لا تكن إمعة

لقد انفصمت عرى الأوطان الاسلامية وتمزقت أشلاؤها وتشتت فلذات أكبادها نتيجة التحزب والاتباع الأعمى لهذا الرأي أو ذاك. هل تعلمون يا إخوتي أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام لم يفسروا لنا القرآن كاملاً بل أمدونا بمعلومات مساعده فقط لتعيننا على فهمه وذلك لأننا مكلفين بالتدبر والتفكر فيه؟ ولو أعطونا التفسير كاملاً لسقط عنا التكليف الرباني بالتدبر في القرآن؟
إننا مطالبون جميعاً بالتدبر في القرآن ومعانيه. فإذا تعلمنا وصرنا دكاتره أو مهندسين أو رجال أعمال أو.... فلن يلغي عنا التكليف بالتدبر والتفكر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لنهتدي بهما. ولكن من انقطع لهذا العلم وبحث وتدبر فيه وكون آراؤه فله الاحترام والتقدير وهنيئاً له، ولكن لم يكن هذا سبباً كافياً لأن نتبع كل رأي من آرائه لوجود احتمال الخطأ فيه ونحن نعلم أن الكمال لله وحده. إذاً لماذا يتم التعصب لرأيه مطلقاً؟ هذا من زاوية ومن زاوية أخرى نجد أن هنالك من كون آراءً بناءً على ما وجد عليه أباءه وتعصب لها وتعصب معه أبناء منطقته لتعصبهم لما وجدوه دون أن يعلموا الخطأ والصواب فيها. ومن زاوية ثالثة نجد أن هنالك من لم يكن له نصيب في التمسك بالدين الحنيف لأنه يريد أن ينطلق حراً دون تعاليم تقيده فيأتي بأفكار تروق أهواءه وأهواء أمثاله فيتبعوه عن جهل. ومن زاوية رابعة يظهر من يأتي بأفكار جديدة في الدين لا تمت للدين الصحيح بصلة بغية أن يكون قائداً يريد الشهرة والدنيا فيتبعه الجاهلون أيضاً لعدم علمهم بالدين الصحيح! وهكذا تعددت التيارات وتلونت بألوان تساعد على جذب المحبين والمؤيدين فحدث ما حدث فوا اسلاماه!
إن المصيبة تكمن في التعصب لرأي واحد دون البحث وتكوين الرأي الشخصي. وما يترتب على هذه المصيبه التي لم يفطن لها الذين يتبعون نهجاً محدداً الآتي: أولاً أن كل واحد كان متاحاً له أن يكون شخصيته المستقله العالمة بكل كبيرة وصغيرة فيصير كالمتبوع تماماً ولا يقل عنه لأنه يعلم أن هذا صواباً وذاك خطأً. وثانياً: أنه لم يعد كالمكبل بالقيود لا يستطيع الحركة بدون أن يقوده أحد.
عليه أناشد كل فرد مسلم نال درجة من التعليم أن يقرأ ويبحث عن الحقيقة وحده حتى لا يكون إمعة جاهل وسيساعده الله تعالى بإذنه ويؤتيه الحكمة ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً. فهلا انقطعنا للعلم ونبذنا التعصب والفرقة والشتات وتوحدنا مرة أخرى؟ آمين يا رب