منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك الخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة الخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة الخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارالخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 الخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد صغير نبيل
عضو شرف
عضو شرف
محمد صغير نبيل

وسام النشاط :
وسام النشاط

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
204

نقاط :
476

تاريخ التسجيل :
16/05/2010

الموقع :
الجزائر


الخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب Empty
مُساهمةموضوع: الخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب   الخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب I_icon_minitime2011-01-21, 23:03

الخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب

ذكرت في مقالة "إعجاز القرآن وترجمته"(1) أن البلاغة عند الإمام الجرجاني لا ترتبط بالكلمة المفردة دون اعتبار موقعها في النظم، وأن النظم عنده يتم وفق قوانين النحو. ويعني ذلك أنه لا يجوز فصل النحو عن البلاغة. وقررت في ضوء ذلك أن عنوان كتاب الجرجاني (دلائل الإعجاز في علم المعاني) يفيد أن (دلائل الإعجاز تكون في معرفة ارتباط معنى الكلام بالموقف أو الحال الذي يقال فيه، وبالسياق الكلامي الفعلي الذي يدخل فيه). وأكدت أن فصل البلاغة عن النحو ينعكس سلبياً على فهم خصائص بنية العربية، ويؤدي بالتالي إلى القول بأن القرآن الكريم معجز فقط في بعض مواضعه.‏

أنتقل الآن إلى بيان خصائص بنية العربية. وأنطلق في دراسة البنية اللغوية من نظرية الإمام الجرجاني اللغوية التي بلورتها في كتابي "الموجز في شرح دلائل الإعجاز في علم المعاني"(2). تقضي نظرية الجرجاني اللغوية بتمييز مستويين في بنية الجملة:‏

1-مستوى البنية النحوية (الساكنة) للجملة الذي يرتبط بالسياق الكلامي الفعلي الذي تدخل الجملة فيه. تتم دراسة هذا المستوى في علم النحو وتمكن من معرفة الارتباط النحوية بين الكلم.‏

2-مستوى البنية الإخبارية (المتغيرة) للجملة الذي يرتبط بالموقف أو الحال الذي يقال الكلام فيه. تتم دراسة هذا المستوى في علم المعاني (أحد علوم البلاغة) وتمكن من معرفة ارتباط معنى الكلام بالموقف الذي يقال فيه.‏

وسأقتصر في هذه المقالة على بيان خصائص بنية الفعل والاسم في العربية الناجمة عن اشتمال النظام اللغوي للعربية على طريقة اندماج (أو اتصال) الكلمات. وانطلاقاً من خصائص الفعل والاسم في العريبة، سأعمد –في مقالة تالية- إلى عرض نظرة جديدة إلى النحو العربي تبين كيف ترتبط البنية النحوية للجملة ببنيتها الإخبارية.‏

لدى مقارنة نظرية أقسام الكلم في علم اللغة العربية بنظرية أقسام الكلم في علم اللغة الأوروبي (المتبعة مثلاً في دراسة اللغتين الإنكليزية والفرنسية)، يتضح أن الكلمات يمكن أن تقسم إلى مجموعتين كبيرتين:‏

1-كلمات مستقلة بالفهم (Autosemantic words) ويقابلها في العربية الاسم والفعل.‏

2-كلمات غير مستقلة بالفهم (Syntactic wods) ويقابلها في العربية الحرف.‏

ولكن النظام اللغوي للعربية يتميز بوجود طريقة اندماج أو اتصال الكلمات (Incorporation) التي تتجلى في الضمائر المتصلة. والاندماج هو اتصال الكلمات بعضها ببعض في لفظة واحدة توحدها. ويكون أمامنا بنتيجة الاندماج تركيب نحوي متحد في وحدة متصلة تبدو في الظاهر وكأنها كلمة واحدة، كما في (ضرباه) و(كتابك).‏

ترتبط وظيفة الضمائر بعملية الكلام التي تتم بين المتكلم والمخاطب. فهناك ضمائر خاصة بالمتكلم (الشخص الأول)، وضمائر خاصة بالمخاطب (الشخص الثاني)، وضمائر خاصة بغير المتكلم وغير المخاطب (الشخص الثالث الذي قد يكون شخصاً أو شيئاً، وسميناه ضمير الشخص الثالث تجاوزاً). ويرتبط بوجود طريقة اندماج الكلمات أن كلاً من الفعل والاسم في العربية يتمتع بجملة خصائص بنيوية مميزة.‏

أولاً- الخصائص البنيوية للفعل العربي.‏

يتميز الفعل في العربية بأنه يكون دائماً في صيغة شخصية مصرفة (Finit from of the verb) أي في صيغة مسندة حتماً إلى مسند إليه. وبذا تكون صيغة الفعل العربي غير مستقلة بالفهم عن الاسم الذي يجب أن تسند إليه سواء أكان ضميراً (بارزاً متصلاً أو مستتراً) أم اسماً ظاهراً.‏

إذا لم يلحق (يتصل) بآخر صيغة الفعل العربي ضمير رفع متصل بارز (ضمير المسند إليه)، فإن السياق الكلامي يحدد هل يتصل أو لا يتصل بصيغة الفعل ضمير مستكن (مستتر) وجوباً أو جوازاً. ويرتبط ذلك بنوع إسناد الفعل (إلى المتكلم أو المخاطب أو غيرهما) من ناحية، ومن ناحية أخرى بموقع صيغة الفعل في سياق الكلام (في بداية السياق أو ليس في بدايته). وتبعاً لذلك يمكننا أن نميز نوعين لاستخدام الفعل العربي:‏

1-استخدام مطلق للفعل حين يكون مع صيغة الفعل ضمير رفع بارز أو مستتر، مثلاً (قرأت) و (نقرأ).‏

2-استخدام غير مطلق للفعل حين لا يكون مع صيغة الفعل ضمير رفع بارز أو مستتر، مثلاً (قرأ...) في بداية سياق كلامي.‏

لجميع صيغ الفعل في العربية –باستثناء صيغة الشخص الثالث المفرد- استخدام مطلق. أما صيغة الفعل للشخص الثالث المفرد، فيمكن أن يكون لها استخدام مطلق أو غير مطلق تبعاً لسياق الكلام.‏

آ-حين لا تكون صيغة الفعل في بداية السياق، أي حين يكون قد ذكر قبلها اسم ظاهر. يمكن في هذه الحالة تحديد المسند إليه من سياق الكلام السابق. وتكون صيغة الفعل تلك مستخدمة استخداماً مطلقاً.‏

ب-وحين تكون صيغة الفعل في بداية السياق، أي حين لا يكون قد ذكر قبلها اسم ظاهر. لا يمكن في هذه الحالة تحديد المسند إليه. وتكون صيغة الفعل تلك مستخدمة استخداماً غير مطلق، ويكون المسند إليه بالضرورة اسماً ظاهراً مرفوعاً يلي الفعل.‏

إذا حلَّلنا المثال التالي: (فرح أخي وغنَّى) نجد أن الفعل الأول (فرح) استخدم استخداماً غير مطلق، لأنه جاء في بداية سياق كلامي. لذا لا تشتمل صيغته على ضمير رفع يدل على الفاعل، وفاعله هو الاسم الظاهر المرفوع الذي جاء بعده (أخي). ونجد أن الفعل الثاني (غنَّى) استخدم استخداماً مطلقاً، لأنه لم يأت في بداية السياق. لذا بالإمكان أن نحدد من سياق الكلام السابق أن الفاعل (هو) يعود على (أخي). وهذا هو السبب في أن صيغة الفعل (غنَّى) تشتمل على ضمير رفع مستتر يدل على الفاعل.‏

وعليه فإن صيغة الفعل العربي المستخدمة استخداماً مطلقاً تشتمل على مسند ومسند إليه، وتفيد بالتالي جملة. أما صيغة الفعل العربي المستخدمة استخداماً غير مطلق فلا تفيد جملة، لأنها لا تشتمل على مسند إليه، وتستوجب بالضرورة ذكر اسم ظاهر مرفوع يلي الفعل ويكون مسنداً إليه، ويعتبر لذلك بمثابة جزء من الفعل الذي يسبقه.‏

وفي ضوء ذلك يجب أن نفهم تأكيد علماء العربية أن الفعل لا يستقل بالدلالة دون فاعله الذي يليه ويعتبر كالجزء منه. عرّف الزمخشري الفاعل بأنه "هو ما كان المسند إليه من فعل أو شبهه مقدماً عليه أبداً كقولك (ضرب زيد) و(زيد ضارب غلامه وحسن وجهه)، وحقه الرفع ورافعه ما أسند إليه، والأصل أن يلي الفعل لأنه كالجزء منه"(3). وذكر ابن يعيش أن "... خبر الفاعل الذي هو الفعل لم يتقدم لمجرد كونه خبراً إذ لو كان الأمر كذلك لوجب تقديم كل خبر من نحو (زيد قائم) و(عبد الله ذاهب). فلما لم يجب ذلك في كل خبر علم أنه إنما وجب تقديم خبر الفاعل لأمر وراء كونه خبراً وهو كونه عاملاً فيه ورتبة العامل أن يكون قبل المعمول. وكونه عاملاً فيه سبب أوجب تقديمه فاعرفه، وفي الجملة الفاعل في عرف هذه الصنعة أمر لفظي يدل على ذلك تسميتهم إياه فاعلاً في الصور المختلفة من النفي والإيجاب والمستقبل والاستفهام ما دام مقدماً عليه.. ويؤيد إعراضهم عن المعنى عندك وضوحاً أنك لو قدمت الفاعل فقلت (زيد قام) لم يبق عندك فاعلاً وإنما يكون مبتدأ وخبراً معرضاً للعوامل اللفظية"(4).‏

يقول الزجاجي "واعلم أنه يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه إلا إذا كان فعلاً فإنه لا يجوز تقديمه عليه... فإن كان خبر المبتدأ فعلاً ثم قدمته عليه ارتفع وزال معنى الابتداء ثم تقول (قام زيد) فترفعه بفعله"(5). ويورد السيوطي القاعدتين التاليتين: "الفاعل كجزء من أجزاء الفعل" و"الأصل تقديم الفاعل وتأخير المفعول، قال ابن النحاس وإنما كان الأصل في الفاعل التقديم لأنه يتنزل من الفعل منزلة الجزء ولا كذلك المفعول"(6).‏

وهكذا نرى أن علماء العربية اعتبروا الفاعل بنيوياً بمثابة جزء من الفعل الذي يسبقه. ونستنتج من ذلك أن الفعل وفاعله الذي يليه يكوّنان معاً وحدة نحوية لا انفصام فيها. وقد أشار الدكتور عثمان أمين إلى ذلك بقوله: "الفعل لا يستقل بالدلالة دون الذات، والذات متصلة بالفعل في تركيبه الأصلي"(7).‏

إني أقترح تسمية حالة رفع الفاعل المعبر عنه باسم ظاهر يلي الفعل (قام زيدٌ) حالة رفع غير مطلق، لأنه مقيد في وجوده بوجود الفعل الذي يسبقه. كما اقترح تسمية حالة رفع المبتدأ (زيدٌ قام –زيدٌ أخوك) حالة رفع مطلق، لأنه ينوي فيه ابتداء الكلام وغير مقيد في وجوده بوجود الفعل بعده.‏

إن وجود الضمائر المتصلة في النظام اللغوي للعربية قد انعكس بالضرورة لدى تحديد مفهوم (الكلمة) في علم اللغة العربية. عرّف الزمخشري الكلمة بأنها "اللفظة الدالة على معنى مفرد بالوضع، وهي جنس تحته ثلاثة أنواع الاسم والفعل والحرف"(8). وأكد ابن يعيش أن الكلمة تدل على معنى مفرد وبذلك تختلف عن اللفظة المركبة. فمثلاً (ضربا) تشكل لفظة واحدة تتألف من كلمتين: فعل (ضرب) وضمير متصل (الألف) يدل على أن الفاعل (هما)(9). ويعني ذلك أن مصطلح (الكلمة) في علم اللغة العربية يتميز عن مصطلح (الكلمة) في علم اللغة الأوربي، بأنه قد يفيد أصغر جزء ذي معنى من اللفظة فيقابل حينئذ مصطلح (المورفيم). ويعود السبب في ذلك –برأينا- إلى خصائص بنية الفعل العربي. لأن صيغته المستخدمة استخداماً مطلقاً تفيد جملة تشتمل على مسند ومسند إليه. لذا اعتبرت مؤلفة من كلمتين أيضاً.‏

ثانياً- الخصائص البنيوية للاسم العربي.‏

بعد تقسيم الكلم إلى اسم وفعل وحرف، عمد علماء العربية إلى تقسيم الأسماء إلى نوعين:‏

1-أسماء غير متمكنة –تتضمن معنى حرف أو تشبهه أو تقع موقع مبني.‏

2-أسماء متمكنة- لا تتضمن معنى حرف ولا تشبهه ولا تقع موقع مبني. ويكون الإعراب فيها. ويمتاز الاسم المتمكن في العربية من الناحية البنيوية بأنه لا يخلو من حالات ثلاث:‏

آ-معرّف بأل.‏

ب-غير معرّف بأل ولكنه منوّن.‏

جـ-غير معرّف بأل وغير منوّن. ويكون الاسم في هذه الحالة مضافاً حتماً، لأنه لا يمكن أن يبقى منفصلاً بمفرده، ويفتقر إلى أن يضاف إما إلى ضمير متصل أو اسم آخر يستند إليه ويكوّن معه وحدة متكاملة معنوياً وبنيوياً.‏

إذا أضيف الاسم غير المعرف بأل وغير المنوّن إلى ضمير متصل (كتابك) كوّن الاثنان تركيباً نحوياً اندماجياً يبدو وكأنه كلمة واحدة. وإذا أضيف إلى اسم آخر (كتاب الطالب –كتاب طالب) كوّن الاثنان تركيباً نحوياً غير اندماجي، ولكنه عبارة عن وحدة نحوية لا انفصام فيها بين جزأيها: الأول (المضاف) والثاني (المضاف إليه). وتتجلى تلك الوحدة في كون الجزء الأول من التركيب غير معرّف بأل وغير منوّن دائماً، لأن ذلك يشير إلى أنه يرتبط بالجزء الثاني الذي يليه مباشرة ويفتقر إليه. كما تتجلى في كون الجزء الثاني من التركيب في حالة جر على الدوام، لأن ذلك يشير إلى أنه يرتبط بالجزء الأول الذي يسبقه مباشرة ويفتقر إليه.‏

لنحلل المثال التالي: (كتاب الطالب –كتاب طالب). يشكل الاسم الأول (كتاب) مع الاسم الثاني (الطالب –طالب) وحدة متكاملة من حيث المعنى والبنية. وإن اقتصار العبارة على كلمة (كتاب) يُشعر أن معنى هذه الكلمة لم يتم بعد، وأنها لما تكتمل بنيوياً بسبب خلوها من التعريف بأل ومن التنوين. فهي تشبه –والحالة هذه- كلمة لفظنا جزءاً منها ولا تكتمل إلا بلفظ الجزء الثاني المتمم لها.‏

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في حالة كون الاسم الثاني (المضاف إليه) غير معرّف بأل وغير منوّن، لا يكتمل المعنى ويحتاج تركيب (المضاف والمضاف إليه) إلى أن يضاف إلى اسم معرّف بأل أو منوّن حتى يكتمل التركيب من حيث المعنى والبنية. فتركيب (كتاب طالب...) غير مكتمل، ويصبح مكتملاً إذا قلنا مثلاً (كتاب طالب العلم –أو علمٍ). وكذلك فإن تركيب (كتاب طالب علمِ..) غير مكتمل، ويصبح مكتملاً إذا قلنا مثلاً (كتاب طالب علم الزراعة)(10).‏

إن مقارنة عبارة (كتاب الطالب –كتاب طالب) بما يقابلها في اللغات الأوربية تبين ما يلي: إذا اعتبرنا أن الاسم الأول يحمل الرقم (1) والاسم الثاني يحمل الرقم (2)، فإن الاسم (1) هو (المضاف إليه منطقياً) لأننا أضفنا إليه الاسم (2). الاسم (2) بالتالي هو (مضاف منطقياً) إلى الاسم (1) وهذا يعني أن التحليل المنطقي يبين ما يلي: الجزء (1) من التركيب (كتاب)- مضاف إليه، والجزء (2) من التركيب (الطالب- طالبٍ)-مضاف. أما التحليل النحوي العربي فيقضي باعتبار الجزء(1) –كتاب- مضافاً، واعتبار الجزء (2) –الطالب (طالبٍ)- مضافاً إليه. فهل يعني ذلك أن علماء النحو العربي قد ارتكبوا، كما قدم يتوهم البعض، خطيئة منطقية؟‍! وجوابنا هو: لا، إنهم لم يرتكبوا خطيئة منطقية، لأنهم حين قالوا أن الاسم (1) مضاف إلى الاسم (2) قصدوا أن الاسم (1) يفتقر بنيوياً إلى أن يضاف إلى الاسم (2). وبهذا المعنى البنيوي فإن الاسم (1) مضاف والاسم (2) مضاف إليه.‏

وكذا الحال بالنسبة لعبارة (كتابك) التي تكوّن تركيباً نحوياً اندماجياً. فالاسم (كتاب) هو المضاف إليه منطقياً، لأننا أضفنا إليه الضمير المتصل (ك). والضمير المتصل هو مضاف منطقياً إلى الاسم. وبما أن الجزء الأول من التركيب (كتاب) يفتقر بنيوياً إلى أن يضاف إلى الجزء الثاني (ك)، يعتبر الاسم الأول (بهذا المعنى البنيوي) مضافاً ويعتبر الضمير المتصل به مضافاً إليه.‏

كتب ابن الخشاب حول العلاقة بين المضاف والمضاف إليه ما يلي: "... والكسرة في آخر الاسم المضاف إلى ياء المتكلم كسرة بناء عارض، وذلك أن المضاف يتنزل من المضاف إليه منزلة بعض الكلمة من بعض. هذا إذا كان المضاف إليه مما يمكن أن يكون مستقلاً بنفسه. فإذا انضم إلى ذلك كون المضاف إليه ما لا يقوم بنفسه ولا ينفرد، اشتد اتصاله بما قبله حتى يجري الأول من الثاني والثاني من الأول مجرى بعض الكلمة من بعض حقيقة لامتزاجهما، فيغلب على الأولى حكم الثانية. وهذه الصفة موجودة في المضاف إلى ياء المتكلم..."(11).‏

وكتب الدكتور عثمان أمين عن الإضافة ما يلي: "وكذلك الإضافة في اللغة العربية تتم بإنشاء علاقة ذهنية- وبالتالي جوانية- لا تحتاج إلى لفظ يشير إليها. مثال ذلك قولنا (كلية الآداب) فهو كاف لإيقاع الإضافة بين (الآداب) و (الكلية)، خلافاً للغات الأخرى التي تعمد إلى إثبات لفظ خاص يدل عليهما"(12).‏

ونعقب هنا بأن الدكتور عثمان أمين أغفل الإشارة إلى أن العنصر (أو الجزء) الأول من تركيب الإضافة غير معرّف بأل وغير منوّن، وأن العنصر الثاني مجرور. لقد استشهد د.أمين لكي يدعم رأيه بالقول التالي لابن خلدون: (ولما كانت الملكات الحاصلة للعرب من ذلك أحسن الملكات وأوضحها إبانة عن المقاصد لدلالة غير الكلمات فيها على كثير من المعاني، مثل الحركات التي تعين الفاعل من المفعول، والمجرور أعني المضاف، ومثل الحروف التي تفضي بالأفعال إلى الذوات من غير تكلف ألفاظ أخرى...). ولكننا إذا حللنا قول ابن خلدون، نجد فيه إشارة واضحة إلى الحركات، وأنه بوساطة الكسرة يتم تعيين المضاف إليه.‏

ثالثاً- التراكيب الإسنادية وغير الإسنادية في العربية.‏

أشرت في مقالة "إعجاز القرآن وترجمته" إلى أن عبارة الجرجاني (الألفاظ أوعية للمعاني وخادمة لها) تعني أنه توجد وحدة لا تنفصم بين شكل الكلمة (أي لفظها) ومضمون الكلمة (أي معناها). وبينت أن تعبير (نظم الكلم) يفيد عند الجرجاني (ترتيب الكلمات وتأليف الكلام). فما المقصود من (ترتيب الكلمات) و(تأليف الكلام)؟‏

إننا نفهم (التركيب) على أنه اجتماع كلمتين أو أكثر. والتراكيب نوعان: تركيب إسنادي هو الذي يشتمل على مسند ومسند إليه، وتركيب غير إسنادي هو الذي لا يشتمل على مسند ومسند إليه. يستخدم في علم العربية مصطلحاً (الجملة) و (الكلام) للإشارة إلى الكلم المجتمعة.‏

يوجد رأيان حول تحديد مضمون (الجملة) و (الكلام). يرى بعض العلماء كالزمخشري (13) أن الكلام والجملة مترادفان. ويؤدي هذا الموقف إلى تعريف الجملة انطلاقاً من توافر أمرين فيها: الإسناد والفائدة. ويرى آخرون كابن هشام (14) أن الكلام والجملة ليسا مترادفين. ويؤدي هذا الموقف إلى تعريف الجملة انطلاقاً من توافر أمر واحد فيها هو الإسناد فقط. وبذا يختلف الكلام عن الجملة، لأن الكلام يشتمل على الإسناد والفائدة وكان سيبويه(15) قد أفرد باباً خاصاً للمسند والمسند إليه. ولم يطلق على (المسند والمسند إليه) تسمية (الجملة) أو (الكلام).‏

انصب اهتمام علماء العربية على دراسة الجملة والكلام، لأن كلاً منهما –حسب الرأي الأول أو الثاني- يشتمل على مسند ومسند إليه. ويعني ذلك أن الجملة والكلام تركيبان إسناديان. ولم يهتم علماء العربية بدراسة التراكيب غير الإسنادية، بل اكتفوا بالإشارة إلى أنها اجتماع كلمات غير مؤتلفة. ويعود السبب في ذلك إلى أن علماء العربية استخدموا في دراستهم للعربية منهجاً بنيوياً وظيفياً، لأن دراستهم استهدفت اكتشاف القوانين التي تحكم اللغة العربية كنظام، فاستوجب ذلك منهم الانطلاق من الوحدة التي لا تنفصم بين الشكل والمضمون، لأن البنية اللغوية لا تستقل عن وظيفة الاتصال التي تؤديها اللغة. وقد توسع الإمام الجرجاني في استخدام هذا المنهج البنيوي الوظيفي حين بحث في نظم الكلم. فعمد إلى بيان ارتباط خصائص بنية الكلمة المفردة بالوظيفة التي تؤديها في الكلام، انطلاقاً من الوظيفة الأساسية للغة كوسيلة لاتصال الناس بعضهم ببعض.‏

يستهل الإمام الجرجاني "دلائل الإعجاز" بما يلي: "معلوم أن ليس النظم سوى تعليق الكلم بعضها ببعض، وجعل بعضها بسبب من بعض. والكلم ثلاث: اسم وفعل وحرف، وللتعليق فيما بينها طرق معلومة، وهو لا يعدو ثلاثة أقسام، تعلق اسم باسم وتعلق اسم بفعل وتعلق حرف بهما.. ومختصر كل الأمر: أنه لا يكون كلام من جزء واحد، وأنه لابد من مسند ومسند إليه.. وجملة الأمر: أنه لا يكون كلام من حرف وفعل أصلاً، ولا من حرف واسم إلا في النداء نحو (يا عبد الله). وذلك أيضاً إذا حقق الأمر كان كلاماً بتقدير الفعل المضمر الذي هو (أعني وأريد وأدعو)، و (يا) دليل عليه وعلى قيام معناه في النفس. فهذه هي الطرق والوجوه في تعلق الكلم بعضها ببعض. وهي كما تراها معاني النحو وأحكامه"(16).‏

ويؤكد الجرجاني أن التعلق يكون بين معاني الكلمات، فيقول: "... الفصاحة لا تكون في أفراد الكلمات، وأنها إنما تكون فيها إذا ضم بعضها إلى بعض.. التعلق يكون فيما بين معانيها لا فيما بينها أنفسها. ألا ترى أنا لو جهدنا كل الجهد أن نتصور تعلقاً فيما بين لفظين لا معنى تحتهما لم نتصور. ومن أجل ذلك انقسمت الكلم قسمين: مؤتلف وهو الاسم مع الاسم، والفعل مع الاسم، وغير مؤتلف وهو ما عدا ذلك، كالفعل مع الفعل والحرف مع الحرف. ولو كان التعلق يكون بين الألفاظ، لكان ينبغي أن لا يختلف حالها في الائتلاف، وأن لا يكون في الدنيا كلمتان إلا ويصح أن يأتلفا لأنه لا تنافي بينهما من حيث هي ألفاظ..."(17).‏

تتميز اللغة العربية بأنها لغة معربة. لذا فإن علامات الإعراب في أواخر الكلم تشير إلى نوع ارتباط الكلم في التراكيب. وقد ميز النحويون نوعين من العلاقة بين الكلمات في التركيب:‏

1-علاقة مؤثر ومتأثر: وسموا المؤثر الذي يغير حركة أواخر الكلمات المتأثرة (عاملاً)، كما سموا الكلمة المتأثرة (معمولة). وبحثوا هذه العلاقة في نظرية العوامل.‏

2-علاقة تابع ومتبوع: وبحثوا هذه العلاقة في نظرية التوابع.‏

قسم علماء العربية الأوائل العوامل إلى قسمين: لفظية ومعنوية. وجاء ابن جني فنبه إلى أن هذا التقسيم شكلي (بنيوي)، لأن العمل في حقيقته هو للمتكلم نفسه. عرّف ابن جني في "الخصائص" الإعراب والبناء كما يلي: "باب القول على الإعراب. هو الإبانة عن المعنى بالألفاظ. ألا ترى أنك إذا سمعت (أكرم سعيد أباه) و (شكر سعيداً أبوه) علمت برفع أحدهما ونصب الآخر الفاعل من المفعول. ولو كان الكلام شرجاً واحداً لاستبهم أحدهما من صاحبه"(18). "باب القول على البناء. هو لزوم الكلمة ضرباً واحداً من السكون أو الحركة، لا لشيء أحدث ذلك من العوامل. وكأنهم إنما سموه بناء لأنه لما لزم ضرباً واحداً فلم يتغير تغير الإعراب سمي بناء، من حيث كان البناء لازماً موضعه، لا يزول من مكان إلى غيره.."(19).‏

وأكد ابن جني بعد ذلك على جانب المعنى في الإعراب فقال: "باب في مقاييس العربية. وهي ضربان: أحدهما معنوي والآخر لفظي. وهذان الضربان وإن عمَّا وفشَوا في هذه اللغة، فإن أقواهما وأوسعهما هو القياس المعنوي.. وإنما قال النحويون: عامل لفظي وعامل معنوي، ليروك أن بعض العمل يأتي مسبباً عن لفظ يصحبه كـ(مررت بزيد) و (ليت عمراً قائم) وبعضه يأتي عارياً من مصاحبة لفظ يتعلق به، كرفع المبتدأ بالابتداء، ورفع الفعل لوقوعه موقع الاسم. هذا ظاهر الأمر، وعليه صفحة القول. فأما في الحقيقة ومحصول الحديث فالعمل من الرفع والنصب والجر والجزم إنما هو للمتكلم نفسه لا لشيء غيره. وإنما قالوا: لفظي ومعنوي لمَّا ظهرت آثار فعل المتكلم بمضامة اللفظ للفظ، أو باشتمال المعنى على اللفظ. هذا واضح. واعلم أن القياس اللفظي إذا تأملته لم تجده عارياً من اشتمال المعنى عليه..."(20).‏

وقد تابع الإمام الجرجاني التأكيد على جانب المعنى في الإعراب، فكتب في "دلائل الإعجاز": ".. إذ كان قد علم أن الألفاظ مغلقة على معانيها حتى يكون الإعراب هو الذي يفتحها، وأن الأغراض كامنة فيها حتى يكون هو المستخرج لها، وأنه المعيار الذي لا يتبين نقصان كلام ورجحانه حتى يعرض عليه والمقياس الذي لا يعرف صحيح من سقيم حتى يرجع إليه.."(21).‏

وبالنسبة للعوامل سار الإمام الجرجاني في كتابه "العوامل المئة" على النهج المتبع قبله في النحو، فقسم العوامل إلى قسمين: لفظية ومعنوية، وقسم اللفظية إلى سماعية وقياسية(22). ولكنه أحجم في كتابه "الجُمل" عن متابعة ذلك التقسيم (البنيوي) للعوامل. وأخذ بتقسيم جديد (بنيوي وظيفي) للعوامل، فجعلها ثلاثة أنواع: عوامل من الأفعال وعوامل من الحروف وعوامل من الأسماء. وذلك بعد مقدمة تحدث فيها عن أقسام الكلم، والإعراب والبناء، ونوعين للكلمات المعربة: ما ليس له عامل ظاهر لفظي، وما كان له عامل ظاهر لفظي. واختتم الجرجاني كتاب "الجمل" بفصل في أشياء منفردة تطرق فيه إلى مباحث (المعرفة والنكرة)، (التوابع)، (التذكير والتأنيث)، (الإعراب الأصلي وغير الأصلي) وطرح هنا قسمة أخرى (وظيفية) في الإعراب هي الإعراب الصريح والإعراب غير الصريح. واختتم الكتاب بباب (المفرد والجملة).‏

كتب الإمام الجرجاني عن القسمة الوظيفية في الإعراب ما يلي: "اعلم أن الإعراب على ضربين: صريح وغير صريح. فالصريح على ضربين: أحدهما بالحركات، والآخر بالحروف- كما تقدم. وغير الصريح أن تكون الكلمة موضوعة على وجه مخصوص من الإعراب وذلك في المضمر نحو (أنت) فإنه وضع للمرفوع، و(إياك) للمنصوب. والمضمر متصل ومنفصل ومستكن. فالمنفصل أربعة وعشرون: مرفوعة اثنا عشر.... ومنصوبة أيضاً اثنا عشر.. وليس له مجرور. والمتصل ثلاثة وعشرون: مرفوعه أحد عشر.. ومنصوبه أيضاً اثنا عشر... والمجرور كالمنصوب. والمستكن لا يكون إلا مرفوعاً. ومعنى المستكن أن تقول (افعل) فيكون (أنت) مستكناً في النية والمعنى. وهو لازم وغير لازم.."(23).‏

وحول ائتلاف الكلمات ذكر ابن الخشاب في "المرتجل" (الذي شرح فيه كتاب "الجمل" للجرجاني) ما يلي: "اعلم أن الكلم الثلاث إذا ألف بعضها مع بعض حصل من ذلك ستة تآليف: اثنان مفيدان إفادة مطردة، وآخر منها مفيد إفادة مخصوصة بموضع واحد مقصورة عليه، وثلاثة مطرحة لأنها لا تفيد. والقسمان الأولان: الاسم مع الاسم كقولك (زيد منطلق) و(الله الهنا)، والفعل مع الاسم كقولك (قام زيد) و (انطلق بشر). والثالث المخصوص وهو الحرف مع الاسم في النداء خاصة كقولك (يا زيد). والثلاثة المطرحة هي الفعل مع الفعل والحرف مع الفعل والحرف مع الحرف. فإذا وقعت الفائدة بالتآليف على ما ذكرنا، سمي ذلك المؤتلف كلاماً. فالكلام اسم للمفيد من القول عند النحويين"(24). ويعني هذا أن التآليف نوعان:‏

1-تركيب كلمات يشتمل على فائدة تامة يحسن السكوت عليها(25)، هو تركيب نحوي إسنادي.‏

2-تركيب كلمات لا يشتمل على فائدة تامة يحسن السكوت عليها، هو تركيب نحوي غير إسنادي.‏

في ضوء تقسيم التراكيب إلى إسنادية وغير إسنادية، وانطلاقاً من المبادئ التالية التي حددها الإمام الجرجاني:‏

1-الإعراب على ضربين: صريح وغير صريح ("الجمل" ص38).‏

2-الأفعال هي الأصل في العمل. وكل فعل يرفع اسماً واحداً بأنه فاعله إذا أسند إليه مقدماً عليه، فإن لم يكن ظاهراً فمضمراً ("الجمل" ص13).‏

3-حروف الجر من شأنها أن تعدي الأفعال إلى مالا تتعدى إليه بأنفسها من الأسماء ("دلائل الإعجاز" –المدخل).‏

4-العوامل من الأسماء على ضربين: ضرب يعمل عمل الفعل، وضرب يعمل عمل الحرف. وما يعمل عمل الحرف من الأسماء يعمل الجر والجزم، فالجر بالإضافة. والإضافة على ضربين: أحدهما أن تكون بمعنى اللام نحو قولك (دار زيدٍ) تريد (دار لزيد)، وإضافة بمعنى (من) كقولك (خاتم فضة) تريد (خاتم من فضة). ("الجمل" ص30).‏

5-الكلام مداره على ثلاثة معان: الفاعلية والمفعولية والإضافة. فالرفع للفاعل والنصب للمفعول والجر للمضاف إليه، وما خرج من هذه الأقسام فمحمول عليها وليس بأصل ("الجمل" ص36).‏

إننا ندعو إلى تمييز حالتين لاندماج الكلمات في النظام اللغوي للعربية:‏

الحالة الأولى- اندماج الكلمات الذي يؤدي إلى نشوء تركيب اندماجي إسنادي يفيد جملة فعل وفاعل.‏

الحالة الثانية- اندماج الكلمات الذي يؤدي إلى نشوء تركيب اندماجي إسنادي لا يفيد جملة، بل يكون جزءاً من جملة.‏

ونرى أن تمييز هاتين الحالتين يفسر سبب ورود صيغتين مختلفتين للضمائر المتصلة في النظام اللغوي للعربية: صيغة خاصة بالمسند إليه (تؤدي إلى نشوء تركيب اندماجي إسنادي)، وصيغة خاصة بما عدا المسند إليه (تؤدي إلى نشوء تركيب اندماجي غير إسنادي). وسنوضح ذلك باستعراض اتصال الضمير أولاً بالفعل ثم بالحرف وأخيراً بالاسم.‏

1-اتصال الضمير بالفعل. نميز هنا صيغتين للضمير المتصل بالفعل:‏

آ-صيغة الضمير المتصل الخاصة بالمسند إليه (المرفوع) كما في (فعلتُ). يكوّن الفعل مع ضمير المسند إليه المتصل تركيباً نحوياً اندماجياً إسنادياً يفيد جملة فعل وفاعل.‏

ب-صيغة الضمير المتصل لغير المسند إليه (لغير المرفوع) كما في (أكرمَكَ). إذا اتصل بالفعل ضمير للمرفوع وضمير لغير المرفوع، تقدم الأول وتأخر الثاني كما في (أكرمتُك) وكوّن الفعل معهما تركيباً نحوياً اندماجياً إسنادياً يفيد جملة فعل وفاعل ومفعول. وإذا كان الفعل يستخدم استخداماً مطلقاً (أي تشتمل صيغته على ضمير للمرفوع مستكن) كما في (الرجل أكرمك)، يكوّن الفعل مع الضمير المتصل لغير المرفوع ومع الضمير المستكن تركيباً نحوياً اندماجياً إسنادياً يفيد جملة فعل وفاعل ومفعول. أما إذا كان الفعل يستخدم استخداماً غير مطلق (أي لا تشتمل صيغته على ضمير للمرفوع مستكن) كما في (أكرمك الرجل)، يكوّن الفعل مع الضمير المتصل لغير المرفوع تركيباً نحوياً اندماجياً غير إسنادي، لأن هذا التركيب لا يفيد جملة، لذا يحتاج إلى ذكر اسم ظاهر مرفوع بعده ليكوّن معه جملة فعل وفاعل ومفعول.‏

2-اتصال الضمير بالحرف. إن صيغة الضمائر المتصلة بالفعل لغير المسند إليه (لغير المرفوع) هي نفس صيغة الضمائر التي تتصل بالحروف، لأن الحروف تعدّي الأفعال إلى ما لا تتعدى إليه بأنفسها من الأسماء، كما في (كتبت به) و (مررت عليه). ويكوّن حرف الجر مع الضمير المتصل تركيباً اندماجياً غير إسنادي، لذا يحتاج إلى أن يتعلق بفعل أو شبهه.‏

وتجدر الإشارة هنا إلى أن اتصال الضمير باللام- التي لا تستعمل كي تعدي الفعل إلى الضمير المتصل الذي لا يتعدى إليه بنفسه –كما في (لك، له)، يؤدي إلى تكوين تركيب اندماجي غير إسنادي يفيد معنى التخصيص أو الملكية.‏

3-اتصال الضمير بالاسم. إن صيغة الضمائر المتصلة بالفعل لغير المسند إليه (لغير المرفوع) هي نفس صيغة الضمائر التي تتصل بالاسم في حالة إضافته إليها، كما في (أبوك) و (أخوه). ويكوّن الاسم مع الضمير المتصل به تركيباً اندماجياً غير إسنادي يفيد معنى التخصيص أو الملكية.‏

ومن هذا الاستعراض لاتصال الضمير بالفعل والحرف والاسم، يتضح سبب تمييز صيغتين فقط للضمير المتصل في النظام اللغوي للعربية: صيغة خاصة بالمسند إليه (المرفوع)، وصيغة أخرى خاصة بغير المسند إليه (غير المرفوع، وهي لذلك مشتركة بين المنصوب والمجرور).‏

هذا وسأعمد في المقالة التالية- انطلاقاً من الخصائص البنيوية للفعل والاسم في العربية- إلى طرح نظرة جديدة إلى النحو العربي.‏

دمشق في 22/12/1981‏

الهوامش:‏

(1)المنشورة في "مجلة التراث العربي"- العدد 7.‏

(2)مطبعة الجليل –دمشق 1980.‏

(3)"المفصل في علم العربية" للإمام الزمخشري –مطبعة التقدم بمصر- الطبعة الأولى (1323هـ)-ص18.‏

(4)"شرح المفصل" –إصدار مكتبة المتنبي- القاهرة، جـ1/ص74.‏

(5)"الجمل" تآليف الزجاجي –نشر وتحقيق وشرح ابن أبي شنب –باريس- الطبعة الثانية 1957-ص49.‏

(6)"الأشباه والنظائر في النحو" للسيوطي- الطبعة الثانية –حيدر آباد (1361هـ)-جـ2/ص63-64.‏

(7)"فلسفة اللغة العربية"- المكتبة الثقافية 144- الدار المصرية للتآليف والترجمة –نوفمبر 1965.‏

(8)"المفصل"، ص6.‏

(9)ارجع إلى "شرح المفصل" لابن يعيش –جـ1/ص19.‏

(10)ارجع إلى كتاب "نظرية أدوات التعريف والتنكير وقضايا النحو العربي" تأليف غراتشيا غابوتشان، ترجمة د.جعفر دك الباب –إصدار وزارة التعليم التعالي- مطبعة مؤسسة الوحدة –دمشق- 1980.‏

(11)"المرتجل" لابن الخشاب- حققه علي حيدر- مطبوعات دار الحكمة- دمشق 1972-ص109.‏

(12)مقالة "الخصائص الفلسفية للغة" المنشورة في مجلة (الثقافة) الأسبوعية بدمشق- العدد 15 المسلسل 1793، تاريخ 12/4/1980.‏

(13)"الكلام هو المركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى، وذلك لا يتأتى إلا في اسمين كقولك (زيد أخوك) و (بشر صاحبك)، أو في فعل واسم نحو قولك (ضرب زيد) و(انطلق بكر) ويسمى الجملة" / "المفصل" –ص6/.‏

(14)"الكلام أخص من الجملة لا مرادف لها، فإن الكلام هو القول المفيد بالمقصد. والمراد بالمفيد ما دل على معنى يحسن السكوت عليه"/ "الأشباه والنظائر في النحو" للسيوطي- جـ2/ 166.‏

(15)كتاب سيبويه –منشورات مؤسسة الأعلمي- بيروت- الطبعة الثانية 1967 جـ/ص14.‏

(16)"دلائل الإعجاز في علم المعاني" –تحقيق الإمام محمد عبده- الناشر مكتبة القاهرة- 1961/ المدخل ن-ف.‏

(17)"دلائل الإعجاز"، ص303-304.‏

(18)"الخصائص"، حققه محمد علي النجار، دار الهدى- بيروت، جـ1/ص35.‏

(19)"الخصائص"، جـ1/ص37.‏

(20)الخصائص"، جـ1/ ص109-110.‏

(21)"دلائل الإعجاز"، ص21.‏

(22)انظر مقدمة كتاب "الجمل" للإمام الجرجاني التي كتبها الأستاذ علي حيدر –منشورات دار الحكمة بدمشق- 1972.‏

(23)"الجمل" لابن الخشاب، ص38-39.‏

(24)"المرتجل" لابن الخشاب، ص27.‏

(25)"... وحد الكلام أنه جملة مؤلفة من الحروف المسموعة المتمايزة المفيدة فائدة تامة يحسن السكوت عليها..." – "المرتجل" لابن الخشاب، ص29.‏



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

الخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الدلالة الزمنية للفعل الماضي
» نظرة جديدة في تأريخ نشأة اللسان العربي ـــ د. جعفر دك الباب
» بعض الخصائص الدلالية في اللغة العربية
» مساعده في موضوع الخصائص الفيزيائية للحروف العربية
» الخصائص الفنية في الحكم والأمثال العربية دراسة تحليلية تطبيقية على كتاب مجمع الأمثال للميداني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللغة والنحو والبلاغة والأدب :: النحو والصرف-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


الخصائص البُنيوية للفعل والاسم في العربية ـــ د جعفر دك الباب 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
موقاي بلال اسماعيل المعاصر النص مجلة النقد العربي الخيام النحو اللغة كتاب قواعد مدخل مبادئ ننجز الخطاب العربية ظاهرة على اللسانيات الأشياء الحذف محمد البخاري التداولية


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | انشاء منتدى مع أحلى منتدى | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع