منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةدراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجردراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصوردراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةدراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةدراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلوددراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيردراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لنادراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبدراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديردراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبدراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصاردراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إيمان جاك
عضو ذهبي
إيمان جاك

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
71

نقاط :
143

تاريخ التسجيل :
22/12/2010


دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة Empty
مُساهمةموضوع: دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة   دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2011-07-18, 12:39

المقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد العربي الأمين،و على آله وصحبه أجمعين أما بعد:
سنتناول في هذا العرض قراءة في كتاب نقدي لصاحبه "ميخائيل نعيمة" ،بداية نحاول استظهار تعريف لهذا الكاتب وبعض آثاره التي خلفها في مجال الأدب ،بعدها ننتقل إلى ذكر المنهج الذي إتبعه وفي خضم هذا نبين ما احتواه كتاب "الغربال"الذي هو موضوع بحثنا هذا وآراء العقاد فيه،وكل هذه الدراسة تصب في الجانب النظري،وأما من الناحية التطبيقية ،سنتطرق إلى تحليل نصين من كتاب "الغربال"تحليلا أدبيا فأما النص الأول يعالج وظيفة الناقد من محور الغربلة ،وأما عن التالي فيعالج "محور الأدب"ومن خلال هذه الدراسة نستخرج خصائص أسلوب الكاتب مع تبيان المكانة الأدبية التي حظي لها،وفي الأخير نخلص إلى نتيجة نحاول بها توضيح حقيقة أن ميخائيل نعيمة أديب وناقد ممتاز،أصدر في كتابه "الغربال" أحكام نقدية في ترو وشفعها بالدليل المؤكد والحجة البينة ،ولا يكاد القارئ يقرأ له مقالا أو فصلا في النقد حتى يعجب بآرائه ويقتنع بالأحكام التي يصدرها ،تميز بالكفاءة العالية التي عمل بها على تطوير الأدب العربي الحديث ليساير ركب تطور الآداب العالمية ،حيث امتازت كتاباته بآفاقها الإنسانية.
تعريف الأديب ميخائيل نعيمة مع تسمية بعض آثاره :
ميخائيل نعيمة أديب وناقد لبناني مهجري مسيحي ولد بقرية بسكنتا بلبنان سنة 1889 .اخذ تعليمه الأول بمسقط رأسه ثم التحق بالمدرسة الروسية بوطنه ونظرا لتفوقه سمح له بالالتحاق بمدرسة دار المعلمين الروسية بالناصرة في فلسطين إلى غاية عام 1906 حيث أرسل في العام نفسه إلى روسيا لمباشرة دراسته في يلتافا مكافأة له على نجابته وقد أتم دراسته بها سنة 1911 عاد إلى وطنه و شد الرحال بعدها رفقه أخيه إلى أمريكا التحق بجامعة واشنطن حيث نال الشهادة في الحقوق والآداب ،وفي سنة 1920م كون الرابطة القلمية في نيويورك رفقة جماعة من الأدباء السوريين واللبنانيين ، حيث بقي فيها حتى سنة 1932.
شارك في الحرب العالمية الأولى جنديا في الجيش الأمريكي بفرنسا، كما شارك في تحرير مجلتي الفنون والسائح.عاد سنة 1932 إلى وطنه ، لم يمنعه تقدم السن من مواصلة الإبداع ، فقد وافته المنية عن عمر يناهز المائة (سنة 1988م) .مخلفا بذلك آثارا عديدة في مختلف الفنون الأدبية وشتى أنواع الأدب من المقالة والسيرة والمسرحية إلى القصة والشعر وباللغات الثلاث العربية ، الانجليزية والروسية منها : همس الجفون ، زاد المعاد ، البيادر ، في مهب الريح ، أكابر ، نجوى الغروب ، لقاء ،كرم على درب ، في الغربال الجديد ، الغربال، دروب.
والغربال هو عبارة عن دراسة نقدية جزئية وهو محل الدراسة النقدية في بحثنا هذا. ومما لا شك فيه أن مدرسة المهجر وخاصة الرابطة القلمية كانت على اطلاع أوسع على الأدب ليس فقط في بيئة المهجر، بل في المشرق أيضا ، فقد ارتأى جبران رئيس الرابطة القلمية أن التعاون لابد أن يكون مع من يناظرهم من أدباء المشرق ، واقترح أن يكون التعاون مع العقاد الذي أسهم أيما إسهام في إرساء قواعد الرومانسية ، سواء في المشرق بكتابه الديوان وغيره ، أو في المهجر بتقديمه لكتاب الغربال لميخائيل نعيمة حيث يقول العقاد في مقدمة كتاب الغربال التي كتبها : أسلمنيه ناشره الأديب عشية سفري إلى أسوان ،فاغتبطت بالهدية وشكرتها للمؤلف والناشر ، لأنها متعة من القراءة الطريفة أتزود بها في هده الرحلة، ولأنها من الوجهة الأخرى دليل من دلائل القرابة الفكرية ووثيقة نسب جديد من انساب الأدب . وأي شيء أدل على قرابة الفكر وأبين عن عروقها الممتدة وأرحامها المؤلفة من كتاب تخطر معانيه وتصاغ عباراته في نيويورك تحت سماء القارة الأمريكية ثم تكتب مقدمته في أسوان تحت سماء القارة الإفريقية ؟؟ فهدا ما ليس يصنعه إلا الفكر، دلك الجوهر الخالد الذي لا مكان له ولا زمان والدي لا قرابة اقرب منه بين إنسان وإنسان
منهجه:
لقد شهد الثلث الأول من القرن العشرين قيام مدارس أدبية عديدة .لكل مدرسة إتجاهها ، و خصائصها ، و منهجها ، و كانت مدرسة شعراء المهجر من المدارس البارزة بين هذه المدارس المختلفة.
و يرجع قيام هذه المدرسة الشعرية المهجرية إلى هجرة أفواج كبيرة من أبناء البلاد العربية ، و بخاصة من سوريا و لبنان إلى العالم الجديد في أواخر القرن التاسع عشر، و في القرن العشرين حيث نزلوا في كندا و الو-م-أ و في دول أمريكا الجنوبية ، و بخاصة البرازيل و الأرجنتين و شيلي و فنزويلا و المكسيك و نقلوا اللغة العربية و الأدب العربي إلى تلك المهاجر البعيدة ، و كان من بين المهاجرين أدباء و شعراء ، فأنشأ المهاجرون في تلك الديار النائية أدبا ، يعبرون به عن مشاعرهم ، و كتبوا شعرا يصورون فيه عواطفهم و مختلف أحاسيسهم و تجاربهم و يتحدثون فيه عن غربتهم و حنينهم إلى الوطن ، و يصفون فيه حياتهم و ما تعرضوا له من عناء و شقاء و تجارب مريرة مثيرة ، و كان أدبهم هذا هو أدب مدرسة المهجر ، و شعرهم هو الشعر المهجري الذي أصبح مدرسة شعرية من مدارس الشعر الحديث ، و عني به الأدباء و النقاد عناية كبيرة . و قد ولد هذا الأدب و الشعر مع القرن العشرين ، ثم نشأ و ترعرع وازدهر حتى بلغ في الثلاثينيات و ما بعدها .
و قد أنشأ شعراء المهجر الشمالي في نيويورك رابطة أدبية باسم " الرابطة القلمية " وذلك في 20أبريل 1920 .¹
وكان الذي حمل عبء الدعوة إلى تأسيسها هو "عبد المسيح حداد "
(1890-1963) مؤلف كتاب "حكايات المهجر" ... و كان من أعلامها : ميخائيل نعيمة ، نسيب عريضة ، نعمة الحجاج ، إيليا أبو ماضي ، رشيد أيوب ، ندوة حداد ، نعمة أيوب ...إلخ.
و تولى جبران رئاسة الرابطة القلمية ، و كان ميخائيل نعيمة مستشارها ،و سجل نعيمة في صدر قانون الرابطة أن "هذه الروح الجديدة التي نرى الخروج بآرائنا من دور الجمود و التقليد إلى دور الإحتكار في جميل الأساليب و المعاني حرية في نظرنا بكل تنشيط و مؤازرة ، فهي أمل اليوم ، و ركن الغد ".²
و أصدرت الرابطة مجموعة أدبية دورية باسمها ، أسهم في تحريرها رشيد أيوب و قد طبعت مجموعة الرابطة القلمية في نيويورك ، ثم في بيروت. و قد وحدت الرابطة مسعى أدباء المهجر الشمالي و شعرائه في سبيل اللغة العربية و آدابها و الأدب عندهم يستمد غذاءه من تربة الحياة و نورها و هوائها . و الأديب هو الذي خص برقه الحس ، و دقة الفكر ، و بمقدرة البيان عما تحدثه الحياة في نفسه من التأثير.³




¹ الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي،حركات التجديد في الشعر الحديث،ط1 2002م دار الوفاء لدينا الطباعة والنشر ص177.
² نفس المرجع.
³ نفس المرجع.

و بعد قيام الرابطة صارت جريدة السائح لسانها الناطق ،و صدرت أعداد ممتازة منها عن أعداد ممتازة منها عن الحركة الأدبية في المهجر ، و عن الرابطة و نشاط أعضائها و يمثل كتاب" الغربال " لميخائيل نعيمة ، الذي ظهر عام 1923م ، و قدم له العقاد، أفكار الرابطة تمام التمثيل من الدعوة إلى التجديد ، و توجيه النقد ، إلى مقاييس نقدية جديدة ، منبعثة من حاجات نفسية تابثة ، أجملها نعيمة فيما يلي :¹

1)حاجتنا إلى الإفصاح عن كل ما ينتابنا من العوامل النفسية، من رجاء و يأس ، و فوز و فشل وحب و كره ، و لذة و ألم و فرح و حزن ، و طمأنينة و خوف .
2)حاجتنا إلى نور نهتدي به فيه في الحياة ، و ليس من نور نهتدي به غير الحقيقة.
3)حاجتنا إلى الجميل من كل شئ
4)حاجتنا إلى الموسيقى.

و قد وجه جبران الرابطة و شعرائها نحو الرومانسية المجنحة ، وامتد تأثيره إلى الشرق العربي بشعره الموزون ، وبشعره المنثور ، و بالشعر المهموس أو شعر المناجاة الذي أوجده في شعرنا الحديث كما يقولون .²
ومثلت الرابطة نزعات التجديد في الأدب و الشعر ، و من ثم كانت مثالا لحركة نقد شديد في كل مكان ، و كانت الرابطة أقرب إلى الرومانسية شكلا ، و لكن طول التأمل و عمق التجربة رفع أدبها و شعرها إلى مستوى عال يطل منه على مستويات العلم و الفكر العالمي ، و قال نعيمة في مقدمة دستور الرابطة :"ليس كل ما سطر بمداد على قرطاس أدبا ، ولا كل من حرر مقالا أو نظم قصيدة موزونة بالأديب .فالأدب هو الذي يستمد غذاءه من تربة الحياة و نورها وهوائها...".³
و لقد تأثر الشعراء المهجريون بالآداب العربية القديمة و الحديثة ، و بمختلف المدارس الشعرية الجديدة ، خاصة مدرسة شعراء الديوان و العقاد هو الذي قدم كتاب "الغربال" لميخائيل نعيمة إلى القراء كما ذكرناها سابقا ، و في هذا التقديم ثناء من العقاد على أدباء المهجر و شعرائه الذين فكوا عن القرائح قيود التقليد.و أحاط المهجريون كذلك من أمثال جبران خليل جبران و ميخائيل نعيمة بالكثير من ثقافات العرب ، و أمريكا ، و ألموا – مع العربية- باللغتين الإنجليزية و الإسبانية ، و كان حظ شعراء المهجر من الانتفاع بالشعر الأمريكي غير قليل . و قد وقفوا بين روح الشرق و روح الغرب موقف المؤمن بالتراث ، و المستفيد من كل جديد ، فكثرت في شعرهم معاني الحرية و الدعوة إلى الإخاء و المساواة .
¹ الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي،حركات التجديد في الشعر الحديث،ط¹ 2002م دار الوفاء لدينا الطباعة والنشر ص178.
² نفس المرجع.
³ نفس المرجع.
ووفق بعض المهجريين من القديم و الجديد موقفا وسطا ، أخذوا من القديم ، و أخذوا من الجديد، و توسطوا في الأمرين التجديد و التقليد ، فلهم كلاسيكية حافظ و شوقي و أحمد محرم و بشارة الخوري ، ولهم رومانسية حالمة مجددة ، و رمزية ...الخ كذلك ينزعون نحو المذاهب الغربية في الأدب و الشعر و الفن.و ما من ريب في أن رومانسية شعراء المهجر تأثرت بعوامل شتى من أبرزها :¹
1)وجود هؤلاء الشعراء خارج أوطانهم و بلدانهم ، مما جعل الحنين موضوعا مشتركا في أكثر قصائدهم ، و الغربة إحدى اللواعج التي يعانون منها ، و كل من الغربة و الحنين يعد زادا ضروريا لشعر الرومانسية القائم على البوح بما يعانيه الشاعر و يتألم به.
2) تأثر شعراء المهجر بالأدب الغربي عامة و الأمريكي خاصة لاسيما و أن الأدب العربي عزف قبل حركة المهجر ، رسوخ أشكال أدبية نثرية جديدة كالقصة القصيرة و الرواية و المقالة و المسرحية ، و شيوع هذه الألوان النثرية يمثل تحديا أمام الشعر الذي ظل يسعى منذ البارودي و شوقي للإفادة من هذا الانفتاح ، فجاء التفاعل مع الرومانسية الغربية في الشكل و المحتوى صورة من صور هذا التأثر .
3) و على الرغم من أن شعراء المهجر الذين ينحدرون من أصول سورية و لبنانية قد وجدوا في المهجر مناخا يوفر لهم حرية التعبير و الرأي ، و لا يعانون فيه من أي صنف إجتماعي أو اقتصادي إلا أنهم ظلوا يتابعون من خلال وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة ما يجري في وطنهم الأصلي ، فيتأثرون بما يقع فيه من حوادث .
و يذكر أن العقود الأولى من القرن الماضي شهدت ظهور حركات ثورية ، منها ثورة 1919 في مصر ، و ثورة 1920 في العراق ، و ثورة الأمير عبد القادر الجزائري في الجزائر ، و ثورة عبد الكريم الخطابي في شمالي المغرب . و سوريا و لبنان ظلت الثورات متصلة فيهما اتصالا وثيقا ضد الفرنسيين إبتداءا من عام 1920 ، و هو العام الذي نكبت فيه دمشق ، حتى الاستقلال . يرافق ذلك ما كان يصل إلى مسامعهم من أخبار عن فلسطين توجع القلب ، منها الأخبار عن وعد بلفور 1917 و ثورة 1921 و الثورات المتتابعة ، و الهجرة اليهودية .
4) يضاف إلى هذا و ذاك ظهور حركات فكرية و سياسية هزت الكثير من القناعات التقليدية ، مما فتح الباب أمام ظهور تيارات أدبية جديدة من ذلك مثلا:
ـ ظهور كتاب طه حسين (الشعر الجاهلي) الذي طبع الطبعة الأولى منه عام 1927 و فيه يشكك بصحة الكثير من الشعر القديم ، بدءا بالمعلقات و مرورا بدواوين الشعراء .
ـ كتاب (الديوان في الأدب و النقد) الذي ظهر عام 1921 و فيه يشكك المؤلفات العقاد
و المازني بالقيم الجمالية و الفنية التي قام على أساسها الشعر القديم و عدها المحافظون أمثال:
البارودي و شوقي و حافظ نماذج لابد من محاكاتها.
5)- و ظهرت في هذه الحقبة أيضا الفكرة القومية التي تنادي بإقامة دولة عربية واحدة على أساس قومي تؤمن بالتراث العربي المشترك ، و بمصير مشترك ، و بوحدة التراب و اللسان .




¹ الدكتور إبراهيم خليل،مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث. دار المسيرة ط¹ 2003 ص120و121.

و تجلت هذه الفكرة في مؤلفات عديدة من أبرزها مؤلفات : ساطع الحصري ، زكي الأرسوزي ميشيل عفلق ، أنطون سعادة . واجتاحت الحياة العربية أفكار جديدة صحبت التكنولوجيا التي دخلت بنا عصر الحداثة في ثلاثينيات القرن الماضي منها : أفكار سيغموند فرويد في علم النفس التحليلي . و هذا كله جعل الثقافة العربية عموما و الشعر على نحو خاص عرضة لذبذبات من الأثر و التأثير ، و كان المهجريون أسبق الشعراء و أكثرهم تأثرا بالحياة الغربية و لاسيما بالاتجاه الرومانسي الذي كان حتى ذلك الحين يفرض وجوده ، وسط معترك الاتجاهات بين رمزية و واقعية ...الخ .و من كل هذا يمكننا القول أنه عمل أدباء الرابطة القلمية على النهوض بالأدب العربي و التأثر بالأدب الغربي في مذاهبه الحديثة و قد أثرت في أدبهم عوامل عديدة أهمها :
1) إتصالهم بالثقافات الغربية واتسامهم بالنزعة الروحية التأملية.
2)تجاوب شخصياتهم مع الشخصيات الغربية.(الدين ، اللغة ).
3) حنينهم إلى وطنهم و ذكرياتهم فيه .
4) إعتزازهم بقوميتهم العربية.
العنصر الثاني: محتوى كتاب الغربال:
يوم صدرت الطبعة الأولى من الغربال عام 1923 لميخائيل نعيمة احد أعمدة الرابطة القلمية ، كتب العقاد مقدمته منوها فيها بالكتاب ومؤلفه وبالرابطة القلمية ودعوتها التجديدية في الشعر العربي الحديث التي تتلاقى مع دعوة مدرسة شعراء الديوان إلى حد كبير ، وفي مقدمة العقاد للغربال يقول : صفاء في الدهن،واستقامة في النقد ، وغيرة على الإصلاح وفهم وظيفة الأدب ، وقبس من الفلسفة ،و اداعة من التهكم –هده خلال واضحة تطالعك من هدا الغربال الذي يطل القارئ من خلاله على كثير من الطرائف لبارعة والحقائق القيمة . ويضيف أيضا فيقول : لو لم يكتب قلم النعيمي هده الآراء التي تتمثل لقارئ في هده الصفحات لوجب أن اكتبها أنا .فأما وقد كتبها وحمل عبئها فقد وجب على الأقل أن اكتب مقدمتها.¹
وهو تأييد كبير لخطى التجديد المشتركة بين مدرستي الديوان والمهجر.
ولا يسعنا في هدا المقام إلا تأييد العقاد في رأيه في ميخائيل نعيمة ، حيث يقول في هدا الشأن : واني لا اعرف كيف يستحق النعيمي التهنئة بجرأته التي ظهر بها في مقالاته وصراحته التي تقدم بها إلى غربلة الناس والكتب والآراء لأنني اعرف الآراء المستحدثة وما تجليه على أصحابها من الغضب والملاحاة في بلاد العالم اجمع وفي بلاد الشرق خاصة .... وان ليس اخسر صفقة في موازيننا من عمل داع إلى جديد لان أنصار الجديد قليل في كل جيل والقائمون منهم لما ينصرون اقل من القليل ، ويقول العقاد معبرا عن قيمة هدا العمل الذي قدمه ميخائيل نعيمة: فيستشهد الخالون من الغرض انه عمل في تصحيح كثير من مقاييس الأدب فافلح وأفاد، ومن صحح مقياسا للأدب فقد صحح مقياسا للحياة ، وخليق بتصحيح مقاييس الحياة أن يكون أمل امة لا أمل أديب أو طائفة من الأدباء².
وأما عن محتوى الغربال فقد تناول فيه صاحبه إصداره لأحكام نقدية في ترو، ثم شفعها بالدليل المؤكد والحجة البينة ، ولا يكاد القارئ يقرا له مقالا أو فصلا في هدا الكتاب النقدي حتى يعجب بآرائه ويقتنع بالأحكام التي يصدرها ، ومن أمثلة ما عالج في صفحات كتابه محور الغربلة الذي تطرق فيه لتحديد وظيفة الناقد وتبيين فضله عل سائر الناس ، حيث يقول في هدا المجال : إن مهنة الناقد الغربلة لكنها ليست غربلة الناس ن بل غربلة ما يدونه قسم من الناس من أفكار وشعور وميول . وما يرونه الناس من الأفكار والشعور والميول هو ما تعودنا إن ندعوه أدبا فمهنة الناقد إذا هي غربلة الأثار الأدبية لا غربلة أصحابها . ³ضافة إلى محور الأدب فكرته العامة مفادها إن الأدب الحق مرأة تعكس حقيقة ولب الإنسان مما يجعل هدا الأدب رسولا بين نفس الأدب ونفس سواه .تضفه إلى قضايا نقدية أخرى متميزة.
¹ ميخائيل نعيمة كتاب الغربال ص13.
² نفس المرجع.
³ نفس المرجع.

النص: وظيفة الناقد
من الشائع عن الناقدين أنهم قلما اتفق اثنان منهم يوما على رأي واحد في أمر واحد.وهذا القول قريب من الحقيقة إذا لم يقصد به التهكم، لأن لكل ناقد غرباله، ولكل موازينه ومقاييسه. وهذه الموازين والمقاييس ليست مسجلة لا في السماء ولا على الأرض. ولا قوة تدعمها وتظهرها قيمة صادقة سوى قوة الناقد نفسه. وقوة الناقد هي ما يبطن به سطوره من الإخلاص في النية، والمحبة لمهنته والغيرة على موضوعه، ودقة الذوق ورقة الشعور وتيقظ الفكر، وما أوتيه بعد ذلك من مقدرة البيان لتفنيد ما يقوله إلى عقل القارئ وقلبه.
فالناقد الذي توافرت له مثل هذه الصفات لا يعدم أناسا ينضوون تحت لوائه، ويعملون بمشيئته.
فيستحبون ما يحب، ويستقبحون ما يقبح، فيصبح-وهو وراء منضدته- سلطانا تأمر بأمره، وتتمذهب بمذهبه، وتتحلى بحلاه، وتتذوق بذوقه ألوف من الناس، إذا طرق سبيلا سلكوه، وإذا صب نقمته على صنم حطموه، وإذا أقام لهم إلها عبدوه وبخروا له وسبحوه.
غير أن الناقدين طبقات، كما أن الشعراء والكتاب طبقات، فما يصلح أن يقال في الواحد منهم لا يصلح أن يقال في كلهم. إلا أن هناك خلة لا يكون الناقد ناقدا إذا تجرد منها. وهي قوة التمييز الفطرية، تلك القوة التي توجد لنفسها قواعد ولا توجدها القواعد، والتي تبتدع لنفسها مقاييس وموازين ولا تبتدعها المقاييس والموازين. فالناقد الذي ينقد ̋ حسب القواعد̋ التي وضعها سواه لا ينفع نفسه، ولا منقوده، ولا الأدب بشيء، إذ لو كانت لنا ̋ قواعد̋ ثابتة لتمييز الجميل من الشنيع، والصحيح من الفاسد لما كان من حاجة بنا إلى النقد والناقدين. بل كان من السهل على كل قارئ أن يأخذ تلك القواعد ويطبق عليها ما يقرؤه،لكننا في حاجة إلى الناقدين،لأن أذواق السواد الأعظم منا مشوهة بخرافات رضعناها من ثدي أمسنا،وترهات اقتبلناها من كف يومنا،والذي يضع لنا اليوم محجة لندركها في الغد هوا الرائد الذي سنتبعه،والحادي الذي سنسير على حدوه.
قد يسأل البعض:وأي فضل للناقد إذا كانت مهمته لاتتعدى الغربلة؟ فهوا لاينظم قصيدة ، بل يقول لك عن القصيدة الحسنة إنها حسنة ، و عن القبيحة إنها قبيحة و لا يؤلف رواية ، بل ينظر في رواية ألفها سواه و يقول : أعجبني منها كذا ، و لم يعجبني منها كذا .
فأجيبهم : و أي فضل للصائغ الذي تعرض عليه قطعتين من المعدن متشابهتين فيقول في الواحدة إنها ذهب و في الأخرى إنها نحاس ؟ أو تعطيه قبضة من الحجارة البلورية البراقة ،فينتقي بعضها قائلا :هذا ألماس ،و يقول في ما بقي : هذا زجاج ؟ إن الصائغ لم يخلق الذهب ولا أوجد الألماس ،لم يخلقهما كما خلق الله العالم من لا شيء ،لكنه خلقهما لكل من يجهل قيمتهما .ولولاه لظل الذهب نحاسا و الألماس زجاجا أو العكس بالعكس .وكم هم الذين يميزون بين الألماس وتقليد الألماس؟.
إذا لم يكن للناقد من فضل سوى فضل رد الأمور إلى مصادرها وتسميتها بأسمائها لكفاه ذاك ثوابا .إلا أن فضل الناقد لا ينحصر في التمحيص و التثمين و الترتيب ، فهو مبدع و مولد ومرشد مثلما هو ممحص ومثمن ومرتب.




الدراسة الأدبية و الفنية لهذا النص :
الفكرة العامة :
1- أهمية الناقد و دوره في الحياة .
2-الدور الفعال للناقد في توجيه الحركة الأدبية.
الأفكار الأساسية :
1ـ (من الشائع... و سبحوه) الصفات الموضوعية للناقد الناجح.
2ـ(غير أن ... على حدوه ) قوة التمييز الفطرية هي الصفة الركيزة التي لا يستغني عنها الناقد الناجح. [ تساؤل الكاتب عن فضل و أهمية الناقد ].
3ـ ( قد يسأل البعض...الألماس) التأكيد على المكانة المرموقة للناقد في المجتمع .[ البرهنة على أهمية فضل الناقد و استدلاله على ذلك بتشبيهه بالصائغ].
4ـ ( إذا لم يكن ... مرتب ) دور الناقد في السمو بالإبداع الإنساني .[وظيفة الناقد و فضله على سائر الناس).
دراسة الأفكار:
النص عبارة عن مقالة نقدية لأنه يعالج قضية خاصة بالأدب ودراسته وهو من الأدب الوصفي الذي يفسر ويحلل ويقوم فيضع المقاييس أو يرصد الظواهر الأدبية وتطور الأدب فقد تناول الكاتب قضية تتعلق بوظيفة الناقد على سائر الناس، والهدف منه تبيان أهمية الناقد في حياتنا الأدبية ويهدف كذلك إلى تصحيح بعض الأفكار التي تنكر فضل الناقد .والنقد في مجال الأدب ظاهرة قديمة عرفت في العصر الجاهلي حيث كان الشعراء يتنافسون في سوق عكاظ ولكن الكتابة في مجال النقد فقد بدأت في العصر العباسي على يد كبار النقاد مثل: قدامى ابن جعفر،الجاحظ ،ابن سلام الجمحي ،ابن قتيبة ، وأبي القاسم الآمدي. وغرض الكاتب إرشاد النقاد إلى عملية النقد التي يعتمد فيها الناقد على وجهة نظره.وعلى هذا لم يكتمل معنى النقد إلا في العصر الحديث حيث تطور واستفاد من التطور العلمي وازدهر بفضل الحركة العلمية والأدبية بفضل العديد من كبار الأدب العربي الحديث ومن بينهم:طه حسين،العقاد ميخائيل نعيمة وغيرهم اتصفت أفكار النص بالوضوح والترتيب والترابط حيث تحدث فيها الكاتب عن نقطة مهمة مثمثلة في أهمية الناقد ودوره كما أنها بسيطة وذلك راجع لسطحية المعالجة وإن الموضوع هو الذي فرض هذه السطحية وهي عميقة في المغزى وهو الاعتراف بدور الناقد في دفع عجلة نحو التقدم كما أنها منطقية ومقنعة اعتمد فيها الكاتب على التعليل والبرهنة حيث قاد القارئ من خلال اعترافه بدور الصائغ إلى الاعتراف بدور الناقد.
العاطفة:
ومن جانب العاطفة يعتبر المقال النقدي من المقالات العلمية بمعناها الواسع التي تتغلب فيها الموضوعية على الذاتية ولذلك لا نلمس من عاطفة الكاتب إلا ما جاء في الفقرة الأخيرة حيث عبر الكاتب عن حبه لعمله ودفاعه عنه بموضوعية ودون تعصب.
الأسلوب:
يتناول ميخائيل نعيمة في نصه هذا قضية نقدية ،هي تحديد وظيفة الناقد ،وتبيين فضله على سائر الناس.
وأول سمة نلمحها في النص هي السهولة، ومرجع ذلك هو اعتماد الكاتب على اللغة البسيطة المتداولة،فألفاظ النص مألوفة،وعباراته واضحة ليس فيها عويص ولا مستغلق ولا مبهم.
وقد مزج الكاتب بين الأسلوبين الخبري والإنشائي ،فلما كان بصدد تقرير الحقائق،وإصدار الأحكام النقدية،اعتمد على الأساليب الخبرية ،لأنها لذلك أطوع وأشب ولما احتاج إلى اعتماد أسلوب المحاورة لتقديم الحجج المنطقية لدعم رأيه التجأ إلى الأسلوب الإنشائي المناسب لذلك وهو الاستفهام وأي فضل للناقد لا تتعدى الغربلة؟. و لا تعثر في النص على كثير من الصور البيانية ،فما ورد فيه إنما جاء لتجلية المعنى وإبرازه ،تأمل مثلا الاستعارات الآتية نجد أن الكاتب لم يقصدها ولم يتكلفها ،و إنما إنسا بت من قلمه انسيابا: (خرافات رضعناها) ،(ثدي أمسنا)،(كف يومنا) و ليس من شك في أن هذه الاستعارات تسهم في تجلية المعنى و نقله من صورته المجردة إلى صورة محسوسة .فقد جعلت الاستعارة الأولى الخرافات لينا يرضع ،ووجه الجمال فيها أنها توحي بأن الخرافات تتمكن من النفس وترسخ فيها كما يتمكن اللبن من الجسم الرضيع فيقوي عظامه .وما قيل عن الاستعارة الأولى يمكن أن يقال عن ما يماثله عن الاستعارة بين الثانية والثالثة.
وقد خلا النص من البديع إلا ما جاء فيه من غير تكلف ولا قصد:مثل الطباق بين (السماء والأرض)
والسجع في الفواصل الآتية:
إذا طرق سبيلا سلكوه.
وإذا صب نقمته على صنم حطموه.
وإذا أقام لهم إلها عبدوه وبخروا له وسبحوه.
وفي النص بعض التكرار، إلا أنه تكرار مفيد غايته تأكيد المعنى و توضيحه.
فعبارة(لكل ناقد غرباله) تكرر معناها في (لكل موازينه ومقايسة).و عبارة(تلك القوة التي توجد لنفسها قواعد ولا توجدها القواعد) تكرر معناها في: (والتي تبدع للنفس مقاييس وموازين ولا تبتدعها المقاييس والموازين).
خصائص أسلوب الكاتب:
1) السهولة الواضحة في الأسلوب وذلك باعتماد اللغة البسيطة المألوفة.
2) الاعتماد على الحجة والدليل للإقناع بآرائه والأحكام التي يصدرها ولذلك يلجأ في الغالب إلى التكرار.
3) استخدام الجمل القصيرة مع حسن استخدام أدوات الربط .
4)الاعتماد على التصوير وعدم الاهتمام بالبديع إلا ما ورد عفويا.
5) تمتعه بخصائص المذهب الرومانسي.
النص:
قد يخطئ الإنسان اليوم في حكمه على أثر من الآثار فيستكبر الصغير و يستصغر الكبير قد يخطئ جيلا، لكنه لا يخطئ دهرا الأثر الخالد لا يموت، و الميت لا يعيش، و لا يخلد من الآثار إلا ما كان فيه بعض من الروح الخالدة بين كل المسارح التي تتقلب عليها مشاهد الحياة ليس كالأدب مسرحا يظهر عليه الإنسان بكل مظاهره الروحية و الجسدية. ففي الأدب يرى نفسه ممثلا و مشاهدا في وقت واحد هناك يشاهد نفسه من الأقماط حتى الأكفان و هناك يمثل أدواره بلون الساعات و الأيام و هناك يسمع نبضات قلبه في نبضات سواه و يلمس أشواق روحه في أشواق روح غيره. ويشعر بأوجاع جسمه في أوجاع جسم إنسان مثله. هناك تتخذ عواطفه الصماء لسانا من عواطف الشاعر. و تلبس أكاره رداء من نسيج أفكار الكاتب. فيرى من نفسه ما كان خفيا عنه. و ينطق بما كان لسانه عييا عن النطق به، فيقترب من نفسه و يقترب من العالم فرب قصيدة أثارت فيه عاصفة من العواطف و مقالة تفجرت لها في نفسه ينابيع من القوى الكامنة أو كلمة رفعت عن عينيه نقابا كثيفا أو رواية قلبت إلحاده إلى إيمان، و يأسه إلى رجاء، و خموله إلى عزيمة، و رذيلته إلى فضيلة تلك مزية قد خص بها الأدب و تلك في مملكة الأدب لا ينازعه عليها منازع و ما سلطان الأدب إلا في أنه أبدا يجول في أطار النفس باحثا عن مسالكها، مستطلعا آثارها و ما شرف الأديب إلى أنه أبدا يشاطر العالم اكتشافاته في عوالم نفسه حتى إذا ما وجد آخر بعضا من نسه في تلك الاكتشافات كان في ذلك للأديب أطيب تعزية و أكبر ثواب.
إذن فالأدب الذي هو، ليس إلا رسول بين نفس الكاتب و نفس سواه. و الأديب الذي يستحق أن يدعى أديبا هو من يزود رسوله من قلبه و لبه.





تحليل النص (2) تحليلا أدبيا:
أما فكرته العامة فمفادها: الأدب الحق مرآة تعكس حقيقة ما في قلب و لب الإنسان مما يجعل هذا الأدب رسولا بين نفس الأديب و نفس سواه.
و أما أفكاره الأساسية فهي على النحو الآتي:
أ‌- "قد يخطئ...الروح الخالدة": شرط خلود الأثر الأدبي.
ب‌- "بين كل المسارح... يقترب من العالم": أثر العمل الأدبي في نفس القارئ.
ت‌- " فرب قصيدة...أكبر ثوان": سلطان الأدب كامن في مزية التأثير.
ث‌- " إذن فالأدب...لبه": الأدب رسالة و الأديب مبلغها.
و قد اتسمت هذه الأفكار بالوضوح و الترابط و الانسجام حيث لا نكاد نفصل بينها بل لا نكاد نشعر بالانتقال من فكرة إلى أخرى لما بينهما من تلاحم مما يؤكد وحدتها العضوية، و لكن معانيها تقليدية لأن أدباء و نقاداً كثيرين تعرضوا إلى الحديث في هذا الموضوع قديما و حديثا.
و النص الذي بين أيدينا ينتمي إلى حد فنون النثر الحديثة، ألا و هو المقال النقدي، حيث تناول الكاتب من خلاله علاقة التأثر القائمة بين الأثر الأدبي و القارئ، ليخلص إلى اعتبار الأدب رسالة كما سبقت الإشارة إلى هذا يتحمل تبعتها (مسؤوليتها) الأديب. ألفاظ النص سهلة في عمومها لا تعيد فيها و لا غموض نحو:" يخطئ، تتقلب، يلمس، تتخذ، شرف..." موحية نحو: " يستكبر يستصغر، الروح الخالدة، المتلوثة، الصماء، أثارت، عاصفة، العواطف، سلطان، رسول، قلب، لب" ملائمة الموضوع الذي طرق بابه الكاتب نحو: " الآثار، الأدب، عواطف ، الشاعر، أفكار، الكاتب قصيدة، مقالة، كلمة، رواية، الأديب..." و هي من بين المصطلحات المتداولة في النقد الأدبي.
و أما العبارات فقد كانت تطول و تقصر حسب ما كان يقتضيه السياق و لكن غلب عليها أسلوب الصر نحو:" و ما سلطان الأدب إلا في أنه أبداً يجول..." و " ما شرف الأديب إلا أنه أبداً يشاطر العالم..."، " إذن فالأدب ليس إلا رسولا بين الكاتب و نفس سواه". و كأننا بالأديب قد يلجأ إلى القصر حين أخذ يصدر بعض الأحكام فهو مثلا يقصر سلطان الأدب عل تمكينه من أقطار النفس.
و للإفصاح عن أفكاره اكتفى صاحب" الغربال" باستخدام الخبر دون الإنشاء كونه بصدد تقرير الحقائق بل إصدار بعض الأحكام النقدية، و لكن أغراضها اختلفت بين التقليل نحو:" قد يخطئ..." و النفي نحو:"...لا يموت" و "لا يعيش" و بين الإثبات نحو: "هناك ممثل..." و "هناك يمثل أدواره"، و هناك " يسمع نبضات قلبه..." و التوكيد " أنه أبداً يجول" و " أنه أبدا يشاطر..." فكان الخبر في التقليل و النفي ابتدائيا في حين كان التوكيد طلبيا .
بالصور البيانية و المحسنات البديعية، فأما البيان فقد تمثل في التشبيه نحوه" يشعر بأوجاع جسمه في أوجاع جسم إنسان مثله" و قد أفاد التسوية، و التشبيه البليغ نحو:" الأدب...إلا رسولا... وفيه الأكفان" و هي كناية عن مدى الحياة، و الملاحظ أن الاستعارات لا يكاد يخلو منها سطر، منها:" للأثر لا يموت" و هنا تشخيص و كذلك " يلمس أشواق روحه" و تلبس أفكاره رداء" و تتخذ عواطفه الصماء لساناً و " كلمة رفعت نقاباً" و كلها استعارات مكنية حذف فيها المشتبه به و دلت عليه قرائن نحو" يلمس و تلبس" مثلاً و أما البديع فتجلى في طباق السلب نحو:" يخطئ، لا يخطئ". و طباق الإيجاب نحو "الأقماط و الأكفان"، "إلحاده إيمانه"، "يأسه رجاء"، "خموله عزيمة" رذيلته فضيلة، و المقابلة نحو " يستكبر الصغير و يستصغر الكبيرة و "الأثر الخالد لا يموت و المبيت لا يعيش" و الجناس الناقص نحو قلبه و لبه " و "المسارح مسرحاً" الاشتقاقي نحو " يخلد الخالدة" "وينطق النطق" ولاشك أن هذه الصورة البيانية و المحسنات البديعية وردت تلقائية عفوية فأضفت على النص رونقا و جمالاً.

و يبقى هذا النص نموذجاً من إنتاج أحد رواد الرابطة القلمية بما تميز به من خصائص منها:
أ‌- جعل الأدب رسالة اجتماعية و دليلنا قول ميخائيل:
إذن فالأدب.... ليس إلا رسولاً...و الأديب الذي يستحق أن يدعى أدبياً هو من يزود رسوله من لبه و لبه.
ب‌- الاعتماد على الخيال و التفنن في التصوير: يدل على ذلك كثرة الصور.
المكانة الأدبية:
ميخائيل نعيمة أديب و ناقد مشهور وأحد رواد التجديد تأثر بالآداب العربية و بالتيار الرومانسي تميز طيلة حياته بهدوء المزاج و الكفاءة العالية عمل على تطوير الأدب العربي الحديث ليساير ركب تطور الآداب العالمية امتازت كتاباته بآفاقها الإنسانية، أما أسلوبه فسهل ممتنع، يخلو من التكلف و الغريب، و يتسم بالبساطة و الوضوح، و تلك ميزة نجدها عند عامة الكتاب المهجرين.
الخاتمة:
و ختاما لما سبق دراسته يمكننا القول أن ميخائيل نعيمة مدرسة إنسانية فريدة و مذهب مخلص من أشرف مذاهب الفكر الإنساني و قد كان ذلك سر نجاح النعيمي في مشروع "الغربال" وهذا الأخيرعمل فيه تصحيح كبير لمقاييس الأدب فبلاؤنا ليس بأن لا مقاييس عندنا بل أن ليس عندنا من يحسن استعمال هذه المقاييس و تطبيق الأدب عليها. من قبل شعراء و كتاب يقيسون ما ينظمون و يكتبون بهذه المقاييس، فيسيرون و تسير معهم آدابنا في الصراط القويم، و إلى ناقدين ممحصين يميزون بين غث الأدب و سمينه. و الله يعلم أننا في حاجة إليهم. فلنعط الناقد حقه، و لنسأل الحظ أن يسعدنا بناقدين حاذقين صادقين كالنعيمي و أمثاله.وما يزال الغربال بعد اثنتي عشرة طبعة كما كان يوم صدوره منارة فكر،ومعرض فن،ومشحد ذوق ،وفاتحة عهد جديد في النقد.يتجاوز في منطلقاته ،وفي أبعاده وفي منهجه وأسلوبه،الاتجاه التقليدي السابق،ليؤسس للحداثة ،في الأدب والفكر الجمالي ،قواعد وأصولا وأعرافا جديدة تواكب الحياة ،وتجاري التطور،وتستشرق حركته وسيرورته.
وحقيقة الغربال لأديبنا الكبير ميخائيل نعيمة هو مدرسة في كتاب، و إرث ثمين في صحائف.
المصادر والمراجع:
1) الغربال للدكتور ميخائيل نعيمة الطبعة 16 1998 بيروت لبنان.
2) تاريخ الأدب الحديث تطوره، معالمه الكبرى ، مدارسه تأليف الدكتور حامد حفني داود أستاد بجامعة الجزائر سابقا، ديوان المطبوعات الجامعية: 10. 1993. رقم النشر: 946 . 09. 4 بدون طبعة.
3) الموجز في الأدب العربي وتاريخه المجلد الرابع أدب النهضة الحديثة ، لحنا الفاخوري الطبعة الثانية: 1411ه – 1991م.
4) مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث ، دار المسيرة الطبعة الأولى 2003 .
5) حركات التجديد في الشعر الحديث الطبعة الأولى 2002 دار الوفاء لدينا الطباعة و النشر .




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
د/ عصام عبدالرحيم عارف
عضو شرف
عضو شرف
د/ عصام عبدالرحيم عارف

القيمة الأصلية

البلد :
مصر

عدد المساهمات :
275

نقاط :
390

تاريخ التسجيل :
01/05/2011

المهنة :
عضو هيئة تدريس


دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة Empty
مُساهمةموضوع: رد: دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة   دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2011-07-18, 15:38

درس قيم ومفيد ، شكري وتقديري
جعله المولى في ميزان حسناتكم

دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة 463596 دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة 976116
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
إيمان جاك
عضو ذهبي
إيمان جاك

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
71

نقاط :
143

تاريخ التسجيل :
22/12/2010


دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة Empty
مُساهمةموضوع: رد: دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة   دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2011-07-20, 19:33

آمين يارب العالمين شكرا يا استاذي الفاضل وجزاك الله كل خير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ridbouchakour
*
*


القيمة الأصلية

البلد :
algerie

عدد المساهمات :
1

نقاط :
1

تاريخ التسجيل :
03/04/2013


دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة Empty
مُساهمةموضوع: قراءة نقد كتاب مخائيل نعيمة   دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة I_icon_minitime2013-04-03, 10:39

شكرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» دراسة نقدية لكتاب الغربال لميخائيل نعيمة
» تحميل كتاب: السياق الأدبي: دراسة نقدية تطبيقية
» رسائل علمية على منتديات تخاطب
» "هبيب الرماد" للأديب علي أفيلال - دراسة نقدية
» السمات الفنية لأدب الطفل(دراسة نقدية تطبيقية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللسانيات النظرية :: اللسانيات العامة-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


دراسة كتاب الغربال دراسة نقدية لميخائيل نعيمة 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
المعاصر مجلة الخيام البخاري موقاي النقد الحذف النحو اللغة العربية كتاب بلال ظاهرة اسماعيل النص الخطاب مبادئ قواعد على الأشياء العربي محمد مدخل ننجز التداولية اللسانيات


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع