النقد التكوينى
(منقول من موقع الدكتور أحمد صقر)
من الإتجاهات النقدية التى عرفتها الساحات النقدية العالمية والمحلية فى النصف الثانى من القرن العشرين وجدنا العديد من الإتجاهات النقدية التى هى"فروع تنتمى إلى جذرين، أحدهما" لغوى- إجتماعى" (سوسير وما تطور عنه)، والآخر "أيديولوجى" (ماركسى وما تطور عنه) والملاحظ أن الجانب النظرى فى الكتابات (يقصد الكتابات النقدية فى عالمنا العربى) يغلب على الجانب التطبيقى، كما أن جانب الإقتباس عن النقد الفرنسى والإنجليزى، والأمريكى، هو الطابع الغالب وتستخدم هذه الكتابات مصطلحات ليس لها ما يقابلها من مصطلحات مستقرة فى اللغة العربية"([1]).
إن الإتجاهات النقدية التى شاعت على المستوى العالمى والمحلى شملت الحداثة وما بعدها والبنيوية وما بعدها والألسنية، والأسلوبية، وصولاً إلى علم العلامات الذى أخذ تسميات عديدة منها السيميولوجيا السيمياء والسيميوطيقا، هذا إلى جانب الإتجاه الجديد المسمى "بالنقد التكوينى" إذ أنه "منذ بضع سنوات، يشهد نقد التكوين- كدرجة- إنطلاقة جديدة، إن أصحاب المناهج الحديثة فى النقد الأدبى بدءا بالنقد النفسى إلى سوسيولوجيا النقد والشعرية، وقد إكتشفوا هذا الميدان الكبير الذى تقدمه المسودات والمخطوطات والنشر المتتالى للدراسة"([2]).
إن النقد التكوينى لا يعد إتجاها جديداً كل الجده هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فهو لا يمثل منهجاً نقدياً يعارض غيره من حيث طريقة التعامل مع النص بفكر فلسفى نقدى جديد يعمد إلى اللغة أو علاقة النص بالمجتمع أو محاولة تحليل بنية النص التركيبية ولكن يأتى هذا الإتجاه الجديد قديم مثله مثل غيره من الإتجاهات التى ظهرت منذ أواخر القرن التاسع عشر كمنهج النقد التحليلى النفسى. هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فإن منهج النقد التكوينى يتخذ موضوعه من "البعد الزمنى للنص فى حالة تولده، وهو ينطلق من فرضية تقول إن العمل الأدبى، عند إكتماله المفترض، يظل حصيلة عملية تكونه"([3]) أى أن النقد التكوينى يركز على حصيلة الوثائق والدراسات التى إعتمد عليها المؤلف المسرحى- وهذا قد لا يحدث فى جميع الأعمال المسرحية منها فقط ما يكون له إطار مرجعى تاريخى أو أسطورى واضح بخلاف المسرحيات المستمدة مضامينها من المجتمع دون تحديد أطر مرجعية تاريخية أو أسطورية- حال نشأة وتكوين وتولد هذا النص المسرحى.
إن الفريد فرج عندما كتب سليمان الحلبى- على سبيل المثال أو يوجين أو نيل عندما كتب الحداد يليق بألكترا أو الآلة الجهنمية لكوكتو وإستعانت الأخيرة بالأسطورة اليونانية القديمة لأوديب، إن مثل هذه المسرحيات تعتمد نصوصها ويعتمد كتابها بشكل مباشر عند القراءة النقدية والتحليلية للنص على معرفة المراحل الأولى التى مرت بها المسرحية كمخطوطة وما يدخله المؤلف من إضافة أو حذف هى مادة من الممكن أن ينطلق منها النقد النصى التكوينى لكى يدرس هذه المخطوطة ويحلل رموزها التى لا يعلمها إلا المؤلف ويحاول أن يعيد تشكيل النص أى يعيد توليد بنية هذا النص.
إن النقد التكوينى كعلم لا يعد جديداً- كما سبق أن ذكرنا- ذلك أن النصوص والكتب والمؤلفات بشكل عام كانت فيما مضى مجرد مخطوطات قبل أن نصل إلى إختراع الكتابة على يد الألمان. وترتب على ذلك أن إنتشرت ظاهرة تداول النصوص بين القراءة كأداة توصيل جيدة للثقافة والتعليم وترتب على ما سبق تراجع دور المخطوط الأدبى حيث دخل "حقبة جديدة فقد فيها وظيفته كأداة توصيل ولكنه إكتسب دلالة مختلفة كل الإختلاف، إذ أصبح هو الأثر الشخصى الذى يخلفه إبداع فردى"([4]).
وعليه وجدنا أنه منذ أواخر القرن التاسع عشر إكتملت فكرة الدراسة التكوينية النصية وقد ترتب على ذلك أن برزت بشكل كامل أهمية المخطوطات القديمة والحديثة فى تحليل بنية العمل المبدع من قبل المؤلف، أى محاولة تحليل المخطوط الذى تركه المؤلف بخط يده فى محاولة من أجل فهم كيفية وآلية إنتاج النص الأدبى عامة والمسرحى- موضوع دراستنا بشكل خاص.
وعليه نقول إن النقد التكوينى حديث لم يبلغ بعد ربع قرن كامل فهو يعد من أحدث الإتجاهات النقدية المعاصرة فى الغرب التى لم تكتمل بعد كافة جوانبها.
من ناحية أخرى فإن النقد التكوينى لابد وأن يفهم من قبل الدارسين على أنه "لا يسعى إلى منافسة مناهج تحليل النص الأخرى بل هو يقدم نفسه كحقل جديد للدراسة لم يسير بعد، ونجد فيه الخطابات النقدية مادة لتوكيد أو دحض فرضياتها التأويلية حول العمل الأدبى بقدر معقول من الموضوعية التجريبية"([5]).
رواد النقد التكوينى ومجالات تطبيقه:
عند الحديث عن رواد النقد التكوينى لابد وأن نذكر دور كل من لانسون، ورودلر، وب. أوديا، وتيودية الذين سعوا إلى محاولة تكوين رؤية محددة وجديدة لقيمة المخطوط مما يحقق للنقد التكوينى دوراً، جديداً يتخطى مرحلة دراسة السيرة الذاتية للعمل الأدبى المبدع.
1- لانسون (1857-1934)
تحدث لانسون عن النقد التكوينى وحدد وجهه نظره فى التعامل مع هذا المنهج بقوله إنه ليس "المهم هو نقد المصادر، إنما تحليل المسودات والرسوم الأولى والمخطوطات، وفائدة هذه الوثائق تكمن فى أننا نفك فيها" كافة رموز جهد الفنان، وتتبع الإبداع خلال ممارسته المجموعة، وفى أبحاثه وتردده وتدبيره البطىء"([6]) إن دراسة المخطوطة الأصلية للنص الأدبى أو المسرحى المبدع من قبل المؤلف قد يفصح فى بعض الأحيان. لماذا تراجع المؤلف عن بعض الجمل الحوارية أو بعض المشاهد بمحض إرادته وهو ما يذكرنا هنا بدور الرقابة حينما تستبعد بعض المقاطع مما يؤثر على بنية النص وقد يشوه بنية النص، من ناحية أخرى فإن دراسة المخطوطة الأصلية قد يطلعنا على أفكار وشخصيات وجمل حوارية ومشاهد كانت أفضل من مقابلها الذى أبدله المؤلف فى النص عندما تحدث لانسون عن التفاصيل قصد بذلك أننا لابد وأن نطوع العلوم لكى تساعدنا فى التعرف على نتاج هذا المبدع أو ذاك فيجب علينا أولاً أن "نتأكد من النص الذى نقرأه. إن ضرورة النقد الحرفية لبديهية بالنسبة للأداب التى سبقت إختراع الطباعة. يجب أن نقارن المخطوطات ونبنى النصوص التى تطابق ما كتبه المؤلف وفق أقرب الإحتمالات إلى الواقع"([7]).
إن لانسون يركز على ضرورة قراءة المخطوطة لأنها تفيدنا أيضاً فى التعرف على منهج وأسلوب هذا الكاتب فى الكتابة وإمكانية إدراك مدى التطور الذى لحق بإسلوبه فى الكتابة وهكذا ندرك جانباً من جوانب المبدع الشخصية. على أن البعض قد يختلف مع منهج لانسون ويرى أنه من المستحيل الوصول إلى مثالية لانسون المقترحة فى التعامل مع المخطوطات، إلا أن "دراسة المصادر هى إحدى الوسائل الأساسية للنفاذ إلى مختبر الكاتب:-
أنها لا تسمح أن تفسر عبقريته، ولكنها تساعد على أن نفهم كيف كان يعمل وأن تستخلص إبداعه وهى على كل حال لا تقتصر على نفسها، إنها تطلب أن يفسرها ناقد ذكى"([8]).
إن مجال تطبيق هذا المنهج حسبما يرى لانسون ينسحب على الرواية والشعر، وكذلك أرى أنه من الممكن أن يستخدم فى مجال المسرح، إلا أن البعض يرى أن هذا التحليل قد يقع فى مأزق يتمثل فى "خلطة للوصف بإحكام القيمة، وحتى لو شعرنا بأن الناقد يريد أن يستخلص من خلال المسودات السمات الرئيسية- بالنسبة إليه، علينا أن نعترف بأن تحليلاته ليست نهائية ساذجة(بمعنى أن النص الأخير قد يكون الأفضل) أو أكثر طبيعية وحداثة مما كنا نعتقد"([9]).
إن آراء لانسون السابقة مقنعة إذا وضعنا فى إعتبارنا أن بعض المؤلفين قد يتراجعون ويكون فى تراجعهم عن ذكر بعض الأشياء التمييز والأفضلية لنصوصهم.
2- رودلر:
يعد رودلر من تلاميذ لانسون الذين ساروا على دربه وطوروا هذا المنهج ويقول جان ايف تادييه فى هذا الصدد "إن رودلر فى كتابه الذى صدر عام 1923 يقدم عرضاً دقيقاً ليس فقط لمنهج التحقيق النقدى وإنما لمنهج النقد الذى يبحث فى تكون العمل الأدبى"([10]).
أى أن رودلر من خلال منهجه النقدى يسعى من أجل معرفة قدرات المبدع والمراحل التى مر بها إيداعه وهو أمر يتحقق عن طريق دراسة مرحلة ما قبل المطبعة إذ يرى فيها رودلر أهمية قصوى، ذلك أنه "قبل أن يرسل بالعمل الأدبى إلى الطبع فإنه يمر بعدة مراحل بدءاً بالفكرة الأولى وانتهاءاً بالتنفيذ الختامى، ونقد التكوين يهدف إلى تعرية العمل العقلى الذى يخرج منه الأثر والعثور على قوانينه" أما غاية هذه الدراسة فهى تحديد تطور الآلية العقلية للكتاب، وملاحظة نشاط الفكر وطرائق إبداعه الحسى. إذا الموضوع يتجاوز مجرد وصف بنية مجمدة لإتخاذ وجهة نظر ديناميكية"([11]) هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية فإن رودلر يحدد ويميز بين النقد الخارجى المرتبط بعلاقات الكاتب بكتاب آخرين وشهادات أصدقائه ومراسلاته وأثر هذه المصادر على إبداع الكاتب، أما النقد الداخلى فيتمثل فى المخطوطات التى خطها المؤلف حين أبدع هذا العمل الأدبى أو المسرحى مثل المسودات التى منها نتعرف على مراحل كتابة هذا النص، والحقيقة التى يؤكد عليها جان ايف تادييه. تتمثل فى أن "كافة فروع النقد تؤازر النقد التكوينى، لإنه يستخدم كل مصادر التحليل فى توليف دقيق"([12]).
3- أوديا:
دعا الناقد أودياAudiat فى أطروحته المسماه سيرة العمل الأدبى إلى ضرورة إعادة النظر فى دور الناقد لأنه طبقاً لما نادى به أوديا فإن دور الناقد سيقترب لكى يصبح كاتباً، وذلك يتحقق لإنه دعا إلى ضرورة تحريك الفعل الذى خلق العمل بواسطته فى زمن كتابته وعليه فإن دراسة تكوين العمل يعنى التعامل مع زمن كتابته بطريقة جديدة لا تعتمد فقط على زمن كتابته ولكن على طريق دراسة بنية العمل ومكوناته كفصول ومن الفصول ننتقل إلى التفاصيل أى إلى الجمل ومن الجمل إلى الكلمات.
وقد حدد أوديا لمنهجه ثلاث مراحل لكى يتحقق هذا المنهج:
1-أما عن المرحلة الأولى فقد أسماها بـ "الفكرة المولدة" وفيها يحاول أوديا أن يبحث من خلال وثائق العمل وحواشيه ورسائل المؤلف وكل ماله صلة بهذا الإبداع لكى نصل إلى هذه الفكرة التى إنطلق منها المؤلف.
2-المرحلة الثانية أطلق عليها "إعادة تكوين مخطط" العمل الوصفى أو التفسيرى، لإنه يترتب عليه إكتشاف طبيعة هذا التكوين للمخطط وهل أدخل المؤلف تعديلات على المخطط الأصلى قبل أن يصل إلينا على هذه الصورة.
3-المرحلة الثالثة تسمى "مرحلة خلق الأسلوب" ويقصد بها دراسة المخطوطات التى كتبها المؤلف للعمل المبدع بخط يده والتاريخ الذى أبدع فيه هذا العمل، وكيف أنه رتب العمل على هذه الشاكلة، هذا إلى جانب دراسة بعض الجمل والفقرات المصححة مما يترتب عليه دراسة أسلوب العمل ومعرفة ما أضافه أو حذفه المؤلف من العمل المبدع"([13]).
4- تيبوديه (1874-1936)
إستفاد تيبوديه كثيراً من آراء لانسون النقدية فى مجال النقد التكوينى، وقد إتضح لنا ذلك من خلال تطبيق منهجه على أعمال الروائى الفرنسى "فلوبير" حيث درس حياة المؤلف وكتاباته، إلا أن تيبوديه أدرك أن إعادة كتابة أى إبداع مرة أخرى من قبل الناقد بعد أن أدرك مكوناته السابقة التى قد يكون المبدع حذف منها أو استبعد هو أمراً بحاجة إلى إعادة النظر ذلك أنه لكى يبقى ناقداً، فإنه يشعر أن هذا الموقف للبناء من جديد، للإبداع الشعرى فى الدرجة الثانية ليس بمجد لا يمكن أن يكون النقد إلا شيئاً قريباً من التبدل، فينبغى بالرغم من كل شىء أن نحافظ على أبعادنا"([14]).
إن تيبوديه حينما يحلل جوانب إبداع ما فإنه يركز على دراسة أسس الإبداع الجمالية والفلسفية لهذه الرواية أو تلك، كما إنه يدرس أيضاً تقنيات المبدع الأدبية حول صياغة هذا العمل. وما يسهل للناقد بعد ذلك القدرة فى إصدار الأحكام على هذا المؤلف ومساواته بمؤلف أخر وإظهار الفوارق بين أسلوب كل منها.
5- جان بيللمان ونظرية ما قبل النص:
أثارت دراسة الناقد الفرنسى جان بيلمان عام 1972 بعنوان "النص وما قبل النص" التى تناول فيها دراسة مسودات الكاتب الروائى والمسرحى اليتوانى الأصل أوسكار فلاديسلاس ميلوز، آثارت إهتمام الكثير من المهتمين بالنقد التكوينى، حيث عاد بيللمان إلى مسودات ما قبل النص وحددها فى مرحلتين:-
1-الأولى تتعلق بمجموعة الوثائق التى إستفاد منها المبدع فى تشكيل نصه.
2-الثانية مرحلة ما بعد الوثائق ويقصد به المرحلة الواقعة ما بين الوثائق والشكل قبل النهائى للنص.
وقد استطاع بيللمان الوصول إلى منهج يتفق مع غيره من النقاد التكوينيين، غير أن الكثير من النقاد يربط بين التكوينية التى تحدث عنها بيللمان وزملاؤه وبين الشعرية التى تحدثت عنها جنييت ريموند دوبراى، وركزت فى حديثها على النص النهائى وهل وصل المؤلف إلى المرحلة التالية للنص من الصعب عليه أن يعاد تفسيره أو البحث فى مصادر تكوينه نظراً لأنها تعتقد أن كثيراً من جوانب الإبداع تخضع لمبدأ الإعتباطية، ذلك أن "القراءة التكوينية تعيد إدخال مفهوم الإعتباطية"([15]).
ذلك أننا نرى أن نقاط الخلاف المثارة بين نقاد التكوينية تتمثل فى دراسة ما قبل النص حتى نصل إلى تحليل ومعرفة مرحلة ما تسمى بالنص النهائى للمؤلف. وهو أمر يصل بنا إلى ما يسمى بالتطور الداخلى للمخطوط، حيث تأتى مرحلة "التحليل النقدى، فنقوم بقراءات متسامية أو داخلية فى الحالة الأولى أن يتيح القيام بدراسة تكوينية بالنسبة للنص النهائى، هو توضيح عدد كبير متنوع الاتجاهات والإمكانيات وإنفتاح بنيوى أكبر يمكن أن يصل إلى حد الغموض والتردد والشك، ليس فقط عدة طبقات بل أيضاً عدة أنماط من النصوص، ينبغى اللجوء إلى تحليل الأنواع"([16]).
النقد التكوينى من السبعينيات حتى الآن:
إن تيار النقد التكوينى الذى ظهر منذ منتصف القرن العشرين أخذ فى التطور مستفيداً فى ذلك من تطور الإتجاهات النقدية الجديدة خاصة التيار البنيوى حيث إستفاد منه الكثير حينما إنصب الإهتمام- متأخراً- على النص"([17]) وهو ما جعل البعض أمثال: بير – مارك- دوبيازى- يرى أن "النقد التكوينى باضطلاعه بمسئولية تنظير البعد التاريخى داخل العمل المكتوب ذاته نصب (لويس هاى) نفسه فى السبعينيات كإمتداد غير متوقع للأبحاث البنيوية، يتعين تحديدا ما تفتقر إليه الدراسات الشكلية بجدة: أى صيرورة النص كبنية فى حالة التولد، وفسحة هذا الغرض الجديد المادى والمحدد- أى المخطوط- الذى نظم الزمن بنيته"([18]).
كيف يمكن دراسة النص الأدبى أو المسرحى:
باستخدام منهج النقد التكوينى.
إن الاعتماد على منهج النقد التكوينى فى تحليل جوانب النص المسرحى لهو أمر من اليسير علينا أن نتمه ذلك أننا سنعتمد فى ذلك على معطيات هذا المنهج ولكن دون حرفية فى تطبيقه، إن أى نص مسرحى له تاريخ سابق على كتابته هذا التاريخ يتمثل فى خلفيات الكاتب وكذا النص، فإذا ما قمنا بتحليل المخطوطات والمسودات التى إستعان بها المؤلف أو سجلها بعد ذلك لتكون النواة قبل الأخير لبنية نصه المسرحى فإننا من الممكن أن نصل بعد ذلك إلى ما يسميه نقاد التكوينية إلى التصنيف وبعدها تأتى مرحلة التأويل والتفسير.
إن منهج النقد التكوينى الذى لم يتجاوز عمره النقدى ربع قرن من الزمان- أقصد مرحلة تكونه وإكتمال ملامحه منذ السبعينات- هو علم جديد لم تكتمل ملامحه بعد، بل إنه ينظر إليه البعض- النقد البنيوى بشكل عام- على إنه علم مساعد ولم يصبح بعد منهجاً نقدياً له الإستقلالية لإنه يستخدم بطبيعة الحال فى الكثير من المناهج الأخرى، كالبنيوية التركيبية السيميولوجيا، وعليه يحتاج هذا النقد إلى تحديد وبلورة أدواته النقدية لتصبح صالحة وحدها للتأويل والتفسير والإقناع.
([1]) مداخل نقدية معاصرة إلى دراسة النص الأدبى، مرجع سبق ذكره، ص329-330.
([2]) النقد الأدبى فى القرن العشرين، مرجع سبق ذكره، ص393.
([3]) مدخل إلى مناهج النقد الأدبى، تأليف مجموعة من الكتاب، ترجمة د. رضوان ظاظا، مراجعة د.المنصف الشنوفى سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1997، ص15.
([4]) المرجع السابق، ص17.
([5])المرجع السابق، ص18.
([6])النقد الأدبى فى القرن العشرين، مرجع سبق ذكره، ص394.
([7]) كارلونى وفيللو، النقد الأدبى، ترجمة كيتى سالم، منشورات عويدات، بيروت، باريس ط2، 1984، ص86-87.
([8]) المرجع السابق، ص88.
([9]) المرجع السابق، ص396.
([10]) مدخل إلى مناهج النقد الأدبى، مرجع سبق ذكره، ص20.
([11]) النقد الأدبى فى القرن العشرين، مرجع سبق ذكره، ص396.
([12]) المرجع السابق، ص398.
([13]) للمزيد عن الناقد أوديا ودراساته راجع: جـ.أ. تادييه، النقد الأدبى فى القرن العشرين، من ص399: 403.
([14]) كارلونى وفيللو، النقد الأدبى، مرجع سبق ذكره، ص 106-107.
([15]) النقد الأدبى فى القرن العشرين، مرجع سبق ذكره، ص408.
([16]) المرجع السابق، ص 409.
([17]) تركز الإهتمام من قبل الشكلانين الروس والبنيوية التكوينية على ما هو خارج النص- البنيوية التكوينية وكذا على ما هو داخل النص (الشكلية) إلى أن وصلنا إلى البنيوية بتياراتها التى ركزت على النص وحسب (السيميولوجيا على سبيل المثال).
([18]) مدخل إلى مناهج النقد الأدبى، مرجع سبق ذكره، ص23.