الوزن الشعري، والقافية الملائمة.. الخ.
أما هنا، فقد قدم الشاعر "نظيم أبو حسان" فهماً واقعياً متقدماً في رثائه للشهيد "كنفاني"، وكان سبباً لدوره النضالي، وللظروف المحيطة بهذا الدور، وغيابه، وإنْ كان مؤثراً، فهو لن يوقف المسيرة، ولن يحل اليأس في النفوس المفجوعة، لأنه سيبقى راية مرفوعة، ومنارة هادية.
والتاريخ هكذا، يمضي إلى الأمام دائماً، وصنّاع التاريخ هم الأبطال والشهداء الذين يقودون الثورات إلى منتهاها الحتمي والطبيعي، ومادام الفلسطينيون يمتلكون حقاً تاريخياً فعودة هذا الحق لهم مسألة أكيدة.
وبالطبع، فإن ظروف الصراع العربي- الصهيوني المعقدة أضفت على القضية الفلسطينية أبعاداً متعددة، وعناصر استثنائية طوّحت بقسط كبير من مفهوم التقدم، ومفهوم الحقيقة، وعطّلت -ولاسيما إلى وقتنا الراهن ولاندري إلى متى سيستمر ذلك- قانونية الاعتماد وشرعيته على الحق التاريخي في ظل اختلال أكيد لميزان القوى الحاصل جراء انقسامات الفلسطينيين، والضعف العربي، والدعم غير المحدود للاحتلال الصهيوني الاستيطاني من الغرب الامبريالي، ولاسيما الأمريكي بعد تسيّده العالم كقطب وحيد.
ومفهوم النبوة ليس ببعيد الصلة عن مفهوم التقدم ومفهوم الحقيقة، وتجلى في هذه القصيدة بمسحة التفاؤل بالرغم من الحدث الفاجع (لن ينتهي غناؤنا، والثورة التي كتبتها لن تنتهي، فأنت زارع الشموس في
حواسنا)، وهو تفاؤل مبني على احتضان الجماعة لقيم الشهيد، وإصرارها على متابعة مسيرته (يا راية يقظى على مداخل المدن، وأنت صوتنا الكبير للوطن).
وقد نهض الخيال على عدة دعائم، منها الصورة (فأنت زارع الشموس في حواسنا)، والرمز (ياراية...)، والحلم (لن ينتهي غناؤنا، وأنت صوتنا الكبير للوطن).
ولقد حمل الخيال وظيفة تنويرية عبر الحض على اليقظة، التي من شأنها الإعلاء من سلاح الوعي أو الحقيقة (فأنت زارع الشموس في حواسنا).
واستمراراً من الشاعر على تأكيد مفهوم التقدم ومفهوم الحقيقة يقول في قصيدته "الطريق إلى حيفا":
"ها أنا قادم
والتراب الذي
يقطر الدمع من مقلتيه
دليلي..."(8).
ويتجسد مفهوم التقدم هنا جمالياً عبر التقاط الحافز، وقد تحدد لدى الشاعر بوجع الأرض وحزن المدن وهي تبكي أبناءها، وكان هذا التجسيد بناء بالصورة (والتراب الذي يقطر الدمع من مقلتيه)، وهذه الصورة بالرغم من كونها إحالة للأرض إلا أنها حمّلت بالبعد الإنساني، وأنسنة الطبيعة والأشياء من ثمرات الحداثة الشعرية العربية.
إن هذا المدخل الفني سيوطئ السبيل لحتمية العودة، فالرباط كبير بين الجماعة، وبين الأرض، وهي ليست كأي أرض أخرى.
إن هذه الصفة التبادلية بين منطق الوطن، ومنطق الجماعة، يحيل على مسألة التماهي، فكما يدعو الوطن أبناءه بالدمع الحارق، كذلك يتطلع الأبناء إلى العودة بالبذل أيضاً، وقد لايكون البذل دمعاً، بل دماً وروحاً.
ويقطع الشاعر خطوة كبيرة على طريق تأكيد مفهوم التقدم، شعرياً وجمالياً، بالانتقال من تصوير الوطن عبر أنسنته، وأثر النوستالجيا في العودة إليه، إلى تصوير الوطن كنضال لايهدأ. وكلحظة أخرى مغايرة، وكحالة بديلة:
"غزة...
هذا الجوع الزاحف
هذا الموت المتربص في الساحات
وفي الأقبية
وفي الميدان
لتفجير الصمت الخائف
غزة..
هذا الزمن الآخر
في الإنسان"(9).
ومثلما حالة حيفا، وغزة، تنهض عكا أيضاً، مثل حلم، أو امرأة، منذورة للخصب والعطاء:
"لاتزعجوا الحلم الذي يأتي
عكا الحبيبة مقبلة
دمها يسافر في الربيع
وفي الشتاء
يصير أجمل قنبلة"(10).
ومثلما يحتفي الشاعر بالشهيد "غسان كنفاني" في المجموعة الأولى، يحتفي بالشهيدة "دلال المغربي" في المجموعة الثانية، ودائماً عبر الارتباط بالوطن كصورة مغايرة:
"حين احترق التاريخ
وألقى أوراقاً هائمة
فوق الليل اليابس
خرجتْ من عمق زمان الموت
.... دلال...
خرجتْ تلبس قامة حيفا"(11)
مرة أخرى أقوال بأن الشاعر "نظيم أبو حسان" يمضي بعيداً في امتلاك مفهوم التقدم، هذا الأس الكيميائي العجيب الذي يحيل الأشياء إلى إبدالات مستمرة كما يقول "محمد بنيس".
المقصود هنا هو حضور مبدأ الانزياح، وعلى سبيل المثال، لقد دققت النظر في مفردة الموت كما استخدمها الشاعر، وفي كل المرات أجدها تحيل على نقيضها، أعني الحياة.
لقد عبرَتْ "دلال" لحظة الموت العربي، وزمن الهزيمة التي استوطن النفس إلى لحظة موت آخر، إلى برهة نضالية ومضتْ إلى ضفتها الأخرى، أعني الشهادة.. والبقاء خالدة وحية في ضمير الكفاح الذي يحتفظ بذاكرته بالقامات العالية التي لاتقبل الانحناء، وماهي القامات التي تظل أسمى من قامة حيفا سوى قامة "دلال" نفسها، وتلك منزلة لم تبلغها إلا بعدما قدّمت روحها برهاناً على القيم والمثل.
وكما يطوّر الشاعر مفهوم التقدّم، بإبدالاته المستمرة حداثياً، نراه، كذلك، يعلي من شأن الخيال الشعري، ويجدد الاشتغال فيه، وتطويره ليبلغ معه الدرجات القصوى في الرهافة الفنية، يقول في قصيدة "أنوي لعينيك والناصرة":
"أخاف عليك...
فأحمل قمري...
وأزنّر فيه الجرح وأردم همّي
لأعود بوهجك أتجدد نجماً
وخلاصة حب
تتكسر أمواج البرد عليك
تنامين بلا ترجيع
ويلقاك في الدم نزف الضياء
فأنوي لعينيك والناصرة
وآتيك...
والرمح في الخاصرة"(12).
ولا يحدد توهج الخيال ومعناه، بل ووظيفته إلا الاشتغال، كذلك، على التراكيب اللغوية (مفردات، جمل،...) والنحوية والصرفية (ضمائر، أفعال،...)، وتلك العلاقات القائمة بينها وبين الطاقة التخييلية.
لنلاحظ هذه العلاقة:
أخاف عليك...
فأحمل قمري...
وأزنر الجرح وأردم همي
عندما يخاف الراوي -وقد يكون هنا الشاعر- يرد على هذا الخوف ويواجهه بقوة مغايرة: فأحمل قمري، والقمر نور هادٍ لمن يضلّ، وضوء كاشف لمناطق العتمة، في النفس وفي الروح، ويصل الشاعر درجة الخلق والابتكار عندما يصنع للقمر وظيفة جديدة بقوله: وأزنر فيه الجرح.
وفي السطر الرابع نضع يدنا على تحديد لذاك القمر عندما يقول: لأعود بوهجك أتجدد نجماً.
إذن، لم يحمل الراوي إلا صورة الناصرة، وطنه القمري، وبذا غدا نجماً إلى جوارها، فتقوى عزيمته، ويتجدد انتماء وحباً.
إن التبدلات النحوية من المخاطب إلى ياء المتكلم:
أخاف عليك...
فأحمل قمري...
ستجعل من طاقة التخييل المتجسدة "وأزنر فيه الجرح.."
"الأفكار مبذولة في الطرقات". لكن الشاعر المجدد هو الذي يمنح الأفكار والمعاني حياة أخرى بتلك العلاقات الفنية التي ينسجها حول جسد المعنى.
مرة أخرى تكون التبدلات اللغوية والنحوية مبدأ حاسماً وفاعلاً يبرز طاقة التخييل الفني: "تتكسر، تنامين، فأنوي، وآتيك".
إن ما رأيناه في المرحلة الأولى لدى الشاعر تجليات محددة لمفاهيم الحداثة الشعرية حول التقدم والحقيقة والنبوة والخيال، وكانت القصيدة إحالة للخارجي وتعبيراً عنه، عبر وحدة منجدلة بين الفني والموضوعي، ولأن الأمر هكذا قارب الشاعر جماليات مخصوصة، وآفاق أسلوبية ولغوية، رفعت من
شأن التوصيل وهو مبدأ من أهم مبادئ الرسالة الشعرية في الستينيات والسبعينيات.
غير أن المرحلة الثانية للشاعر كانت مغايرة، بل وأكاد أقول بأنها كانت نقيضة للمرحلة الأولى.
كان الشاعر في المرحلة الأولى يقدم تعبيراته حيال الخارج "تعليق على حدث، أو خبر..."، أي أن شعره يندرج في إطار الخطاب التعبيري، بينما كان في المرحلة الثانية رؤيوياً، أي أنه انتقل من التعبير إلى الرؤيا.
وكان لهذا الانتقال أدواته ونتائجه.
يقول في مجموعته الرابعة، ومن قصيدة له بعنوان "مهرة نافرة":
"توسدتُ بهجة حلمي ونمت
فكيف أفقت على
غيمة من ذهول"(13)
إذن، الديوان دخول في الحلم، ومقاربة للمذهل والعجائبي، وهي مقاربة توفرها رؤية للواقع عبر رؤيا الشعر.
فماذا رأى الشاعر؟
لقد رأى الشاعر الوحدة والاغتراب:
"كفّاي موحشتان
والفضاء رصاصي"(14).
ورأي أيضاً تحولات المصير، والنضال، وحلم العودة، وتلك الحقائق التي بدت بمسلمات، كل ذلك تبدد أو كاد:
"حين تدخلين قوس قزح
من بوابة النشيد
ترين العالم يأخذ شكل
سراج مطفأ"(15)
كان يكفي في الماضي أن تحتضن الجماعة سلاحاً ونشيداً، لتجسد حقها التاريخي المشروع، أما اليوم فالعالم كله يغدو سراجاً مطفأ، ولعمري إنه اليأس الذي يغذيه الواقع، وتستخلصه الرؤيا.
إن الشاعر أمين لرؤياه، ولم يرغب في تقديم التفاؤل المجاني والوهمي المعاند لطبيعة الواقع وما أفرزه من تحولات رسمت هذا المآل.
ويقيم الشاعر صياغة لحالة التماهي التام بين المرأة وبين الوطن، وبين المرأة وبين الشاعر، وبين المرأة والشاعر وبين الوطن، على خلفية هذا اليأس، والتوحد مع الخسارة:
1- "وأنا أدخل غبش الألوان
أدخل قوس قزح
من بوابة النشيد"(16).
2- "حين تدخلين قوس قزح
من بوابة الطفولة
ترين العالم يأخذ شكل أغنية"(17).
3- "وأنت الصوت
وأنا الحنجرة المعبأة
باحتمالات المطر"(18).
إذن كان النشيد خادعاً، والاستمرار به إلى الآن، خادع أيضاً، والانطلاق منه وعبره لن يجلب سوى الخيبة، لكن الأمل معقود بالأجيال القادمة التي ستبقي جذوة الصراع متقدة.
إن التحول من ضلال الراهن مرتبط بإعداد المستقبل على نحو مختلف، فبوابة الطفولة ستمنح العالم أغنيتها القادمة.
لقد قدم الشاعر في المرحلة الأولى سطوع الحقيقة ومصداقيتها، واليوم يعيد حسابات مع تلك الحقيقة:
"عري الحقيقة مذهل
وعري حزني على الشواطئ
مخجل
هاكم صيف روحي"(19).
إن الشاعر الأصيل هو الشاعر الصادق مع نفسه، ومع واقعه، ومع رسالة الشعر، ولهذا لم يتوقف الشاعر "نظيم أبو حسان" في فضح زمن الخديعة، والتخلي عن الجماعة، وواقع الانقسامات والتشتت، كلها عناصر تغذي أكثر فأكثر الضعف الفلسطيني ليصبح أكثر ضعفاً، والضعف العربي ليغدو أكثر وهناً:
"وقتلت مرات
وما بكت الأحبة فوق تابوتي
فلا تدعي القذى
يغتال شيئاً من حنينك
أو حنيني"(20).
لكن الشاعر لا يغادر هذا الديوان "داخلاً حالة الغيم"، دون تقديم وصاياه ونبوءاته، وهي نتائج لتلك الرؤيا التي تحدثت عنها وأنا أفتتح الحديث عن المرحلة الثانية للشاعر، وبذا يدخل الشاعر رؤيا الاختلاف السلبي التي تبدو في أصل كل نشاط رمزي كما تقول "جوليا كريسطيفا":
"إن العملية المنطقية.. النفي، التي تبدو في أصل كل نشاط رمزي (بما أنها في أساس الاختلاف والإخلاف diffrenciation)، هي العصب الأساسي الذي يتمفصل فيه الاشتغال الرمزي"(21).

إن الشاعر ينفي الظاهر في اللغة. واللغة تنفي المفردة بوساطة الإزاحة أو الانزياح، والانزياح ينفي المظهر المباشر للمعنى ليبقيه في طبقات رمزية عميقة الغور:
"ونكتب أحلامنا حول الشواهد
أحلامنا المقبلات
توزعها الريح حول النوافذ
من شاطئ البحر
حتى انكسار الغيوم
ومن باب عكا
إلى صدر كل التخوم
زمان عجيب
يلعلع بالصمت فوق الرؤوس التي
أثقلتها العواصف"(22).
لابدّ من الحلم، لكن الحلم كما قلت سابقاً موكول ببناء المستقبل، وصناعة الأجيال القادمة التي ستحوّل علامات الموت إلى إشارات للحياة. فلا أمل بهذا الزمان العجيب.
في الستينيات وفي السبعينيات كان الزمن يلعلع بالحقيقة، أما اليوم فهو مسوّر بالصمت، والصمت حين يلعلع فهو يدلّ ويحكي، وما أبلغ حديث الصمت!!
تلك هي مقاربة لبعض تحولات المصائر، ولبعض تحولات الشعر كما رأينا عند الشاعر "نظيم أبو حسان"، الذي برهن أنه واحد من شعراء الحداثة الشعرية العربية بتبدلاتها وتحولاتها، وخاصة في مرحلته الشعرية الثانية عبر مجموعته الرابعة "داخلاً حالة الغيم" التي أكدت على تجديده الفني المتجسد بالخطاب الشعري الرؤيوي، وقد اشتمل على اشتغالات تطويرية لمفاهيم محددة.


 هوامش:
1-بنيس، محمد: "الشعر العربي الحديث. بنياته وإبدالاتها، مساءلة الحداثة"- دار توبقال، الدار البيضاء. ط1/1991. ص(133).
2-المرجع السابق، ص(135).
3-لم أتطرق هنا إلى مجموعة الشاعر الثالثة "أغاني وجع الأزهار" لعدم تمكني من العثور على نسخة منها، ومن الجدير بالذكر أن الشاعر نفسه لايمتلك نسخة من هذه المجموعة.
4-أبو حسان، نظيم -"الطريق إلى حيفا"- نشر بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب. مطبعة الشرق، حلب.
5-أبو حسان، نظيم -"داخلاً حالة الغيم"- اتحاد الكتاب العرب، دمشق 1995
6-أبو حسان، نظيم -"انتصار الياسمين"- دار الجليل، دمشق 1983.
7-الطريق إلى حيفا، ص(8-9).
8-المصدر السابق، ص(8).
9-المصدر السابق، ص(26).
10-المصدر السابق، ص(56).
11-انتصار الياسمين، ص(33).
12-المصدر السابق، ص(50).
13-داخلاً حالة الغيم، ص(20).
14-المصدر السابق، ص(51-52).
15-المصدر السابق، ص(53).
16-المصدر السابق، ص(52).
17-المصدر السابق، ص(54).
18-المصدر السابق، ص(55).
19-المصدر السابق، ص(66).
20-المصدر السابق، ص(14).
21-كريستيفا، جوليا -"علم النص"- ترجمة: فريد الزاهي. مراجعة: عبد الجليل ناظم. ط1. دار توبقال، الدار البيضاء 1991. ص(73).
22-داخلاً حالة الغيم، ص(71).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

تحوّلات المصائر وتحوّلات الشعر محمود زعرور

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» تدوين الحروب في الشعر الجاهلي - د.عبد الله محمود حسين
» حكايات عمو محمود للشيخ محمود المصري حصريا ولأول مرة على النت
» محمود درويش : إلى أمي
» من رسائل الماجستير والدكتوراه في اللغة والنحو والصرف (5)
» العربيه ومحاكاة النص القرآنى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللغة والنحو والبلاغة والأدب :: منتدى اللغة العربية وأصول الفقه-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


تحوّلات المصائر  وتحوّلات الشعر  محمود زعرور 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
المعاصر الأشياء النحو مجلة على الخيام النقد البخاري بلال اسماعيل كتاب موقاي الخطاب مبادئ الحذف ننجز العربي قواعد محمد التداولية العربية مدخل اللسانيات النص ظاهرة اللغة


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع