منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةوقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجروقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصوروقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةوقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةوقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودوقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيروقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناوقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبوقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديروقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبوقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصاروقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بلال موقاي
نائب المدير
نائب المدير
بلال موقاي

وسام الإداري المميز

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
1216

نقاط :
1939

تاريخ التسجيل :
28/04/2012

الموقع :
https://twitter.com/mougay13

المهنة :
جامعة معسكر، الجزائر


وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي Empty
مُساهمةموضوع: وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي   وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2012-08-14, 23:26

وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي
............................تحيات بــلال موڨــاي.................................
"إنّ الماضي بلا مستقبل موت متخفي، والمستقبل بلا ماضي مجتث الجذور، والحاضر ما هو إلا ماض حيّ متطلّع إلى المستقبل." حسن حنفي
تأخد اشكالية التراث والحداثة حيزا واسعا من البحث والتساؤل في المجال الفكري العربي المعاصر، ذلك لأنها أثارت نقاشاً كثيراً وأسالت حبراً غزيراً، فقد طرحت هذه المسألة في إطار السؤال النهضوي المحوري. السؤال الذي انتشر بالصيغة التالية: لماذا تأخرنا نحن وتقدم غيرنا؟
غير ان ما هو ملاحظ هو انه لا يوجد بحث واحد بعينه ( بالعربية ) إلا وقد تطرق الى هذه المسألة وأشار اليها ان قليلا أو كثيرا، الامر عائد بالأساس الى ان المشكلة ما كانت لتطرح على هذه الشاكلة لو لم يكن هناك شيء جديد أخذ يشق طريقه بفعل الوعي والشعور بالغلبة والقهر نتيجة الصدمة التي حدثت بعد اللقاء غير المتكافئ مع أوروبا في القرن التاسع عشر.هذا من جهة.
ومن جهة اخرى ومما لا شك فيه أن هذه الإشكالية ما كانت لتطرح، وتجد صداها في الفكر العربي، لو لم يكن الإحساس بضرورة التغيير والتقدم قد شق طريقه، واصطدم منذ المحاولة الأولى بعقبات وحواجز استدعت حواراً حامياً يستهدف الخروج من دائرة التخلف والانحطاط.
ووفقا لهذا البناء نتساءلو نقول: مالتراث ؟ ومالحداثة ؟
وهل يمكن لحضارة معينة أن تأخذ من حضارة أخرى مختلفة، دون أن يكون في هذا الأخذ خطر على المتلقي في أن تنمحي هويته وتذوب في هوية من جاء منه العطاء؟ ( )
هذا هو أصل الإشكالية التي نحن بصددها. فكلما طرح موضوع التراث أو الأصالة، ينبري أنصار الحداثة والمعاصرة إلى القول إن إحياء التراث والعودة للأصالة، يعني الابتعاد عن التقدم والحضارة، ويعني الجمود والتخلف. وكلما طرح موضوع الحداثة والعصرنة، ينبري أنصار التراث والأصالة إلى القول أن هذا يعني التغريب، وبالتالي الانفصال عن التراث والتنكر للهوية والدين. ( )

بداية يمكن القول ان (الحداثةModernity ( (عصرنة أو تحديث) يعرفها رولان بارت " الحداثة هي انفجار معرفي لم يتوصل الإنسان المعاصر إلى السيطرة عليه".
اذا تعتبر الحداثة تعبيرا عن أي عملية تتضمن تحديثاً وتجديداً لكل ما هو قديم وفي كافة المجالات (الثقافية والفكرية التاريخية). بمعنى أن «الحداثة» هي خلاصة التغييرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وعصرنتها.
اما مفهوم التراث patrimoineفـهو ما خلفه الأجداد من تراكمات معرفية ونتاج فكري في سياق صيرورة اجتماعية اقتصادية عبرت الزمن من الماضي إلى الحاضر على حاملها التاريخي من الأجداد إلى الآباء والأبناءليعبروابها من الحاضر إلى المستقبل. ( 5)
ولا ينحصر التراث في الأديان أو الفكر الديني برغم العلاقة العضوية بينهما بل يصبح التراث بوصفه بطانة لوعاء الحضارة جزءا عضويا من إشكالية المعرفة والبحث عن الحقيقة، و«لا حضارة من دون تراث» حسب ويكيبيديا - الموسوعة الحرة.
إن القارئ المدقّق للفكر العربي، يلحظ تشابهاً في موقف متكرر، يحدث كلما التقى هذا الفكر بثقافة وافدة اليه من الخارج، فهو ما إن يقدم عليها ويأخذ منها حتى تواجهه ثلاثة مواقف، وهذا حسب ما أوضحه"الدكتور عبد الغني عماد" في مقال بعنوان " التراث والحداثة واشكاليات التواصل الحضاري " اذ يقول في هذه المواقف الثلاثة ما يلي:
1– موقف يخشى على الهوية والتراث من الضياع، فيعلن معارضته للثقافة الوافدة الدخيلة، فيقدم على مناقشتها، ملتمساً فيها مواضع ضعف وتناقض، أو مواضع تعارض مع الشريعة الإسلامية.
2 – موقف يتصدى للدفاع عن الثقافة الوافدة، يؤسّس دفاعه في أغلب الحالات، على أنه لا تعارض بين الأفكار الجديدة والشريعة الإسلامية. معتبراً ان تلك الأفكار من شأنها أن تطور وتغذي وتفتح آفاقاً للخلق والإبداع.
3 – موقف توفيقي انتقائي يبغي إقامة كيان ثقافي يجمع بين مقومات الطرفين في صيغة ثالثة.
وفي مقال اخر للكاتب " فاروق حجي مصطفى " من سوريا تحت عنوان " اشكالية التراث والحداثة " يرى فيما يخص الموقف الاول المعارض والرافض للحداثة، وبالتالي اقصاء وابعاد كل ما هو وافد ودخيل على الثقافة والحضارة العربية بان فكر الحداثة سيتحول مع الزمن إلى جزء من التراث الفكري الإنساني على الأقل لدى من يناقش الآن (ما بعد الحداثة) وعلى ضوء ذلك فإن النظرية الكلية التي ينطلقون منها وتقول: إن الحداثة ضد التراث باتت الآن تقف على أرجل من قصب.
وكمثال تطبيقي للمواقف الثلاث المذكورة، فانه يمكننا القول انه في المرحلة الاولى من في العصر العباسي حيث تعرف المسلمون على الثقافة والفلسفة اليونانية بشكل واسع مع حركة الترجمة في ذلك الحين، والثانية في بداية القرن الماضي حين اصطدم المسلمون والعرب بالتفوق الأوروبي. ففي كلتا الحالتين، فتحت النوافذ بغير تحفظ أمام ثقافة جديدة آتية من الخارج تنتمي لحضارة مختلفة. وفي الحالتين كان النقل على نطاق واسع، بتدبير وتشجيع من الدولة. فالشبه قريب بين(6):
أ – "دار الحكمة" التي أنشأها الخليفة المأمون في بغداد مع بدايات القرن التاسع الميلادي.
ب – و"مدرسة الألسن" التي أنشأها محمد علي باشا في مصر في الثلث الأول من القرن التاسع عشر، وجعل الأشراف عليها لرفاعة الطهطاوي.
وفي الحالتين كانت المهمة نقل وترجمة ما يمكن نقله من الفكر والفلسفة اليونانية القديمة، أو الفكر الأوروبي الحديث. (7)
وفي الحالتين، قديماً وحديثاً، تغلغل الفكر المنقول، وظهر أثره واضحاً فيما يكتب ويقال، حتى خاف البعض من أثر ذلك على الطابع الأصيل للشخصية العربية الإسلامية، فنهض من كبار المفكرين من يقاومه ويبين ما انطوى عليه من تناقض. (8)
فقديماً في المرحلة العباسية بلغت المقاومة أشدّها مع حجة الإسلام الإمام الغزالي عندما وضع كتابه “تهافت الفلاسفة” حيث أظهر مواضع التناقض في الفلسفة اليونانية كما أراد أن يظهر الخطر الذي يتهدد التراث الإسلامي بتأثير تلك الفلسفة.(9)
وحديثاً بلغت المقاومة للفكر الوافد أشدها أيضاً مع جمال الدين الأفغاني بكتابه "الرد على الدهريين" – أي أصحاب الفلسفة المادية، اذ اضطلع الأفغاني وبعده الشيخ محمد عبده بالمهمة نفسها، وهي أن يناقش المذاهب المادية التي شاعت في أوروبا، ومنها نظرية النشوء والارتقاء التي وجدت لها أنصاراً في قلب العالم العربي والإسلامي. وأراد بهذه المناقشة إظهار مواضع الخطأ في هذه النظرية، وأن يبين في نفس الوقت خطورة تلك المذاهب على التراث والفكر الإسلامي.(10)
وفي الحالتين لم تبقَ هذه المقاومة دون أن يتصدى لها مؤيدو الثقافة الوافدة.
- فقد قامت مواجهة بين "تهافت الفلاسفة" ورائعة ابن رشد الفلسفية "تهافت التهافت". وتعتبر هذه المواجهة نموذجاً يتخطى قضية كتاب أصدره صاحبه ليفنّد به كتاباً أصدره مؤلف آخر. بل إن المعارضة التي نشأت بينهما، تعبر في حقيقتها عن نظريتين ثقافيتين هما أصل الإشكالية التي نحن بصددها، وهذا النقاش يعتبر نموذجاً لذلك السجال الغني الذي دار في تلك الحقبة حول مسألة العقل والنقل بين "المعتزلة" وخصومهم.(11)
- كذلك في عصرنا الحديث، تصدى كثيرون لمن أراد مقاومة الأخذ عن الغرب فمقابل "محمد عبده" و "الأفغاني" كان هناك "شبلي الشميل" الذي أخذ أفكاره عن "هكسلي" و "سبنسر" في انكلترا، وكان مؤلفه الرئيسي ترجمة شرح "بوخنر" الألماني لأفكار "داروين". وعلى نفس الخط سار "فرح انطون" الذي خاض سجالاً قاسياً مع الشيخ محمد عبده، فالآراء التي أدلى بها كانت آراء "رينان" بأسلوبه الخاص. ذلك أنه توخى وضع أسس دولة علمانية، حيث يمكن فصل الجوهري عن العرضي في جميع الأديان، وبالتالي فصل الزمني عن الروحي. بل إن أديباً كطه حسين، على سبيل المثال لا الحصر، يدخل في هذا الحوار، فيدعو الى اقتباس حضارة الغرب كاملة (بخيرها وشرها، حلوها ومرها، ما يحب منها وما يكره، وما يحمد منها وما يعاب). وهو يدعونا إلى التعلم "كما يتعلم الأوروبي" والشعور "كما يشعر الأوروبي" والحكم "كما يحكم" والعمل "كما يعمل، ولكي تنجح دعوة التغريب والالتحاق بالقافلة الغربية، فهي تترافق دائماً مع تبريرات تجعل الخلاف بين الثقافة الوافدة والتراث العربي خلافاً هامشياً وزمنياً، ذلك أن طه حسين يرى في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر"، أن الأوروبيين قد (أخذوا عنا هذه المذاهب – في العلم والبحث – كما نأخذ عنهم اليوم، وساروا سيرتنا كما نسير نحن سيرتهم اليوم، فالفرق بيننا وبينهم في حقيقة الأمر لا يتصل بطبائع الأشياء وجواهرها وإنما يتصل بالزمان، ليس غير..). إذن هي بضاعتنا ترد إلينا بقالب غربي جديد! هكذا كان يرى قبل أن يغيّر رأيه.(12)
والذي نلاحظه في استعراضنا للفكر العربي المعاصر أن المواجهة الفكرية بقيت في الإطار العام أسيرة هذا الاشكال التاريخي. فكراً وافداً يقتحم حياتنا الثقافية، في المقابل ينهض من يقاومه دفعاً لخطره على الشخصية العربية الاسلامية. ثم لا يلبث أن يظهر من أنصار الجديد من يدافع عن الفكر الوافد بحجة أنه مصدر قوة لا مصدر ضعف. (13)
الملاحظة الثانية التي يمكن تسجيلها، أن الفكر المتمسك بالأصالة والتراث بقي من الناحية العملية هو الأكثر رسوخاً وتأثيراً في الفكر والوجدان العربي والذاكرة التاريخية للأمة. فالطروحات النقدية، والجداليات الفكرية بين الغزالي وابن رشد انتهت إلى رسوخ الغزالي كمرجعية ثقافية وفكرية ولا تزال تفعل فعلها في الذاكرة التاريخية وفي الذهنية العربية المعاصرة. بينما كادت تقتصر أهمية ابن رشد على الغرب عن طريق استعادة شروحه للفلسفة الأرسطية. وينسحب هذا الأمر على الإمام محمد عبده والأفغاني فلا تزال الطروحات والأفكار التي قدماها محل اهتمام دارسي الفكر العربي المعاصر.(14)
ويبدو أنه كان صادقاً في أقواله السيد ضياء الموسوي، وهو مفكر إسلامي بحريني في حواره مع السيد تركي الدخيل في برنامج إضاءات على قناة «العربية» في حلقة يوم الإثنين/29/3/2010/ بقوله: «البيئة العربية تطلق الرصاص على المبدعين» حيث يرى الموسوي بأنه "لا بد من مواكبة الدين للعصر".(15)
والحق مثلما تختلف حداثتنا مع حداثة الغرب يختلف مفكرونا أيضا حول المفهومين والإشكالية التي تلازمهما ففي مقال « ما الحداثة ؟» المنشور إلكترونياً يرى الدكتور أحمد محمد زايد(وهو مفكر إسلامي) أن «الحداثة فكرة ضد الله والغيب»، ويقول "زايد":"يحاول الحداثيون في أعمالهم أن يعيبوا الإسلام بأي طريقة، جاهدين أن يظهروه سببا للتخلف والرجعية، وفي نفس الوقت يحاولون جاهدين أن يظهروا النموذج الغربي كأنموذج للاقتداء والتأسي، فهم لا يخفون أبدا انبهارهم بالغرب وضرورة أخذ تقنياته وفكره وفلسفته لا فصل بينهما، وتجاهل هؤلاء عن عمد وقصد أن أمتنا تملك المشروع الرباني الحضاري الراقي المبرأ من النقائص لأنه دين الله تعالى، ولهذا وجب على المسلمين قاطبة وأهل العلم خاصة أن يبرزوا محاسن الإسلام الذي حاول الحداثيون أن يرسموا له صورة شائهة منفرة، كما يجب أن يبرزوا عورات تلك الحضارة الغربية التي يتنادى هؤلاء بها، والتي أشقت الإنسان فأهدرت أشواقه الروحية، وخصائصه الإنسانية، وهي وإن وفرت له بعض الجوانب المادية لكنها عجزت عن أن تمنحه الطمأنينة والسعادة، وليس أدل على ذلك من تلك الحروب التي تعم وجه الأرض في العصر الحاضر، تحصد آلاف الأرواح، وتدمر هنا وهناك"، ويكمل زايد بالقول :"تأتي الحداثة في سياق سلسلة من المؤامرات المتعددة على الإسلام وأهله، فمرة الشيوعية، ومرة الوجودية، ومرة الاستشراق، ومرة الحداثة إلى غير ذلك من الاتجاهات التي تصاغ في الأروقة الصهيونية، والمجامع الصليبية، والمحافل الشيوعية والوثنية،..."(16)
في حين يرى الدكتور جابر عصفور العكس إذ يقول إن الحداثة تعني «البحث المستمر للتعريف على أسرار الكون من خلال التعمق في اكتشاف الطبيعة والسيطرة عليها وتطوير المعرفة بها، ومن ثم الارتقاء الدائم بموضع الإنسان من الأرض، أما سياسيا واجتماعيا فالحداثة تعني الصياغة المتجددة للمبادئ والأنظمة التي تنتقل بعلاقات المجتمع من مستوى الضرورة إلى الحرية، من الاستغلال إلى العدالة، ومن التبعية إلى الاستقلال ومن الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن سطوة القبيلة أو العائلة أو الطائفة إلى الدولة الحديثة ومن الدولة التسلطية إلى الديمقراطية، تعني الحداثة الإبداع الذي هو نقيض الاتباع، والعقل الذي هو نقيض النقل".(17)
وفي مقال آخر تحت عنوان «خصائص الحداثة» يقول الدكتور أحمد محمد زايد: «فأنت ترى في هذا الفكر كثيراً جدا من الألفاظ الطنانة، والتراكيب المعقدة الغريبة التي لا تحمل معنى، ولا تفيد شيئا خذ مثلاً من كتاب محمد أركون «تاريخية الفكر العربي الإسلامي» حيث يستعمل مصطلحات لا عهد للعرب ولا للمسلمين باستعمالها، وهي تحتاج إلى قواميس أجنبية فلسفية وغير فلسفية لحل لفظها والوقوف على معانيها فمن ألفاظه مثلا: أثولوجيا، الميتولوجيات، التيولوجية, التشظي، المعاني المتشظية, البسيكولوجي, الإكراهات اللغوية، الإنطولوجي، السوسيولوجية, المنهجية الفللوجية، المخيال، التوترات التثقيفية، أسطورة العصر التدشيني، الأنتروبولوجيا، البسيكولوجيا, التصور الميثي، المناقشة الإبستمولوجية، الدوغمائية، التحليل الثيمي، اليقين العلموي، أركولوجيا الحياة اليومية, الثقافة الحضرية العالمة..، إلى غير ذلك من عشرات الكلمات الغريبة الموحشة، التي تتكرر في عشرات بل مئات المواضع من كتابه وكل كتبه.(18)
في الواقع إن الحداثة « ليست أحادية اللغة، وليست أحادية الأصل، وليست مرتبطة بمرحلة زمنية واحدة، بل متعددة اللغات، ومتعددة الأصول، ونتاج مراحل زمنية متداخلة» كما رآها صالح جواد طعمة(شاعر عربي معاصر). وهذا ما يؤكد مقولة نصر حامد أبو زيد :"فما زلنا نعمل اليوم في إطار النظام المعرفي الذي أسسه الشافعي في القرن الثالث الهجري".(19)
في حين يرى الاستاذ الدكتور كريم الوائلي في مقال له «تناقضات الحداثة العربية». بأنه إذا كان «كمال أبو ديب يدعو إلى حداثة تصدر عن الآخر فإن محمد عابد الجابري يريد أن تنطلق الحداثة» من الانتظام النقدي في الثقافة العربية نفسها وذلك بهدف تحريك التغيير فيها من الداخل، وإذا كان أبو ديب (دكتور في الاقتصاد من أصل لبناني، له كتب عدة، أهمها بيروت والحداثة: الثقافة والهوية من جبران إلى فيروز) يدعو إلى حداثة مطلقة كلية وعالمية فإن الجابري يتبنى حداثة تاريخية وزمنية بمعنى الدعوة إلى حداثات تختلف من وقت لآخر ومن مكان لآخر، وما دامت الحداثة كذلك فإنها تخضع شأنها شأن الظواهر التاريخية للظروف التي ترسمها " لصيرورة على خط التطور".(20)
ويرى :"تتكئ الحداثة في التراث العربي على أصول نظرية ومعرفية وفنية، وتتفاعل مع واقع بالغ الحركة والتغير والصيرورة، فهي جزء من بناء حداثي أوسع إذ تتأسس «على الصراع بين النظام القائم على السلفية والرغبة العاملة لتغيير هذا النظام".(21)
أما المفكر المغربي محمد عابد الجابري الذي يرى أن العربي عندما يتحدث عن (النهضة) فإنه يتحدث عن مشروع يأمل تحقيقه، أما في أوروبا فكلمة (نهضة) تشير إلى واقع تحقق، ثم إن مشروع النهضة لم يكن وحيداً على الساحة العربية ولا الدولية بل كان هناك مشروع آخر مضاد هو المشروع الإمبريالي ومن ثم "فمشروع النهضة لا نطرحه بوصفه بديلاً لقديم، إنما نطرحه بوصفه بديلاً عن الآخر الغرب الذي أيقظنا بغزوه.. وأصبح مشروع نهضتنا يتجه إلى القديم، لا لنقلبه ونصفي الحساب معه، بل إلى الآخر الغرب، الغرب لنقاومه مستنجدين بقديمنا، أي بتراثنا ومن ثم نجد أنفسنا نقاوم الآخر الغرب بالآخر الماضي أي نقاوم سلطة مرجعية فحصية بسلطة مرجعية أخرى تشدنا إليها".(22)
وفي كتاب التراث والمنهج بين اركون والجابري للباحثة نايلة ابي نادر ترى ان الاشكالية التي شغلت الفكر منذ زمن ليس بقريب، والمتمحورة حول العلاقة بين العقل والنقل، لم تفعل فيها الايام الدائرة امرا يذكر. فهذه القضايا المحورية من وجهة نظرها بقيت على حالها مع تبديل طاول الالفاظ فقط. (23)
وتسجل في هذا السياق انه بدلا من الاشكالية التي طرحها الزوج العقل/ والنقل، صار هناك اشكاليةالتراث/ والحداثة. أو الشرق والغرب، أو اللامعقول/ والعقل. وكأن في عملية استبدال المصطلحات هذه حماية من الوقوع في التكرار والاكتفاء بالاجترار. وهذا يعني من وجهة نظر الباحثة ان كل الانهمام الفكري والقلق المعرفي منصبان عبر الاجيال في اطار ايجاد حل لمشكل مستعص يفوق القدرات الذهنية لدى البشر!(24)
وترى ايضا لقد سعى كل من محمد أركون ومحمد عابد الجابري في سبيل الكشف عن جذور التراثالعربي الاسلامي فيطبقاته المتراكمة وعن آلية اشتغال العقل الذي انتجه.(25)
وتقرر الدكتورة نايلة ابي نادر ان كل واحد سعى على حدة، من خلال اعتماد المنهج النقدي، الى تحديد مواضع الخلل في التعاطي مع هذا التراث، وابراز مكامن القوة والابداع فيه، مع الوعي بالفارق الزمني الذي يفصل اليوم عن الامس.(26)
من خلال هذه المقارنة تبين للباحثة ان الرابط الاساس الذي يجمع بين مفكرينا يكمن في هذين المصطلحين: التراث والمنهج. معتبرة ان مشكلة المنهج في قراءة التراث لدى أركون والجابري… انهما معا ارادا العمل في حقل التراث تنقيبا، وحددا الدخول في الحداثة هدفا. لكن بدا للباحثة في نهاية المطاف، ان ما جمع بينهما بالتحديد هو الذي فرق بينهما. (27)
فالأول، اي أركون، لم يضع حدا يؤطر حقل عمله داخل التراث، اذ اعتبر ان كل ما انتجه العقل العربي - الاسلامي شفهياً أو كتابيا، فلسفيا أو دينيا، يجب التوقف عنده والبحث في اسسه، مع الانتباه الى المسكوت عنه، واللامفكر فيه. اما الجابري فقد حصر عمله بالثقافة العالمة، كما انه وضع منذ البداية خطا احمر منع قلمه من تجاوزه، حاصراً بذلك اطار بحثه بالعقل العربيوحده وبما انتجه فياطار البيان والعرفان والبرهان، اذ ان العقل اللاهوتي لا يعنيه، وهو يعفي نفسه من اي مهمة تطاول الاصلاح الديني الذي لديه اربابه.(28)
صحيح ان أركون والجابري توجها نحو التراث بحثاً، وحفرا، وتفكيكا، لكن من موقعين مختلفين، وبأدوات متباينة. لذلك، كان من البديهي ان تأتي النتائج مغايرة. فما يراه اركون ضروريا واساسا، اذ لا يجوز البدء بأي مشروع قبل انجازه - كنقد الفكرالديني على وجه التحديد - لا يجد الجابري نفسه ملزما به، بل ويقصيه من دائرة اشتغاله، مكتفيا بالجانب المعرفي(29).
وترى الباحثة ابي نادر ان ما يضعه أركون في خانة الاتقاء والابداع والخروج من الاطر الضيقة،، يصفه الجابري بالظلامية والتخلف والانصياع الى احكام اللاعقل(30).
وهناك العديد من المفكرين الذين انخرطوا في مشاريع نقدية طاولت العقل العربي كما النص الديني. وتذكر ابي نادر على سبيل المثال المحاولات التأويلية التي قام بها نصر حامد ابو زيد للخطاب الديني، والطروحات التي قدمها حسن حنفي من اجل بلورة موقف جديد من التراث القديم. كما اشارت الى العمل على تجديد المنهج في قراءة التراث" وتجديد العقل" لدى طه عبد الرحمن. ولم تغفل الجهود التي بذلها عبدالله العروي في مقاربة لأيديولوجياالعربية المعاصرة/ وتسليط الضوء على العرب والفكرالتاريخي. وذكرتنا ايضا بالمحاولة التي قام بها صادق جلال العظم في نقد الفكرالديني، وايضا بالقراءات التي قدمها عبد الهادي عبد الرحمن"في توظيف النص الديني" من خلال البحث في سلطة النص، وفي عرش المقدس. كما ذكرتنا بسؤال هشام غصيب النقدي «هل هناك عقل عربي»، ولفتت انتباهنا الى مشروع الرؤية الجديدة للفكر العربي في العصر الوسيط الذي قدمه طيب تيزيني، والى دراسة الظاهرة القرآنية، والبحث في شروط النهضة اللذين أنجزهما مالك بن نبي(31)
كذلك يعتبر مفهوم القطيعة، المفتاح الأساسي لفهم طبيعة النزاع الإيديولوجي الذي شهده الفكر العربي والإسلامي المعاصر حول مطلب الحداثة والموقف من التراث. فلا وجود لقراءة جديدة حول التراث، لم تقترب أكثر أو أقل من هذا المفهوم، أو تستوظفه في سياق نقدها. وسواء أكانت المشاريع المهتمة بالتراث تنتمي للمقاربة الإيديولوجية أو المقاربة المعرفية الخالصة، فإن مفهوم القطيعة يحضر بشكل لافت للنظر. وإذن، فهو نفسه مفهوم قابل للتوظيف الإيديولوجي بقدر قابليته للتوظيف المعرفي. على هذا الأساس يمكننا القول، بأن مفهوم القطيعة، وإن كان منشؤه علمياً بحتاً وربما جاء ليقطع الطريق على الاختراق الإيديولوجي نفسه للمعرفة، إلا أنه يعتبر أفضل هدية قدمها النقد المعرفي إلى المقاربة الإيديولوجية. ومع أن هذا المفهوم المتداول بكثافة في النقد المعرفي والإيديولوجي العربي والإسلامي المعاصر، هو العنصر الجامع لمختلف الخطابات والمشاريع النقدية العربية والإسلامية المعاصرة، إلا أن هناك جانباً كبيراً من الاختلاف، لا يستهان به، في طبيعة وحيثيات القطيعة المنشودة. فهل يا ترى، هي قطيعة تامة وجذرية مع التراث، أم هي قطيعة موضعية جزئية انتقائية معه، أم هي قطيعة مع فهم معين للتراث، أم قطيعة مع التراث نفسه...؟(32)
هنا تحضر ثلاث صور لهذه القطيعة، من خلال ثلاثة مشاريع نقدية، لعلها في تقديرنا، الأكثر أهمية والأوسع صيتاً من نظرائها. إذ ما دونها لا يعدو كونه سوى اجتراراً للصورة نفسها، أو أنه واقع في الضفة الأخرى للنقد الإيديولوجي العربي والإسلامي المعاصر، المناهض لفكرة القطيعة والمقوض لدعواها. وأعني هنا، ثلاثة مشاريع، لكل من عبد الله العروي ومحاولاته لنقد الوعي التاريخي العربي والإسلامي، ومحمد عابد الجابري في رباعيته الضخمة التي بلغت جزأها الرابع، ومحمد أركون، في مشروعه النقدي، الرامي إلى إعادة قراءة التراث في ضوء مناهج ألسنية وأنثربولوجية حديثة، في أفق ما يسميه بالإسلامية التطبيقية.(33)
ومع أن المفكرين الثلاثة المذكورين، يقفون على أرضية مشتركة، قوامها النقد والدعوة إلى القطيعة، إلا أن حيثيات هذه القطيعة هي ما يشكل أرضية تمايز بينهم. وذلك، بحسب طبيعة التكوين وجغرافيته والإطار المعرفي والمسوغات الإيديولوجية لكل باحث على حدة. ويبدو، من خلال فحص فكرة القطيعة بالصورة التي تحضر بها في أعمال أولئك، أن هناك اختلافاً في المداخل. فمدخل العروي لمفهوم القطيعة يختلف عن مدخل الجابري. وأيضاً الأمر نفسه بين الجابري وأركون. وهذا يعني، أن وجود ما به اشتراك هذه المشاريع في بعض مفردات الرؤية، لا ينبغي أن ينتهي بنا إلى إعلان ما به اشتراكها على نحو تام، أو يحجب عنا ما به امتيازها في باقي المساحات الأخرى. فالقطيعة عند العروي، تأخذ معنى الطفرة التاريخية، بالمعنى الذي تذهب إليه المادية التاريخية، ما يجعل من العروي، تاريخانياً بامتياز.(34)
أما القطيعة عند محمد عابد الجابري، فهي تأخذ معنى الثورة المعرفية، أو القطيعة الإبستيمولوجية كما هي عند غاستون باشلار ما يجعل منه بنيوياً بامتياز.(35)
أما القطيعة عند أركون، فهي تعيش على إيقاع معطيات الثورة المنهاجية الجديدة، التي تمتد إلى مختلف الحقول، في اللغة والتاريخ والاجتماع والنفس. فهي بهذا المعنى قطيعة مع أساليب القراءة والفهم. وهو مفهوم يلتقي مع كافة الأطر المعرفية المتحكمة تداولياً في خطاب الحداثة الغربية، وإن كان يغازل من ناحية أخرى المنظور الإبستمي الفوكوني وعموم التقنيات التفكيكية لما بعد الحداثة. إلا أنه يستند إليها دعماً للحداثة، لا انتهاكاً لمشروعيتها.(36)
وبين موقف الرافضين للحداثة والمتمسكين بالتراث والاصالة وموقف المقبلين على الحداثة والدعوة اليها نجد موقف ثالث توفيقي انتقائي، يدعو إلى الأخذ بأحسن ما في النموذجين: التراث والحداثة. أصحاب هذا الموقف التوفيقي كان لهم جهد مميز برز في اتجاهين(37):
1 – سعي جاد للتخفيف من شدّة الميل إلى التغرّب والتقليد الكامل للغرب.
2 – سعي جادّ للتخفيف من شدّة التعصّب للخصوصية مع الدعوة للانفتاح على الآخر والحوار معه.
لقد كلّفوا أنفسهم مهمة القيام بمصالحة قوامها التوفيق بين حضارة الغرب المعاصرة والتراث التاريخي العربي. والمعادلة التي سعى هؤلاء لتحقيقها(38):
- أن لا يكون اقتباس علوم الغرب وتقنياته وتجربته مشروطاً بالتخلي عن مقومات الشخصية العربية والإسلامية.
- أن لا يكون التمسّك بالأصالة والتراث والخصوصية ذريعة للهروب إلى الماضي ولرفض وسائل التقدم والتنمية والتطور.
حقّق في البداية هذا الموقف التوفيقي بعض التقدم، وكسب بعض الأنصار، ولكن سرعان ما تبين أن هذا الطريق الثالث لم يكن سهلاً سلوكه. وبالتالي كانت النتائج مخيبة للآمال وذلك لسببين:
• الأول: لأنهم ظنّوا أن الغرب سيمنحهم العلم الذي بواسطته أصبحت أوروبا سيدة العالم.
• الثاني: لأنهم لم ينتبهوا إلى أن الاقتباس والأخذ عن الغرب أو "الآخر" عموماً، لم يعد حراً منفلتاً من أي شروط. كما كان الأمر في العصر العباسي، يوم كانت الأمة في موقع الغلبة، تقلّب الإرث اليوناني الضخم فتأخذ ما تريد وتترك ما تريد.(39)
إن الأخذ والاقتباس في حالة التبعية يخضع لشروط الغالبين وليس لإرادة المغلوبين. وبالتالي لا ينفع التشبه بابن رشد. فالغرب اليوم هو الذي يعين ويحدد ماذا ومتى نأخذ ونقتبس؟ وكمية ما نأخذه ونقتبسه وكيفيته؟ وبالتالي من المثالية الظن بأن الغرب سوف يسمح بالاستقلالية العلمية ما لم يفقد تفوقه واستلابه لإرادة الشعوب في العالم الثالث.(40)
وكما يقول محمد عابد الجابري أنه من الناحية الواقعية لم نعد نملك حرية الاختيار بين ما نأخذ وما نترك، منذ اصطدمنا بالنموذج الحضاري الغربي المعاصر. لقد فرض هذا النموذج نفسه علينا بوسائله هو منذ القرن الماضي وذلك حين أعاد صياغة واقعنا بأشكال وأنماط جديدة.(41)
- فمن التنظيم التعليمي التربوي الجديد إلى وضع تنظيم محدث لشؤون الاقتصاد وأجهزة الدولة، إلى التبادل التجاري والصناعي غير المتكافئ الذي يفرض علينا التبعية الاقتصادية والاجتماعية بما يحوّل المنطقة الى سوق استهلاكية.(42)
- ومن التدخل المباشر وغير المباشر بالشؤون المحلية بذريعة الدفاع عن حقوق الأقليات تارة أو حماية المصالح المشروعة والاقتصاد العالمي تارة أخرى، إلى الهيمنة الاقتصادية والثقافية والسياسية.(43)
أمام كل هذه التحولات وجدت الأمة نفسها أمام عملية تحديث استعماري قسرية لبعض القطاعات الأساسية في المجتمع وهي التي تهم المستعمر أكثر من غيرها. عملية تحديث جرت بالقوة والقهر الخارجي وليس بفعل تطور اجتماعي تدريجي طبيعي.(44)
هكذا أصبحت تلك القطاعات التي حدّثها المستعمر وطوّرها تشكل البنية الأساسية للدولة العربية المعاصرة التي عرفناها وعشنا معها وفي ظلها. وربما كان هذا الأمر يفسّر ذلك الانقطاع وتلك الغربة بين المواطن والدولة.
خلاصة القول أن المسألة لم تعد اختياراً بين نهجين: الأصالة والمعاصرة. كما لم يعد يجدي الهروب إلى الموقف التوفيقي. فالمسألة أساساً لم تعد اختياراً حراً بل خياراً مفروضاً دفعت إليه الأمة بالقوة. فما حصل هو إعادة تشكيل وبناء لقطاعات وأنماط جديدة في المجتمع، جرى إحداثها وفق رغبة الأوروبي وبما يضمن تفوقه "هو" وتخلفنا "نحن". فأي تكافؤ في حوار المغلوب مع الغالب؟ أيختلف عن حوار الذئب والفريسة؟
وهل ما تبقى فينا ولدينا من التراث يمثل الأصالة الحقيقية التي استندت عليها الأمة يوم بنت أحد أعظم النماذج الحضارية في العالم؟ (45)
وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم ينفعنا ذلك التراث بالحفاظ على الموقع المتقدم الذي كان لنا؟ ولماذا لا ينفعنا اليوم كما نفع الأمة بالأمس؟ (46)
المشكلة كانت ولا تزال في كيفية التعامل مع التراث، الذي هو غير الإرث. فهناك من يعتبر أن في التراث ما هو تقدمي، ومنه ما هو رجعي، وهناك ما هو مادي سابق لبعض أفكار اليوم، وهناك ما هو مثالي. وهناك من يرى أن جزءاً من التراث قد مات وجزءاً آخر لا يزال حياً. إن التعامل الانتقائي مع التراث من خلال تفتيته وتصنيفه يؤدي عملياً إلى قراءة مؤدلجة للتراث. تخضع لغائية القارئ. وقد قام عدد من المفكرين بتقديم أكثر من قراءة ماركسية وليبرالية للتراث ولم ينتج عن هذه المحاولات مشروع نهضوي جديد. بل بقيت مجرد قراءة تعبر عن تيار فكري يقرأ الماضي وفق قوالب معرفية ونظرية مسبقة. إن تراثاً ضخماً وغنياً كالتراث العربي والإسلامي يمكن أن يحتوي على أفكار وتيارات يسهل تأويلها في أكثر من اتجاه. ومن البديهي أن المهارة في التأويل ليست هي الحل. المشكلة إذن تبقى كيف نتعامل مع التراث والتجربة التاريخية بشكل منهجي صحيح.(47)
ولنا في التاريخ امثلة كثيرة فلربما كانت التجربة اليابانية تستحق دراسة خاصة في هذا المجال. فاليابان المهزومة والمحطمة بالقنابل الذرية، تعيد بناء نفسها وتستأنف مسيرتها وتحقق طموحها بفرض نفسها نداً لأي من الدول الكبرى. وهي بالرغم من امتلاكها للتكنولوجيا – الغربية في الأساس – إلا أنها تفوقت على مصادرها ووصلت إلى أبعد مدى في هذا المجال. وهي رغم ذلك لم تفقد خصوصيتها وهويتها الحضارية الخاصة. والسؤال لماذا استطاعت اليابان ولم نستطع نحن؟!(48)
وخلاصة القول أن إشكالية التراث والحداثة التي نحن بصددها، أصبحت إشكالية مصطنعة، استنفدت أغراضها، وتغير مضمونها ليتحول إلى معنى جديد يقوم على التحرر في مواجهة الإلحاق والهيمنة وعلى الاعتراف بالآخر والحوار معه بدون انغلاق وجمود، على قاعدة الاستيعاب والتجاوز.(49)
واختم بما قاله " ابن الهيثم حين قال: " كل مذهبين مختلفين إما أن يكون أحدهما صادقاً والآخر كاذباً، وإما أن يكون كلاهما كاذباً وإما أن يكون كلاهما يؤديان إلى معنى واحد، وهو الحقيقة. فإذا تحقق في البحث وأمعن في النظر، ظهر الاتفاق وانتهى الخلاف.
الهوامش:
"1.5.15.16.17.18.19.20.21.22"فاروق حجّي مصطفى إشكالية التراث والحداثة مقال من منتدى كولا كوباني بتاريخ:الثلاثاء أغسطس 10, 2010 1:25am
"23.24.25.26.27.28.29.30.31"مصطفى تاج التراث والحداثة بين الجابري وأركون مقال من مدونة الواقعية الجديدة( مدونة مكتوب)بتاريخ:27 فبراير 2009 الساعةam20 :29
2.3.4.6.7.8.9.10.11.12.13.14.37.38.39.40.41.42.43.44.45.46.47."48.49".الدكتور عبد الغني عمادالتراث والحداثة وإشكاليات التواصل الحضاري من منتدى الحوار لتجديد الفكر العربي، بتاريخ:2012/01/30
" 32.33.34.35.36 "اسحاق، التراث والحداثة واستمرارية السؤال الإشكالي في الفكر العربي المعاصر المصدر ، منتديات ستار تايمز، بتاريخ: 2011/09/24،am02 :51
…………………..تحيات بــلال موڨــاي………………………….







عدل سابقا من قبل بلال موقاي في 2012-09-17, 18:31 عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تيمادنين
عضو شرف
عضو شرف


القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
101

نقاط :
139

تاريخ التسجيل :
10/05/2012


وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي Empty
مُساهمةموضوع: قلق من المصطلح   وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2012-08-15, 05:38

بارك الله فيه استاذبلال على هذا الموضوع لكن هناك سؤال يقلقنتي هو لماذا نبقى اسيري الثنائيات تراث /حداثة..............وغيرها بمعنى هل يمكننا ان نجد صيغة تجمع بين الاثنين ؟فالمقال الذي كتبته ومافيه من افكار سياتي اليوم ويصبح فيه تراث اذن بمعنى من المعانى الايمكن القول ان التراث والحداثة هم حدث زماني وفترة تنقضي تبدا ارى من جديد تابعة للتي سبقتها ا وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 463596 وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 463596 وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 463596 م ان الامر يتجاوز ذالك؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بلال موقاي
نائب المدير
نائب المدير
بلال موقاي

وسام الإداري المميز

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
1216

نقاط :
1939

تاريخ التسجيل :
28/04/2012

الموقع :
https://twitter.com/mougay13

المهنة :
جامعة معسكر، الجزائر


وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي Empty
مُساهمةموضوع: رد: وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي   وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2012-08-15, 22:47

اشكرك اخي الكريم " تيمادنين" واقول لك بخصوض كيف يمكننا ان نتجاوز الثنائيات فانني لم اجد احسن مما قاله " حسن حنفي "
فاذا ما رجعنا الى التراث وانكببنا فيه نسينا الحاضر وابتعدنا عنه، وبالتالي نكون مقلدين وتابعين اي نكون نعيش ازمة اتباع لا ابداع
واذا انغمسنا في الحاضر انصرفنا عن الماضي وتناسيناه وبالتالي سوف نقلد غيرنا فنذوب في ثقافتهم وفي هذه الحالة ايضا نضبح مقلدين وتابعين اي نكون نعيش ازمة اتباع لا ابداع .
وبالتالي خلاصة مقولتي هو:
اذا اردنا تجاوز هذين الثنائيتين فانه وجب علينا ان نفهم التراث فهما جيدا وان نعمل على تجديديه ثانيا ، وان نقترب من الحداثة دون ان نقصيها، مع الحفاظ على هويتنا والاهم من هذا كلة هو ان نربط كل ذلك بالواقع المعاش الذي يعيشه العرب ، حين نعي ذلك فاننا نكون امام ابداع لا اتباع وبذلك نتجاوز ثنائية التراث والحداثة ( التجربة اليابانية نموذجا )
واختم بما بدأت به مقالي واقول:
إنّ "الماضي بلا مستقبل موت متخفي، والمستقبل بلا ماضي مجتث الجذور، والحاضر ما هو إلا ماض حيّ متطلّع إلى المستقبل." الدكتور جيلالي بوبكر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بوبكري مصطفى
.عضو مميّز


القيمة الأصلية

البلد :
ادرار الجزائر

عدد المساهمات :
40

نقاط :
66

تاريخ التسجيل :
14/08/2012


وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي Empty
مُساهمةموضوع: شكر وتسائل   وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2012-09-02, 12:29

شكـــرا على هذا الاهتمــام يا استاذ بلال على هذا المقال الجيد والذي هو اكثر من جيد .ولكنني أطرح نفس تسائل الاستاذ " عبد الله تيمادنين " لماذا لا نتخطى هذه الثنائية ...... ألسنا فقط نعيد قراءة قرص ثنائية " العقل والنقل " مع الفلاسفة المسلمين أمثال الغزالي والكندي.....؟إذن ما الحل الصريح والواضح للخروج من هذه الازمة ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
appetif
مشرف عام
مشرف عام
appetif

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
1677

نقاط :
2883

تاريخ التسجيل :
15/06/2012

المهنة :
appetif@hotmail.com


وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي Empty
مُساهمةموضوع: رد: وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي   وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2012-09-02, 12:39

السؤال ليس «التراث أم الحداثة»؟، بل ما هو موقع التراث ووظائفه في ظل الحداثة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بلال موقاي
نائب المدير
نائب المدير
بلال موقاي

وسام الإداري المميز

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
1216

نقاط :
1939

تاريخ التسجيل :
28/04/2012

الموقع :
https://twitter.com/mougay13

المهنة :
جامعة معسكر، الجزائر


وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي Empty
مُساهمةموضوع: رد: وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي   وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2012-09-06, 19:42

وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 902102 وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 637181 وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 637181 وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 902102
الاشكالية هي:
كيف نوفق بين فكر وافد الينا فرض علينا بالقوة ومن غير حول ولا قوة، وبين تراث نعتز به الا انه لم يؤهلنا للتطور والتقدم، وبالتالي لم ينفعنا كما نفع الامة بالامس.
وهذا كافي للقول بانا تجاوزنا هذة الثنائية وبالتالي: مادور الثراث ضمن مزمار الحداثة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خديجة امة الرحمن
عضو شرف
عضو شرف
خديجة امة الرحمن

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر الحبيبة

عدد المساهمات :
229

نقاط :
285

تاريخ التسجيل :
09/03/2012

المهنة :
طالبة ماجستير


وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي Empty
مُساهمةموضوع: رد: وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي   وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2012-09-07, 20:39

وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 463596
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بلال موقاي
نائب المدير
نائب المدير
بلال موقاي

وسام الإداري المميز

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
1216

نقاط :
1939

تاريخ التسجيل :
28/04/2012

الموقع :
https://twitter.com/mougay13

المهنة :
جامعة معسكر، الجزائر


وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي Empty
مُساهمةموضوع: رد: وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي   وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي I_icon_minitime2012-09-08, 19:05

وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 902102 وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 637181 وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 902102
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  :: منتديات الفلسفة والمنطق (جديد) :: منتدى الفلسفة العامة-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


وقـــفة مـــع الـــفكر الـــعربي 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
العربي النقد قواعد بلال اللسانيات اسماعيل الحذف التداولية الخطاب على موقاي كتاب العربية اللغة الأشياء محمد البخاري مبادئ مدخل ننجز المعاصر ظاهرة مجلة الخيام النص النحو


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | العلم و المعرفة | اخر... | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع