منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك تفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة تفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة تفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارتفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 تفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بتول عثمان
.
.


القيمة الأصلية

البلد :
الولايات الأمريكية المتحدة

عدد المساهمات :
93

نقاط :
257

تاريخ التسجيل :
06/10/2015


تفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) Empty
مُساهمةموضوع: تفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين)   تفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) I_icon_minitime2015-10-18, 03:14

المبحث الثاني
{الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
لم يختلف العلماء في حقيقة أن {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} آية من الفاتحة. ومنهم من يعتبرها الآية الأولى. إذاً سيكون تفصيلها هو المرتكز الذي سنقارن به نتيجة تفصيل آيات الفاتحة الأخريات، ونتيجة تفصيل {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
تفصيل الآية الحمد لله رب العالمين
يتم تفصيل الآية {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} بالأسئلة التالية: ما معنى رب العالمين ؟ ما الفرق بين الله وبين رب العالمين وماهي العلاقة بينهما ؟ ما المقصود بالحمد؟ وما حكمه؟ وما كيفيته؟ ما هي أسباب الحمد لله رب العالمين؟ خامساً: ما هو سبب نزول الآية {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} بهذه الصورة؟
تعريف رب العالمين من آيات القرآن
بالرغم من أن الاسمين الله والرحمن هما علمان على رب العالمين فمن البديهي أن تكون صفات رب العالمين هي نفس صفات الاسمين، إلا أننا سنتبع نفس المنهج لاستخراج صفات رب العالمين لتوكيد ذلك. لذا سيتم حصر معظم الآيات التي ورد فيها مصطلح "رب العالمين" وتحليلها من أجل الوصول لمعناه. والآيات هي:{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ} {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَ وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}9-12 فصلت
توضح آيات سورة فصلت أن رب العالمين هو الذي خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام سواء للسائلين وخلق السماوات وما فيهن في يومين. أي أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام. إذاً رب العالمين هو الخالق ثم ورد اسم صفته الشفع العزيز العليم في نهاية الآية. والآيات: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}21-22 البقرة تعضد أنه خالق السماوات والأرض وتوضح أن رب العالمين هو مالك هذا الكون وهو الذي يوفر الماء من السماء لعباده جميعاً بما فيهم الكفار والعاصين ويرزقهم, فهوالمعبود الأوحد الذي لا يشرك به شيئاً. وهوالرازق والملك والمهيمن على ملكه. اي أنه المالك المتصرف فيه وآيات الحوار التالي بين فرعون وسيدنا موسى عليه السلام : {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى}{قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} {قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي في كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى}{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى} 49-53 طه تبين أن سيدنا موسى قد أوضح لفرعون: أن رب العالمين هو الذي رزق خلقه وأمدهم بكل شيء ثم هداهم إلى عبادته.إذاً الله هو الرازق وهو الهادي.فقال السحرة لفرعون بعد أن تأكدوا من صدق سيدنا موسى: {إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَالله خَيْر وَأَبْقَى} {إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى}{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى}73-75 طه ففي هاتين الآيتين جاء تعريف لرب العالمين بأنه الحسيب" أي مالك يوم الدين الذي يحاسب خلقه يوم أن يرجعوا إليه. وهو المحي المميت لأن الكافرين لا يميتهم في النار ولا يحيهم. والآية:{رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} 66 الإسراء فيها توكيد بأن رب العالمين الذي اسمه الله واسمه الرحمن يرحم عباده جميعاً المؤمنين والكافرين في الدنيا. فمن صفاته الرحمة المبالغ فيها، أي أن من أسماء صفاته الرحيم . والآية 124 آل عمران الآتية توضح رحمة رب العالمين للمؤمنين في الدنيا: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ}124 آل عمران أما رحمة رب العالمين للمؤمنين المتقين في الآخرة فتوضحها الآية:{وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} 30 النحل والآيات التالية تضيف له صفات أخرى وهي:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُوعَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ}59 القصص والآية {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} 69 القصص. أما هاتان الآيتان فقد جاء فيهما تعريف لرب العالمين بأنه مرسل الرسل وحده وأنه يعلم السر والجهر أي أنه عالم الغيب والشهادة. والآية التالية توضح أن رب العالمين له الكتب: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ } 2 السجدة كما أوضحت الآية التالية: {وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} 90 هود تنص على أن لرب العالمين أسماء الصفات الرحيم، الودود، الغفور والتواب. مما يؤكد أن لرب العالمين جميع صفات الاسم الله. إذاً رب العالمين هو الله. فهل هنالك فرق بينهما؟ وما العلاقة بينهما؟
ثانياً: الفرق بين الاسمين "الله" و "رب العالمين" والعلاقة التي تربط بينهما
إن كلاً من "الله" و"رب العالمين" اسمان يدلان على الذات الإلهية. فالله هو رب العالمين ورب العالمين هو الله. ولكن هنالك إختلاف بين الاسم "رب العالمين" وبين الاسم "الله". فالاسم الله هو علم على الذات ورب العالمين هو اسم علم على المنصب الذي تتبوأه الذات. وتوضيح الفرق بين الاسمين يتطلب ضرب بعض الأمثلة لتقريب الفهم ولله المثل الأعلى.
المثال هو: مكانة أو منصب الوالد والوالدة في الأسرة:
لقد اختير هذا المثال لأن هذه المكانة يتبؤها شخص واحد ولا يتداولها أفراد غيره كمنصب رئيس البلاد الذي يتناوب فيه كثير من الناس. ولهذا نجد مكانة أو منصب رئيس الأسره أكثر دلالة علي الوالد من اسمه لوجود أسماء كثيرة مشابهة لاسمه في أسر أخرى. فالوالد هو المسئول الأول عن تدبير شئون أسرته. وبالرغم من أن الشخص واحد إلا أن هنالك قاعدة ثابتة وهي أن أفراد الأسرة ينتمون للرئيس(أي الوالد) بصلة المكانة ولا ينتمون له باسمه هو. فإذا كان اسمه أحمد يقال جاء أبي وذهب أبوكم. ولا يقال جاء أحمدي وذهب أحمدكم. وتنطبق هذه القاعدة على جميع أفراد الأسرة لتوضيح انتمائهم لبعضهم البعض. فيقال هذا اخي وهذا عمي وذاك عمكم وهكذا. فيتضح من ذلك أن الاسم الذي يوضح الصلة التي تربط أي مخلوق بالمسئول عنه هو اسم المكانة التي يتبوأها ذلك المسئول. كما إن اسم القرابة أو القربى هو الذي يوضح صلة الناس ببعضهم البعض كالأبوة أو الأخوة أو الجيرة أو الزماله وإسم المنصب أو المكانة يكون دلالة واضحة علي الذات التي تتبؤها. فعندما يذكر اسم المكانة فقط كالرئيس أو المدير أو الوالد أو الجار مثلاً نعلم أن المقصود هو الذات المحددة والمعروفه التي تتبوأ تلك المكانة ونعلم اسمه. ولكن لو ذكرنا اسمه فقط أي اسم الشخص الذي يتبوأ تلك المكانة لا نستطيع التعرف عليه لكثرة المسميين بذلك الإسم. لهذا السبب كانت المكانة دلالة علي الذات أكثر من الإسم بالنسبة للخلائق في الدنيا. ولكن مكانة "رب العالمين" هي المكانة الوحيدة التي يتم منها تصريف شئون جميع الخلق في الدنيا والآخرة وتتبوأها ذات واحدة لم ولن تتغير كما يتغير المسئولين في الدنيا. فإذا ذكر اسم المكانة رب العالمين علمنا أن المقصود هو ذات الإله الذي اسمه الله واسمه الرحمن. وإذا ذكر الاسم الله أو الاسم الرحمن علمنا أن المقصود هو "رب العالمين" لأن أسماءه لم ولن يتسمى بها مخلوق غيره ولهذا كانت أسماؤه دلالةً على ذاته كمكانته تماماً لا اختلاف بينهما. وقد جاءت كلمة رب مشتركة في اسمي المكانة "رب العالمين" و"رب الأسرة" لأن رب العالمين هو الذي كون العالم وأنشأه حيث لم يكن قبله شيء فصار مالكه المتصرف فيه وحده. وكذلك الوالد هو الذي كون الأسرة حيث لم يكن قبله فصار مالكها المتصرف فيها. ولهذا لم يطلق هذا الاسم على أي مكانة أخرى لأن كل المناصب الأخرى أي المكانات الأخرى يجدها من يتبوؤها جاهزة فيديرها فقط وليس له ملكها. ولهذا يتناوب فيها الكثيرون كرئيس البلاد مثلاً. وبالرغم من أن الوالد يسمى رب الأسرة لأنه هو الذي أنشأها فهو لم ينشئها من عدم كإنشاء الله للعالمين. بل انشأها مما أنشأه الله أصلاً وبإذن الله. فربوبيته هي جزء يسير من ربوبية رب العالمين.
فالفرق إذاً بين الإسمين "الله" و "رب العالمين" هو أن الله اسم علم على ذات الإله. وبالتالي لا ينتمي إليه الخلقه بهذا الاسم. أما الاسم "رب العالمين" لم يكن من أسماء الذات التسعة وتسعون اسماً وإنما هو اسم منصبه ولهذا ينتمي الخلق لخالقهم عن طريق اسم مكانته رب العالمين فنقول: قال ربكم وربنا وربي. فالضمائر (ياء المتكلم، نا المتكلمين وميم المخاطبين وكاف المخاطب والمخاطبه) يضافون لاسم المكانة ولا يضافون لاسم الذات. ويمكن أن تعتبر هذه القاعدة "قاعدة للإنتماء". إن اسم المكانة رب العالمين هو أصل أسماء المكانة التي تتبواها الذات الإلهية وأمها لأنه ورد في أم الكتاب والله أعلم. وبما أن الاسم "رب العالمين" هو دلالة على الذات فهو يأتي في بداية الآيات كالاسمين الله والرحمن وتأتي أسماء صفاته في نهاية الآيات.
العلاقة بين "الله" و "رب العالمين"
بما أن الله علم علي رب العالمين وأن كلاً منهما دلالة على الآخر فهم متطابقين تطابقاً كاملاً. ولهذا يعرب كلاً منهما بدل تطابق كامل. إذا ذكر أحدهما أدى الغرض واستغني به عن الآخر. والدليل علي ذلك هو الآيات التالية: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} 96 الواقعة لقد جاء الأمر من الله لرسوله الكريم بأن يسبح باسم ربه العظيم. فكان جواب هذا الأمر هو سبحان الله العظيم بدلاً عن سبحان ربي العظيم. أي أن الاسم الله قد جاء بدلاً عن كلمتي اسم ربك. فصار الاسم الله هو اسم الرب أي اسم الذات التي تتبؤ مكانة الرب العظيم. ووردت كلمتي إسم ربك في كثير من الآيات . والآيات التالية توضح التطابق والابدال بين اسم الذات الله واسم المكانه رب العالمين بصورة واضحة :{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}21-22 البقرة . ففي الآية الأولى كان الأمر بالعبادة للرب وهي مكانة سيد الكون والقصد الذات. هنا لم يذكر الإسم لأن اسم المكانة قد أدى الغرض بدلاً عنه. كما أن ذكر المكانة في هذه الآية له أهميته وهي إضافة ضمير المخاطب في ربكم لتطبيق قاعدة الإنتماء والله أعلم. أما الآية الثانية والتي هي توضيح لرب العالمين بالإسم الموصول: (الذي خلق السموات والأرض...) أي نوحده ونعبده وحده، لم تأمرنا بالتوحيد لرب العالمين وإنما أمرتنا بالتوحيد له باسمه الله فاستبدل اسم المكانة بالاسم الله في نهاية الآية"فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً" مما يؤكد تطابقهما تطابقاً كاملاً لانهما دلالة لذات واحده. هنالك آية أخرى تؤكد تطابق "الله" و"رب العالمين" وهي:{إِنَّ رَبَّكُمُ الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إذنه ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ}3 يونس حيث جاءت بدايتها ربكم الله ونهايتها الله ربكم. فلا مجال لأن يكون المبتدأ خبراً والخبر مبتدأً إلا إذا كانا مترادفين.
ثالثاً: المقصود بالحمد وحكمه وكيفيته
يمكن الوصول للمقصود بالحمد من تحليل الآيات الآتية: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَ الله بِمَا تَعْمَلُون بَصِيرٌ} 2 التغابن {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}2-3 الإنسان {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}152 البقرة {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} 7 إبراهيم . ففى الآية 2 التغابن نجد أن الناس سينقسمون إلى فريقين فقط ؛ فريق مؤمن وفريق كافر. وفي الآية 1 الإنسان، نجد أن الإنسان إما شاكراً وإما كفوراً. وهذا يدل على أن الشكر قد أوقع موقع الإيمان. كما جاء في الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل الناس يغدو، فبائع نفسه فموبقها، أو معتقها" والحديثان يوضحان حال الفريقين: المؤمن والكافر يوم القيامه. وبالتالي يكون الشكر هو الإيمان لأنهما نقيضا الكفر. أما معنى الآية "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ" 152 البقرة، فيوضحه حديث زيد التالي: عن زيد بن أسلم أن موسى عليه السلام قال: يا رب كيف أشكرك؟ قال له ربه: «تذكرني ولا تنساني، فإذا ذكرتني فقد شكرتني، وإذا نسيتني فقد كفرتني». فقد أوضح هذا الحديث أن الشكر هو ذكر. وتوصل البحث إلى أن الذكر هو توكيد للإيمان. إذا الحمد أو الشكر أصله توكيد للإيمان . فلن يذكر المخلوق الله أو يشكره إلا إذا كان مؤمناً ومصدقاً بوحدانيته أساساً.
الحمد لله صبراً على الأقدار شرها
إن خير ما يوضح المقصود بالحمد والشكر على الأقدار شرها الآية التالية: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ الله شَيْئًا وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ} 144 آل عمران التي تخبر عن حال الناس في حالة الفجيعة بموت الرسول صلى الله عليه وسلم أو قتله. حيث أوضحت أن من الناس من سينقلب على عقبيه مرتداً عن الإسلام. ومن ينقلب على عقبيه لن يضرالله شيئاً. وأن الله سيجزي الشاكرين. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: من هم الشاكرين؟ أي من هم الذين سيجزيهم الله على شكرهم له على موت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ إن هذه الآية توضح أن الشاكرين المقصودين بالجزاء هم المؤمنون الذين أكدوا إيمانهم بالصبر على مصيبة موت أو قتل سيدنا محمد، لأنهم متيقنون من أن موت سيدنا محمد أو قتله فهو أمر الله ولهذا كانوا راسخين بعلمهم هذا ولم ينقلبوا على عقبيهم.
الصبر على النعم وعدم الطغيان فيها
لقد منّ الله على بني اسرائيل بطعام طيب هو"المّن والسلوى" وأمرهم أن يأكلوا منه ولا يطغوا
فيه كما جاء في الآيات: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} {كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} 80-81 طـه فما معنى "ولا تطغوا فيه"؟ إن المعنى كما أورده القرطبي هو: ({ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي من لذيذ الرزق. وقيل: من حلاله إذ لا صنع فيه لآدمي فتدخله شبهة. { وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ } أي لا تحملنكم السعة والعافية أن تعصوا؛ لأن الطغيان التجاوز إلى ما لا يجوز. وقيل: المعنى؛ أي لا تكفروا النعمة ولا تنسوا شكر النعم ولا شكر المنعم بها عليكم. وقيل: أي ولا تستبدلوا بها شيئاً آخر.) فماذا حدث؟ لقد طغى بنو اسرائيل في ذلك الطعام وجحدوه كما ورد في الآية التالية:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ الله ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} 61 البقرة التي أكدت أن عدم شكر النعمة وكفرانها هو عدم الصبر عليها وعدم الإكتفاء بها وطلب تغييرها أو زيادتها. كما ورد في الآية: {سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ}211 البقرة. إذاً المقصود بالحمد أو الشكر الآتي: أولاً: توكيد وتثنية الإيمان بوحدانية الله بالإعتراف له بأنه الإله الواحد الأحد منزل الكتاب على رسوله الكريم. وأن الناس سترجع له في يوم الدين لحسابهم. ثانياً: توكيد الإيمان بوحدانية الله بالصبر والرضا على كل شء خيره وشره مع الصبر على العمل بالأعمال الصالحة أي بالطاعات. ولنتمعن في الآيات التالية التي وردت لتصف المصلين في سورة المعارج: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ}{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ}{لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}{وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ}{وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ}{إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ}{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}{فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}{وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ}{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ ُيحَافِظُونَ}
19- 34 المعارج نجدها تشير إلى عدم صبر الإنسان في حالتي الشر والخير "إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا" وَ"إِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا".وقد استثنت الآية المصلين الذين جاء وصفهم في الآيات23- 34 المعارج مطابقاً لأوصاف المؤمنين التي وردت في سورة المؤمنون وهي:{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ}{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}}{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}1-9 المؤمنون عليه يكون المصلون هم المؤمنون الصابرون الذين لا يجزعون لنائبة تحل بهم ولا يفرحون لنعمة فينشغلون بها عن شكرالله وذكره. فكل من النعم والمصائب ابتلاء. والآيتان التاليتان دليل على ذلك: {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ } {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} 15-16 الفجر. لقد أوقع الحمد موقع {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، في الحديث الآتي: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل أمر ذي بال لايبدأ فيه ب: الحمد لله فهو أقطع. أي أن الحمد قد أوقع موقع الذكر مما يؤكد أن الحمد لله ذكر. وقد علمنا من قبل أن الذكر هو حمد. وبالتالي يكون الذكر والحمد قولان متشابهان في المعنى والمدلول ومختلفان في اللفظ. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها . فهذا الحديث يدل على أن الله يرضى على عبده لأنه ذكره مؤكداً إيمانه بأن تلك الأكلة أو تلك الشربة من الله. فالحمد إذاً هو ذكر لله وإيمان وبالتالي هو تثنية وتوكيد لكلمة الإيمان "لا إله إلا الله"
من أهم القصص التي توضح المقصود بالحمد هي قصة سيدنا داود في بعض الكتب أن سيدنا داود قد سأل ربه: يا رب لقد أعطيتنا الحكمة والملك فكيف أشكرك؟ قال له ربه: يا داود أتعلم أن النعم مني؟ قال نعم. قال فقد شكرتني. وهذا الحوار يوضح أن مجرد الإيمان بأن النعم من الله هو شكر. عليه لم يكن سيدنا داود كافراً بنعم الله عليه، بل شاكراً لها أي معترفاً لله ومؤمناً بأنها منه. ومن القصص أيضاً أن رجلاً مر بفقير رث الثياب، عطشان، جوعان ومريض بالجزام. وبالرغم من كل ذلك كان يحمد الله ويسبح له. فتعجب الرجل وسأل الفقير: على ماذا تحمد الله يا هذا؟ فرد عليه الفقير قائلاً: أحمده على أنه أعطاني قلباً يعرفه ولساناً يذكره؟ ألم يكن حمده هذا قمة الإيمان بوحدانية ربه؟ أما القصص التالية فتوضح أن كفران النعمة نوعان؛ كفران كامل وكفران جزئي. فالجحود الكامل أساسه عدم الإيمان والإعتراف بمصدر النعمة التي تم الحصول عليها كحال قارون الذي صورته الآيتان التاليتان: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِمَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} 76 القصص فكفران قارون بنعمة الله عليه " أي المال" هو عدم الإيمان بمصدرها الأصلي وهو الله سبحانه وتعالى.أي أنه كفر بوحدانية الله نتيجة كفرانه لملكية الله لتلك النعمة التي آتاها له. فطغى فيها أي أنه نسبها لنفسه، وبالتالي لم ولن يشكر ربه. وقد أوضحت قصته الآية الآتية: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الله قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} 78 القصص. أما الجحود الجزئى فهو الاعتراف بمصدر النعمة ولكن يصحبه تحقير لها لعدم الإكتفاء بها أو الملل منها. فيصاحب ذلك جحود يقود إلى طلب تغييرها أو طلب المزيد منها. وهذا يعني عدم شكرها أيضاً، كحال أبينا آدم عندما منحه الله نعيماً كبيراً بقوله تعالى: {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى}{وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} 118-119 طه. فماذا فعل أبونا آدم؟ هل اكتفى بهذا النعيم وصبر عليه حمداً وشكراً لله أم جحده؟ لم يكنتف أبونا آدم بما رزقه الله له بل مد عينيه إلى المزيد من النعيم الذي زينه الشيطان له وهو:الخلد وملك لا يبلى كما جاء في الآية: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى} {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} 120-121 طـه. فقصة أبينا آدم توضح أن أبانا آدم لا يحتاج إلى من يخبره أو يذكره بأن ما أوتي من نعيم هو هبة من الله. ولكنه بالرغم من علمه يقيناً بأن الله هو مصدر نعمته جحدها حين رأى بظاهرالعين أن هنالك نعمة أخرى اعتقد أنها خير من التي أعطاها الله له، وبالتالي كان جحوده للنعمة جزئياً فعدم شكرها كان بعدم الصبر عليها والاكتفاء بها. فعاقبه الله على ذلك ثم تاب الله عليه. وقصة سيدنا الخضر وسيدنا موسى عليهما الصلاة والسلام تؤكد أن المقصود بالحمد هو الرضا بالمقسوم صبراً. وذلك عن طريق الحوار الذي دار بينهما والذي تعكسه الآيات التالية: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} {قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} {قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء الله صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرً} {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا} {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} {قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا} {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا}{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}{ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا }{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا}66-82 الكهف
يبين لنا هذا الحوار أعظم الدروس الدينية في المقصود بالحمد نلخصها في النقاط التالية: أولاً إن معنى التأويل في القرآن هو ما سيؤول إليه الحال بعد حدث محدد. أي أنه يعني عواقب الأمور، ولم يكن يعني التفسير. ثانياً أن معرفة عواقب الأمور الغيبية أمر مستحيل لأنها لا يعلمها إلا الله ومن أرتضى من رسول: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}. ثالثاً صلاح المرء حياً كان أم ميتاً، يجلب الخيرات لبنيه ويجنبهم شرور الدنيا (صلاح والد اليتيمين قد كان سبباً في رعاية الله ليتيميه بعد وفاته). رابعاً صلاح المرء ينجيه من شرور أبنائه: (صلاح الأبوين كان سببا في اجتنابهما الابن الذي كان سيرهقهما طغياناً وكفراً بمقتله). خامساً الصبر مطلوب على كل حال (خير أو شر) لعدم معرفة تأويله اي عواقب أمره. وهذا يعني: أن لا يجزع المؤمن من مكروه يصيبه صبراً عليه فعسى أن يكون في باطنه الخير كل الخيرSadحال أهل السفينة وحال والدي الصبي الذي قتله سيدنا موسى). فأصحاب السفينة عند رؤية خرقها لم ولن يصبروا على ما في الغيب والذي هو حمايتها من الملك. ووالدا الصبي عند معرفة مقتل إبنهما لم ولن يتوسما الخير في مقتله بل سيحزنوا وفي مقتله خير له.وأن لا يفرح المؤمن بالخير صبراً عليه فعسى أن يكون من ورائه شر(كحال أهل القرية الذين سيفرحون بإقامة الجدار بعد أن أراد أن ينقض، وهو قد حجب الخير عنهم.) إن هذا الحوار يجسد معني الآية: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَالله يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} 216 البقرة
بذا يمكن تلخيص المقصود بالآية: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} بأنها: أولاً تثنية أي توكيد للإيمان بوحدانية "رب العالمين" الذي اسمه "الله" واسمه "الرحمن" . ثانياً هي ذكر للإله باسمه الوتر "الله" وذكر له باسم مكانته في الدنيا "رب العالمين". ثالثاً هي دعاء في الدنيا والآخرة لقوله تعالى: {وإن شكرتم لأزيدنكم} ولما ورد في الحديث: (إن أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء أن الحمد لله رب العالمين) . ثالثاً: هي تثبيت للمؤمن على العقيدة بتكرار {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} باستمرار.
كيفية الحمد
إن الشكر لله يكون قولاً بجانب العمل بالأعمال الصالحة كالصيام لقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَوَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْروَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} 185 البقرة. فالعمل بالأحكام كصوم رمضان هو تكبير لله "ولتكبروا الله على ما هداكم" وتكبير الله يكون بلفظ "الله أكبر" ويكون بالصيام والطاعات عملاً. نهاية الآية "لعلكم تشكرون"تؤكد أن الصيام شكر. وقد سبق أن علمنا أن ذكر الله على الذبيح وعلى الأكل هو تكبيرل له وشكرلله. مما يدل على أن الحمد ذكر وتكبير لله والذكر حمد وتكبير لله.
فيستنتج من الآيات أن الحمد هو الإعتراف أي التصديق والإيمان المطلق لله بانه مالك كل كبيرة وصغيرة في هذه الدنيا ومالك الأقدار خيرها وشرها سواء أن أمدنا بالنعم "القضاء خيره" أو أخذ منا الغالي والنفيس كالرسول صلى الله عليه وسلم "القضاء شره" ثم توكيد ذلك بالصبر على كل أقداره. وقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} 35 الأنبياء يعضد هذا المعنى حيث أن كل ما يصل من الله من إبتلاءات ونقص لا اعتراض عليه مع اليقين بأن الخير كل الخير سيكون من وراء ذلك الإبتلاء . وكل ما يصلنا منه من خيرات لا طغيان فيه ولا تبخيس له ولا تضجر منه مهما كان قليلاً أو كثيراً ، قبيحاً أم جميلاً مع اليقين الكامل بأن من وراء هذا الخير ربما يكون شراً لأنه ابتلاء وامتحان فهل هنالك توحيد أقوى من ذلك؟ بذا يكون لفظ الحمد لله هو لفظ توحيد، أي أنه يماثل لفظ "لا إله إلا الله". وبالتالي ذكر الحمد لله والشكر لله باستمرار يقوى ويثنى ويؤكد "لا إله إلا الله. وكيفية الشكر والحمدلله رب العالمين توضحه أيضاً قصة سيدنا داود التي أوضحت لنا أن مجرد الإعتراف بأن النعم من الله هو شكرلله، حيث جمع داود آل داود ـ وكانوا ثلاثين ألفاً وقال لهم : لقد آتاكم الله القوة والملك والحكمة والعلم فاشكروا الله. فقالوا وكيف ؟ أي ماذا نفعل؟ قال تجزؤ الليل ساعات وتناوبوا كل ساعة يصلي فيها نفر فقال الله :أعملوا آل داؤود شكراً. من هذه القصة يتضح أن الشكر يكون قولاً بلفظ الحمد لله أو الشكر لله. ويكون عملاً بالصلاة أو الصوم أو الزكاة أو أي عمل من الأعمال الصالحة الأحكام والسنن والنوافل...حيث يضمن المؤمن استمرار النعمة وزيادتها إذا شكر الله عليها وينال الله التقوى. أما الكفر والجحود فيؤديان لزوالها لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الله لم يكن مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} 53 الأنفال. وقوله أيضاً:{سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ} 211 البقرة. ففي هذه الآية كلمة مستترة بعد قوله سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ تقديرها فبدلوها.
أسباب الحمد لله رب العالمين
هنالك سور كاملة ابتدأت بالحمد لتفصيل الآية {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وهي: الأنعام، الكهف، سبأ وفاطر. سوف نأخذ بعض الآيات من كل سورة كأمثلة لتوضيح أسباب الحمد. ففى سورة الأنعام كانت الأسباب كالآتي: أولاً أن الله هو خالق كل شيء ولهذا له الحمد:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ}1 الأنعام
ثانياً: أن الله هو الذي خلق الإنسان من طين ويعلم سره وجهره: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ}{وَهُوَالله فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} 2-3 الأنعام ثالثاً: أن الله قد كتب على نفسه أن رحمته قد سبقت غضبه. ولكنه سيحاسب الذين لم يؤمنوا بلقائه.
وفي سورة الكهف كان الحمد لله لإنزاله الكتاب ولم يجعل له عوجا ولنعمه على عباده التى تستوجب حمده أي توحيده بطاعته وعبادته. وجاءت إفتتاحية الحمد فى سورة فاطر موضحة أن الله هو الذى جعل الملائكة رسلاً وذوى أجنحة بأعداد مختلفة. وأنه مالك الأقدار خيرها وشرها لقوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}{مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}1-2 فاطر. أما الآية:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُالله يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}3 فاطر. فقد جاء الأمر فيها للناس بذكر نعمة الله عليهم لأنه الرازق الوحيد فهو الإله الذي "لا إله إلا هو". فكيف يكون ذكر الله هنا ألا يكون بحمده؟
لقد أوضحت افتتاحية سورة سبأ الحمد لله في الأولى والآخرة سببه ملكيته لهما كما يلي: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}1سبأ . وواصلت آياتها الاخبار عن الله بأنه الذي يعلم كل صغيرة وكبيرة في السماء والأرض وسيرجع إليه الخلق ويحاسبهم فيجزي الجزاء الحسن من يستحقه ويعاقب من يستحق العقاب. فهو يحكم بين الناس بالقسط. عليه يستحق الحمد توحيداً وإيماناً. وبالتمعن فى الأسباب التي تؤدي "للحمد لله رب العالمين"، نجد أنها نفس الأسباب التي تؤدي للإيمان بالله وحده، لأنه هو الذي خلق كل شىء وأنزل الكتب والملائكة والرسل.
لقد وردت مسميات كثيرة للمكانة التي يتبؤها الخالق الإله الواحد الأحد كرب السماوات والأرض ورب المشرق والمغرب. إذاً له الألوهية والربوبية والله هو رب العالمين وهو ملك الناس وهو إله الناس. فلله إذاً الألوهية والربوبية وللرحمن أيضاً الألوهية والربوبية حيث جاء في الآية التالية: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَوهم يكفرون بِالرحمن قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} 30الرعد. إذاً لم تخصص الربوبية للرب ولا الألوهية للاسم الله. فلا دخل لتشابه الحروف بذلك .
خامساً: سبب نزول الآية بصورتها {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
لقد أنزلت هذه الآية بهذه الصورة لأنها آية محكمة قد فصلها الحكيم الخبير. وقد أوضح تفصيلها التطابق الكامل بين أسماء الذات الالهية وبين أسماء المكانة فكان الاستبدال واضحاً في الآيات في كل الكتاب. كالحمد لله ملك الناس ، والحمد لله "إله الناس" والحمد لله "رب الناس". كما جاء الذكر بالإسم الوتر الله وجاءت تثنيته بإلاسم الشفع "الرحمن الرحيم"، وجاء الحمد بالإسم الوتر"الله" وجاءت تثنيته بالحمد لإسم المكانة أوالمنصب الذي تتبوأه الذات. لأن الحمد يكون للذات بأسمائها أو بـأسماء مكانتها، ولكن الذكر للذات يكون بأسمائها فقط.
عليه يكون تقدير الآية هو "الحمد لله والحمد لرب العالمين" فأوضح التفصيل أن هنالك كلمة مستترة تقديرها "والحمد" في الشطر الثاني من الآية. لهذا جاءت الآية مشابهة ومثنية للآية {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. عليه يمكن القول بأن نزول الآيتين بهذه الصورة يعتبر أحد مظاهر الاعجاز اللغوي في القرآن. لقد جاء تفصيل آية {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} في الأربعة سور: الأنعام، الكهف، سبأ وفاطر متشابهاً متماثلاً يعضد بعضه بعضاً وهو نفس تفصيل سورة هود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

تفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» تفصيل الآية (الرحمن الرحيم)
» تفصيل الآية (مالك يوم الدين)
» تفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم)
» تفصيل الآية المحكمة (بسم الله الرحمن الرحيم)
» تفصيل الآية (إياك نعبد وإياك نستعين)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  التعارف والتهاني والتعازي فقط-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


تفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين) 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
المعاصر الأشياء اسماعيل ننجز اللسانيات مجلة كتاب العربي النقد محمد اللغة الحذف موقاي على الخيام التداولية بلال النحو البخاري قواعد مبادئ مدخل ظاهرة الخطاب النص العربية


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | انشاء منتدى مع أحلى منتدى | العلم و المعرفة | اخر... | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع