منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارالحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
appetif
مشرف عام
مشرف عام
appetif

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
1677

نقاط :
2883

تاريخ التسجيل :
15/06/2012

المهنة :
appetif@hotmail.com


الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  Empty
مُساهمةموضوع: الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة    الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2012-12-04, 22:20

الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة د. محمد ربيع الغامدي
من العجيب أن المشهد الثقافي العربي المعاصر يشهد حالة من الجمود المفزع في حقل الدراسات اللغوية. فلا يكاد يوجد في هذا الميدان دراسات يمكن ان توصف بالجدة أو الجدية، بحيث تثير حواراً أو جدلاً في الساحة الثقافية من أي نوع البتة. ولا يكاد يُشار إلى أعلام بارزين يمكن أن يحال بصورة ما من الصور إلى جهودهم أو مقولاتهم اللغوية، ولا يوجد - قطعاً - جيل أو أجيال أو طبقات من الباحثين اللغويين العرب في السنوات القليلة الماضية (هذا إذا استثنينا إلى حد ما من الوطن العربي بأكمله الدول المغاربية، ولا سيما المغرب) حتى لكأن أمر البحث في اللغة انتهى عند جهود ابراهيم أنيس ومحمود السعران وتمام حسان وكمال بشر، وغيرهم من وصفيي منتصف القرن العشرين وما بعده بقليل في مصر، ومثلهم أو قريباً منهم المرمرجي والكرملي والطحان وجرجي زيدان وصبحي الصالح وابراهيم السامرائي ومهدي المخزومي ونحوهم من دارسي الشام والعراق، الذين توافروا في حينهم جميعاً اما على محاولة تقديم النظرية اللغوية الغربية، وتعريف الدارسين العرب بمناحي الدراسات اللغوية في بدايات القرن هناك، وتقريبها منهم بأسلوب لا يجاوز الأسلوب المدرسي. واما ببذل الجهد في مراجعة طرائق عرض المادة
اللغوية التراثية وتيسير النحو.
فإذا جئنا للمشهد الثقافي المحلي وجدنا الأمر فيه أكثر افزاعاً وأشد ايلاماً، إذ لا ذكر للحركة اللغوية أصلاً، ولا لأحد من المشتغلين بها. وهي نتيجة طبيعية لتراجع البحث اللغوي في الوطن العربي بأكمله. وهي كذلك نتيجة طبيعية اذا عرفنا ان المشهد الثقافي المحلي لم يشهد تقدماً يمكن الاعتراف به خارج الحدود إلا للنقد الأدبي وللابداع بشقيه: الشعري والسردي. وهذان الحقلان (النقد والابداع) هما اللذان حظيا بأمور لم يحظ بها غيرهما، منها: بروز أعلام ووجود طبقات وأجيال من الأعلام فيهما، وظهور انتاج ضخم في الحقلين محلياً يمكن بناء عليه اصدار الأحكام على الحركة الابداعية والنقدية من قبل الدارسين والمتابعين، ووجدت تبعاً لذلك مؤلفات عنيت برصد الحركة النقدية والإبداعية في وطننا والتأريخ لها، وكذلك مشاركة الصحف والمجلات في تغطية الانتاج والاعلان عنه.. إلى غير ذلك مما لا يخفى على متابعي الساحة المحلية.
والمفارقة اللافتة أن الحركة النقدية المعاصرة في الغرب خرجت - كما هو معلوم - من تحت عباءة الحركة اللغوية، ولم تكن الثورة النقدية إلا تالية ونتيجة للثورة اللغوية. فالبنيوية كما تُعرف على نطاق واسع في حقل النقد انبثقت معتمدة على كشف دي سوسير اللغوي، واستثمرت مفاهيمه ومناهجه اللغوية في النقد فحدثت بذلك الثورة البنيوية العارمة. ولم يزل على مر السنين يشار إلى سوسير ومقولاته مع كل حديث عن البنيوية. ولم يكن رومان ياكوبسون أيضاً إلا لغوياً بكل المقاييس. والمفارقة اللافتة أيضاً أن النقد العربي القديم لم ينشأ إلا في أحضان اللغة واللغويين. ذلك انه بدأ ازدهاره بالنقد اللغوي، وبتعقبات اللغويين اللسانية للشعراء، وبالجدل بين اللغويين والأدباء والحوارات الثرية الصاخبة التي كونت من جهة مادة النقد الأدبي الأولية، ومن جهة اخرى حفزت النقاد والبلاغيين لاستظهار أصول البلاغة وتطبيقاتها على الابداع. بل لا نجافي الحقيقة اذا قلنا: ان النقد الأدبي القديم لم يظهر بصورته المشرقة إلا على أيدي اللغويين البارزين كبعدالقاهر الجرجاني، ولم يكن ذلك كذلك أيضاً إلا باستيعاب أمثال عبدالقاهر لتصور اللغويين لطبيعة التراكيب اللغوية وتحليل النحاة ك (سي
بويه والخليل) لها.
هاتان المفارقتان تجعل عجبنا لا ينقضي من تزامن التقدم النقدي مع التراجع اللغوي، حتى ليصل الأمر بالمتأمل في ذلك إلى استنتاج قاعدة مفادها: أن البحث اللغوي ليس له من خيار سوى أن يزدهر إلى أن يظهر النقد، فينسحب تاركاً له المكان، مفسحاً له المجال، فهل هو حقيقة كذلك؟ نسأل هذا السؤال لأن الأزمة قائمة، وينبغي أن نصل فيها إلى اجابة شافية مقنعة.
لقد ذهبت - حين دعيت لالقاء هذه الورقة - أعرض هذا السؤال في الفترة القصيرة الماضية على عدد من المتابعين والأكاديميين والزملاء في الجامعة، لعلي أجد له اجابة ربما لم تكن قد خطرت ببالي من قبل. فوجدت جميع من توجهت اليهم بالسؤال يكادون يجمعون على اجابة مفادها ان التخلف في هذا الحقل لا يختلف حاله عن حال التخلف في الحقول العلمية والثقافية الاخرى، التي هي في حقيقة الامر لم تعد غير حقول لتدريس ما أنجز فيها في داخل قاعات الدرس، ولم يتجاوز دور المشتغلين بها والمختصين فيها دور المعلمين. اما ظهور الحركة النقدية وحدها في الساحتين العربية والمحلية بصورة يمكن وصفها بالحياة والحيوية - وان كان مع ذلك لها ما لها وعليها ما عليها - فيرده بعض هؤلاء الى عاملين: أحدهما: انبناء حركة النقد على حركة الابداع، فلو توقف هذا لمات ذاك. والآخر: أن النقد بدأ يشق لنفسه طريقاً واسعاً يضمن له اتساع الفضاء بحيث لا تحده حدود، هو طريق "قراءة النصوص". وأخرج نفسه بذلك من النفق المسدود الذي يحاصر العلوم والفنون المحدودة بحدود لا يمكن تجاوزها. اذ صار النقد يضيف الى النص نصاً موازياً هو في حقيقة الامر نص الناقد ورؤاه وذاته وثقافته وعواطفه، ولم تعد لنص
الناقد أسوار توقفه عن قول ما يحب، سواد أكان ذلك الذي يحب قوله من النص أم من خارجه. فمصطلح "القراءة" هذا انما هو على هذا حيلة من حيل الانطلاق دون قيود. وأمر القراءة هذا على هذه الصورة - وان كان احياناً مصدر ثراء وحيوية في حقل النقد الادبي - قد جنى في احيان اخرى كثيرة عليه بصورة واضحة، اذ فتح الباب على مصراعيه لمن ليس أهلاً للنقد ليمارس حقه المشروع فيما يسمى ب "القراءة". ولذا يمكن القول: ان الوفرة في الانتاج النقدي ليست بالضرورة علامة ايجابية اكيدة على تقدمه وعلو كعبه. والأسوأ من ذلك ان الحقيقة التي لا مفر لنا من الاعتراف بها هي ان المشهد النقدي المحلي - مع وفرة ما على السطح منه من أعلام وكتابات - عجز عن ان يؤسس في العمق مجالات معرفية نقدية خاصة، يمكن لها ان تعد مرجعيات مستقلة واضحة في أسسها ومنطلقاتها الفكرية والنظرية المنهجية. بل لا يمكن للموجود عندنا حقيقة من "كميات" النقد الادبي ان ينسب الى ما يمكن تسميته بالنقد الواقعي او النفسي او الاجتماعي.. الخ. ولهذا يرى هؤلاء ان اسباب تخلف واقع الدراسات اللغوية لا تنفصل تماماً عن اسباب تدهور الدراسات الانسانية، بما فيها النقد الادبي، وكذلك الدراسات العلمية التطبيقية.
أما أنا فأرى مع ما سبق واضافة اليه اسباباً خاصة جوهرية اخرى، لعل لها الاولوية في الاعتداد بها اسباباً مباشرة لفقر الحقل اللغوي وتخلفه وتراجعه بهذه الصورة المخيفة. يمكن جمعها كلها اجمالاً تحت اسم "الجهل بالظاهرة اللغوية". وللجهل بطبيعة الظاهرة الخطيرة المسماة ب "اللغة" مظاهر واضحة لا تخطئها العين، ليس من جهة العوام فحسب، بل من قبل اكثر المتخصصين في العلوم اللغوية ايضاً مع شديد الاسف. ولذا لا يستنكر أن ينظر اليوم إلى اللغة جمع غفير من المختصين بها على أن أمورها وقضاياها ميسورة محلولة، لا تحتاج منا الى كبير عناء، فهي اذاً في رأيهم ليست بالقضية. في حين أنها في حقيقة الامر قضية القضايا ومشكلة المشكلات. وعدم الوعي بالشيء - كما هو معلوم - لا يجعله مشكلة، بل يجعل منه أمراً ميسوراً غير ذي بال.
لقد بدأ الجهل بطبيعة الظاهرة اللغوية، وبحقيقة التصور الذي ينبغي ان تكون بناءً عليه دراستها وتحليلها، يستشري منذ عصور سابقة على عصرنا هذا، وذلك بعد ان كان قد ساد قديماً عند علماء اللغة الأقدمين الاوائل منهم تصورات لغوية رفيعة متقدمة، وانتجوا دراسات لغوية رائعة، كانت تنتظر من يتعهدها متابعة وتطويراً في العصور اللاحقة. غير ان الذي حدث في العصور التالية انتهى بالجهود اللغوية السابقة جميعها الى جعلها شيئاً يسير في مسار "صيانة اللسان عن اللحن والخطأ" ليس غير. وهذا ما صرف الانظار كلية عن التحليل اللغوي العميق الذي بدأه الخليل وسيبويه في حقل تحليل البنية التركيبية للجمل والعبارات والبنية الصرفية للألفاظ، وحوّله الى "قل ولا تقل" التي جاءت على لسان ابن مالك حين قال: "فما أبيح افعل ودع ما لم يبح". والشيء نفسه صرف الانظار كلية ايضاً عن المناقشات الثرية في التراث عن العلاقة بين اللغة والعالم الخارجي وعن الدلالة وفضائها وعلاقات الدال والمدلول، من نحو الموضوعات التي بحثت عند الأقدمين في مباحث "علاقة الاسم بمسماه"، "التوقيف والاصطلاح"، "المناسبة الطبيعية او العرفية بين الدال والمدلول"، "حصول الدلالة بصورة شيء ذهني او خارجي ا
و رمز صوتي او رمز خطي كتابي"، ومن نحو مباحث المنطقيين في الدلالة واقسامها.. الخ، وحوّل تلك المناقشات والبحوث التي من هذ النوع الى صورة تكاد تكون معها ترفاً زائداً عن الحاجة، ما دام امر اللغة لا يتعدى كونه اقامة اللسان وصيانته من اللحن والفساد، وما دام يقضي على جميع اشكالات اللغة بمجرد معرفة القواعد وحفظها عن ظهر قلب.
سيطر على أذهان المشتغلين بالعربية على مدى عدة قرون قناعة بأن ما يشتغلون به من مباحث لغوية يجب ألا يتعدى حدود المحافظة على مستوى الصواب اللغوي، ويجب ان ينحصر في إطاره ويرون ان مهمتهم الاولى انما هي العمل على تعيين الفاسد القبيح من الالفاظ والتراكيب وفصله من الحسن الفصيح والأحسن الأفصح. وأدت هذه القناعة الى جملة من الامور غير ما ذكرناه آنفاً من صرف الانظار عن الوجهة التي كانت تسير فيها مباحث الأقدمين، وعن متابعة تطويرها في مسارها المذكور، من تلك الأمور: أن اللغة بعد ان كانت عند جيل الخليل وسيبويه تؤخذ نماذجها مشافهة على رواتها وتبدأ بعد ذلك خطوات تحليلها، ولم يلجأ الى النموذج الجمالي الشعري إلا في سياق رد ما يخرج عن النظام الذهني في المستوى السطحي اليه في المستوى العميق المتصور، صارت عند الخالفين مرتبطة بالنموذج الجمالي الشعري اصلاً وفرعاً. وهو امر لا أشك في انه كان من بين أهم معوقات تطور النظر اللغوي على مدى عدة قرون، لأنه افضى بصورة تدريجية الى معوق آخر لا يقل في خطورته واهميته عن هذا المعوق هو الافراط في تقديس اللغة العربية الى الحد الذي تعدى الحدود الطبيعية المعقولة، وجعل من ذلك عقبة تقف في طريق التقدم في ا
لبحث فيها.
يمكن تشبيه الحد الذي وصلنا اليه في محبة لغتنا والحرص عليها بالأم التي يصل بها الافراط في الخوف على ولدها الى حجبه عن الشمس والهواء، لئلا يلحقه أي نوع من الاذى. لكنه ينشأ بسبب ذلك الحرص المبالغ فيه طفلاً عليل الصحة، لم يتعرض لما يحتاج اليه الاولاد مثله من الشمس والهواء. وفوق هذا أوصلتنا المبالغة في المحبة الى حد الخلط الواضح بين ما هو مقدس حقيقة وما لا ينبغي له ان يكون كذلك. كان ينبغي مثلاً ان نعي ان قولنا على سبيل المثال: ان تراب مكة مقدس طاهر، لا يعني اننا ندعي لحفنة من التراب تؤخذ من "العزيزية" او "المسفلة" او "جرول"، او غيرها من احياء مكة المكرمة، انها تختلف من حيث مكونات التربة الطبيعية عن مثلها يؤخذ من مكان آخر، ولا ينبغي لنا ادعاء مثل ذلك، بل لو ادعينا شيئاً من ذلك نكون قد أسأنا الى معنى التقديس والطهر الذي ينسب الى تراب مكة المكرمة، من حيث نظن أننا قد احسنا اليه صنعاً. وهذا الخلط وما أشبهه في النظر الى لغتنا افضى بنا الى عدم الفصل بين ما هو من المشتركات التي تشترك فيها اللغة العربية مع غيرها من اللغات الحية من حيث هي لغة كأي لغة اخرى، فيها ما في الاخريات مما يعد من الكليات اللغوية، وما هو من خصائص العر
بية الذاتية التي تنفرد بها عن سائر اللغات. وافضى بنا ذلك ايضاً الى التداخل بين معنى الاعتداد بالقيمة الحضارية والتاريخية للعربية وارتباطها بالنص القرآني المقدس وبين معنى الادعاء بأنها لغة فوق اللغات قاطبة وليس كمثلها لغة. واصبح واضحاً الخلط الفج غير الناضج بين جملة المفاهيم القارة المندرجة تحت وصف العربية بأنها "شريفة" و"كريمة" و"عظيمة".. الخ، كالخلط المذكور آنفاً بين التقديس المعنوي والمادي، بما لا يعني غير صورة متطرفة من صور "التحيز اللغوي".
أفضى التقديس المبالغ فيه الى نوع من الهيمنة الفكرية لجهود السالفين اللغوية، لا تقل في شدة وطأتها، ولا في ضررها العلمي، عن الهيمنة والاستسلام للتيارات الفكرية الغربية الحديثة في الحقل اللغوي سواء بسواء. والهيمنة الفكرية - كما يقول مصطفى غلفان - حيث توجد "تتحول مع التاريخ الى معرفة ثابتة ودائمة، تكتسب مناعة تاريخية تتحول بمقتضاها لسلطة معرفية قوية تشكل بدورها مصدر سلط اخرى ينتج عنها في النهاية استفحال العوائق وتجذرها في عمق الفكر السائد". (اللسانيات العربية الحديثة ص 27). ولقد ألقت الهيمنة الفكرية لجهود السلف بظلالها بصورة كثيفة على مسار الفكر عند المشتغلين في العصور الحاضرة بالحقل اللغوي، ورسمت لهم إطاراً محدداً لما يشتغلون به لا يكادون يجاوزونه. بل لقد أصبح عند أهل اللغة ما أملته عليهم هذه الهيمنة جزءاً من تقاليد البحث العلمي الثابتة، وهذا مكمن الخطر.
صار من تقاليد البحث اللغوي الثابتة التي لا تكاد تزعزع في جامعاتنا، ولا يكاد يتنازل عنها معظم أكاديميينا، ان الرسائل والأطروحات العلمية في النحو لا ينبغي لها ان تتجاوز جمع شتات المسائل المتفرقة في مباحث النحاة، ووضعها في مكان واحد. وصارت الغالبية العظمى من الرسائل الجامعية في مستوى الدراسات العليا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه عندنا لا تتجاوز تقديم المادة العلمية التي لا تصلح إلا للبدء بالبحث فيها، لا الانتهاء بها او اليها. ولو حاول الدارس البدء بما يجمع اساساً لبحث آخر، وهو ما ينبغي في حقيقة الامر ان يكون، لخرج في نظر اكثرهم عن دائرة النحو والنحاة، ولربما عُد في أحسن الاحوال لغوياً لا يضيف للنحو شيئاً، ان لم يعد خارجاً عن دائرة البحث العلمي برمته. لأن الباحث ينظر اليه هنا على انه تجرأ على زعزعة الثابت المسلم به، او كأنه حاول المساس بالمقدس. وتلك احدى المآسي في جامعاتنا اليوم.
ولقد كان ينبغي ايضاً ان تكون الحركة الثقافية المحلية حافلة بالطرح اللغوي، مثلما حفلت بالطرح الأدبي والنقدي، مهما كان مستوى هذا الطرح، وان ينتعش الحوار اللغوي كما انتعش الحوار الأدبي النقدي على صفحات الملاحق الثقافية في الصحف والمجلات. بل أزعم ان اللغة هي الاولى بالجدل والحوار في قضاياها، ليس لأن مشكلاتها ام المشكلات فحسب، بل لأنها ايضاً هي الاساس في كل جدل وحوار أدبي، ولا أدب ولا نقد خارج اللغة، بل لا شيء خارج اللغة اطلاقاً. ولهذا لا مفر من التسليم بأن ما يدور من حركة نقدية انما هي حركة لغوية كان يجب ان يعتمد في معظم ما يتجادل فيه على أهل اللغة في المقام الأول، بل ينبغي أن تكون وجهات نظر اللغويين واختلافاتهم في ذلك من أهم أسس الانطلاق في القضايا عامة منها واليها. غير ان اغلب المختصين باللغة لا يعون ذلك، وربما لم يخطر ببال كثير منهم حتى مجرد التفكير فيه. فهم على هذا النحو لا يعلمون حق العلم حقلهم ومجالاته. وهذه معضلة كبرى ارى ان أسميها: "عدم معرفة اهل التركة تركتهم"، فكان طبيعياً ان يتوزع تركتهم في غيابهم غيرهم من أباعد الاقارب، كالأدباء والنقاد الذين تربطهم قرابة من نوع ما باللغة.
ولعل مما يشهد لتكرس الجهل بطبيعة ما يجب ان يثار في قضايا اللغة في المشهد الثقافي ان المرحلة التي كانت فيها الصحف عندنا تتبنى نشر حوارات لغوية بين لغويين على صفحاتها - كحوارات احمد عبدالغفور عطار ومحمد صالح جمال ومحمد حسن عواد وعبدالعزيز الربيع وعبدالقدوس الانصاري في الرائد وعكاظ والبلاد - لم تتعد حواراتهم فيها الجدل في تصويب كلمة في قصيدة او تخطئتها. (انظر مثلاً: حوارهم الممتد على مدى حلقات متعددة في كلمة "يسهدوا" الواردة في قصيدة لثريا قابل في كتاب: "آراء في اللغة" للعطار). مع أننا في الوقت نفسه نحمد لذلك الجيل عنايته بقضايا اللغة في ضوء ما يشغلهم منها في حينهم. ولو ووصلت الحوارات لربما تطور في مرحلة لاحقة الفهم باللغة ومشكلاتها شيئاً فشيئاً من خلال تواصل المناقشة الجادة. وهم على اية حال افضل في عصرهم منا في عصرنا. أما في المرحلة الحالية التي نعيشها فإن الطرح الصحفي الملحوظ في المجال اللغوي لم يكن ليظهر إلا من خلال أحد الملاحق التي رأى القائمون عليه مع ظهور فكرة اصداره التفرد بالعناية بالشأن اللغوي على وجه الخصوص، هو "ملحق التراث". غير ان المعضلة المتحدث عنها فيما مضى حاصرت هذا الملحق طوال فترات صدوره من جري
دتي المدينة والبلاد. إذ لم يستطع جميع من ينشرون انتاجهم فيه تجاوز حدود قضية "الصواب اللغوي" و"صيانة اللسان عن اللحن والخطأ". ولم يصل هذا الملحق يوماً - مع انه الملحق اللغوي الأوحد - الى الاقتراب من مناقشة قضايا اللغة واشكالاتها الرئيسة. وفوق ذلك لم يستطع الملحق ان يواصل البقاء حياً على علاته، ربما لأنه لغوي، واللغويون كما سبق يرون قضايا اللغة أهون وأيسر من اثارتها ومداومة الكلام فيها.
أما الأندية الأدبية فأرى انها اليوم مجرد منابر متاحة للحوار في القضايا المعروضة على الساحة الثقافية والموجودة فيها اصلاً، وليست مواضع لصناعة ثقافة من نوع معين، ولا ينبغي لها ان تدعي صياغة ثقافة ذات منحى محدد. ولذلك يزدهر الحوار الأدبي فيها بازدهار الانتاج في الحقل الأدبي، لا انها هي التي تستطيع وحدها صنع ساحة أدبية. وكذلك لا تستطيع صناعة أدباء ونقاد إلا من خلال تفعيل الحوار مع أدباء ونقاد موجودين من قبل، ومع ما يعرضونه هم أنفسهم، وما يمكن ان يتحاور معه من انتاجهم ومقولاتهم ووجهات نظرهم المعروضة في الساحة اصلاً من قبل. ولهذا خلت الاندية ومنابرها من اللغويين خلواً تاماً، بسبب خلو الساحة اصلاً من اللغويين ومن الانتاج اللغوي. واقتصرت على حوارات الأدباء والنقاد. لكن الخطورة التي سبق التنويه عنها - وهي جهل اللغويين بقضاياهم - ظهرت بشكل واضح من خلال حوارات النقاد والأدباء على منابر الاندية، لأن كثيراً مما يتناولونه من الاشكالات، وهي لغوية في المقام الاول كما تقدم، يكتفي فيه اللغويون بموقف المتفرج الذي لا يعنيه من الامر شيء، وقد ينصرف عنه اغلبهم كلية انصرافاً تاماً، لانه لا يعنيهم من قريب ولا بعيد. أي: ان الورثة ترك
وا غيرهم يتقاسمون تركتهم امام عيونهم وهم ينظرون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زهر السوسن
عضو شرف
عضو شرف
زهر السوسن

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
879

نقاط :
1493

تاريخ التسجيل :
17/10/2012


الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة    الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2012-12-05, 09:41

الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  976116 الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  976116 الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  976116
الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  457241 الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  457241 الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  457241
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
appetif
مشرف عام
مشرف عام
appetif

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
1677

نقاط :
2883

تاريخ التسجيل :
15/06/2012

المهنة :
appetif@hotmail.com


الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة    الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  I_icon_minitime2012-12-05, 19:59

الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  390140
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» التواصل اللغوي في الفكر اللغوي العربي القديم
» الاعجاز اللغوي
» علم النفس اللغوي
»  الاغتسال اللغوي!!
» الاستعمار اللغوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  :: المنوعات :: مقالات مثيرة-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


الحقل اللغوي: تَرِكة وُزِّعت على غير الورثة  561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
مبادئ الخطاب مدخل التداولية اسماعيل بلال مجلة العربي النحو الحذف قواعد الأشياء كتاب محمد ظاهرة العربية المعاصر اللغة اللسانيات على ننجز البخاري النص النقد موقاي الخيام


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع