منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك التجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة التجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة التجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارالتجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 التجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
يوسف تغزاوي
عضو نشيط


القيمة الأصلية

البلد :
المغرب

عدد المساهمات :
24

نقاط :
72

تاريخ التسجيل :
02/12/2011


التجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية Empty
مُساهمةموضوع: التجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية   التجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية I_icon_minitime2012-04-08, 12:44

ثانوية محد الخامس التأهيلية
كـلــمــيــمـــة
د. يوسف تغزاوي
التجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية.
1- التقديــــم والتأخيـــر :
تمهــيـــــــد :
من المعلوم أن الكلام يتكون من مكونات متعددة (اسم، فعل، حرف) وليس من الممكن النطق بأجزاء، أي كلام دفعة واحدة، من أـجل ذلك كان لا بد عند النطق من تقديم بعضه وتأخير بعضه الآخر، وليس شيء من أجزاء الكلام في حد ذاته أولى بالتقدم من الآخر. لأن الألفاظ من حيث هي ألفاظ تشترك في درجة الاعتبار هذا بعد مراعاة ما تجب له المدارة كألفاظ الشرط والاستفهام.
وعلى هذا فإن تقديم جزر أو تأخيره لا يرد اعتباطاً في نظم الكلام وتأليفه، وإنما يكون عملاً مقصوداً يقتضي غرضاً إبلاغياً معنياً2.
ومما هو بين في اللغة العربية، أن رتبة المسند إليه التقديم لأنه المحكوم عليه، ورتبة المسند التأخير إذ هو المحكوم به، ولكن قد يعرض لبعض الكلام من المزايا ما يدعو إلى تقديمه وإن كان حقه التأخير. والسؤال الذي يمكن إثارته في هذا السياق، ما هي الأغراض أو الدواعي التي تقتضي تقديم الفعل؟ وما هي الأغراض التي تستدعي تقديم الاسم فاعلاً كان أو مفعولاً؟
1-1- تقديم الفــــعـــل.
1-1-1- مـــــع الاستفــهــام.
يقول الجرجاني : «إذا بدأت بالفعل كان الشك في الفعل نفسه وكان غرضك من استفهامك أن تعلم وجوده»3. وأعطى عدة أمثلة نحو قولك :
(1)- أ- أبنيت الدار التي كنت على أن تبنيها.
ب- أقلت الشعر الذي كان في نفسك أن تقوله.
ج- أفرغت من الكتاب الذي كنت تكتبه.
فالحالة المقتضية تقديم الفعل في هذه الأمثلة متكلم شاك متردد في وجود الفعل مجوز أن يكون قد كان أو يكون لم يكون. هذا إذا دلت الهمزة على الاستفهام، وقد تكون لإنكار أن يكون الفعل قد كان من أصله ومثاله في التنزيل.
(2)- ﴿أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً﴾.
فهذا القول رد عن المشركين وتكذيب لهم في إنكارهم. وإذا قدم الفعل المضارع فلا يخلو من أن يراد به الحال أو الاستقبال، فإذا أريد به الحال وقلت :
(3)- أتــــفــــــعـــل.
كان المعنى على أنك أردت أن تقرره بفعل هو يفعله ومنت كمن يوهم أنه لا يعلم أن الفعل كان حقيقة.
أما إذا أريد به الاستقبال، كان المعنى أنك تعمد بالإنكار إلى الفعل نفسه وتزعم أنه لا يكون محو قول الشاعر :
(4)- أيقتلني والمشرفي مناجعي
ومسنونة زرق كأنياب أغوال.
أو أنه لا ينبغي أن يكون ومثاله قولك للرجل :
(5)- أتخرج في هذا الوقت.
فالجملة (4) تكذيب لإنسان تهدده بالقتل وإنكار أن يقدر على ذلك ويستطيعه. والجملة (5) أن يكون بمثابة من يفعل ذلك وبموضع من يجيء منه ذلك.
فالحالة إذن، التي تقتضي تقديم الفعل مع الاستفهام :
‌أ- متكلم شاك متردد في وجود الفعل.
‌ب- متكلم منكر للفعل.
‌ج- متكلم مستخف بالمخاطب.
‌د- مخاطب مطالب بتصحيح معلومات المتكلم وإقرار الفعل.
1-1-2- تقديم الفعل مع النفي.
قد يقدم الفعل مع النفي ويكون الغرض من ذلك «نفي فعل لم يثبت أنه مفعول، وتفسير ذلك أنك إذا قلت :
(6)- ما قلت هذا.
كنت نفيت عنك أن تكون قلت ذاك وكنت نوظرت في شيء لم يثبت أنه مقول»4، ومثال آخر على ذلك :
(7)- ما ضربت زيداً.
فهنا تنفي عنك ضربه ولم يجب أن يكون قد ضرب بل يجوز أن يكون قد ضربه غيرك.
1-2- تقــديـــم الاســـــــم.
1-2-1- تقــديـــم الـــفـــاعــل.
قسم السكاكي التقديم مع الفعل إلى ثلاثة أنواع أحدها أن يقع بين الفعل وبين ما هو فاعل له في المعنى نحو :
(8)- أ- أنا عرفت.
ب- أنت عرفت.
ج- هو عرف.
وثانيها أن يقع بينه وبين غير ذلك كنحو :
(9)- أ- ويداً عرفت.
ب- درهماً أعطيت.
ج- عمراً منطلقاً علمت.
وثالثها أن يقع بين ما يتصل به كنحو :
(10)- أ- عرف زيد عمراً.
ب- عرق عمراً زيد.
ج- علمت منطلقاً زيداً5.
فالأصل في العامل أن يتقدم على المعمول، وقد يعكس ذلك فيقدم الفاعل. والحالة المقتضية لهذا النوع من التقديم «أن يكون هناك وجود فعل وعالم به لكنه مخطئ في فاعله أو في تفصيله وأنت تقصد أن ترده إلى الصواب»6، وأمثلة ذلك :
(11)- أ- أنا سعيت في حاجتك.
ب- أنا كفيتا مهمك.
فأنت تريد دعوى الانفراد بذلك وتقريراً للاستبداد وترد بذلك على من زعم أن ذلك كان من غيرك. أو أن غيرك فعل فيه ما فعلت.
1-2-1-1- تقديم الفاعل مع الاستفهام.
وما قيل في تقديم الفعل مع الاستفهام يقال نظيره في تقديم الفاعل فإذا قلت :
(12)- أأنت فعلت؟
فبدأت بالاسم «الفاعل في المعنى» كان الشك في الفاعل من هو وكان التردد فيه ومثال ذلك :
(13)- أ- أأنت بنيت هذه الدار.
ب- أأنت قلت هذا الشعر.
ج- أأنت كتبت هذا الكتاب.
ففي هذه الجمل، تبدأ بالفاعل لأنك لم تشك في الفعل أنه كان وإنما شككت في الفاعل من هو.
كذلك الشأن إذا دلت الهمزة على التقرير، فإذا قلت :
(14)- أأنت فعلت ذلك.
كان الغرض أن تقرره بأنه هو الفاعل.
وإذا قدم الفاعل والفعل مضارعاً دالاً على الحال فإن الغرض من ذلك إذا قلت :
(15)- أأنت تفعل.
«فإنك تقرر بأنه الفاعل، وكان الفعل في وجوده ظاهراً لا يحتاج إلى الإقرار بأنه كان»7، ومثاله أيضاً :
(16)- هو يعطي الجزيل.
فتبدأ بالفاعل وتوقعه أولاً ومن قبل ذكر الفعل قاصداً بذلك الأبعاد من الشبهة ومنع السامع من الإنكار. أما إذا قلت :
(17)- أ- أأنت تمنعني؟
ب- أأنت تأخذ بيدي؟
وأردت بالفعل الاستقبال، فإنك توجه الإنكار إلى نفس المذكور وتأبى أن يكون بمثابة من يجيء منه الفعل8. فالمراد من الجملة (17، أ- ب) تنبيه المخاطب إلى أن غيره الذي يستطيع منعك والأخذ على يدك، وليس بذاك ولقد وضع نفسه في غير موضعه9.
إن المقامات التي تستدعي تقديم الفاعل في كل هذه البنيات هي :
‌أ- متكلم شاك في الفاعل ومستقد أن يكون غيره هو الفاعل .
‌ب- متكلم منكر.
‌ج- متكلم بنفي أن يكون المخاطب هو فاعل الفعل.
‌د- مخاطب مطالب برفع شك المتكلم ورد اعتقاده وتصحيح معلوماته.
1-2-1-2- تقديم الفاعل على النفي.
قد يقدم الفاعل مع النفي ويكون المراد بذلك نفي فعل ثبت أنه مفعول وتفسير ذلك أنك إذا قلت :
(18)- أ- ما أنا قلت هذا.
ب- ما أنا ضربت زيداً.
كنت نفيت أن تكون القائل له وكانت المناضرة في شيء ثبت أنه مقول10، ويكون غرضك في الجملة (18، ب) أن تنفي أن يكون الضارب له أنت ويجوز أن يكون الفاعل غيرك.
1-2-2- تقديــــم المفعــول.
وحال المفعول محال الفاعل في التقديم «فلو ذكرت المفعول قبل الفاعل أفاد أن ذكر المفعول أهم»11، وفي هذا السياق يقول الجرجاني : «وقد تكون أغراض الناس في فعل ما، أن يقع بإنسان نفسه ولا ينالون من أوقعه كمثل ما يعلم من حالهم في حال الخارجي يخرج ويعيش في الأرض ويكثر من الأذى، أنهم يريدون قتله ولا يبالون من كلن القتل منه ولا يهمهم منه شيء، فإذا قتل وأراد مريد الإخبار بذلك فإنه يقدم ذكر الخارجي فيقول :
(19)- قتل الخارجيَّ زيد.
ولا يقولون :
(20)- قتل زيد الخارجيَّ.
لأنه يعلم أن ليس للناس في أن يعلموا أن القاتل له زيد جدوى وفائدة، فيعنيهم ذكره ويهمهم ويتصل بمسرتهم ويعلم من حالهم أن الذي هم متوقعون له ومتطلعون إليه متى يكون وقوع القتل بالخارج المفسد وأنهم قد كفوا ره وتخلصوا منه»12.
فالحالة التي تقتضي إذن تقديم المفعول، رد السامع إلى الصواب وتصحيح اعتقاده، حيث يمكن أن يكون هناك من اعتقد أنك عرفت إنساناً وأصاب لكن أخطأ، فاعتقد ذلك الإنسان غير زيد وأنت ترده إلى الصواب فتقول :
(21)- زيداً عرفت.
كذلك يقدم المفعول قصد تنبيه السامع إلى أنه يريد الحديث عنه، وهذا ما ذكره صاحب الكتاب في قوله : «المفعول إذا قدم ورفع بالابتداء وبني الفعل الناصب، كان له عليه وعدي إلى ضميره فشغل به كقولنا في :
(22)- أ- ضربت عبدَ الله.
ب- عبدَ الله ضربته.
إنما قلت عبد الله فنبهته له، ثم بنيت عليه الفعل ورفعته بالابتداء»13.
1-2-2-1-تقديم المفعول مع الاستفهام.
إذا قدم المفعول مع الاستفهام كان الغرض من قولك :
(21)- أزيداً تضربه؟
إنكار أن يكون زيد بمثابة أن يضرب أو بموضع أن يتجرأ عيه وبستجاز ذلك فيه، وجاء في القرآن :
(22)- ﴿قل أغير الله اتخذوا وليا﴾.
حصل بالتقديم معنى قولك : أيكون غير الله بمثابة أن يتخذ وليا، ويرضى عاقل عن نفسه أن يفعل ذلك.
1-2-2-2-تقديم المفعول مع النفي.
أما إذا قدم مع النفي فإن الغرض من قولك :
(23)- ما زيد ضربت.
أن صربا منك وقع على إنسان وظن ذلك الإنسان زيد فتريد أن تنفي أن يكون إياه14.
فالأغراض لتي تستدعي التقديم يمكن إجمالها في الشكل التالي :
أ- رد الخطأ في التعيين نحو :
(24)- زيداً كلمت.
لمن اعتقد أنك كلمت إنساناً غيره.
ب- الاهتمام بشأن المقدم، فيقدم المفعول على الفاعل إذا كان الغرض معرفة وقوع الفعل على من وقع عليه لا وقوعه ممن وقع منه، كما إذا كان رجل ليس له بأس ولا يقدر فيه أنه يقتل فقتل رجلاً، فأراد المخبر أن يخبر بذلك فإنه يقدم ذكر القاتل فيقول :
(25)- قتل زيد رجلاً.
ذاك لأن الذي يعنيه ويعني الناس من شأن هذا القتل طرفاه، وموضوع الندرة فيه، لأن بعده كان من الظن ومعلوم أنه لم يكن نادراً أو بعيداً من حيث كان واقعاً بالذي وقع به، ولكن من حيث كان واقعاً من الذي وقع منه15. وذكر السكاكي بعض الأغراض الأخرى16، حيث يكون التقديم لتشويق السامع إلى الخبر حتى يتمكن في ذهنه إذا أورده، أو قصد تقوية الخبر. وإما لأن تقديمه ينبئ عن التعظيم، والمقام يقتضي ذلك، كما قد تجيء بالتقديم قصد التخصيص نحو قوله تعالى :
(26)- ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾.
إذ المعنى، نخصك بالعبادة والاستعانة، لا نعبد غيرك ولا نستعين به.
يلاحظ مما سبق أن أي جملة من الجمل الممثل بها، ترتبط بغرض إبلاغي معين، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن اللغويين العرب القدامى وخاصة البلاغيين، في إطار علم المعاني، اهتموا برصد العلاقة التي تربط بنية ما بالمقام الذي تنجز فيه، وبالغرض التواصلي الذي تستعمل لتحقيقه. وبهذا المعنى يمكن أن نقول بأن الدراسة التي قام بها اللغويون العرب القدامى لظاهرة التقديم والتأخير دراسة وظيفية باعتبارها تقوم على مبدأ الربط بين بنية اللغة والوظيفة التي تؤديها في التواصل17.
2- خروج بعض معاني الطلب من الدلالة على المعنى الحرفي إلى الدلالة على المعنى المستلزم خطابياً.
من المعلوم أن الفكر اللغوي العربي القديم، يتضمن ثنائية الخبر والإنشاء، كما يدل على ذلك تعريف البلاغيين للخبر والإنشاء. فالجملة الخبرية عندهم هي الجملة المتوافرة فيها خاصيتان:
أ‌- أنها لا تحتمل الصدق أو الكذب.
ب‌- مدلولها يتحقق بمجرد النطق بها.
فالإنشاء إذن، هو إلقاء الكلام الذي ليس لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه18. وينقسم لهذا الاعتبار إلى طلبي ويعرف بأنه، ما يستدعي مطلوباً غير حاصل في اعتقاد المتكلم وقت الطلب. والثاني غير الطلبي، وهو ما يستدعي مطلوباً حاصلاً، وأنواعه كثيرة منها صيغ المدح والذم والقسم والتعجب...
والذي يهمنا في هذا البحث، القسم الأول أي الإنشاء الطلبي لأنه فيه من المزايا واللطائف ما ليس في القسم الثاني والطلب حسب السكاكي قسمين، الأول لا يستدعي فيه إمكان الحصول وذلك بالنظر إلى كون الحصول ذهنياً أو خارجياً. «ووجه ذلك أن الإنسان إذا صح منه الطلب بأن أدرك بالإجمال لشيء ما أو بالتفصيل بالنسبة إلى شيء، ثم طلب حصولاً لذلك في الذهن وامتنع طلب الحاصل، توجه إلى غير حاصل وهو تفصيل المجمل وتفصيل المفصل بالنسبة19. ويمكن توضيح ما سبق عن طريق الرسم التالي20 :

ويندرج تحت النوع الأول من الطلب، التمني أو ما ترى كيف تقول :
(1)- ليت زيداً جاءني.
فتطلب كون غير الواقع في ما مضى واقعاً فيه مع حكم العقل بامتناعه21. ويندرج الاستفهام والأمر والنهي تحت النوع الثاني، فالاستفهام هو طلب حصول الشيء في الذهن أما الأمر والنهي فلطلب الحصول في الخارج، إما حصول انتفاء كقولك في النهي لا متحرك :
(2)- لا تتحرك.
فإنك تطلب بهذا الكلام انتفاء الحركة في الخارج. وإما حصول ثبوته كقولك في الأمر :
(3)- قـــــــم.
فإنك تطلب بهذا الكلام قيام صاحبك في الخارج»22.
فنهاك فرق بين الطلب في الاستفهام، والطلاب في الأمر والنهي إذ في الاستفهام تطلب ما هو في الخارج ليحصل في الذهن نقش مطابق له، وأما في الأمر والنهي فإنك تطلب ما في الذهن ليحصل في الخارج.
والسؤال الذي يمكن إثارته بهذا الصدد، ما هي الأغراض الأصلية التي تستعمل فيها هذه الصيغ؟
2- 1- الاستعمالات الأصلية لصيغ الاستفهام والأمر والنهي.
2-1-1- الأمــــــــــــــــــــر.
عرفه الآمدي بأنه طلب الفعل على جهة الاستعلاء23، وورد في كافية ابن الحاجب، أن الأمر هو كل ما يصح أن يطلب به الفعل من الفاعل المخاطب نحو قولك :
(4)- اضــــــرب.
على سبيل الاستعلاء24، وورد في مفتاح العلوم : «هو طلب المتصور على سبيل الاستعلاء يورث إيجاد الإتيان به على المطلوب منه، وإذا كان الاستعلاء ممن هو أعلى مرتبة من المأمور استتبع إيجابه وجوب الفعل»25. وصيغ الأمر هي «افعل» و«لتفعل» نحو انزل ولينزل وصيغ أخرى استعملتها العرب نحو «نزال» و«صه» على سبيل الاستعلاء أولاً، يلاحظ، أن كلا من الأصوليين والبلاغيين والنحاة، يتفقون على أن الأصل في صيغة الأمر الطلب، وعلى أن الطلب الذي تدل عليه هو طلب الفعل، إما على وجه اللزوم أو على وجه الندب. وقد تبين بالاستقراء أن العرف الإسلامي في فهم الكتاب والسنة، باعتبارهما مبنيين للشرع الإسلامي، يجعل الأمر فيهما للوجوب، أي الطلب الحتمي اللازم لأن ذلك هو الكثير الغالب، وعلى ذلك فكل طلب أمر يدل على الطلب اللازم، إلا إذا قام الدليل على خلاف ذلك26. فالأمر إذن، يكتسب صفة الاستعلاء، أي من الأعلى إلى الأسفل وهذه هي الحقيقة الأولى.
2-1-2- الــــنــــــهــــــــي.
والنهي ضد الأمر، وكل ما قيل في حد الأمر يمكن أن يقال مقابله في حد النهي، فهو طلب الكف على الفعل يقتضي طلب الكف الحتمي.
وصيغة النهي «لا تفعل» وأصل استعمالها أن تكون على سبيل الاستعلاء. فإذا كان الاستعلاء ممن هو أعلى رتبة استتبع إيجابه وجوب الكف27. ويعد من صيغه أيضاً كل ما له دلالة على طلب الكف، نحو قوله تعالى :
(5)- أ- ﴿وتنهى عن الفحشاء والمنكر﴾.
ب- ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير﴾.
ج- ﴿وذروا ظاهر الإثم وباطنه﴾.
فالنهي من هذا المنطلق هو القول الطالب الترك دلالة أولية.
2-1-3- الاستــفــهـــــام.
أما الاستفهام، فهو طلب فهم شيء لم يتقدم لك بع علم بأداة من إحدى أدواته، وهي : «الهمزة» و«هل» و«ما» و«من» و«أي» و«كم» و«كيف» و«أين» و«أنى» و«متى» و«أيان».
وهي حسب السكاكي ثلاثة أقسام، إما مختصة لطلب حصول التصور، أو الطلب التصديق، وإما لا تختص.
وطلب التصور، مرجعه إلى تفصيل المجمل أو تفصيل المفصل وطلب التصديق، تعيين الثبوت أو الانتقاء في مقام التردد28. والهمزة من النوع الذي لا يختص، فهي تفيد طلب التصديق:
(6)- أ- أحصل الانطلاق.
ب- أزيد منطلق.
كما تفيد طلب التصور أيضاً نحو :
(7)- أ- أعمر في الدار أم زيد؟
ب- أفي الدار زيد أم في المدرسة؟.
* وتعد «هل» من النوع المختص بطلب التصديق، أي معرفة وقوع النسبة أم عدم وقوعه، فتقول :
(8)- أ- هل حصل الانطلاق؟
ب- هل انطلق زيد؟.
فإن الإجابة تكون إما بالنفي أو الإثبات.
وباقي أدوات الاستفهام، تندرج تحت النوع المختص بطلب التصور، وكل أداة من هذه الأدوات تتخصص بوظيفة معينة29.
* فأما «ما» فتستعمل للسؤال عن الجنس كما تقول :
(9)- ما عندك؟
أي، أي الأجناس عندك. وفي التنزيل :
(10)- ما خطبكم؟ (أي، أي الخطوب خطبكم)
* «من» تستعمل للسؤال عن الجنس من ذوي العلم، فيطلب بها أحد العقلاء، نحو :
(11)- أ- من جبريل؟ (بمعنى أبشر هو أم ملاك).
ب- من ربكما يا موسى؟ (أي من مالككما المدبر أمركم).
* تستعمل «أي» للسؤال عما يميز أحد المتشاركين يجمعهما ويعمهما فتقول : عندي ثياب. فيقول القائل :
(12)- أي الثياب هي؟
فيطلب منك ومنا يميزها عنده، عما يشاركها في الثوبية.
* «كيف» للسؤال عن العدد فإذا قلت :
(13)- أ- كم مالــــــــك؟
ب- قال قائل منكم كم لبثتم؟
* «كيف» معناها السؤال عن الحال كقولك :
(14)- كــيــف زيـــــــــد.
أي على أي الأحوال هو، فجوابه صحيح، أم سقيم...
* أما «أين» فظرف من ظروف الأمكنة، والغرض به الإيجار والاختصار، وذلك أن سائلاً لو سأل عن مستقر زيد فقال :
(15)- أ- أفي الدار زيد؟
ب- أفي المسجد زيد؟
فلم يكن في واحد منهما، فيجيب المسؤول بلا ويكون صادقاً فليس عليه أن يجب عن مكانه الذي هو فيه، لأنه لم يسأل إلا عن هذين المكانين فقط. والأمكنة غير منحصرة، فلو ذهب يعدد مكاناً مكاناً، لقصر عن استيعابها، فجاؤوا بأين مشتملة على جميع الأمكنة، وضمنوه معنى الاستفهام واقتضى الجواب من أول مرة.
* تستعمل «أنى» تارة بمعنى كيف محو قوله تعالى :
(16)- ﴿فأتوا حرثكم أنى شئتم﴾ أي كيف.
وأخرى بمعنى أين، قال تعالى :
(17)- ﴿أنى لك هذا﴾ أي من أين.
* أما «متى» فسؤال عن زمن مبهم يتضمن جميع الأزمنة والمراد به الاختصار وذلك أنك لو سألت إنساناً عن زمن خروجه، لكان القياس اليوم تخرج أم غدا أم الساعة والأزمنة أكثر من أن يحاط بها فإذا قلت متى أغنى عن ذكر ذلك كله.
* كذلك الشأن بالنسبة لـ «أيان» فهي ظرف من ظروف الزمن مبهم بمعنى متى، إلا أن هناك فرق بينهما يتمثل في كون متى تستعمل في كل زمان، وأيان لا تستعمل إلا فيما يراد تفخيم أمره وتعظيمه نحو قوله تعالى :
(18)- ﴿أيان مرساها﴾ أي منى.
هذه إذن، هي الأغراض الأصلي التي تستعمل من أجلها صيغ الأمر والنهي والاستفهام. وقد تعدل عن الأصل، وتتولد منها معاني أخرى يمكن أن نتوصل إليها بمعونة السياق. والسؤال الذي يمكن أن نشيره هنا أن هو كيف تخرج هذه المعاني من الدلالة على المعنى الحرفي أو الأصلي، إلى الدلالة على معنى معاير؟ وبعبارة أخرى، ما هي المقامات التي تقتضي عدول هذه المعاني عن الأصل؟ كما إذا قلت لمن همك همه :
(19)- ليتك تحدثني.
امتنع إجراء التمني، وللحال ما ذكر عن أصله. فتطلب الحدث من صاحبك غير مطموع في حصوله، وولد بمعونة قرينة الحال معنى السؤال. أو كما إذا قلت :
(20)- هل لي من شفيع.
في مكان لا يسع إمكان التصديق بوجود الشفيع، امتنع إجراء الاستفهام عن أصله وولد بمعونة قرائن الأحوال معنى التمني30.
2-2- المعنى المستلزم خطابياً أو الدلالة التابعة.
2-2-1- الأمـــــــــــــــــــر.
لقد خلص الأصوليون من بحث استعمال صيغة الأمر في النصوص الشرعية، إلى أنها لا تدل على طلب الفعل وإن كان الطلب أشيع في دلالتها، فقد ترد لغيره وقد قرر الآمدي بأنها تطلق بإزاء خمسة عشرة اعتباراً31، وهي :
1)- الوجوب ومثاله «أقيموا الصلاة وأتوا الزكاة».
2)- الندب : فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا. ويدخل في الندب التأديب نحو قولك : «كل ما يليك» فالأدب مندوب عليه.
3)- الإرشاد : كقوله تعالى : ﴿واستشهدوا شهيدين﴾ وقوله : ﴿إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه﴾ والفرق بين الندب والإشارة، أن الأول مطلوب لثواب الآخرة والثاني لمنافع الدنيا.
4)- الإباحة : ﴿وإذا حللتم فاصطادوا﴾ ومعنى الإباحة، الإذن المجرد بالفعل.
5)- الامتنان : كقوله تعالى : ﴿كلوا مما رزقكم الله﴾.
6)- الإكـــرام : ﴿أدخلوها بسلام﴾ فهي للإذن بالفعل مع الإكرام.
7)- التهديد : وهو التخويف، ﴿اعملوا ما شئتم﴾ ويدخل فيه الإنذار نحو : ﴿قل تمتعوا فإن مصيركم النار﴾.
8)- التصخير : ﴿كونوا قردة خاسئين﴾ وهو الانتقال إلى حالة ممتهنة.
9)- التعجيز : كقوله : ﴿قل كونوا حجارة أو حديداً﴾.
10)- الإهـــانة : ﴿قل إنك أنت العزيز الحكيم﴾.
11)- التسوية بين الشيئين : ﴿اصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم﴾.
12)- الــدعــاء : كقول القائل : «اللهم اغفر لي» وهو نوع من الطلب من الأسفل إلى الأعلــــــــــــى.
13)- التمني : ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي.
14)- الاحتقار : محو : ﴿القوا ما أنتم ملقون﴾ وهو عدم المبالاة.
15)- التكوين وكمال القدرة : نحو قوله تعالى : ﴿كن فيكون﴾.
وأضاف بعض اللغويين أغراضاً أخرى، كالخبر نحو قول الرسول صلى الله عليه وسلم : «وإذا لم تستحي فاصنع ما شئت» بمعنى صنعت، كذلك قد تدل على اللوم نحو قوله تعالى : ﴿ما منعك أن تسجد إذ أمرتك﴾، وقد ترد بمعنى الذم فقوله : ﴿وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون﴾، فهو ذم للذين يؤمرون بالصلاة ولا يصلون.
كما تنبه النحاة كذلك لهذه الظاهرة، وقد جمعها في قوله32 :
(22)-
ألا إن لفظ الأمـــر لا شك تسعــة  سـؤال ونـدب والإباحـــة تلحــق
وإلــزام حـق والتـهـديــد بـعــــده  ويتبعــه لتعجيــز ثـم التـخـلــــق
وآخــره التوقــف أو الصرفا علمن  وتنزيل ربي بالـذي قلـت ينطــق
وأمثلة هذه المحامل التسعة، قوله تعالى : ﴿اهدينا الصراط المستقيم﴾، ﴿فارتقوهم منه﴾، ﴿فانتشروا في الأرض﴾، ﴿أقيموا الصلاة﴾، ﴿اعملوا ما شئتم﴾، ﴿فاتوا بسورة منه﴾، ﴿وأتينا طوعاً أو كرهاً﴾، ﴿وأنبئوني بأسماء هؤلاء﴾ و﴿أخرجوا أنفسكم﴾.
وخلاصة ما يمكن قوله، إن السياق هو الذي يحدد المعنى من صيغة الأمر «فإذا استعملت على سبيل التلطف، كقول كل أحد لمن يساويه، افعل بدون استعلاء، ولدت السؤال والالتماس، كيف عبرت عنه»33.
2-2-2- الــــــنــــــــهـــــــــــي.
وكذا الكلام في النهي، فقد بحث المفكرون العرب القدامى في النهي، على غرار بحثهم في الأمر، منتهين إلى أن النهي محذو به حذو الأمر.
فقد ترد صيغة لا تفعل، في الاستعمال على سبعة محامل34 :
1)- التـــحــريــم : نحو : ﴿لا تقتلوا النفس﴾.
2)- الـكــراهية : ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل لكم الله﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم : «لا تصلوا في مبارك الإبل».
3)- الــدعــــــاء : ﴿ربنا لا تزغ قلوبنا﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم : «لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين».
4)- الإرشــــــاد : نحو : ﴿لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم﴾.
5)- التــحـقـيــــر : قال تعالى : ﴿لا تمدن عينيك﴾.
6)- الــيــــأس : ﴿لا تعتذروا اليوم﴾.
7)- بيان العاقبة : نحو قوله تعالى : ﴿ولا تحسبن الله غافلاً﴾.
وأضاف السكاكي إلى هذه المعاني دلالة أخرى، فإذا استعمل في حق المساوي الرتبة لا على سبيل الاستعلاء، سمي التماساً، وإذا ورد في سياق الاستئذان سمي إباحة، كذلك إذا استعمل في مقام تسخط الترك سمي تهديداً35.
2-2-3- الاستــفــهــــام.
لقد ورد في ما سبق، ذكر للأدوات الموضوعة للاستفهام والأغراض الأصلية التي تستعمل من أجل تأديتها، إلا أن تلك الاستعمالات تعدل عن الأصل، وتولد معاني أخرى يتوصل إليها بمعونة قرائن الأحوال، يقول الجرجاني : «اعلم أن هذا الذي ذكرت لك في الهمزة وهي للاستفهام قائمة فيه إذا كانت للتقرير. فإذا قلت :
(23)- أأنت فعلت ذلك؟
كان غرضك أن تقرره بأنه الفاعل، كما قد تدل على الإنكار ومثاله :
(24)- ﴿أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً﴾36».
وقد يقال : ما هذا ومن هذا لمجرد الاستخفاف والتحقير ومالي، للتعجيب، قال تعالى :
(25)- ﴿مالي لا أرى الهدهد ﴾.
للتعجيب، أيما رجل، كم دعوتك للاستبطاء، وكم تدعوني للإنكار والتعجب والتوبيخ37. قال تعالى :
(26)- ﴿كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم﴾.
بمعنى التعجب، يقول السكاكي : «فالكفار حين صدور الكفر منهم لا بد أن يكونوا على أحد الحالين، إما عالمين بالله وإما جاهلين به فلا ثالثة. فإذا قيل لهم كيف تكفرون بالله وقد علمت أن كيف للسؤال عن الحال... فأفاد، أفي حال العلم بالله تكفرون أم في حال الجهل به... ثم إذا قيد كيف تكفرون بالله بقوله : ﴿ومنتم أمواتاً فأحياكم، ثم يميتكم ثم يحيكم﴾. فيصير بمعنى كيف تكفرون بالله والحال علم لهذه القصة فصار وجوده مظنة للتعجب، ووجه بعده هو أن هذه الحالة تأبى أن لا يكون للعاقل علم بأن له صانعاً، قادراً، عالماً... وعلمه بأن له هذه الصنائع يأبى أن يكفر وصدور الفعل عن القادر مع العارف القوي مظنة تعجب، وتعجيب، وإنكار، وتوبيخ»38.
وقد تدل «أين» على التوبيخ، والتقريع، الإنكار في سياق تدليل المخاطب، فقوله تعالى :
(27)- ﴿أين شركائي الذين كنتم تزعمون﴾.
توبيخاً للمخاطبين، وتقريعاً لهم، لكونه سؤالاً في وقت الحاجة إلى الإغاثة، عمن كان يدعي له أنه يغيث.
نستنتج مما سبق، أن دراسة المفكرين العرب القدامى للمعاني المتنوعة والمتعددة التي ترد بها صيغ الأمر والنهي والاستفهام، تكشف عن إدراكهم الواعي لأثار السياق اللفظي والحالي، وبمصطلح الأصوليين «أسباب النزول»، في تحديد المعنى المراد، على أن المقصود بالسياق هنا، حال المتكلم والمخاطب والظروف والملابسات... فتحديد معنى أي بنية جملية مرتبط بالمقام الذي قيلت فيه، وبذلك أقر السكاكي : في مفتاح العلوم قال : «لا يخفى عليك أن مقامات الكلام متفاوتة، فمقام التشكر يباين مقام الشكاية، ومقام التهنئة يباين مقام التعزية، ومقام المدح مباين لمقام الذم، ومقام الترغيب يباين مقام الترهيب، ومقام الجد في ذلك يباين مقام الهزل، وكذا مقام الكلام ابتداء يغاير مقام الكلام بناء على الاستخبار، أو الإنكار ومقام البناء على السؤال يغاير مقام البناء على الإنكار. جميع ذلك معلوم لكل لبيب، وكذا مقام الكلام مع الذكي يغاير مقام الكلام مع الغبي، ولكل من ذلك مقدفي غير مقدفي الآخر، ثم إذا شرعت في الكلام، فلكل كلمة مع صاحبتها مقام، ولكل حد ينتهي إليه مقام، وارتفاع شأن الكلام في باب الحسن والقبول، وانحطاطه في ذلك بحسب مصادقته لما يليق به، وهو الذي نسميه مقتضى الحال»39.
الـــــهــــــوامـــش :
2- علم المعاني، عبد العزيز عتيق، ص : 148.
3 – دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني، ص : 139.
4 – نــــــفــــــســــــه، ص : 148.
5 – مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 111.
6 – نــفـــــس المـــرجـــع.
7 – دلائل الإعجاز، الجرجاني، ص : 143.
8 – نـــــفــــــس المــرجــع.
9 – مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 112.
10 – دلائل الإعجاز، الجرجاني، ص : 148.
11 – نـــــفــــــســـــــه.
12 – نــــــفــــــســـــــه، ص : 137.
13 - نــــــفــــــســـــــه، ص : 153.
14 - نــــــفــــــســـــــه، ص : 149.
15 - نــــــفــــــســـــــه، ص : 137.
16 – مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 93.
17 – اللسانيات الوظيفية، مدخل نظري، أحمد المتوكل، ص : 88.
18 – علوم البلاغة، مصطفى المراغي، ص : 59.
19 – مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 146.
20 – اللسانيات الوظيفية، مدخل نظري، أحمد المتوكل، ص : 37.
21 – مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 146.
22 – نــــــفـــــــســـــــه.
23 – الأحكام في أصول الأحكام، الآمدي، ج 3، ص : 264.
24- شرح الكافية، الأسترابادي، ج 2 :، ص : 267.
25 - مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 152.
26 - أصول الفقه، الإمام محمد أبو زهرة، ص : 139.
27 - مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 152.
28 - نـــــفـــــســــــه، ص : 148.
29 - نـــــفـــــســــــه، ص : 149.
شرح المفصل، لبن يعيش،ـ ج 4، ص : 104.
30 – مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 146.
31 – الأحكام في أصول الأحكام، الآمدي، ص : 208.
المستصفى من علم الأصول، الغزالي، ج 2.
دراسة المعنى عند الأصوليين، طاهر سليمان حمودة، ص : 72.
32 – شرح الكافية، الأسترابادي، ج 2، ص : 267.
33 – مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 152.
34 – الأحكام في أصول الأحكام، الآمدي، ج 2، ص : 216.
دراسة المعنى عند الأصوليين، طاهر سليمان حمودة، ص : 81.
35 – مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 150.
36 – دلائل الإعجاز، الجرجاني، ص : 140.
37 – مفتاح العلوم، السكاكي، ص : 150.
38 – نــــــفـــــــســــــه، ص : 151.
39 - نــــــفـــــــســــــه، ص : 73.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

التجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  أروقة المدارس اللسانية :: اللسانيات الوظيفية-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


التجليات الوظيفية في الدرس اللغوي العربي القديم من خلال بعض الظواهر اللغوية 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
النقد النحو الأشياء اللغة قواعد مجلة على موقاي ظاهرة الخيام العربي اسماعيل محمد المعاصر النص الحذف مدخل بلال الخطاب اللسانيات مبادئ كتاب ننجز التداولية العربية البخاري


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | منتدى مجاني | العلم و المعرفة | اخر... | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع