منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لنافهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارفهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جلال
*
*


القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
7

نقاط :
11

تاريخ التسجيل :
06/07/2010


فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير Empty
مُساهمةموضوع: فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير   فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2010-07-08, 22:50

"


مصــطفــاوي جــــلال

أستاذبجامعة معسكرالجزائر

تمهيد:

يعتبر الباحثون في مضمار الدراسات الهرمنيوطيقية أن "فريدريك شلايرماخر F.Chleiemacher [1769- 1834م] هو المؤسس الفعلي للتراث الهرمنيوطيقي الحديث، رغم أنه اهتم بشكل مركّز على أبحاث اللاهوت وعني بتأويل العهد القديم، وقد رأى " فيلهلم دلثي" W.Dilthey [1833م-1911م] كاتب سيرة شلايرماخر، بأنه من أنصار التأويل السيكولوجي بامتياز، بمعنى أن " شلاير ماخر" جعل مهمة المفسر متجلية في محاولة إعادة بناء للحالة الذهنية للمؤلف بدقة متناهية، حاملة معها كافة الحيثيات السيكولوجية المصاحبة لها، والجدير بالذكر أن " روبرت هولب" قد خطأ هذا الرأي وبرر ذلك بسوء تلقي " دلثي" لخطاب: شلايرماخر"، حيث يقول:"....و الحق أن هذه الوجهة من الرأي ليست منبتة تماما عن كتابات شلايرماخر، فالقول المأثور عن شلايرماخر بأن ( أعلى كمال للتأويل هو أن تفهم المؤلف فهما أفضل من فهمه هو لذاته) يومئ إلى النتيجة نفسها التي خلص إليها "دلثي"، غير أن هذه لا تعدو أن تكـون مجرد نظـرة جزئيـة إلى شلايرماخر"(1).

تقوم هرمنيوطيقا شلايرماخر في الواقع على أساس مبحثين جوهريين: الأول لغوى يتعامل مع النص على الصعيد اللغوي، ويتكفل بفهمه من هذا المنطلق ، أما الثاني فيسميه " شلايرماخر" بالسيكولوجي، ينصب الاهتمام فيه على فردية المؤلف كذات، لذلك فإن الذي ألح عليه " شلاير ماخر"- في نظر روبرت هولب- " هو مدخل مزدوج للفهم، فمن جهة تعتمد النصوص والعبارات على نسق علامات منظم يعلو على الأفراد (...) ومن جهة أخرى فإن الجانب السيكولوجي للهرمنيوطيقا ليس مقصورا على حالة ذهنية، بل يشمل أيضا أسلوب النص وفرادته"(2).

و إذا كان " فريدريك آست" F.Ast [1778- 1841م] قد حدّ التأويل بسقف النصوص الكلاسيكية [الأدب الإغريقي والروماني]، فإن " شلايرماخر" يرى في الهرمنيوطيقا نشاطا عاما ."و هو بذلك يعلن في جملة واحدة عن هدفه الأساس وهو تأسيس هرمنيوطيقا عامة بوصفها (فن الفهم)"(3). لقد أرسى " شلايرماخر" بهذا القول ميلاد امبراطورية الهرمنيوطيقا الحديثة، حيث خلصها من التقوقع والانغلاق الذي عرفته في مجالات اللاهوت والأدب والقانون، فقد استحالت بفضله إلى فن للفهم، فهم أي قول لغوي، وبسبب هذه الطفرة النوعية، عدّ " شلايرماخر" أبا للتأويلية الحديثة، وقد أثرت تأملاته في مسار الأفكار الهرمنيوطيقية التي ظهرت بعده خاصة في منطلقات "دلثي" التأويلية. فهل كانت تأويلية "دلثي" استمرارا لتأويلية "شلايرماخر" أم أنها شكلت قطيعة معها؟.

1-"دلثي" والأساس المنهجي للعلوم الروحية (الإنسانية):

يرى " روبرت هولب" في هرمنيوطيقا "دلثي :" امتدادا لنظرية شلايرماخر ورفضا لها في آن واحد"(4)، وبيان ذلك أن " دلثي" لم يركز اهتمامه على الجانب اللغوي الذي تمسك به كل مــن "شلايرماخر"و " فيلهلم فون همبوليت [1767-1835م]، بل رأى الحل في تطوير البعد السيكولوجي الذي ورثه عن هرمنيوطيقا شلايرماخر " فقد احتفظ"دلثي" بميل رومانسي ملحوظ في تفكيره يؤكد الروح الإبداعية الجوهرية للناقد في مواجهاته مع النصوص"(5).

إن التأويلية اللغوية التي تفترضها المثالية الألمانية عادت إلى الظهور في العصر الحديث مع كتابات " هيدجر" و"جادامير"، لكن مع " دلثي" تم إضعاف الأنموذج اللغوي وحلت " الخبرة المعيشة" مكانه، هذه الأخيرة التي أصبحت أصل كل فهم ونهايته يقول "فرانسوا راستي" François Rastier :

"Dilthey a ainsi écrit l'histoire de l'herméneutique moderne mais l'apassablement ,spiritualisée, en effaçant d'ailleurs le nom de "Humboldt"-qui précisément donnait à l'herméneutique toute sa dimension linguistique, avec Dilthey, le paradigme du texte s'affaiblissait, et le Sentiment vécu devenait l'origine et la fin de toute Compréhension" (6).

إن أعلى صور الفهم- في اعتقاد " دلثي" – تكون نتيجة حالة مواجدة (اندماج/ تمثل وجداني) يقوم بها القارئ مع المؤلف، في سبيل الوصول إلى المعنى بظلاله التي ولد في خضمها . ذهب " دلثي" إلى أن الحياة قاسم مشترك بين الأحياء، وأن الخبرة قاسم مشترك بين الأشخاص. إن بمقدوري أن أعرف الحياة الباطنة لشخص آخر لأنني أيضا شخص، رأى" دلثي" أن التأويلية هي المبحث المركزي الذي يمكن أن يقدم الأساس المنهجي الذي تقوم عليه العلوم الإنسانية ( التي كان يسميها "دلثي" العلوم الروحية ، أي جميع المباحث التي تنصب على فهم أفعال الإنسان وكتاباته وفنه(7) .في ضوء هذه الرؤية ، يتبين أن هدف الهرمنيوطيقا هو أن نجهد قدراتنا الإبداعية، ونشحذ مخيلتنا في سبيل الوصول إلى إعادة معايشة أو إعادة مكابدة للظروف والمشاعر والانفعالات التي تم التعبير عنها في الوثائق المكتوبة، ويتحقق ذلك وفق السير عكس اتجاه الشخص الذي عانى الخبرة الحقيقية.

وصفوة القول: أن " دلثي" اعتبر الهرمنيوطيقا أساسا جوهريا في التعامل مع العلوم الروحية (الدراسات الإنسانية والاجتماعية) المخولة بتقديم تفسير لتعبيرات الحياة الباطنية للإنسان، سواء كانت إيماءات أو أفعالا تاريخية أو أعمالا فنية أو غير ذلك. إذن، فقد أنفق " دلثي" عمره بهدف صياغة مشروع الهرمنيوطيقا كمنهج ملائم لفهم تعبيرات الحياة، القاسم المشترك بين الذوات الحية،" وكان رد فعله حادا تجاه ميل الدراسات الإنسانية إلى تبني طرق التفكير الخاصة بالعلوم الطبيعة، وتطبيقها في دراسة الإنسان"(8). لقد كان "دلثي" يواجه جبهتين كبيرتين ، فمن جهة ضد الوضعية التجريبية "لأوغست كونت" أو "جون ستيوارت مل " التي تقرر عدم وجود مناهج خاصة بالعلوم الإنسانية، وأن عليها إن أرادت أن تكون علوما أن تقتدي بمنهجية العلوم الطبيعية ، ومن جهة أخرى ضد ميتافيزيقية التاريخ النابعة من الفلسفة المثالية ( هيجل على وجه الخصوص) .

يقول جون جراندن " Jean Grondin" :

"Dilthey lutte alors contre deux grands adversaires: d'une part contre le positivisme empirique d'August conte (ou) de "J-S-Mill", qui soutiennent qu'il n'y a pas de méthodes spécifiques aux sciences humaines et que celles –ci doivent reprendre la méthodologie des sciences de la nature si elle veulent être des sciences, d'autre part, contre la "métaphysique de l'histoire" de la philosophie idéaliste, et de "Hegel" en particulier".(9).



2.العلوم الإنسانية كمقابل للعلوم الطبيعية:

يقول "دلثي": نحن نفسر الطبيعة ، أما الإنسان فإن علينا أن نفهمه" تكمن الفعالية الكبرى لـ " دلثى" في مسار النظرية الهرمنيوطيقية في إضفائه بعدا تاريخيا على مفهوم الفهم، وتمييزه الشهير بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية. وغني عن البيان بأن " دلثي" في هذه الرؤية قد اقتفى آثار المفكر النابوليتاني " جيامباتيستا فيكو" "G.Vico"، الذي ألح في كتابه الموسوم بـ "العلم الجديد" على تميّز الطبيعة البشرية والتاريخ البشري..." ويخلص من ذلك إلى استحالة تطبيق نماذج العلم الطبيعي على الطبيعة الإنسانية، ويعلن أن الدراسة العلمية للطبيعة الإنسانية لابد لها أن تقوم على أساس صيغة إنسانية بحتة من التفاعل والتفاهم"(10)يرى "دلثي" انطلاقا من هذه الخلفية المعرفية (فيكو، هيردر) أن هناك فرقا جوهريا بين الطريقة التي نملك بها إدراك للعالم الطبيعي والطريقة التي نواجه بها العالم التاريخي، حيث إن الأولى تتطلب ابستمولوجيا قائمة على الفصل بين الذات والموضوع، فمهمة العالم هي تقديم تفسيرات لظواهر الطبيعية ووضع قوانين تصف اطّراد العمليات الطبيعية ، أما الثانية فتتطلب استخدام أفكار مختلفة اختلافا جوهريا حيث تكون الخبرة الإنسانية هي موضوعها الأساس، هذه الخبرة التي تعتبر النافذة والسبيل إلى الواقع الداخلي العميق للإنسان، فالباحث في العلوم الروحية عليه أن يواجه موضوعه بالفهم والتأويل.

يقول "عادل مصطفى": "يكمن الفرق بين العلوم الطبيعية والعلوم الثقافية –في رأي "دلثي"- في موضوع الدراسة ومنهجها أيضا: تضطلع العلوم بـ "تفسير" الطبيعة، بينما تنصرف الدراسات الإنسانية إلى " فهم" تعبيرات الحياة، أما العلوم الطبيعية فهي تفسر موضوعها من خلال الروابط السببية، إنها تعرف موضوعها من الخارج، ويبقى موضوعها غريبا عن العالم الإنسان ، أما " الفهم" فهو في المقابل يعرف موضوعه [كائن إنساني أو إنتاج إنساني] من الداخل، بوسعي أن أعرف الآخر لأن الحياة التي تنطق بلساني تنطق أيضا بلسانه، ليست هذه معرفة بالروابط السببية بل معرفة بشبكة من المعاني مماثلة لشبكة المعاني التي أفهم بها نفسي"(11).

و للفهم مقصد خاص عند "دلثي" ، فهو لا يعني به إدراك تصور عقلي كقضية في الرياضة مثلا، بل هو العملية التي يقوم بموجبها العقل بفهم عقل آخر..."إنها ليست عملية معرفية خالصة على الإطلاق، بل هي تلك اللحظة حيث الحياة تفهم الحياة، إننا نفسر بواسطة عمليات فكرية محضة، ولكننا نفهم بواسطة النشاط المشترك لجميع القوى الذهنية في الإدراك"(12). إذن، إذا كان الفهم مفتاح الدخول إلى عالم الشخص الفردي، فإنه يفتح لنا أيضا آفاقا لمعرفة أنفسنا، لمعرفة طبيعتنا الحية المشتركة، الفهم عملية ذهنية تهندس معالم اتصال الإنسان بالحياة ذاتها.

3.بنية التأويل [ الثالوث الهرمنيوطيقي عند "دلثي"]:

يقول "دلثي" :" لا ينتمي علم ما إلى الدراسات الإنسانية ، ما لم يصبح موضوعه متاحا لنا من خلال إجراء قائم على العلاقة بين الحياة (الخبرة) و التعبير والفهم(13) . هذا الثالوث المنهجي في هيكلة العملية الهرمنيوطيقية [الخبرة- التعبير- الفهم] يظل سديميا، لأن كل حد من حدوده يتخذ مدلولا خاصا في نظرية "دلثي" ، لا يمكن فهم فلسفة "دلثي" إلا بفهم هذه الحدود الثلاثة.

أ. الخبرة [L’Expérience] : اللفظة الألمانية المستعملة من قبل "دلثي" هي (Eriebnis) [=الخبرة المعيشة] استخدمها بمعنى خاص ، مؤداه أنها وحدة متقومة بمعني مشترك يجعل منها كلا مدمجا، وتتميز هذه الخبرة في نظر "دلثي" في كونها مدمجة في الوعي، وليست موضوعا منفصلا عنه، إنها الخبرة بما هي كذلك قبل أي تأمل انعكاسي " الخبرة إذن ليست موضوعا للوعي بقدر ما هي فعل للوعي ، وينبغي ألا نتصورها كشيء يقف الوعي بإزائه ويعيه"(14) ، فالخبرة بهذا المعنى تلتحم وتعانق الحياة، قبل أن تنفصل الذات عن الموضوع. ثم إن دلثي بتأكيده على زمانية الخبرة قد أسهم في رسم معالم تاريخية "الوجود-في-العالم-"، وهذا لا يعني أن "التاريخية" تستلزم التركيز على الماضي والوقوع في شرك أفكار قديمة ميتة...لايمكننا-في ظل التاريخية- أن نفهم حاضرنا إلا في ماضينا واستشراف مستقبلنا. إن فكرة التاريخية تعترف بشكل صريح بأن الخبرة لا يتوجب علينا فهمها بإخضاعها لمقولات علمية" إن مهمتنا واضحة جلية: إيجاد مقولات "تاريخية" تلائم طبيعة الخبرة المعاشة".(15).

ب.التعبير : [L’expression] : اللفظة الألمانية المستعملة من قبل " دلثي" هي (Ausdruck)، وجدير بالذكر أن "دلثي" قد وظفها توظيفا خاصا،يبتعد عن مفهومها في النظريات التعبيرية في مجال الفن، هذه الأخيرة التي تربط العمل الفني بالمشاعر، وترى فيه تمثيلا رمزيا لها، التعبير عند "دلثي" ينأى عن كل ما هو فردي ، إنه تعبير عن الحياة " يمكن للتعبير أن يشير إلى فكرة، قانون، شكل اجتماعي، أي إلى شيء يعكس بصمة الحياة الداخلية للإنسان. التعبير إذن، ليس مجرد رمز للشعور"(16). انطلاقا مما سبق يتجلى أن ما هو جوهري في الموضوعات التي تدرسها العلوم الإنسانية هو " تعبيرات الحياة" ، التي لا يمكن أن نكشف حقيقتها التي تعد حقيقتنا أيضا عن طريق " الاستبطان " (Introspection).

يقول "نبيل راغب":" ...يرفض "دلثي" نظرية الشاعر الرومانسي الإنجليزي "وردزورث" في وصفه للتجربة الذاتية للشاعر على أنها تدفق تلقائي للمشاعر، وليس أمامه سوى أن يسجلها في شعره. فالتعبير عند "دلثي" هو تحديد موضوعي لعناصر التجربة التي يجسدها العمل ، والتي قد تكون مختلفة ومتباعدة بل ومتناقضة في بدايتها، لكنها متى انصهرت في بوتقة العمل ،أصبحت كيانا متميزا وكلا موحدا، وهذا التعبير الموضوعي ليس صدى حتميا لذات المبدع، بقدر ما يعبر عن تجربة الحياة في شمولها من خلال تجربة المبدع، والتي تتجاوز إطار خصوصيتها وذاتيتها، لأنها تتجسد من خلال أداة موضوعية بالضرورة هي اللغة(17).

ج.الفهم [Comprehension]: يقول "دلثي" : "إننا نفسر بواسطة عمليات فكرية محضة، ولكننا نفهم بواسطة النشاط المشترك لجميع القوى الذهنية في الإدراك"(18). إننا عن طريق العملية الذهنية المسماة [الفهم] نلمس الإنسانية النابضة بالحياة في العمق، وهو خاص بالعلوم الروحية التي ترتسم في زواياها الحياة المشتركة للإنسان.

ويختلف " الفهم" عن " التفسير" من جهات عديدة، فالأول سبيل العلوم الروحية، يضيء أرجاءها من الداخل، عن طريق عملية ذهنية ، كما أنه يكتسي قيمة في ذاته بعيدا عن كل اعتبارات عملية، ليس ضرورة أن يكون وسيلة لشيء آخر، بل هو خير في حد ذاته...أما الثاني فهو منهج البحث في علوم الطبيعة ، يمحّص المواضيع من الخارج فقط، معتمدا على العلاقات السببية، وقلما يتوقف المرء عند مشهد " التفسير" متلذذا، فما هو إلا وسيلة للوصول إلى القوانين التي تتحكم في تكرار ظاهرة من ظواهر الطبيعة المختلفة...ثم إن إجراءات الفهم- في نظر "دلثي" – تنشط في ظل ما يعرف " بالدائرة الهرمنيوطيقية" التي عرفت مع كل من "شلايرماخر" و "آست "من قبل ،" وهي كما يعرفها علم التأويل أداة منهجية تتناول الكل في علاقته بأجزائه، كما تتناول الأجزاء في علاقتها بالكل " (19).

4- علم اللسان والفهم والعمل الفني:

شهدت الدراسات اللغوية تحولا جذريا منذ بداية القرن العشرين، بفعل الثورة الكوبرنيكية التي أحدثها علم اللسان "Linguistique" ، على يد عالم اللغة السويسري فردينان دي سوسير F.De.Saussure [1857- 1913] ولم تنحصر إنجازات علم اللسان في دعم الدراسات اللغوية وتجديدها فحسب، بل حققت إقبالا كبيرا وانتصارات هائلة ، سواء على مستوى التنظير أو على مستوى التطبيق. إذن ، اتسعت رقعة اللسانيات السوسيرية (البنيوية) وأخذ منهجها حيزا في مجال الأنثربولوجيا وعلم النفس وعلم الاجتماع وغير ذلك...و نستطيع اعتبارها مفهوما أو تصورا امتداديا يسم الحقول المعرفية بالعلمية ويقرّب نتائجها من الدقة الموضوعية "ويبدو امتداد اللسانيات إلى العلوم الإنسانية تعزيزا لها بوصفها أساس منهجية قابلة لتحويل تخصصها من حقل معرفي إلى آخر".(20) ولم يكن العمل الفني (الإبداع الأدبي) بحكم طابعه اللغوي – يقول "مالارميه": الشعر يتكون من كلمات وليس من أفكار- بمعزل عن موجة تأثير اللسانيات هذه، منطويا على نفسه يجتر أمجاده المرتبطة بالماضي القريب أو البعيد، بل دخل هو الآخر دائرة التحول والتغيير وأفاد من كافة الإجراءات والمناهج التي تسلط أضواء كاشفة على خصوصياته الشكلية ومميزاته المعرفية ...لقد استثمر البحث الأدبي كثيرا من معطيات اللسانيات إن على مستوى المنهج العلمي أو على مستوى الدقة في النتائج، ويتجلى ذلك فيما يطالعنا من مفاهيم ومصطلحات لسانية هيمنت على الدراسات الأدبية التي أصبحنا نجدها في كتابات كثير من الدارسيــن للأدب أمثال: ياكبسون (Jakobson)، بنفنيست (Benveniste)، باختين (Bakhtine) وبارت (Barthes)، وكريستيفا (Kristeva) وفان ديك (Van Dijk) وغيرهم.

يقول " ليفي شتراوس" :" روّضت العلوم الإنسانية نفسها منذ قرون، على النظر إلى العلوم الطبيعية على أنها نوع من الفردوس الذي لن يتاح لها دخوله أبدا، ولكن فجأة ظهر منفذ صغير انفتح بين هذين الحقلين، والفاتح لهذا المنفذ هو علم اللغة (اللسانيات)"(21 ).

و في الختام ، لنا أن نتساءل : لو أن "دلثي" بيننا اليوم، كيف سيتفاعل مع هذا التطور الهائل الذي عرفه منهج العلوم الإنسانية؟ أو ما هو مصير فكرة الفهم عند دلثي في خضّم التحليلات اللسانية العلمية للخطاب الشعري؟.

في الواقع، إن المغالاة في إسقاط معطيات علم اللسان الحديث على وجدان العمل الفني الإنساني، يجرّد الحقيقة من منابعها، ويحوّل المعاني إلى أشكال مجمدة معلبة- وكأني ب "دلثي" يصرخ ويقول: متى كان البيت الشعري مثلثا له قاعدة وزوايا، ومتى تحولت القصيدة الشعرية- التي تمثل جسور حقيقتنا الإنسانية- إلى دالة لوغاريتمية ترزح تحت وطأة الحسابات والأرقام الدقيقة؟ إن في الشعر ذبذبات روحية، ترهق العالم اللساني في مخبره، ف "الشعر رقص باللغة، رقص بكل أجزاء النفس، وبكل خلجاتها الإرادية واللاإرادية، وبكل طبقاتها الظاهرة والمستترة".( 22).

جميل أن لا نستبعد أو نغتال البعد العلمي ( علم اللسان) في فهم الشعر وتضاعيفه ، وجميل جدا أن نستحضر تأويلية "دلثي" في حوارنا مع كل إبداع أدبي يجول بنا في أرجاء حقيقتنا. وأجمل من ذلك كله أن تتعانق تجربة الفهم الدلثي مع إجراءات علم اللسان في سبيل الوصول إلى فهمٍ وتذوقٍ أمثل للظاهرة الإبداعية الإنسانية...التأويل يكشف الأعماق واللسانيات ترصد تضاريس السطح ... هل من الممكن أن يشيّد صرح منهج من اتجاهين متعاكسين؟

الهوامــش :

1.هولب (روبرت)- 2006-"الهرمنيوطيقا"- ط01ت: عادل مصطفى- موسوعة كمبريدج في النقد الأدبي- المجلد 08- - القاهرة – مصر -المجلس الأعلى للثقافة.ص(403).

(2)-المرجع نفسه، ص (403).

(3)- مصطفى (عادل)- 2003- " مدخل إلى الهرمنيوطيقا"-ط01 - بيروت- لبنان -دار النهضة العربية،ص(65).

(4)-هولب(روبرت)-المرجع السابق،ص(404).

(5)-المرجع نفسه،ص(404).

(6)- Rastier (François) – 2001 – Arts et Science du texte – Paris – PUF-p(26).

(7)- مصطفى (عادل)- 2004م. - " صوت الأعماق"-ط01 - بيروت- لبنان - دار النهضة العربية،ص(368).

(8)-مصطفى(عادل) - " مدخل إلى الهرمنيوطيقا"-ص (78).

(9)- - Grondin (Jean) – 1986 – L’hermeneutique – Paris – PUF – Que Sais-Je ?p(23).

(10)- مصطفى(عادل) - " مدخل إلى الهرمنيوطيقا"-ص(84).

(11)-مصطفى(عادل)-"صوت الأعماق"-ص(369).

(12)-المرجع نفسه-ص(370).

(13)- )- مصطفى(عادل) - " مدخل إلى الهرمنيوطيقا"-ص(88).

(14)- المرجع نفسه-ص(89).

(15)- المرجع نفسه-ص(93). (16)-المرجع نفسه-ص(94).

(17)- راغب (نبيل)- 2003 -"موسوعة النظريات الأدبية"- ط 01- مصر - لونجمان-ص(217)

(18)- مصطفى(عادل) - " مدخل إلى الهرمنيوطيقا"-ص(97)

(19)- نصر ( عاطف جوده)- 1996 - " النص الشعري ومشكلات التفسير"- ط01- مصر – لونجمان-ص(80)

(20)- ناظم (حسن) -1994 -" مفاهيم الشعرية"- ط01- بيروت لبنان -المركز الثقافي العربي.ص(64).

(21)- الغذامي ( عبد الله)- 2006م. -الخطيئة والتكفير-ط06 - الدار البيضاء.البيضاء المغرب -المركز الثقافي العربي-ص(07).

(22)- قباني (نزار)- 1973-قصتي مع الشعر- ط01 - بيروت- لبنان- دار قباء-ص(19).

قائمة المراجع المعتمدة:

- الكتب العربية:

1.هولب (روبرت)- 2006-"الهرمنيوطيقا"- ط01ت: عادل مصطفى- موسوعة كمبريدج في النقد الأدبي- المجلد 08- - القاهرة – مصر -المجلس الأعلى للثقافة.

2.مصطفى (عادل)- 2003- " مدخل إلى الهرمنيوطيقا"-ط01 - بيروت- لبنان -دار النهضة العربية.

3. مصطفى (عادل)- 2004م. - " صوت الأعماق"-ط01 - بيروت- لبنان - دار النهضة العربية .

4.ناظم (حسن) -1994 -" مفاهيم الشعرية"- ط01- بيروت لبنان -المركز الثقافي العربي.

5.نصر ( عاطف جوده)- 1996 - " النص الشعري ومشكلات التفسير"- ط01- مصر – لونجمان.

6. قباني (نزار)- 1973-قصتي مع الشعر- ط01 - بيروت- لبنان- دار قباء.

7.راغب (نبيل)- 2003 -"موسوعة النظريات الأدبية"- ط 01- مصر - لونجمان-.

8.الغذامي ( عبد الله)- 2006م. -الخطيئة والتكفير-ط06 - الدار البيضاء.البيضاء المغرب -المركز الثقافي العربي

- الكتب الأجنبية:

9- Grondin (Jean) – 1986 – L’hermeneutique – Paris – PUF – Que Sais-Je ?.

10- Rastier (François) – 2001 – Arts et Science du texte – Paris – PUF -.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
د محمد محمد يونس علي
عضو شرف
عضو شرف
د محمد محمد يونس علي

القيمة الأصلية

البلد :
ليبيا وبلاد العرب: أوطاني

عدد المساهمات :
801

نقاط :
1529

تاريخ التسجيل :
25/12/2009

المهنة :
أستاذ اللسانيات المشارك


فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير Empty
مُساهمةموضوع: رد: فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير   فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير I_icon_minitime2010-07-10, 11:26


فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير 457241
شكرا لك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.takhatub.blogspot.com/
 

فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» مكتبة نحو النص / علم لغة النص/ لسانيات النص
» نحو النص أو لسانيات النص: د.عبد الرحمان بودرع
» دلالة النص الشعري في تفسير النص القرآني ( دراسة في الدلالة النصية للقرآن الكريم )
» اضاءة لمفهوم النص عند جوليا كريستيفا (نظرية النص)
» النص الأدبي بين لسانيات اللغة وعلم الجمال في (علم النص)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللسانيات النظرية :: تحليل الخطاب و لسانيات النص-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


فهم النص بين تأويلية دلثي و بنيوية سوسير 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
العربية ظاهرة اسماعيل الخيام ننجز العربي قواعد مبادئ النقد بلال موقاي النحو البخاري التداولية اللسانيات اللغة مجلة الحذف الأشياء الخطاب مدخل على المعاصر النص كتاب محمد


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع