منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك "البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـة"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجر"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصور"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزة"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزة"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلود"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجير"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة "البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لنا"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة "البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجب"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخدير"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حب"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصار"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 "البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جلال فتحى سيد
عضو شرف
عضو شرف
جلال فتحى سيد

القيمة الأصلية

البلد :
مصر

عدد المساهمات :
465

نقاط :
649

تاريخ التسجيل :
24/01/2011


"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا Empty
مُساهمةموضوع: "البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا   "البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2013-07-11, 16:02

"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية.
أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا
أ.العمري آسيا،
جامعة عبد الرحمن ميرة بجاية
البعد البلاغي و الحجاجي للسخرية:
تهدف مداخلتنا إلى دراسة كيفية تجلي الحجاج في الخطاب الساخر، وسنركز في ذلك على أهم الدراسات الحجاجية التي تناولت السخرية، لكن قبل أن نتطرق لدراسة الحجاج في السخرية سنقف عند ماهية الحجاج في النقد الغربي.
يثير جورج موليني في القاموس البلاغي1سؤالين: ما هو فن الإقناع؟ والى ماذا يهدف الإقناع؟ أما عن مفهوم الإقناع يقول موليني: »فن الإقناع هو في نفس الوقت تقنية ومهارة وبراعة فنية راقية. وسيلة الإقناع هي أساسا اللغة بكل مكوناتها، وبكل أشكالها الخارجية المتغيرة،غير المستقرة،والأكثر حيوية. إن فن الإقناع هو مجموعة الخطابات المنطقية،التي تجمع اللفظي والنفسي والمنطقي، المعنوي أو العاطفي والاجتماعي«.2
قبل التطرق للسؤال الثاني يضيف موليني: »يهدف الإقناع إلى إقناع الآخرين بالضرورة، هؤلاء الآخرين يأخذون أشكال الاستقبال سواء كانوا مستمعين أو قراء، قضاة أو متفرجين. يكون الإقناع إذا من وجهة نظر المتكلم للتأثير على المستمعين بواسطة خطابه ليعرفهم برأيه، ويوضح لهم شعوره،وجعلهم يشعرون بإرادته، (...) ذلك أن فن الإقناع، يكون للذي يمتلك سلطة كبيرة تجعل الناس يعتقدون أنهم لا يفكرون، وتجعلهم يرغبون فيما لا يحبون أو فيما ليس لهم أي فكرة، وتجعلهم يشعرون بما لم يشعروا به من قبل «.3 يمكننا القول من خلال ما ورد عند موليني أن الإقناع هو حمل شخص على فعل شيء أو حمله على تركه.
قبل التطرق للوظيفة الإقناعية التي تعتبر بعدا من الأبعاد البلاغية أو الحجاجية الأساسية في السخرية؛ يتوجب علينا أن نتساءل إذا كانت هناك وظيفة إقناعية في السخرية كيف هي؟ ومما تتكون؟أو هل يمكننا القول أن للسخرية القدرة على الإقناع؟ وكيف يمكنها إقناع المتلقي بالفضيلة عكس العيوب والنقائص؟لكي يتسنى لنا أن نجيب على هذه الأسئلة يتحتم علينا أن نعود إلى البلاغة القديمة التي تعرف بفن الإقناع.
إن الدور الأساسي الذي ترمي البلاغة إلي تحقيقه هو معرفة السبل والوسائل الإقناعية التي يتخذها المتكلم لتحقيق الإقناع. يتجسد البعد البلاغي في عمق السخرية، في بنيتها الداخلية العميقة. وهو بعد لا يسهل إدراكه ببساطة، لأن البلاغة تتشابك فيها الأبعاد الإقناعية.
يحضر الإقناع في كل الصور البلاغية؛ والسخرية صورة بلاغية يريد فيها الساخر أن يقنع متلقيه بالقيم الايجابية. إلا أن الساخر يريد أن يقنع متلقيه بعكس ما يقول بقوله عكس ما يفكر.تقوم السخرية بالخداع، فالساخر يبرز الشر ليقنع بالخير، يظهر قيمة الخير بنقيضها معتمدا آلية القلب inversion، وتسميه الينور هجنز " خداع مقصود4. هذا القلب هو ما يقوي ويدعم رأيه. يقول بيرلمان وتيتيكا : »في كل مرة يختلف شخصان حول نفس الشيء، فإنه من المؤكد أن احدهما مخطئ، أو يمكن القول أن لا أحد منهما يملك الحقيقة. لأن لو كانت نظرة أحدهما واضحة، فانه يمكن عرضها على خصمه بالطريقة التي يتوصل بها إلى تقوية إقناعه«.5
تعتبر السخرية وسيلة إقناعية على حد تعبير بيرلمان واولبريخت تيتيكا: »إن استخدام السخرية ممكنة في كل الحالات الحجاجية «6. كما يؤكد الباحثان بيرلمان تيتيكا أن السخرية تضطلع بوظيفة أصلية في الخطاب، هي دورها الحجاجي،إذ يسعى الساخر من خلالها إلى إقناع متلقيه بعكس ما يقول، بقوله عكس ما يفكر،ذلك أن الساخر يتعامل في الحقيقة مع حجاج غير مباشر:» بالسخرية نريد أن نسمع عكس ما نريد قوله« .7 بالرغم أن الحجاج في السخرية يصعب إدراكه إلا أنّه يمثل نواة بنيتها العميقة،حيث إنّ السخرية تحمل طابع المفارقة الذي ليس إلا طابعا حجاجيا يقول بيرلمان وتيتيكا : »إذا استخدمنا السخرية، هذا يعني أن هناك ضرورة لوجود الحجاج، ذلك أن ظهور التعارض (المفارقة) ما هو إلا طابع دافع لقمة الحجاج«.8
بينما ألان بروندوني نجده يميز السخرية عن الأشكال التعبيرية الأخرى لأنها تحمل في طياتها بعدا حجاجيا، إلا أنها تتعارض مع القيم الحجاجية9؛لأنها حجة غير مباشرة. أما ليندا هوتشون فإنها تعتبر السخرية صورة بلاغية مزدوجة في قولها السخرية » لعبة مزدوجة بالفصل والوصل، ومزدوجة السماع،ومزدوجة الحجاج«.10
إنّ الغاية من استخدام السخرية كوسيلة حجاجية هي التأثير في المتلقي وحمله على الإقبال على القضايا التي يعالجها الساخر،معتبرة السخرية مقوما حجاجيا،لأنها ترد مختصرة ومحدودة وهذا ما يسمح للذاكرة باحتوائها،وهذا مهم في تناقلها وفي تأثيرها.
يعد المتلقي عنصرا فعالا في سير ونمو العملية الحجاجية؛حيث لا يسهُل التأثير عليه،فهو يتأثر بالحجج الموافقة لأرائه ومعتقداته، لأن الحجة غير ملزمة يجوز قبولها مثلما يجوز رفضها،حسب ما يتوافق مع اختيارات المتلقي وآراءه ومصالحه التي يراها مناسبة، كما يمكن لأي كان أن يتقبل حجة ما ويقتنع بها كان يرفضها أو متحفظا منها. وبذلك« يتخذ الانتصار على الآخر طابعا حربيا، ويتخذ الإقناع طابعا بلاغيا».11
لا يسعى المرسل من خلال خطابه الساخر إلى مجرد إثارة المتعة لدى المرسل إليه أو إيهامه والتحايل عليه، بل يسعى المتكلم إلى إقناع متلقيه في السخرية بمشاركته في أرائه ويسعى في ذلك إلى إقناعه باعتماد حجج الإمتاع والإقناع. السخرية هي أكثر من مجرد أداة للاسترخاء، و ليست تنميق خارجي للحجاج وإنما تنتمي إلى بنيته العميقة، وهي أفضل وسيلة لإظهار عدم التوافق بين المتكلم وخطابه... لأن البلاغة تسعى دوما لأن تجعل من الحجة الضعيفة حجة قوية »12.
آليات الحجاج في أخبار الحمقى والمغفلين
يعتمد نجاح العملية الحجاجية على مدى ذكاء المرسل وكفاءته على حسن توظيفه «لأدوات أقناع ذات مرجعية اجتماعية مرتبطة بالقيم الثقافية أو الدينية، أو ذات مرجعية مرتبطة بطبيعة الحجاج كاستعمال الدليل أو الحجة أو التضليل أو الحيلة»13. لقد رأينا عند بيرلمان وتيتيكا أن توظيف السخرية هو دليل على ضرورة وجود الحجاج وإن كننا لا نجد عندهما الحجج التي تعتمدها السخرية. ومن هنا يجدر بنا أن نتساءل ما هي الحجج التي تتضمنها السخرية؟ للإجابة يجب العودة إلى المدونة لمحاولة استخلاص الحجج المتضمنة في الأقوال الساخرة، حسب ما ذهب إليه البلاغيون.
تتضمن السخرية بعض الحجج غير المباشرة، وهي حجج مترابطة فيما بينها، ووثيقة الصلة ببعضها البعض.ومن أهم الحجج التي يعتمدها الساخر كسلاح قوي: التهكم الذي يعتبر وسيلة فعّالة لاستمالة المتلقي ليقبل على ما يقوله، إن أسلوب التهكم يشوق المتلقي من جهة ويجعله يقبل على البحث عن المعنى الحقيقي الذي لا تصرح به السخرية.وفي الوقت نفسه يدل حسن استثمار التهكم لإقناع المتلقي على إثبات ذكاء المتكلّم وجدّيته.وما يساعد المرسل في اختيار حججه وفي حسن توظيفها هو خلفيته المعرفية ومعرفته بالسياق وعناصره، فقد لا يتمكن من ذلك عند غياب هذه المعرفة إذ تقتصر همّته دون حجاجه ويغيب عنه ما لو بدا له لعذر نفسه14.
ومن خلال قراءتنا مرارا لكتاب أخبار الحمقى والمغفلين ننتبه إلى أن ابن الجوزي لم يؤلف كتابه للمتعة وإنما يريد به معالجة الظواهر الغريبة التي تفشت في مجتمعه، المتمثلة في تغلغل المغفلين في شتى مجالات الحياة واحتلال مناصب هامة في التعليم والقضاء والقراء...، ويسعى وراء ذلك إلى التحذير من الحمق والتغفيل، وينبه إلى خطورة الوضع الذي آلت إليه البيئة العباسية.
من أهم الآليات الحجاجية التي اعتمدها ابن الجوزي في معالجة ظواهر الحمق والتغفيل في كتابه
الحجاج بالمغالطة: يعد هذا النوع من الحجاج من أهم الوسائل الحجاجية في السخرية، ففي المثال التالي:
« أعرابي صالح ومغفل‏:‏ وكان أعرابي يصلي فأخذ قوم يمدحونه ويصفونه بالصلاح فقطع صلاته وقال‏:‏ مع هذا إني صائم‏!‏ تذاكر قوم قيام الليل وعندهم أعرابي فقالوا له‏:‏ أتقوم بالليل قال‏:‏ أي والله قال‏:‏ فما تصنع قال‏:‏ أبول وأرجع أنام‏»15.
يلاحظ في هذا المثال أن الحجة الأولى صحيحة (.. وكان أعرابي يصلي... ) ولذلك أخذ قوم يمدحونه ويصفونه بالصالح، وهذه حجة مناسبة، ولكن النتيجة خاطئة حيث أن الأعرابي قطع صلاته وقال‏:‏ مع هذا إني صائم‏! إلا أن الأعرابي المغفل ضلّلّ وخدع من مدحه، بقوله انه لا يصلي فقط بل هو صائم أيضا، وإن كان قطع الصلاة لا يناسبه.
ينعكس سلوك المرسل إليه على المرسل في بناء حججه، ذلك أن المرسل يكون شديد الحرص على مراعاة أحوال المرسل إلية وظروفه، كما يستحضر قدراته المعرفية و كفاءته؛إذ نجد المرسل ينتج خطابه انطلاقا من رد فعل المرسل إليه. حيث يستند المرسل على سلوك المرسل إليه ليثبت حججه ويقنعه لتصديقها وتقبلها. إن الأعرابي يصلي ويصوم لذلك سأله القوم الذي مدحه إن كان يقيم الليل بقولهم:" أتقوم بالليل؟" ليكون جوابه بالإيجاب بقوله:" أي والله". وفي هذا المستوى فإن النتيجة صحيحة ومتوقعة. وبذلك تكون هذه الحجة خدعة ثانية تدفع القوم للاستفسار عما يقوم به من عبادات بقولهم:" فما تصنع" إلا أن نتيجة الحجج السابقة خاطئة وغير مناسبة لتوقعات القوم الذين مدحوا الأعرابي ووصفوه بالصالح، فكان جوابه:" أبول وأرجع أنام". تدل حجة الأحمق على قصور في تفكيره، وبذلك يتبين للمتلقي أن جواب الأعرابي دليل على حمقه وغفلته.
تتناقض أقوال المتكلم وأفعاله حيث كان من المتوقع أن يكون الأعرابي الصالح الذي يمدحه القوم يصلي،(وليس من اللائق به أن يقطع صلاته) ليقول:" مع هذا إني صائم‏!‏ " ليغالط ويخادع المتلقي أنه لا يصلي فقط بل هو يصوم أيضا. وهذه الحجة الأولى بالمغالطة، مهدت للسؤال التالي في كون هل الأعرابي يقوم بالليل، وكان القوم يتذاكرون قيام الليل وهي حجة مناسبة لمقام الحديث عن العبادة، فكان الجواب متوقعا وقد أكده الأعرابي بقوله " أي والله" وهذا التوكيد حجة ثانية بالمغالطة، إلا أن هذا الحجاج يخلص لنتيجة خاطئة وهي أن الأعرابي الذي يصلي، ويصوم،ويوصف بالصالح،لا يقوم بالليل للعبادة وإنما أجاب حينما سئل:فما تصنع؟قال‏:‏أبول وأرجع أنام‏.ويبدو أن المغالطة والخداع والتضليل من الآليات الحجاجية التي تزيد من فعالية السخرية؛إذ تبين أن الأعرابي الصالح، لا يقطع صلاته، ولا يقيم الليل فقط، وإنما هو صالح لكنه مغفل.
السلالم الحجاجية
«إن الحجة التي تفرض نفسها هي التي تثبت، وهي التي تعد من أقوى الحجج لذلك يعتمد المرسل ترتيب الحجج التي تدعم دعواه حسب قوتها، وهذا ما يعرف بالسلم الحجاجي وهو عبارة عن مجموعة غير فارغة من الأقوال مزودة بعلاقة ترتيبية وموفية بالشرطين التاليين:
أ‌- كل قول يقع في مرتبة ما من السلم يلزم عنه ما يقع تحته، بحيث تلزم عن القول الموجود في الطرف الأعلى جميع الأقوال التي دونه.
ب- كل قول في السلم دليلا على مدلول معين، كما يعلوه مرتبة دليلا أقوى عليه وله ثلاثة قوانين، هي: قانون الخفض – قانون تبديل السلم- قانون القلب«.16وسنحاول أن نقف عند بعض القصص التي تتجلى فيها السلالم الحجاجية ففي قصة صلب الميت عن جحا:
»أن أحد جيرانه مات، فذهب إلى حفار القبور ليتفق معه على تجهيز القبر، وجرى بينهما لجاج حول الأجر، فتركه جحا وذهب إلى السوق واشترى خشبة بدرهمين وجاء بها، ولما سئل عنها قال:الحفار لا يحفر بأقل من خمسة دراهم، وقد اشترينا هذه الخشبة بدرهمين لنصلبه عليها ونربح ثلاثة دراهم.. والمرحوم، جاري، يستريح بهذه الطريقة من ضغطة القبر ومسألة منكر ونكير! «17.
إنّ صلب الميت غير لائق بالمؤمنين إلا أن المرسل اتخذها مسندا في ترك دفع أجرة حفر القبر.واختيار المرسل لحجته "صلب الميت " لا تتركز على مطابقتها للواقع وإنما يعود هذا الاختيار إلى نتيجة محددة لدى المرسل و هو دفع أقل مما يطلب حفار القبور وجعلها حجة أقوى؛إذ عمد المرسل (جحا) إلى رفع غلاء أجرة حفر القبر في أعلى السلم الحجاجي.وجعلها حجة أقوى ثم عمد إلى جعل انخفاض ثمن شراء الخشبة بدرهمين، وبذلك يربح ثلاثة دراهم، كما ربط فعل الدفن(حفر القبر)بضغط التراب، والحساب الذي وصفه بالنكر والنكير، وجعله في أقل مرتبة إلى جانب غلاء الثمن. وبذلك يكون جحا قد اقنع نفسه قبل غيره بضرورة صلب الميت، واستبعاد فكرة الدفن التي ترتبط بغلاء الثمن بالإضافة إلى أن المرحوم إذا صلب يكون قد استراح من ضغطة القبر ومسألة منكر ونكير! كما أغفل جحا الحجج التي لا تدعم موقفه، كعدم الإشارة مثلا إلى ما تتطلبه عملية الصلب سوى حصره في عدم ارتفاع ثمن شراء الخشبة.
الحجاج بالروابط الحجاجية:
»يكمن دور الروابط الحجاجية واستثمار دلالتها في ترتيب الحجج، ونسجها في خطاب واحد متكامل، إذ تفصل مواضع الحجج، بل وتقوّي كل حجة منها الحجة الأخرى« .18 تساهم الرّوابط الحجاجية في الحفاظ على انسجام النصّ واستمراريته،كما تساهم في تدرّج الفهم ونموه، وهذا كلّه من أجل خدمة الغاية الحجاجية الّتي من أجلها أُنتج الخطاب. ومن أهم الروابط الحجاجية التي لها دور هام في قلب النتائج المتوقعة الرابط الحجاجي" لكن".
يبين ديكرو أن«"لكن" تحمل مثل كل الروابط الحجاجية وظيفتين وهما: تربط وحدتين لسانيتين أ و ب. وتقوم بوظيفة حجاجية للوحدات اللسانية التي تربطها»19. سنحاول أن نبين كيف تتجلى "لكن" في القصة الموالية:
» مغفل يعاتب ربه‏:‏ وكان لبعض المغفلين حمار فمرض الحمار فنذر إن عوفي حماره صام عشرة أيام. فعوفي الحمار فصام فلما تمت مات الحمار فقال‏:‏ يا ربت تلهيت بي‏!‏ ولكن رمضان إلى هنا يجيء‏»20.
نذر المغفل الذي كان له حمار مريض إن شوفي حماره سيصوم عشرة أيام. وكانت الجملة مسبوقة بأداة شرط "إن "، ففعل الصوم مقرون بتحقق فعل شفاء الحمار، وكانت النتيجة أن الحمار قد شوفي. إذ يتحقق فعل الصوم الذي نذر به المغفل. لكن عند تمام صيام عشرة أيام توفي الحمار، وبذلك فان الصوم الذي نذر به لم يحقق النتيجة المتوقعة، وهو شفاء الحمار وعافيته، وجاء الرابط الحجاجي "لكن" ليقلب النتيجة المنتظرة، تستند إلى سند مضمر بقوله‏: »‏ ولكن رمضان إلى هنا يجيء‏» يوحي الملفوظ باقتضاء مفاده لن أصوم رمضان المقبل، وهو بذلك تتأسس علاقة التناقض التي ربطت الحجج بالنتيجة.
الحجج الجاهزة: تعد الشواهد من الحجج الجاهزة التي ينقلها المرسل على لسانه وهي من الحجج القوية التي تدعم حجاجه. و نقلها على لسانه يدل على براعته وقدرته على حسن توظيفها حسب ما يتطلبه السياق الذي تجري فيه العملية التواصلية،»وبهذا فهي تعلو الكلام العادي درجة،مما يجعلها ترقى في السلم الحجاجي إلى ما هو أرفع«.21وتكمن أهمية الاستشهاد في الخطاب الساخر في القدرة على التّأويل المتعدّد الأصوات،وعلى تأويل الخطاب المروي على حدّ سواء،ويتعمّد الساخر،نقل خطاب متكلّم ما بغرض تبني أفكاره والاختفاء وراءها من المعارضة.لقد اعتمد ابن الجوزي على توظيف كل الحجج الجاهزة التي تناسب المواضيع التي تخدم وتزيد من فعالية السخرية، فقد اعتمد الآيات، الحديث، الشعر، الأمثال.


الحجاج بالقرآن الكريم
من بين الحجج الجاهزة التي لا يمكن الطعن فيها، الاستشهاد بالقرآن الكريم. لأن « من شرف الاستشهاد بالقرآن الكريم إقامة الحُجَة،وقطع النزاع،وإذعان الخصم»22؛ فالاستشهاد بالنصّ الدّيني يشكّل حجّة لا يمكن دحضها أو إعادة النّظر فيها. وقد أكثر ابن الجوزي من استعمال الحجج الدينية لأن الاستشهاد بالقرآن هو الدعامة التي ترتكز عليها مصادر الاستشهاد الأخرى. ويمثل الحقيقة المطلقة التي تتأسس عليها مقدمات الحجاج.
ذكر ابن الجوزي أن«القرآن الكريم حدثنا عن بعض المغفلين»23.يمثل هذا القول حجة قوية،يضم بها ابن الجوزي موضوعه لموضوع القرِآن الكريم،ويذكر في الباب التاسع : "في ذكر أخبار جماعة من العقلاء صدرت عنهم أفعال الحمقى وأصروا عليها مستصوبين لها فصاروا بذلك الإصرار حمقى ومغفلين". أول العقلاء الحمقى وهو إبليس يقول ابن الجوزي: « أول العقلاء الحمقى إبليس فأول القوم إبليس فإنه كان متعبداً مؤذناً للملائكة فظهر منه من الحمق والغفلة ما يزيد على كل مغفل فإنه لما رأى آدم مخلوقاً من طين أضمر في نفسه لئن فضلت عليه لأهلكنه ولئن فضل علي لأعصينه‏.‏ ولو تدبر الأمر لعلم أنه كان الاختيار قد سبق لآدم لم يطق مغالبته بحيلة ولكنه جهل القدر ونسي المقدار‏.
اعترض على حكمة الله‏:‏ ثم لو وقف على هذه الحالة لكان الأمر يحمل على الحسد ولكنه خرج إلى الاعتراض على المالك بالتخطئة للحكمة فقال‏:‏ ﴿‏أرأيتك هذا الذي كرمت علي﴾ ‏ والمعنى لم كرمته ثم زعم أنه أفضل من آدم بقوله‏:‏ ﴿‏ خلقتني من نارٍ وخلقته من طين ﴾‏ ومجموع المندرج في كلامه‏:‏ أني أحكم من الحكيم وأعلم من العليم وأن الذي فعله من تقديم آدم ليس بصواب هذا وهو يعلم أن علمه مستفادٌ من العالم الأكبر فكأنه يقول‏:‏ يا من علمني أنا أعلم منك ويا من قدر تفضيل هذا علي ما فعلت صواباً‏.‏
رضي بإهلاك نفسه‏:‏ فلما أعيته الحيل رضي بإهلاك نفسه فأوثق عقد إصراره ثم أخذ يجتهد في إهلاك غيره ويقول لأغوينهم وجهله في قوله ‏﴿ لأغوينهم ‏﴾ من وجهين أحدهما‏:‏ أنه أخرج ذلك مخرج القاصد لتأثر المعاقب له وجهل أن الحق سبحانه لا يتأثر ولا يؤذيه شيءٌ ولا ينفعه لأنه الغني بنفسه‏.‏ والثاني‏:‏ نسي أنه من أريد حفظه لم يقدر على إغوائه ثم انتبه لذلك فقال‏:‏﴿‏إلا عبادك منهم المخلصين ‏﴾ فإذا كان فعله لا يؤثر وإضلاله لا يكون لمن قدرت له الهداية فقد ذهب علمه باطلاً‏.‏
رضي إبليس بالخساسة‏:‏ ثم رضي لخساسة همته بمدة يسيرة يعلم سرعة انقضائها فقال‏:‏ ‏﴿انظرني إلى يوم يبعثون﴾ ‏وصارت لذته في إيقاع العاصي بالذنب كأنه يغيظ بذلك ولجهله بالحق أنه يتأثر ثم نسي قرب عقابه الدائم فلا غفلة كغفلته ولا جهالة كجهالته وما أعجب قول القائل في إبليس‏:‏
عجبتُ من إبليسَ في نخوته وخُبث ما أظهر من نيته
تاهَ على آدم في سجدةٍ وصار قواداً لذريته»24
سبق لابن الجوزي أن حذّر من مكائد إبليس وصنوف غروره في كتاب تلبيس إبليس. يخصص في كتابه أخبار الحمقى والمغفلين حديثا عن قصة إبليس لأنه من أشد الأعداء خطورة، وقد استدل على الصفات التي رصدها لإبليس من الآيات، كل آية قرآنية تمثل حجة على مجموعة من الصفات التي تؤكد جهل وغفلة إبليس وحمقه، وقد استشهد ابن الجوزي بالآيات القرآنية التي كانت له سندا في بناء حججه، في إسناد صفة الغفلة والجهل لإبليس، وان كانت قصة إبليس تدخل في الثقافة المشتركة والموسوعة المعرفية، إلا أن ابن الجوزي قد بين للمتلقي غفلة إبليس من خلال ثلاث حجج رئيسية استنبطها من الآيات التي ترتبط بمعاني الحجج المذكورة .
اعتمد ابن الجوزي في تحديد الحجج السابقة على التمهيد للآية التي أتى بها كحجة للاستدلال على الصفات المنسوبة لإبليس، ثم شرح معنى الآية وذلك لغاية حجاجية تتمثل في شد لفت انتباه المتلقي واستدراجه لاستيعاب تفاصيل القضايا المطروحة في الآية القرآنية، ولا يخفى علينا أن ابن الجوزي إمام، له خبرة ودراية في طرح القضايا الدينية، وهو واعٍِِ بضرورة توضيح ما قد يكون مستغلقا على المتلقي باختلاف قدراته وباختلاف مستوياته. فقد بين كيف اعترض إبليس على حكمة الله ، وهي حجة والى على غفلة إبليس، بالآيتين ‏ ﴿ أرأيتك هذا الذي كرمت علي ‏‏﴾، ﴿‏ خلقتني من نارٍ وخلقته من طين ﴾‏، ثم يشرح ابن الجوزي معاني الآيتين بقوله : «مجموع المندرج في كلامه‏:‏ أني أحكم من الحكيم وأعلم من العليم وأن الذي فعله من تقديم آدم ليس بصواب هذا وهو يعلم أن علمه مستفادٌ من العالم الأكبر فكأنه يقول‏:‏ يا من علمني أنا أعلم منك ويا من قدر تفضيل هذا علي ما فعلت صواباً»‏.‏
بيّن ابن الجوزي كيف رضي إبليس بإهلاك نفسه، وهي الحجة الثانية التي تؤكد حمق إبليس بالآيتين الكريمتين ﴿ لأغوينهم ﴾ ، ﴿ إلا عبادك منهم المخلصين﴾ ثم يشرح المعنى الذي يربط الحجة بالآيتين بقوله: «فإذا كان فعله لا يؤثر وإضلاله لا يكون لمن قدرت له الهداية فقد ذهب علمه باطلا»‏.‏
أما الحجة الثالثة، هي رضا إبليس بالخساسة. ويستدل على ذلك بالآية الكريمة ﴿ انظرني إلى يوم يبعثون﴾ ليخلص بذلك إلى معنى الآية الذي يتعلق برضا إبليس بالخساسة بقوله:«وصارت لذته في إيقاع العاصي بالذنب كأنه يغيظ بذلك ولجهله بالحق أنه يتأثر ثم نسي قرب عقابه الدائم».ويخلص بذلك إلى القضية التي انطلق منها وهي جهل وغفلة حجا،بقوله:«فلا غفلة كغفلته ولا جهالة كجهالته»ويكون بذلك ابن الجوزي قد اتخذ من القران الكريم وسيلة قوية يقنع بها المتلقي بغفلة وجها إبليس، كما ساهم في تقريب معاني الآيات بشرحها وتقريبها من ذهن المتلقي،ويختم ابن الجوزي خلاصة الحجج التي قدمها ببيت شعري في غاية الخفة والبساطة،ونلمح من خلال ذلك توفر قصدية المتكلم في إقناع السامع، حيث استثمر ابن الجوزي كل الوسائل التي تمكنه من إفادة المتلقي وإقناعه .
اعتمد ابن الجوزي في بناء حجاجه على إستراتجية حجاجية عكسية حيث يقدم أولا النتائج، ثم الآيات،ثم الشرح الذي يربط النتائج بمعاني الآيات، ويكون بذلك قد أولى أهمية أولا لإبراز الصفات التي تجعل من إبليس مغفلا، ثم الاستدلال على أقواله بآية قرآنية ،ولكي يقرب لذهن المتلقي علاقة الصفة المنسوبة لإبليس والآية التي استشهد بها، يشرح لجوزي معنى الآية.ليخلص بذلك إلى النتيجة التي انطلق منها.
اعتمد ابن الجوزي الشرح والغاية من ذلك هي حمل المتلقي على تمثل قصة إبليس وتصورها في ذهنه لأنها من الأمور الغيبية. ويسعى ابن الجوزي لإقناع متلقيه بأن إبليس من أكبر أسباب هلاك الإنسان، فقط تسلط إبليس عليه وتوغّد هذا المخلوق الذي فُضل عليه، وأصرّ على أن يضل به ويهلكه من أجل ذلك حذر الله عباده منه اشدّ تحذير، ولإبليس طرق شتى لإضلال الإنسان، وذلك من صميم عمله الذي ينصب على إغواء بني ادم، باستعمال مختلف الطرق والوسائل، حتى يبلغ مراده المتمثل في إهلاك الإنسان ، وقد صور القران الكريم مختلف تلك الأساليب، وكشف غروره، وبين خطورته ليحذر منه الإنسان. وكانت غاية ابن الجوزي في رصد السمات التي يتصف بها إبليس وتحليلها إنما تتحدد بإقناع المتلقي وتحذيره من شرور الشيطان وشدة خطورته عليه.
وظّف ابن الجوزي الشواهد الدينية، واستشهد بكثير من الآيات القرآنية، ويقصد بها التأثير والاستدلال والإقناع، لأنها تحقق له هدفا حجاجيا مدعما لحججه، وتؤهله للتأثير في لمتلقي،وبذلك تكون هذه الشواهد دعائم لبنية الخطاب الحجاجي. «قال أبو الفضل الصُّوري:ولا شك أن كاتب الإنشاء من أحوج الناس إلى الاستشهاد بكلام الله تعالى في أثناء محاوراته وفصول مكاتباته، والتمثُّل بنواهيه وأوامره، والتدبُّر لقوا رعه وزوا جره، وهو حيلة الرسائل وزينة الإنشاءات؛ وهو الذي يسُدّ قُوى الكلام، ويثبِّت صحته في الأفهام؛ فمتى خلت منه كانت عاطلة من المحاسن، عاريةً من الفضائل: لأنه الحجة التي لا تُدْحض، والحقيقة التي لا تُرفض»25. فتأثير القرآن الكريم على المتلقي يكون أوفى وأبلغ من أي حجة. كما يمكننا القول أن ابن الجوزي يدرك أن الله سبحانه وتعالى قد حمّل العلماء أمانة القرآن الكريم، الذي يجب أن يكون مرجعا في معالجة كل القضايا التي تشغل الإنسان. ويمكننا القول أن ابن الجوزي ليس مجرد ساخر يستشهد بالقرآن الكريم وإنما هو يفقه خفايا ومعاني كلام الله لأنه يشتغل به؛ « والناس في استخراج معاني القرآن الكريم، واستعمالها في الكلام على قدر طبقاتهم وتفاوت درجاتهم»26. ولكون ابن الجوزي إمام، له رسالة توجيه الناس إلى ما فيه الصلاح، كما يدرك جيدا أن الإنسان يملّ من أسلوب النصح، ويقبل بصدر رحب على المواقف الساخرة ويأخذ منها العبرة بلا ملل. في ذلك فطنة ذكية ، يبين بها ابن الجوزي صحة ما يدعو بالأدلة والبراهين، ويفقه قول الله تعالى ﴿ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن﴾.
الحجاج بالحديث
عمد ابن الجوزي،ضمن بناء حجاجه،على استحضار أصوات أخرى يدعّم بها مواقفه، وهي أصوات تعتبر حججا، تدعم حججه وتقويها، ولعل أهم صوت يمكّنه من الاستدلال على قضاياه هو صوت الرسول عليه السلام.الذي « يحتَّج بمكان الحُجة، ويستدلَّ بموضع الدليل، ويتصرف عن علم بموضوع اللفظ ومعناه، ويبني كلامه على أصل لا يُزَلْزَل، ويسوق مقاصده إلى سبيل لا يَضِل عنه؛فان الدليل على المقصِد إذا استَندَ إلى النص قويت الحُجة، وسلَّم له الخصم، وأذعن له المعاند...»27.
وظّف ابن الجوزي الأحاديث النبوية الشريفة في عدة مواضع وفي مختلف مراحل وأبواب كتاب أخبار الحمقى والمغفلين، ليستدل بها على قضاياه وأقواله، نظرا للمكانة التي تحظى بها أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم في نفس ابن الجوزي وفي نفوس المتلقيين وما لها من أثر كبير على سلوكاتهم؛فالرسول الكريم أوتيَ جوامع الكلم، قال عنه الجاحظ: «لم يتكلم إلا بكلام قد خفّ بالعصمة وسُيّد بالتأييد، ويُسّر بالتوفيق. هو الكلام الذي ألقى الله عليه المحبة، وغشاه بالقبول، وجمع له بين المهابة والحلاوة، وبين حسن الإفهام وقلة عدد الكلام. لم تسقط له كلم، ولا زلّت به قدم، ولا باءت له حجة... »28.
نظرا لسمو مكانة الحديث في الأدب والبلاغة عامة«...فإن أرباب البلاغة والأدب، وجدوا في الحديث مادّة جيّدة لبلاغتهم وأدبهم يترسّمون أثره وينسجون على منواله، ...»29. فأقوال الرسول صلى الله عليه وسلّم تضفي على أقوال البلغاء القوة والفضل والحجة والبرهان.
ومما أورده ابن الجوزي من أحاديث رسول الله عن التغفيل الذي يمثل الموضوع الأساسي الذي بني عليه موضوع أخبار الحمقى والمغفلين، حديث رسول صلى الله عليه وسلّم عن تغفيل عابد قديم التي يعتبرها من أعجب تغفيل القدماء، الذي رواه جابر بن عبد الله عن رسول الله،‏ لأنّ الاستشهاد ذاته هو خطاب مرويّ عن شخص آخر، وبذلك ذكر صحة الإسناد الذي يمثل حجة على صحة حديث رسول الله. لأن « الاستشهاد في تعريفه الشائع هو إيراد قول لشخص معين يقوم مقام الحجّة بالضّرورة والقوّة»30. يقول ابن الجوزي :‏ «هذا ومن أعجب تغفيل القدماء ما روي عن جابر بن عبد الله أنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ تعبد رجل في صومعة فأمطرت السماء فأعشبت الأرض فرأى حماراً يرعى فقال‏:‏ يا رب لو كان لك حماراً رعيته مع حماري فبلغ ذلك نبياً من أنبياء بني إسرائيل فأراد أن يدعو عليه فأوحى الله تعالى إليه إنما أجزي العباد على قدر عقولهم ‏»31. فهذا رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى، يروي عمن صدرت عنهم أفعال التغفيل، والغاية من ذلك تخضع أساسا لاستراتيجيات حجاجية مقصودة تستهدف المتلقي، » إذ تكتسب الحجج قوتها من قوة مصادرها«32. وبذلك تضفي أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم نوعا من المصداقّية على أخبار ابن الجوزي عن المغفلين الذين تتبع أثرهم في كافة شرائح المجتمع، لأن أقواله عليه الصلاة والسلام تعتبر مرجعيات عند المرسل إليه.
الحجاج بالشعر:
ظل الشعر خطاب الأمة العربية حتى ظهور الإسلام، «الشعر علم العرب الذين لم يكن لهم علم أصح منه فكانت للأسلوب والعبارة الصدارة»33.ومن الشائع : " الشعر ديوان العرب"،وهذه المقولة لها دلالتها في الاعتراف بسلطة الشعر وعلو مكانته عند العرب،فهو دستورهم ومرجعهم الأساسي وهو من الشواهد الحجاجية التي لا يستغني عنه العربي في خطابه.يقول عبد القاهر الجرجاني في كتابه دلائل الإعجاز عن الشعر« هو ديوان العرب،وعنوان الأدب،والذي لا يُشك أنه كان ميدان القوم إذا تجاروا في الفصاحة والبيان،وتنازعوا فيها قصب الرهان ثم بحث عن العلل التي كان بها التباين في الفضل، وزاد بعض الشعر على بعض»34.
كان الشعر مِنْ أهمِّ الوسائل لفهم القرآن الكريم، والإجابة عن استفسارات الناس المتجددة، وبذلك مدَّ الشعرُ العربي حركةَ التفسير القرآنية، كما مدَّ هذا الشعرُ معاجمَ اللغة وكتب النحو والصرف والبلاغة بشواهد غزيرة تساهم في تأصيل علومها. وقد كان للعلماء في هذه الخطوات دورٌ كبير في سَدِّ أبواب الانتحال والوضع؛ ليكون الاستشهاد مبنيًّا على أسس صحيحة، وتتلخص لنا مزايا الشعر كما وردت في صبح الأعشى: «الشعر...له فضيلة تخصه ومزية لا يشاركه فيها غيره ...مما لا يوجد في غيره من سائر أنواع الكلام، مع طول بقائه على ممر ّ الدهور وتعاقب الأزمان، وتداوله على السنة الرواة، وأفواه النقلة لتمكّن القوة الحافظة منه بارتباط أجزائه وتعلّق بعضها ببعض، مع شيوعه واستفاضته وسرعة انتشاره وبُعد مسيره وما يؤّثره من الرّفعة والضّعة باعتبار المديح والهجاء، وإنشاده بمجالس الملوك الحافلة والمواكب الجامعة بالتقريظ وتعداد المحاسن، وما يحصل عليه الشاعر المُجيد من الحِباء الجسيم والمنح الفائق، الذي يستحقه بحسن موقع كلامه في النفوس وما يحدثه فيها من الأريحية، ...وكونه ديوان العرب ومجتمع تمكّنها والمحيط بتواريخ أيامها وذكر وقائعها وسائر أحوالها- إلى غير ذلك من الفضائل الجمّة، والمفاخر الضّخمة»35.
لقد اعتبر القلقشندى الشعر من أهم وسائل الكتابة بعد القرآن الكريم والحديث الشريف في قوله:« فإن الشعر هو المادة الثالثة للكتابة بعد القرآن الكريم والأخبار النبوية، على قائلها أفضل الصلاة والسلام، وخصوصا أشعار العرب فإنها ديوان أدبهم، ومستودع حِكمهم، وأنفَسُ علومهم في الجاهلية؛ به يفتخرون، واليه يحتكمون. فإذا أكثر من حفظ الشعر وفهم معانيه، غَزُرت لديه الموادّ، وترادفت عليه المعاني، وتواردتْ على فكره، فيسهُلُ حينئذ حَلُّها، ووضْعُها في مكانها اللائق بها حسب مقتضيات الكتابة»36.
وظّف ابن الجوزي الكثير من الأبيات الشعرية في كل أبواب الكتاب، وهو يدري مدى ارتباط أُذُن العربي بالإيقاع الشعري، فيقبل على ما يسمع، بل لا يصعب عليه حفظ وترديد ما التقطته أذنه. وقد كان ابن الجوزي يدري مدى تأثر العرب للكلمة البليغة الجميلة، التي لها في نفوسهم أثر السحر حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:« إن من البيان لسحرا».
أورد الأبيات الشعرية في مقدمة الكتاب التي يذكر فيها ابن الجوزي فوائد السخرية في الترويح عن النفس، ويذكر حب العلماء الأفاضل المُلح*لأنها تريح القلب من كدّ الفكر،ومن الشواهد الشعرية التي استند إليها ابن الجوزي في تأكيد حُسن وقع السخرية التي ترد شعرا في نفوس العلماء قوله:« وعن الأصمعي قال‏:‏ أنشدت محمد بن عمران التميمي قاضي المدينة وما رأيت في القضاة أعقل منه‏:‏
يا أيها السائل عن منزلي نزلت في الخان على نفسي
يغدو علي الخبز من خابزٍ لا يقبل الرهن ولا ينسـي
آكل من كيسي ومن كسوتي حتى لقد أوجعني ضرسي
فقال‏:‏ أكتبه لي قلت‏:‏ أصلحك الله إنما يكتب هذا الأحداثُ فقال‏:‏ ويحك أكتبه فإن الأشراف تعجبهم الملاحة»37.‏
يستشهد ابن الجوزي بشعر الأصمعي الذي يتفعم بالسخرية. ليبين أن السخرية هي أداة كبار الشعراء. كما يستشهد أيضا برأي الأصمعي في القاضي الذي أنشد له الشعر يقول الأصمعي: «وما رأيت في القضاة أعقل منه».استند ابن الجوزي إلى قول الأصمعي لإثبات قدر القاضي الذي يتخذه أيضا كحجة أساسية في الاستدلال على فوائد السخرية وآثارها الايجابية على المتلقي؛لأن ابن الجوزي يدرك مكانة الأصمعي الذي يعتبر حجة في الشعر العربي،فقد كان يُلّقب(شيطان الشعر).وقال عنه الأخفش:ما رأينا أحداً أعلم بالشعر من الأصمعي. ويستدل بقول القاضي: « فإن الأشراف تعجبهم الملاحة». لان ابن الجوزي يدرك جيدا أن المتلقي يعي صواب ما يصدر عن العالم أو القاضي اللّذين لهما مكانة ومنزلة رفيعة في المجتمع.ويضيف ابن الجوزي بقوله: «فقد بان مما ذكرنا أن نفوس العلماء تسرح في مباح اللهو الذي يكسبها نشاطاً للجد فكأنها من الجد لم تزل قال أبو نواس:
أروح القلب ببعض الهزل تجاهلاً مني بغير جـهل
أمزح فيه مزح أهل الفضل والمزح أحياناً جلاء العقل»38
يتخذ ابن الجوزي من شعر أبي نواس ومن شخصه حجة الاستدلال على قوله: «أن نفوس العلماء تسرح في مباح اللهو الذي يكسبها نشاطاً للجد فكأنها من الجد لم تزل». فأبو نواس من أشهر شعراء العصر العباسي قال فيه ابن المعتز في كتابه "طبقات الشعراء":«كان أبو نواس عالماً فقيهاً، عارفاً بالأحكام والفتيا، بصيراً بالاختلاف، صاحب حفظ.ونظر ومعرفة بطرق الحديث، يعرف ناسخ القرآن ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وقد تأدب بالبصرة،وهي يومئذ أكثر بلاد الله علماً وفقهاً وأدباً، وكان أحفظ لأشعار القدماء والمخضرمين وأوائل الإسلاميين والمحدثين.(...) تفرغ للنوادر والمجون واُلملح، فحفظ منها شيئاً كثيراً حتى صار أغزر الناس، ثم أخذ في قول الشعر، فبرز على أقرانه، وبرع على أهل زمانه. ثم اتصل بالوزراء والأشراف، فجالسهم وعاشرهم، فتعلم منهم الظرف النظافة. فصار مثلاً في الناس، وأحبه الخاصة والعامة»39.لقد اتخذ ابن الجوزي من الشعر وسيلة لإقناع المتلقي في مقدمة كتابه التي تعد العتبة التي يدخل من خلالها المتلقي إلى عالم أخبار الحمقى والمغفلين .
نظرا لأهمية الشعر في الثقافة العربية، وقد رأينا في الأمثلة السابقة الأهمية التي يتحلى بها الشاعر وأثره البالغ في نفوس الناس؛فقد خصص ابن الجوزي الباب التاسع عشر،في ذكر من قال شعرا من المغفلين،سنقف عند بعض الحمقى الذين قالوا شعرا لنعرف الغاية التي أرادها ابن الجوزي بذكر فئة المغفلين الذين قالوا شعرا .
ذكر ابن الجوزي شعرا لأحد المغفلين، الذي وصف الأمير بالسنور ووصف أعدائه بالفئران: « الأمير كسنور وأعداؤه كالفئران‏:‏ عن أبي الحسن علي بن منصور الحلبي قال‏:‏ كنت أحضر مجلس سيف الدولة فحضرته وقد انصرف من غزو عدو له ظفر به فدخل الشعراء ليهنئوه فدخل رجل وأنشد‏ قائلا‏:
وكانوا كفأرٍ وسوسوا خلف حائطٍ وكنت كسنورٍ عليهم تسلقا
فأمر سيف الدولة بإخراجه فقام على الباب يبكي فأخبر سيف الدولة ببكائه فأمر برده فقال‏:‏ ما لك تبكي؟ فقال‏:‏ قصدت مولانا بكل ما أقدر عليه فلما خاب أملي وقابلني بالهوان ذلت نفسي فبكيت فقال له سيف الدولة‏:‏ ويلك من يكون له مثل هذا النثر يكون له ذلك النظم‏!‏ فكم أملت قال‏:‏ خمس مائة درهم فأمر له بألف درهم‏»40.‏
تحيلنا هذه القصة التي قال فيها أحد المغفلين شعرا في مدح الخليفة، إلى ظاهرة التكسب بالشعر، واتخاذه وسيلة للحصول على المال، وهي ظاهرة بارزة في الشعر القديم. اتسعت دائرة التكسب بالشعر في العصر الأموي والعصر العباسي. وبات غرض المدح من الأغراض الشعرية التي يتكسب بها الشعراء ويتقربون بها من الملوك وأصحاب النفوذ؛ فكثر التنافس الشديد بين الشعراء في مدح الخلفاء « لأنهم أصحاب الدولة وفي أيديهم خزائنها وأموالها يكيلون لهم منها كيْلا، فكان طبيعيا أن يكثُر مُدَّاحهم ودعاتهم، بل إن كثيرين من شعراء الشيعة أنفسهم كانوا يُظهرون غير ما يُبطنون، فيمدحون هذا الخليفة العباسي أو ذاك لقاء ما يُنْشرُ عليهم من دراهم ودناني»41.
لكن إذا لم ينل المادح من ممدوحه ما يرضيه من العطاء، انقلب عليه هاجياً مشنعاً. وإذا لم يقل الشاعر ما يرضي الخليفة صرفه ولم يكافئه، مثلما حصل مع مادح سيف الدولة الذي لم يرضيه تشبيهه بالسنور وأعدائه بالفئران؛ فأمر سيف الدولة بإخراجه. ولما كانت المادة وحدها هي غاية الشاعر، ظهر فيه الخلل والقصور. فخاب ولم يحصل على الكسب المادي المنتظر من وراء ذلك. إلا أن المادح عرف كيف يحتال على سيف الدولة ويستعطفه، ويأخذ منه ضعف ما كان يصبو إليه، ‏«فكم أملت قال‏:‏ خمس مائة درهم فأمر له بألف درهم‏». وكان من أثر ذلك أن أفسح المجال للذين لا يحملون من الشعر إلا اسمه، ويقلدون أصحاب المواهب والقدرات القادرة على صياغة شعر جيد؛ وامتلأت الحياة الأدبية بهؤلاء الحمقى الذين يتخذون من الحمق أداة للتكسب. وقد أدرك ابن الجوزي خطورة انتشار هذه الفئة التي تحترف التصعلك والشحاذة الأدبية، ويتخذونها حرفة لهم يبتزون بها أموال الناس42. وقد اتخذ من أشعارهم المبتذلة حججا ليبين بها أن هؤلاء لا يرقون لأن يكونوا شعراء، بل يتخذون كل السبل والحيل التي توفر لهم المال.
ذكر لنا ابن الجوزي أن بعض المغفلين « ألجأته ضرورة الشعر إلى الطلاق‏:‏ وحكى بعضهم‏:‏ قال‏:‏ اجتمعنا ثلاثة نفر من الشعراء في قرية تسمى طيهاثا، فشربنا يومنا ثم قلنا‏:‏ ليقل كل واحد بيت شعر في وصف يومنا، فقلت‏:‏ نلنا لذيذ العيش في طيهاثا، فقال الثاني‏:‏ لما احتثثنا القدح احتثاثا، فارتج على الثالث فقال‏:‏ امرأتي طالقا ثلاثا، ثم قعد يبكي على امرأته ونحن نضحك عليه»43.‏ إن حكاية يبين ابن الجوزي أن المغفل الذي ألجأته ضرورة الشعر إلى الطلاق، قد تعمد ذلك قصد إضحاك الناس، ولا يبالي بكرامته. وهذه الظاهرة كان لها انتشارا واسعا في العصر العباسي. نظرا لتعفن الحياة السياسية والاجتماعية؛حيث كان الخلفاء والوزراء والأمراء ومن لحق بهم يعيشون في ترف ونعيم في بيئة ابن الجوزي،أما عامة الناس كانت تتخبط في ويلات الفقر والبؤس وقد هيأ هذا البؤس« لظهور طائفة بين الناس تُعرف بالمُكدين،وأول من تحدث عنهم الجاحظ في مطلع كتابه البخلاء، وهو يورد فيه أسماءهم وحيَلهم في اقتناص الدراهم من الناس ويصوِّر...، وهم جماعات من المتسولين وكان ينظم إليهم كثير من الأدباء والشعراء، وهم يكوّنون في العصر طبقة كبيرة، تتكسب بالتحامق وإضحاك الناس»44، وبذلك يضحكون الخليفة ويأخذون منه أكثر ما يأخذه شاعر بالجِّد.
يتبين من خلال البيت الشعري الذي أورده لنا ابن الجوزي في أخبار الحمقى والمغفلين،أن اتخاذ التحامق حرفة لكسب المال كان لها صدى واسعا، وأثرا كبيرا على الصياغة السيئة للشعر، الذي يمثل عماد الفنون الأدبية العربية. ومن أمثلة هؤلاء « قال أبو سَجّادة الفقيه في شِعرٍ له:
ومِنّا الوزير، ومنّا الأمير ومِنّا المُشير، ومِنّا أنا »45
يسعى ابن الجوزي من خلال ذكره للأشعار الصادرة عن المغفلين إلى لفت انتباه المتلقي إلى خطورة الذين يتخذون من الفن أداة للتكسب، ويتخذ هذه الشواهد كحجج، يبين بها تردى الشعر و تحوله إلى الضعف والسطحية والتفاهة في نهاية العصر العباسي الثاني؛لأنه صار أداة في أيدي المغفلين الذين عرفوا كيف يفرضون أنفسهم بإضحاك الناس، وتسلية الحكام وأصحاب الجاه، على حساب الانحطاط بالشعر.
الحجاج بالأمثال:
تعد الأمثال من الحجج الجاهزة التي يستند إليها المرسل في دعم وتقوية حججه، لأنها تحمل قيما «تمثّل سندا أساسيا لتطوير أيّ حجاج والسير به نحو نتائج مقبولة، إنّ التّذكير بها يعتبر حجّة في ذاته»46. خاصة أن الأمثال تتردد على ألسنة الناس، يتداولونها ويتوارثونها، وتتناقل بين الشعوب، لذلك «لا يجوز تبديل ألفاظها، ولا تغيير أوضاعها: لأنها بذلك عُرفت واشتُهِرت»47. فشعبية الأمثال تمكّنها من احتلال موقع خاص في نفس قائلها وسامعها وتجعل لها مكان الصدارة من حيث الأهمية والتأثير في المتلقي. وتكمن قوة تأثيرها في الناس في إيجازها وإحكام معانيها والإيحاءات التي تتضمنها،لأن« الأمثال هي وَشْي الكلام،وجوهر اللفظ، وحّلى المعاني،والتي تخيَّرتها العرب،وقدّمتها العجم،ونُطِق بها في كل زمان على كل لسان، فهي أبقى من الشِّعر، وأشرف من الخطابة، لم يسِرْ شيء كسيْرها، ولا عمَّ عمومَها، حتى قالوا:أَسْيَرُ من مَثَل، قال الشاعر:
ما أنْتَ إلاَّ مَثَلٌ سائرٌ يعَرِفُهُ الجاهِلُ والخابِرُ»48
لذلك اعتمدها ابن الجوزي في دعم حججه والاستدلال على أقواله. وقد أدرك أن المثل يستطيع أن يعبر ويوحي إلى صميم الأشياء، مالا يستطيع تعبير آخر إفادة ذلك بمثل إيجازها وملائمة مواقعها. فالرّجوع إلي الأمثال ضرورة حجاجية، لأنها أفكار شاعت في المجتمع وتقادمت في الزمّن، وتلخص التجربة الشعبية.
ضرب الله الأمثال للناس في القرآن في مواضع عدة ليبرز لهم المعاني في صور حسية،وتقريبها إلى الأذهان في صورة قريبة،قال الله تعالى: وقال أيضا ﴿ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ"﴾.إبراهيم 25.وقد أكثر الله تعالى الأمثال في القرآن للتذكرة والعبرة.نظرا لدلالتها الموحية،التي تبعث المتلقي إلى التدبر في معانيها ومراميها، والأمثال أوقع في النفس، وأبلغ في الوعظ، وأقوم في الإقناع.
خصص ابن الجوزي في كتابه أخبار الحمقى والمغفلين الباب السابع لـ "ضرب العرب المثل بمن عرف حمقه وتغفيله". وقد بين فيه حمقى من ضرب بهم المثل من بني البشر، وحمقى من ضرب بهم المثل من الحيوانات، والطيور، لكون العرب« تضرب المثل في الحمق، تارة بمن قد عرف حمقه من الناس وتارة بما ينسب إلى سوء التدبير من البهائم والطير، وتارة بما لا يقع فيه فعل»49. كما أن بلغاء العرب يكثرون من استعمال الأمثال في شعرهم ونثرهم لما لها من قوة التأثير في الناس. لقد ذكر ابن الجوزي الكثير من الشخصيات التي لها شهرة واسعة في الثقافة الشعبية العربية، مثل جحا، وقد نسب ابن الجوزي الأمثال التي أوردها في كتابه إلى أبي هلال العسكري، لكون هذا الأخير قد ألّف كتاب "جمهرة الأمثال"، وهو من أشهر الكتب التي تعد مرجعا في الأمثال العربية. والهدف من ذلك هو تقوية ودعم درجة صحة مورد الأمثال المذكورة والتصديق بها.
ذكر ابن الجوزي أمثالا لمن عرف حمقه عند العرب من البشر كأحمق من هبنقة. أحمق من بني غبشان، أحمق من جحا...، كما يذكر أمثالا عن النباتات والحيوانات، ثم يشرح سبب ضرب الغرب المثل بها في حمقها. فسبب قول العرب: « أحمق من ذئبة، لأنها تدع ولدها وترضع ولد الضبع»50. ومن الطيور التي ضرب المثل بحمقها:«وأما الطير فيقولون: أحمق من حمامة لأنها لا تُصلح عُشّها وربما سقط فانكسر، وربما باضت على الأوتاد فيقع البيض.وأحمق من نعامة، لأنها إذا مرت ببيض غيرها حضنته وتركت بيضها»51. ومن النباتات التي يُضرب المثل في حمقها قوله:
« أحمق من رِجْلة، وهي البقلة الحمقاء، لأنها تنبت في مجاري السيل»52.
من خلال الأمثلة التي ذكرناها لابن الجوزي نلاحظ أنّه يربط الحمق الذي توصف به سواء البشر أو الحيوانات أو الطيور أو حتى النباتات، بتصرفاتها التي تنوه عن الغفلة وعن سوء التدبير والجهل وهذه الصفات إن اجتمعت عند أي كان هلك نفسه وغيره، وخطورة الأمر أن الأحمق لا يدرك غفلته وهذا ما يزيد الأمر خطورة. وقد سبق وأن أشرنا أن هذه الظواهر البشرية الغريبة كانت متفشية في مجتمع ابن الجوزي، وتغلغلت في شتى الميادين( الأئمة، المدرسين، القضاة، المتدينين وغيرهم)، لذلك عمد ابن الجوزي إلى معالجة هذه الظواهر والالتفات إليها بالتمثيل لها بذكر أخبار من ضُرب المثل بحمقه وتغفيله عند العرب.
أراد ابن الجوزي إيصال العبرة للمتلقي، لأن: « في إيراد أخبار السالفين عبرة لمعتبر،وعظة لمزدجر،واقتداء بصواب لمتبع...»53. فمن أخبار السالفين هبنقة الأحمق: «(...) من حُمقه أنّه جعل في عنقه قلادة من ودْع وعظام وخزف وقال: أخشى أن أضلّ نفسي، ففعلت ذلك لأعرفها به. فحوّلت القلادة ذات ليلة من عنقه لعنق أخيه، فلما أصبح قال: يا أخي أنت أنا، فمن أنا؟»54. يتبين لنا من خلال ما ذكر عن هبنقة الأحمق الذي يُضرب به المثل في الحُمق، أن كل تصرفاته تدل عل قصور العقل وعلى التفكير اللاّمنطقي، وعلى سوء التصرف. يخشى هبنقة أن يضيع نفسه وهو أمر لا يفكر فيه عاقل ثم فكر في وضع قلادة في عنقه ليعرف بها نفسه، وهي حيلة في نظر هبنقة، وفي نظر العاقل أمر غير معقول، وفي أحد الأيام حولت القلادة إلى عنق أخيه ولا غرابة في ذلك لأن القلادة شيء يمكن تداوله بين الناس،إلا أن هبنقة بقوله:"يا أخي أنت أنا،فمن أنا؟". أجزّم أن لا عقل له،وهو بذلك يكون جد مناسب ليُضرب به المثل في التغفيل والحمق.
أما عن حماقات جحا وهو شخصية شعبية معروفة لها قيمتها ووزنها في النوادر، وقد أشار ابن الجوزي إلى أن الجاحظ هو أول مؤلف عربي ذكر جحا في مؤلفاته، وذكر قول الزمخشري: «والحكايات عنه لا تُضبط كثرةَ»55، وما يعرف عن جحا ليس التغفيل فقط بل وردت له أخبار كثيرة توحي بذكائه وفطنته، يقول ابن الجوزي« وقد روي عنه ما يدل على فطنة وذكاء إلا أن الغالب عليه التغفيل، وقد قيل: إن بعض من كان يعاديه وضع له حكايات...»56. ثم يذكر لنا ابن الجوزي على لسان المصنف الذي سمع« وجمهور ما يروي عن جحا تغفيل نذكره كما سمعناه. عن أبي الحسن: قال رجل لجحا : سمعت صراخا. قال: سقط قميصي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جلال فتحى سيد
عضو شرف
عضو شرف
جلال فتحى سيد

القيمة الأصلية

البلد :
مصر

عدد المساهمات :
465

نقاط :
649

تاريخ التسجيل :
24/01/2011


"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا Empty
مُساهمةموضوع: رد   "البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا I_icon_minitime2013-07-11, 16:05

قال: سقط قميصي من فوق. قال: وإذا سقط من فوق؟ قال: يا أحمق، لو كنت فيه أليس كنتُ قد وقعتُ معه»57. إن تفكير جحا وتصرفه يدّل على قصر عقله، لأن من صفات الأحمق « يتكلم ما يخطر على قلبه، ويتوهم أنه أعقل الناس »58.‏
في موضع آخر« وحكي: أن جحا دفن دراهم في الصحراء وجعل علامتها سحابة تظلها»59. تدل هذه القصة على جهل جحا،لأن« من علامات الأحمق: خُلوه من العلم أصلاً؛فإنّ العقل لابد أن يحرك إلى اكتساب شيء من العلم وإن قلّ، فإذا غلب السن ولم يحصّل شيئاً من العلم دل على الحمق»60 ‏.‏
اختار ابن الجوزي استعمال الشواهد الدينية والأمثال والأشعار وغيرها؛لأنها تحقق له بعدا حجاجيا مدعما لحججه، وبذلك تعد هذه الشواهد بمثابة ركائز أساسية في بنية الخطاب الساخر. فتأثير الشواهد الدينية أبلغ أثرا. خاصة وأن هذه الحجج قد صدرت عن ابن الجوزي، ولا يخفى أن ابن الجوزي في هذا السياق كان ذا سلطة باعتباره إماما، ولهذا الأخير في الثقافة الإسلامية سلطة على المجتمع باعتباره حامل رسالة.كما أن المتلقي يقدّر القيمة الأخلاقية الحسنة أو السيئة،أو أي سلوك في المجتمع إذا كان صادرا عن شخص يملك سلطة كبيرة « تجعل الناس يعتقدون أنهم لا يفكرون. وتجعلهم يشعرون بما لم يشعروا به من قبل».61
أدرك ابن الجوزي أنه يتمتع بسلطة ذاتية لانتقاد الظواهر الغريبة في مجتمعه فلجأ إلى محاورة هذه الظواهر بطريقة ساخرة في طياتها نقد لاذع و التفاتة إلى ضرورة تغييرها. نظرا لما «بلغه من الاقتدار على الوعظ والتأثير في الناس».62
ليست السخرية غاية في ذاتها وإنما هي إستراتجية يستعملها الساخر لمحاولة تحقيق التواصل أو إقامة الحجة بهدف تغيير الواقع. فالسخرية في حد ذاتها حجة غير مباشرة، اعتمدها ابن الجوزي لإقناع متلقيه بالقيم الإصلاحية وتقويم الاعوجاج الذي ساد مجتمع العصر العباسي،حينما استولى علية الأتراك وساد فيه الظلم،فشاع الفساد وانتشرت الرذيلة.كتاب أخبار الحمقى والمغفلين ليس أداة لإثارة المتعة لدى المتلقي،وإنما هي طريقة للتملص من مسؤولية القول والاحتماء من المعارضات المحتملة، ووسيلة مراوغة تمكّن ابن الجوزي من النفاذ في عقول وأذهان الناس بهدوء،خوفا من بطش الحكام الذين يدركون جيدا خطورة ما تحمله السخرية من نقد لاذع لسياستهم، ويدركون قدرة السخرية على قلب الجماهير عليهم.
الإحالات:
1- Molinié Georges. 1992 : Dictionnaire de rhétorique. Le Livre de Poche. Paris : Librairie Générale Française.P6.
2- نفسه: ص ص 6-7.
3- نفسه: ص 7.
4- موسوعة المصطلح النقدي / المفارقة :د. سي ميوك، ترجمة عبد الواحد لؤلؤة، المؤسسة العربية للدراسات و النشر، المجلد الرابع، بيروت، ط1، 1993، ص 30 .
5- PERELMAN Chaïm et OLBRECHTS-TYTECA Lucie.1983 : Traité de l’argumentation – La nouvelle rhétorique. Bruxelles : Université de Bruxelles.P2
6- نفسه: ص 280.
7- نفسه: ص 279.
8- نفسه: ص 280.
9- BERRENDONNER Alain.1989: « De l’ironie ». In : Eléments de pragmatique linguistique. Paris : Minuit, PP. 184-185.
10- HUTCHEON Linda. 1981 : « Ironie, satire, parodie ». In : Poétique 46: 140-155. Paris : Seuil.P141.
11- مانفريد فرانك: حدود التواصل الإجماع والتنازع بين هابر ماس و ليوتار-ترجمة وتعليق عز العرب لحكيم بناني، إفريقيا الشرق، 2003، ص 8.
12- Alain Lempreur. 1991: L’argumentation, collectif ; Michel Meyer, université libre de Bruxelles, centre européen pour l’étude de L’argumentation, édition margada.PP 108.-109.
13- حدود التواصل: ص5.
14- بن ظافر الشهري، عبد الهادي: استراتجيات الخطاب، مقاربة لغوية تداولية،دار الكتب الجديدة المتحدة، ط1، بيروت،لبنان،2004، ص475.
15- أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي:أخبار الحمقى والمغفلين،. تحقيق: جمال جمعة، دار غومه للنشر، ليبيا، 2000، ص130.
16- طه، عبد الرحمن: اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، المركز الثقافي العربي،ط1،المغرب،1988، ص ص 277- 278.
17- اللسان والميزان ص ص: 277-278.
18- أخبار الحمقى: ص ص:47-48.
19- استراتجيات الخطاب: ص 473.
20 - Rosier, Laurence (2008) : Le discours rapporté dans tous ces états ,l’harmattan, France, 2004. P105 .
21- أخبار الحمقى:ص129.
22- استراتجيات الخطاب: ص537.
23- القلقشندى، أبو العباس أحمد (1992): صبح الأعشى، ج1، دار الكتب المصرية ، ص 191.
24- نفسه: ص 67.
25- نفسه: ص ص 65- 66.
26- نفسه: ص63.
27- نفسه:ص191.
28- نفسه: ص 202.
29- الجاحظ أبو عثمان، عمرو: البيان والتبيين، تحقيق عبد السلام هارون، مطبعة الخانجي، القاهرة، 1969، ج2، ص 17.
30- فايز ترحيني ، الإسلام والشعر، دار الفكر اللبناني، بيروت، الطبعة1 ، 1990 ،ص،84.
31- بلخير، عمر (2003): تحليل الخطاب المسرحي في منظور النّظرية التّداولية، منشورات الاختلاف، الجزائر، ص227.
32- أخبار الحمقى والمغفلين:ص70.
33- استراتجيات الخطاب: ص544.
34- محمد العمري : في بلاغة الخطاب الإقناعي، مدخل نظري وتطبيقي لدراسة الخطابة العربية، ط2، أفريقيا الشرق، المغرب،2002، ص 20.
35- عبد القاهر الجرجاني : دلائل الإعجاز ، تحقيق محمود محمد شاكر ، ط 2 الخانجى ، القاهرة، 1989، ص ص 8 - 9.
36- صبح الأعشى: ص 58.
37- نفسه: ص ص، 281- 282.
* المُلحُ: جمع مُلحة وهي أمور يُؤتى بها في آخر دروس العلم، ليذهب بها التعب الفكري، وليست من صُلب العلم في شيء.
38- أخبار الحمقى والمغفلين: ص ص، 16-17.
39- نفسه: ص17.
40- عبد الله، ابن المعتز، (د-ت): طبقات الشعراء، تحقيق عبد الستار أحمد فراج، دار المعارف، مصر، ص ص،201-202.
41- أخبار الحمقى والمغفلين:ص ص، 141-142.
42- شوقي ضيف: العصر العباسي الثاني، ط2، دار المعارف، مصر، 200، ص370.
43- نفسه: ص 245.
44- أخبار الحمقى والمغفلين:ص141.
45- العصر العباسي الثاني: ص 501.
46- أخبار الحمقى والمغفلين:ص143.
47- تحليل الخطاب المسرحي في منظور النّظرية التّداولية: ص 229.
48- - صبح الأعشى ج1، ص 302.
49- نفسه: ص 296 .
50- أخبار الحمقى والمغفلين: ص40.
51- نفسه: ص ص 40 -41.
55- نفسه: ص41.
56- نفسه: ص41.
57- ابن الجوزي‏:كتاب القُصَّاص والمُذَكِّرِين. تحقيق الدكتور محمد بن لطفي الصباغ، الطبعة الثانية، بيروت: المكتب الإسلامي، 1988، ص 159-160.
58- أخبار الحمقى والمغفلين: ص42.
59- يراجع تهميش(1) أخبار الحمقى:ص46.
60- أخبار الحمقى:ص46.
61- Molinie (1992).pp 6-7.
62- آمنة ، محمد نصير: أبو الفرج ابن الجوزي، آراؤه الكلامية والأخلاقية، دار الشروق، القاهرة، 1987، ص 35.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» كتاب أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي
» مقال : البعد البلاغي في الخطاب الروائي أحمد محمد الصغير
» التركيب اللغوي من منظور اللسانيات التداولية
» أشكال التواصل في التراث البلاغي العربي في ضوء اللسانيات التداولية
» علم التدوال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  :: منتديات الفلسفة والمنطق (جديد) :: منتدى المنطق والحجاج والجدل والمناظرة (جديد)-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


"البعد البلاغي والحجاجي للسخرية من منظور التداولية. أخبار الحمقى والمغفلين أنموذجا 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
البخاري الأشياء على العربية الحذف ننجز النحو اسماعيل النص بلال موقاي الخطاب اللسانيات مجلة المعاصر كتاب اللغة قواعد العربي النقد ظاهرة التداولية مبادئ محمد مدخل الخيام


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | الحصول على منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع