الميراث
_______________________
  قبل ما يقارب القرن وما ان لفظ الرجل المريض أنفاسه الاخيرة , حتى جلس شخصان قبالة بعضهما على طاولة مستديرة ليقتسما أرث المتوفي وليس بينهما والمتوفي أي صلة قريبة وعلى الطاولة قلم و مسطرة و خريطة , تناقشا وتجادلا مرات عديدة , وعندما حان موعد الغداء انصرفا , وكان طفل أحدهما يحبو فتسلل وأمسك بالقلم عابثا و رسم خبط عشواء بين بحرين وبين نهرين خطوطا حمراء في الخريطة , وبعد أن أنهيا طعامهما نظرا الى الخريطة , ابتسما ثم هزا رأسيهما بالموافقة وربتا على رأس الصغير, طويا خريطتهما ثم انصرفا دون ان يلتفتا الى بضع رجال ذوي قربى للمتوفي احتشدوا لدى الباب ليعرفوا النتيجة , أخبرهم الحاجب ان يقرأ لهم أحد ما ما سوف ينشر غدا في الجريدة .
 هذا ما قرأت في كتاب تاريخ امتنا المجيدة , فانتحبت طويلا , ورجل منا آخر قد مات , وآخرون يحتضرون , أ كل بضع سنين يفعلون بنا هؤلاء الغرباء الشيء ذاته , وفي كل مرة عند الباب يحتشد ذوي القربى ليعرفوا النتيجة .
كتبت في 12/2008
--------------------
 وبعد بضع سنين قلبت أوراقي العتيقة , فقرأت ما كتبت وكان علي ان أعدل أو أعيد كتابة الحقيقة , لم يعد الغرباء يرسمون خطوطا في خريطة , بل يرسموا نماذجا  جاهزة للإرسال عديدة , ويتركون لنا حرية الاختيار و حسب موازين قوانا و صبرنا على جهاد بعضنا البعض تتحدد النتيجة , لقد أحالوا الأمر كله لنا , نقتل الأب والأبن وكل ذي قربى لديه حظ من متاع  لنقتسم التركة اسداسا و اثلاثا  واثمانا وارباعا وانصافا  وكلالة و بحسب ما تقوله الشريعة التي ندعي احترامها و تطبيقها , ويكتفي الغرباء بالمراقبة و الايحاء وابداء المشورة الحكيمة , و التدخل  بطلبنا نحن ثوار الربيع العربي  والطوائف المنصورة  وبإلحاحنا ليعدلوا النتيجة على ان ندفع قوائم الأجور,  ونحن لا نكل ولا يصيبنا نصب و لا وصب في قتل انفسنا و تدمير مدارسنا مساجدنا طرقنا جسورنا معاملنا وجامعاتنا وحرق مزارعنا اشجارنا و ثمارنا واقتلاع  زهورنا تلويث انهارنا وبرنا وجونا , ومن فضائلنا اننا اخترعنا البراميل المتفجرة الرخيصة الكلفة و العالية التدمير , واكتفوا هم بانتزاع اسلحتنا ذات التدمير الشامل مخافة ان نؤذي جيراننا الطيبين المساكين ونهدد السلام العالمي , و قالوا دعوا الحمقى يقتتلون ولكن لا تدعوهم يتركوا الحلبة أحياءا وزمن الاشواط مفتوح والمشاركة مفتوحة لكل أحمق ينطق بالضاد أو حاول ان يتعلمها من الاعاجم  .
كتبت في 2/2014